إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

قمح أمريكي


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو- كلما فتح نقاش وسجال عام حول القمح وزراعته نسمع جوابا شعبيا مسكونا بهواجس سياسية يتردد على الالسنة والاسماع ، ومفاده ان امريكا لا تريد .

في حرب الخليج الثانية ، امريكا ربطت قرار مشاركة دول عربية بالتحالف الدولي في الحرب ضد العراق بتصدير القمح اليها .

و حصلت دول على القمح الامريكي مقابل مشاركتها في الحرب ومباركتها . ودول فرض عليها شبه حصار غذائي ، ومن بينها الاردن الصامد والمرابط عربيا واسلاميا بسبب موقفها الرافض للحرب والتدخل في الاجنبي .

في مسالة القمح والامن الغذائي الوطني ، وواشنطن ولعبة العصا والجزرة ، ولربما ان السياسة الامريكية الخارجية اليوم غلظت العصا دون جزرة .

دول تهلث وراء عصا امريكا وتاكل ضربا وقمعا ، وطعم الجزرة اكله اول ارانب خائف .

في النظام العالمي هناك دول فاضلت ما بين العصا والجزرة ، ودول اختارت العصا ، وانسجمت مع العصا وتختار غلاظتها وقسوتها وشدة ضربها ، واختاروا عصا من خيزران وقصب ، ورمان ، وبلوط .

الحكماء قالوا : لا خَيرَ في ا?مَّةٍ تاكلُ مِن ما لا تَزرعُ، وتَلبَسُ مما لا تصنَعُ. القمح مجرد مثال على السيادة الوطنية ، وكيف تصنع التبعية ؟ القمح والطعام والاسلحة والسيارات والطائرات وغيرها .

دول تستورد كل شيء ، ويتفاخرون في استيراد طائرات وحافلات وسيارات فارهة واسلحة حديثة ، واذا ما امتنع عن تزويدها بقطع غيار تحولت الى سكراب ، ولعبة اقتصاد الاستيراد الفارطة تتسع وتمتد لعنتها الى علب الكبريت ونكاشة الاسنان ، ورباط الاحذية .

العولمة فككت مفهوم السيادة الوطنية .. تبعيات سياسية واقتصادية ، والدول الوطنية شبه انتهت ، وعادت مجرد قطعان استهلاكية .

امريكا في حرب الخليج دمرت 3 مليون شجرة نخيل عراقية ، والعراق اليوم يستورد تمرا، وضفاف نهري دجلة والفرات يجفان ، ومنابع النهرين محاصرتان بسدود وسياسة تضييق مائية تركية .

مصر بلد عاش على الزراعة سبعة الاف عام ، وهبة النيل اليوم تستورد القمح وسلة الغذاء المصري مستوردة من بلاد العجم ، وياكلون مما لا يزرعون .

في تسعينات القرن الماضي راجت في الاعلام احاديث عن تورط خبراء زراعة اسرائيلين في تخريب الزراعة المصرية ، وادخال بذور ومدخلات انتاج مصابة بامراض فايروسية وفطرية .


و القضية طرحت دراميا وسينمائيا ، وفي « ليالي الحلمية» طرحها اسامة انور عكاشة في صيغة تشوهات انفتاح الاقتصاد المصري وثقافة الاستهلاك في عهد الرئيس محمد انور السادات وتوقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل .

طبعا ليس كل القمح متهما ، القمح الروسي الصيني ليس امبراليا واستعماريا ، ويولد ويصدر من رحم راسمالية مشبعة بالاسلحة وايدولوجيا مركزية وعقدة التفوق والاستعلاء الحضاري .

امريكا تصدر مع القمح الموت والدم والحروب ، والذل ، والتبعية .. وفيما لو قورنت مع روسيا ، فالاخيرة بعد استقلال الجزائر قدمت هدية للشعب الجزائري مصنع حديد وفولاذ ، والقمح الروسي والصيني لا يستبدل ويقايض في قضايا وطنية سيادية ، ولا ينتج استعمارا وامبريالية اقتصادية كونية .

تلك من الاسباب والدوافع الفارقة لنقول ان ازمة اوكرانيا فرصة تاريخية للانقضاض على القطبية الامريكية ، واعادة التوازن في النظام العالمي ، وليرمي القمح الامريكي في عرض البحار ، وتموت الشعوب جوعا لا نذلا وخزيا وعارا .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :