تضخم في “المنتديات” بعد التشكيك بـ”الصالونات” .. الأردن:”إستسهال التنفيذ” وصعوبات “الإجراء” .. ماذا تبقى؟
عمان – بسام البدارين
ما الذي ينبغي أن تفعله السلطات الأردنية السياسية والمرجعية والمؤسساتية ولم تفعله حتى الآن أو لم تعد تفعله قريباً ضمن العملية التي تتخذ اسم التحديث والتمكين.
سؤال يجول بكثافة في أروقة ما تبقى من نخب وصالونات الأردن السياسية وسط حمأة النقاش تحت عنوان مشروع التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي معاً، فيما انضم مؤخراً التقرير المهم الذي صدر عن لجنة تطوير القطاع العام ليعرض وثيقة مرجعية ثالثة لها علاقة بالإصلاح الإداري هذه المرة.
تلازم مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري هو هدف بحد ذاته. والحكومة برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، تقفز عن مسألة التراتبية، فالأخير كما فهمت «القدس العربي» مباشرة منه في عدة حوارات، يؤمن بتلازم المسارات الإصلاحية، ويقدر بأن وضع مسار قبل أو فوق مسار تفكير قد لا ينطوي على كثير من الحكمة؛ لأن المطلوب إطلاق حزمة تصليحات تسعى نحو مقاربة وطنية وإيجابية ومنتجة في النهاية معاً.
مبكراً، فكرت حكومة الخصاونة بتلازم المسارات وهي تدرك بأن «الإصلاح الإداري» واستعادة «القطاع العام» قد يكون الأصعب، فيما تعهدت الحكومة نفسها بتفويض من القصر الملكي بالجزء الأصعب من «حكاية الإصلاح» التي يصر الفاعل والمخضرم الدكتور طالب الرفاعي على أنها تبدأ بعد التشخيص فقط بعد «استعادة الدولة» عبر حكومة صلبة وقوية.
في قياسات برلماني فاعل ومتحرك مثل عضو مجلس الأعيان خالد بكار، قد تكون حكومة الخصاونة محظوظة جداً، لأن لديها اليوم وثائق مرجعية مجمعاً عليها في مجالي التحديث السياسي، حيث خطوات واسعة نحو تأهيل الأحزاب للمشاركة في الحكم والإدارة مستقبلاً، وأخرى لها علاقة بتمكين اقتصادي، وثالثة نتجت عن الحكومة نفسها تحت عنوان التطوير الإداري.
بمعنى، أن هذا الحظ بين أحضان الحكومة وتلك الوثائق، ميزتها هذه المرة -كما لفت نظر «القدس العربي» يوماً عضو مجلس الأعيان والناشط السياسي جميل النمري- أنها وثائق نتجت عن توافقات ليس بين مجموعات وشرائح ومكونات سياسية واجتماعية واقتصادية فقط، لكن أيضاً بين نخبة عريضة ولأول مرة من الخبراء ورموز الدولة وأدواتها ومؤسساتها. والأهم توافقات داخل أروقة مؤسسات القرار خلافاً للبركة المرجعية والملكية وتغليفها بإطار منتج من الإرادة السياسية، الأمر الذي يعبر عن عناصر الحظ، كما يراها بالنسبة للحكومة الحالية التي لن تتعب نفسها كثيراً في التفاصيل، حيث إن المطلوب منها بعد توفير مظلة لثلاث وثائق مرجعية أساسية وصفت مبكراً بأنها عابرة للحكومات، هو وضع برامج تنفيذ وإجراءات على الأرض مقنعة ومرتبطة بأسقف زمنية.
هنا حصرياً يبدو أن «الاستجابة « تتفاعل وسط بعض المخاوف لدعوة القصر الملكي ترك الصالونات السياسية و»الانضمام للأحزاب» فيما، بالمقابل، تشكلت العديد من «المنتديات» ومعاهد البحث وولدت فجأة بعام واحد فقط عدة مبادرات على أساس الدراسات وتقديم «خدمة التزويد» للحكومة.
يخشى كثيرون في السياق أن تكون «منتديات ودور البحث» الطازجة مجدداً أقرب إلى «ولادة مستعجلة خارج الرحم» وبهدف تقليص دور الصالونات السياسية فقط واستبدالها عملياً بصالونات مستجدة ليس أكثر.
في المقابل، يعبر مقربون من الخصاونة دوماً مع الطاقم الوزاري عن مخاوفهم من استسهال الجميع لفكرة وضع برنامج تنفيذي على الأرض، فالمسألة قد تحتاج ظرفاً حكومياً مختلفاً، لا بل قد تحتاج -برأي البرلماني الديناميكي الدكتور خير أبو صعليك وغيره- إلى حكومة جديدة تكلف بهذه الجزئيات وتفوض بها بموجب خطاب تكليف ملكي جديد. وهو أمر يبحث في كل الأحوال بسبب أهمية هذه الوثائق والتعامل معها رسمياً ونظامياً باعتبارها عابرة للحكومات. وبالتالي، مطبخ الحكومة يحاول إبلاغ جميع الأطراف بأن استسهال مسألة وضع برنامج إجرائي مسألة تعيق العمل وتسبب الزحام دون مبرر، فالإجراءات أهم بكثير من التنظير.
ووضع خطوات عملية في تشابك التشريعات وفي الأداء وفي برامج التطوير الإداري وتمكين البنية الاقتصادية، أهم دائماً وأبداً من وضع أطر نظرية لتلك البرامج. وهنا يلاحظ الباحث السياسي عامر السبايلة، أن الحكومة قد تكون تأخرت قليلاً، وأن عملية التحديث ووضع الوثائق لتمكين هذا التحديث كان ينبغي أن تسبقها وترافقها إجراءات على شكل ضمانات تدعم مسار الحريات وتنهي العديد من الأزمات التي توالدت بسبب قرارات حكومية ورسمية في الماضي القريب، فيما تم إغفال الحاضنة الاجتماعية.
هذا النمط من الجدل تحت عنوان العربة والحصان أو أيهما يسبق وضعه أمام الآخر، هو الذي تدور كواليسه اليوم في أروقة الجلسات السياسية الأردنية.
لكن البقاء، في رأي البكار، في منطقة التشكيك سيفاقم الأزمة الموجودة، وسيعني بأن الاستمرار في التشكيك هو نوع من النكوص وإظهار سوء النوايا تجاه مراكز ودوائر القرار، في الوقت الذي أظهرت فيه حسن النوايا وتقدمت لأول مرة ببرنامج منطقي متوازن قابل للتطبيق ومدعوم من كل مؤسسات القرار.
ولذلك، يضم البكار صوته للقائلين بضرورة مغادرة منطقة السلبية والتردد والتشكيك والقيام بمبادرات إيجابية لتحريك الأمور وتزويد مركز هذا القرار ومطابخ الحكومة والقرار فيها اليوم باقتراحات وتوصيات تحت عنوان التطوير، شريطة العمل الجماعي والعودة لبث الإيجابية وسط الناس، ليس لأن مشروعي التحديث والتمكين والإصلاح هما المطروحان فقط الآن، لكن لأن طي صفحة الماضي أصبح هدفاً وطنياً لكل من يؤمن بالمصلحة الوطنية، وقلب الصفحة هو الخطوة التكتيكية الأفضل المطلوبة على أن يعقبها الانصراف للعمل بعد الآن، والتقليل من التنظير. «القدس العربي»:
عمان – بسام البدارين
ما الذي ينبغي أن تفعله السلطات الأردنية السياسية والمرجعية والمؤسساتية ولم تفعله حتى الآن أو لم تعد تفعله قريباً ضمن العملية التي تتخذ اسم التحديث والتمكين.
سؤال يجول بكثافة في أروقة ما تبقى من نخب وصالونات الأردن السياسية وسط حمأة النقاش تحت عنوان مشروع التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي معاً، فيما انضم مؤخراً التقرير المهم الذي صدر عن لجنة تطوير القطاع العام ليعرض وثيقة مرجعية ثالثة لها علاقة بالإصلاح الإداري هذه المرة.
تلازم مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري هو هدف بحد ذاته. والحكومة برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، تقفز عن مسألة التراتبية، فالأخير كما فهمت «القدس العربي» مباشرة منه في عدة حوارات، يؤمن بتلازم المسارات الإصلاحية، ويقدر بأن وضع مسار قبل أو فوق مسار تفكير قد لا ينطوي على كثير من الحكمة؛ لأن المطلوب إطلاق حزمة تصليحات تسعى نحو مقاربة وطنية وإيجابية ومنتجة في النهاية معاً.
مبكراً، فكرت حكومة الخصاونة بتلازم المسارات وهي تدرك بأن «الإصلاح الإداري» واستعادة «القطاع العام» قد يكون الأصعب، فيما تعهدت الحكومة نفسها بتفويض من القصر الملكي بالجزء الأصعب من «حكاية الإصلاح» التي يصر الفاعل والمخضرم الدكتور طالب الرفاعي على أنها تبدأ بعد التشخيص فقط بعد «استعادة الدولة» عبر حكومة صلبة وقوية.
في قياسات برلماني فاعل ومتحرك مثل عضو مجلس الأعيان خالد بكار، قد تكون حكومة الخصاونة محظوظة جداً، لأن لديها اليوم وثائق مرجعية مجمعاً عليها في مجالي التحديث السياسي، حيث خطوات واسعة نحو تأهيل الأحزاب للمشاركة في الحكم والإدارة مستقبلاً، وأخرى لها علاقة بتمكين اقتصادي، وثالثة نتجت عن الحكومة نفسها تحت عنوان التطوير الإداري.
بمعنى، أن هذا الحظ بين أحضان الحكومة وتلك الوثائق، ميزتها هذه المرة -كما لفت نظر «القدس العربي» يوماً عضو مجلس الأعيان والناشط السياسي جميل النمري- أنها وثائق نتجت عن توافقات ليس بين مجموعات وشرائح ومكونات سياسية واجتماعية واقتصادية فقط، لكن أيضاً بين نخبة عريضة ولأول مرة من الخبراء ورموز الدولة وأدواتها ومؤسساتها. والأهم توافقات داخل أروقة مؤسسات القرار خلافاً للبركة المرجعية والملكية وتغليفها بإطار منتج من الإرادة السياسية، الأمر الذي يعبر عن عناصر الحظ، كما يراها بالنسبة للحكومة الحالية التي لن تتعب نفسها كثيراً في التفاصيل، حيث إن المطلوب منها بعد توفير مظلة لثلاث وثائق مرجعية أساسية وصفت مبكراً بأنها عابرة للحكومات، هو وضع برامج تنفيذ وإجراءات على الأرض مقنعة ومرتبطة بأسقف زمنية.
هنا حصرياً يبدو أن «الاستجابة « تتفاعل وسط بعض المخاوف لدعوة القصر الملكي ترك الصالونات السياسية و»الانضمام للأحزاب» فيما، بالمقابل، تشكلت العديد من «المنتديات» ومعاهد البحث وولدت فجأة بعام واحد فقط عدة مبادرات على أساس الدراسات وتقديم «خدمة التزويد» للحكومة.
يخشى كثيرون في السياق أن تكون «منتديات ودور البحث» الطازجة مجدداً أقرب إلى «ولادة مستعجلة خارج الرحم» وبهدف تقليص دور الصالونات السياسية فقط واستبدالها عملياً بصالونات مستجدة ليس أكثر.
في المقابل، يعبر مقربون من الخصاونة دوماً مع الطاقم الوزاري عن مخاوفهم من استسهال الجميع لفكرة وضع برنامج تنفيذي على الأرض، فالمسألة قد تحتاج ظرفاً حكومياً مختلفاً، لا بل قد تحتاج -برأي البرلماني الديناميكي الدكتور خير أبو صعليك وغيره- إلى حكومة جديدة تكلف بهذه الجزئيات وتفوض بها بموجب خطاب تكليف ملكي جديد. وهو أمر يبحث في كل الأحوال بسبب أهمية هذه الوثائق والتعامل معها رسمياً ونظامياً باعتبارها عابرة للحكومات. وبالتالي، مطبخ الحكومة يحاول إبلاغ جميع الأطراف بأن استسهال مسألة وضع برنامج إجرائي مسألة تعيق العمل وتسبب الزحام دون مبرر، فالإجراءات أهم بكثير من التنظير.
ووضع خطوات عملية في تشابك التشريعات وفي الأداء وفي برامج التطوير الإداري وتمكين البنية الاقتصادية، أهم دائماً وأبداً من وضع أطر نظرية لتلك البرامج. وهنا يلاحظ الباحث السياسي عامر السبايلة، أن الحكومة قد تكون تأخرت قليلاً، وأن عملية التحديث ووضع الوثائق لتمكين هذا التحديث كان ينبغي أن تسبقها وترافقها إجراءات على شكل ضمانات تدعم مسار الحريات وتنهي العديد من الأزمات التي توالدت بسبب قرارات حكومية ورسمية في الماضي القريب، فيما تم إغفال الحاضنة الاجتماعية.
هذا النمط من الجدل تحت عنوان العربة والحصان أو أيهما يسبق وضعه أمام الآخر، هو الذي تدور كواليسه اليوم في أروقة الجلسات السياسية الأردنية.
لكن البقاء، في رأي البكار، في منطقة التشكيك سيفاقم الأزمة الموجودة، وسيعني بأن الاستمرار في التشكيك هو نوع من النكوص وإظهار سوء النوايا تجاه مراكز ودوائر القرار، في الوقت الذي أظهرت فيه حسن النوايا وتقدمت لأول مرة ببرنامج منطقي متوازن قابل للتطبيق ومدعوم من كل مؤسسات القرار.
ولذلك، يضم البكار صوته للقائلين بضرورة مغادرة منطقة السلبية والتردد والتشكيك والقيام بمبادرات إيجابية لتحريك الأمور وتزويد مركز هذا القرار ومطابخ الحكومة والقرار فيها اليوم باقتراحات وتوصيات تحت عنوان التطوير، شريطة العمل الجماعي والعودة لبث الإيجابية وسط الناس، ليس لأن مشروعي التحديث والتمكين والإصلاح هما المطروحان فقط الآن، لكن لأن طي صفحة الماضي أصبح هدفاً وطنياً لكل من يؤمن بالمصلحة الوطنية، وقلب الصفحة هو الخطوة التكتيكية الأفضل المطلوبة على أن يعقبها الانصراف للعمل بعد الآن، والتقليل من التنظير. «القدس العربي»: