غلاء البنزين والكهرباء يدفع أردنيين إلى البحث عن ابتكارات "توفيرية"
عمان جو - طارق الديلواني
دفع الارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات والكهرباء كثيراً من الأردنيين إلى اللجوء لابتكارات وحلول تهدف للحصول على بدائل للطاقة بأقل ثمن ممكن، على رغم خطورتها على السلامة العامة وعدم قانونيتها ومخالفتها للتعليمات.
ويعد الأردن واحداً من 10 دول هي الأكثر ارتفاعاً في أسعار الوقود عالمياً والأول عربياً، وفقاً لموقع "GlobalPetrolPrices" المتخصص بالطاقة.
وتعتمد الحكومة الأردنية بشكل كبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية.
ووفقاً لبيانات رسمية فقد بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي نحو 1.4 مليار دولار.
وتأتي فاتورة الكهرباء في المرتبة الثانية من حيث النفقات الشهرية للمواطن الأردني بعد المحروقات التي تستهلك نحو ثلث الدخل الشهري.
حلول وابتكارات
ومن بين هؤلاء مهندس أردني قام بتحويل المركبات لتعمل بنظام استخدام أسطوانة غاز الطهي بدلاً من البنزين، وهو يؤكد أن المركبة ستقطع مسافة 500 كيلومتر بأسطوانة واحدة لا يتجاوز سعرها في السوق المحلية 10 دولارات.
وفي مقابل حال الاحتفاء الشعبي بهذا المهندس الذي نشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يشرح عملية التحويل، فإن مراقبين ومتخصصين يحذرون من تبعات مثل هذه الحلول فضلاً عن عدم قانونيتها.
فمن الناحية القانونية يسمح نظام الجمارك الأردني بالمركبات التي تعمل بوقود البنزين والديزل فقط، كما لا تسمح إدارة الترخيص بأية تعديلات على المركبة إلا بعد أخذ الموافقات اللازمة.
ويقول نقيب أصحاب المهن الميكانيكية المهندس جميل أبو رحمة إن ثمة شروطاً فنية وقانونية لتحويل المركبات، مضيفاً أن "هذا التعديل يحتاج إلى موافقات رسمية وتقرير لجنة فنية وإشراف متخصصين وخبراء، إضافة إلى شروط السلامة العامة حتى تصبح السيارة المعدلة سليمة وآمنة للاستخدام".
وفيما يشكك متخصصون آخرون في حقيقة توفير الوقود الذي ينجم عن عملية التحويل هذه، يترقب أردنيون أن يحقق رجل الأعمال الأردني وعوده التي أطلقها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بإنشاء أول مصنع أردني لتحويل السيارات والشاحنات العاملة على البنزين إلى الغاز بهدف توفير الوقود بنسبة 55 في المئة.
الشكوى المستمرة من الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات تحولت إلى مناسبة للسخرية وتبادل النكات، ففي جلسة للجنة الطاقة النيابية لمجلس النواب الأردني دعا أحد النواب الحكومة إلى استيراد الحمير وتخصيص مسار لها في مشروع الباص السريع، الذي يربط أجزاء واسعة من العاصمة عمّان بشبكة نقل حديثة، لمواجهة الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات، بعد أن تطرق وزير الداخلية الأردني في الوقت ذاته إلى رفع أسعار المشتقات النفطية أربع مرات متتالية خلال العام الحالي.
فخ "الكهرباء"
وعلى رغم وجود فائض في الكهرباء تمثل أخيراً بتوقيع اتفاق ربط كهربائي مع العراق، رفعت الحكومة الأردنية قيمة الفواتير الشهرية على المواطنين، وشمل ذلك حتى المشتركين الذي يعتمدون على نظام الطاقة الشمسية، والذين اعتقدوا أن ذلك سيحميهم من ارتفاع أسعار الكهرباء.
ويقول خبير الطاقة عامر الشوبكي إن سعر الكهرباء في الأردن يعد الأعلى عربياً، ويضيف أن ثمة شكاوى من تضاعف قيمة فاتورة الكهرباء بعد إقرار التعرفة الكهربائية الجديدة بداية العام، وهو ما يخالف وعود الحكومة بعدم تضرر 93 في المئة من المواطنين.
ويقدر الشوبكي حجم الإيرادات من ارتفاع أسعار الكهرباء بنحو 28 مليون دولار شهرياً.
هذا الارتفاع المتتالي دفع مواطنين إلى التفكير في بدائل من بينها الحصول على ألواح طاقة شمسية محدودة القدرة، لكنها لا تكفي سوى لإنارة المنزل وتشغيل الأجهزة الرئيسة مثل مكيفات الهواء التي تراجع الإقبال على شرائها الصيف الماضي بسبب الكلفة المترتبة على فواتير الكهرباء الشهرية.
وسعى مواطنون إلى الحصول على هذه الألواح بطريقة غير قانونية وعبر التهريب لتوليد الكهرباء خارج الشبكة المنزلية المرتبطة مباشرة بعدادات تابعة لشركة الكهرباء، بينما تشترط الحكومة للحصول على نظام الطاقة الشمسية الحصول على ترخيص رسمي ودفع رسوم باهظة، في حين لجأ آخرون إلى حيل وطرق تصنفها الحكومة بأنها سرقة وغير شرعية من شبكات الكهرباء العامة، وسعى هؤلاء إلى الحصول على التيار الكهربائي لمنازلهم من دون دفع أية رسوم، فيما تشكو هيئة تنظيم قطاع الطاقة من ضبط أكثر من 8 آلاف سرقة كهرباء خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
ويروج آخرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أجهزة إلكترونية متطورة تتحكم بالتيار الكهربائي عن بعد للحصول على الكهرباء بأقل كلفة، بينما يدعي آخرون وجود أجهزة تساعد في تقليل قيمة الفاتورة إلى النصف.
هل خاب ظن مستخدمي "الطاقة البديلة"؟
وخلال الأشهر الماضية لم تعد محاولات اللجوء إلى خيار السيارات الكهربائية والدراجات النارية مجدية كما كان الحال في السابق، مع ارتفاع أسعار الكهرباء واستثناء مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة من دعم التعرفة الكهربائية.
ويقول تجار سيارات داخل المنطقة الحرة إن الحكومة تنوي رفع قيمة الجمارك المفروضة على السيارات الكهربائية بعد ارتفاع الطلب والإقبال عليها بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الماضية.
ويؤكد مواطنون أن خيار السيارات الكهربائية بات عبئاً بدوره، بعد ارتفاع قيمة الفواتير الشهرية واستثناء مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة من دعم التعرفة الكهربائية، واتخاذ الحكومة قرارات وصفوها بـ "السلبية" مثل إجبار المواطنين على تركيب عدادات جديدة خاصة بمركباتهم الكهربائية.
ومنذ عام 2019 ارتفع عدد السيارات الكهربائية الواردة إلى السوق المحلية الأردنية من 3500 سيارة إلى أكثر من 7 آلاف سيارة في العام الحالي.
وعلى ما يبدو فإن أنظمة الطاقة الشمسية خيبت أمل الأردنيين في خفض فاتورة الكهرباء بعد الإقبال بكثافة على تركيب أنظمة الطاقة المتجددة من دون انخفاض قيمة فواتيرهم الشهرية، بخلاف ما كان متوقعاً.
وفوجئ مواطنون بقرار وزارة الطاقة فرض رسوم قدرها نحو ثلاثة دولارات على كل كيلوواط يتم استهلاكه من الطاقة المتجددة، مما ترتب عليه زيادة قدرها 30 دولاراً إضافية.
وبحسب هيئة الطاقة الأردنية يوجد في البلاد نحو 35 ألف نظام للطاقة المتجددة، مخصصة للاستهلاك المحلي ومن ضمنها المنازل، في حين يزيد عدد المشتركين بشبكة التيار الكهربائي على 2.3 مليون مشترك
.اندبندت
عمان جو - طارق الديلواني
دفع الارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات والكهرباء كثيراً من الأردنيين إلى اللجوء لابتكارات وحلول تهدف للحصول على بدائل للطاقة بأقل ثمن ممكن، على رغم خطورتها على السلامة العامة وعدم قانونيتها ومخالفتها للتعليمات.
ويعد الأردن واحداً من 10 دول هي الأكثر ارتفاعاً في أسعار الوقود عالمياً والأول عربياً، وفقاً لموقع "GlobalPetrolPrices" المتخصص بالطاقة.
وتعتمد الحكومة الأردنية بشكل كبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية.
ووفقاً لبيانات رسمية فقد بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي نحو 1.4 مليار دولار.
وتأتي فاتورة الكهرباء في المرتبة الثانية من حيث النفقات الشهرية للمواطن الأردني بعد المحروقات التي تستهلك نحو ثلث الدخل الشهري.
حلول وابتكارات
ومن بين هؤلاء مهندس أردني قام بتحويل المركبات لتعمل بنظام استخدام أسطوانة غاز الطهي بدلاً من البنزين، وهو يؤكد أن المركبة ستقطع مسافة 500 كيلومتر بأسطوانة واحدة لا يتجاوز سعرها في السوق المحلية 10 دولارات.
وفي مقابل حال الاحتفاء الشعبي بهذا المهندس الذي نشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يشرح عملية التحويل، فإن مراقبين ومتخصصين يحذرون من تبعات مثل هذه الحلول فضلاً عن عدم قانونيتها.
فمن الناحية القانونية يسمح نظام الجمارك الأردني بالمركبات التي تعمل بوقود البنزين والديزل فقط، كما لا تسمح إدارة الترخيص بأية تعديلات على المركبة إلا بعد أخذ الموافقات اللازمة.
ويقول نقيب أصحاب المهن الميكانيكية المهندس جميل أبو رحمة إن ثمة شروطاً فنية وقانونية لتحويل المركبات، مضيفاً أن "هذا التعديل يحتاج إلى موافقات رسمية وتقرير لجنة فنية وإشراف متخصصين وخبراء، إضافة إلى شروط السلامة العامة حتى تصبح السيارة المعدلة سليمة وآمنة للاستخدام".
وفيما يشكك متخصصون آخرون في حقيقة توفير الوقود الذي ينجم عن عملية التحويل هذه، يترقب أردنيون أن يحقق رجل الأعمال الأردني وعوده التي أطلقها في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بإنشاء أول مصنع أردني لتحويل السيارات والشاحنات العاملة على البنزين إلى الغاز بهدف توفير الوقود بنسبة 55 في المئة.
الشكوى المستمرة من الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات تحولت إلى مناسبة للسخرية وتبادل النكات، ففي جلسة للجنة الطاقة النيابية لمجلس النواب الأردني دعا أحد النواب الحكومة إلى استيراد الحمير وتخصيص مسار لها في مشروع الباص السريع، الذي يربط أجزاء واسعة من العاصمة عمّان بشبكة نقل حديثة، لمواجهة الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات، بعد أن تطرق وزير الداخلية الأردني في الوقت ذاته إلى رفع أسعار المشتقات النفطية أربع مرات متتالية خلال العام الحالي.
فخ "الكهرباء"
وعلى رغم وجود فائض في الكهرباء تمثل أخيراً بتوقيع اتفاق ربط كهربائي مع العراق، رفعت الحكومة الأردنية قيمة الفواتير الشهرية على المواطنين، وشمل ذلك حتى المشتركين الذي يعتمدون على نظام الطاقة الشمسية، والذين اعتقدوا أن ذلك سيحميهم من ارتفاع أسعار الكهرباء.
ويقول خبير الطاقة عامر الشوبكي إن سعر الكهرباء في الأردن يعد الأعلى عربياً، ويضيف أن ثمة شكاوى من تضاعف قيمة فاتورة الكهرباء بعد إقرار التعرفة الكهربائية الجديدة بداية العام، وهو ما يخالف وعود الحكومة بعدم تضرر 93 في المئة من المواطنين.
ويقدر الشوبكي حجم الإيرادات من ارتفاع أسعار الكهرباء بنحو 28 مليون دولار شهرياً.
هذا الارتفاع المتتالي دفع مواطنين إلى التفكير في بدائل من بينها الحصول على ألواح طاقة شمسية محدودة القدرة، لكنها لا تكفي سوى لإنارة المنزل وتشغيل الأجهزة الرئيسة مثل مكيفات الهواء التي تراجع الإقبال على شرائها الصيف الماضي بسبب الكلفة المترتبة على فواتير الكهرباء الشهرية.
وسعى مواطنون إلى الحصول على هذه الألواح بطريقة غير قانونية وعبر التهريب لتوليد الكهرباء خارج الشبكة المنزلية المرتبطة مباشرة بعدادات تابعة لشركة الكهرباء، بينما تشترط الحكومة للحصول على نظام الطاقة الشمسية الحصول على ترخيص رسمي ودفع رسوم باهظة، في حين لجأ آخرون إلى حيل وطرق تصنفها الحكومة بأنها سرقة وغير شرعية من شبكات الكهرباء العامة، وسعى هؤلاء إلى الحصول على التيار الكهربائي لمنازلهم من دون دفع أية رسوم، فيما تشكو هيئة تنظيم قطاع الطاقة من ضبط أكثر من 8 آلاف سرقة كهرباء خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
ويروج آخرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أجهزة إلكترونية متطورة تتحكم بالتيار الكهربائي عن بعد للحصول على الكهرباء بأقل كلفة، بينما يدعي آخرون وجود أجهزة تساعد في تقليل قيمة الفاتورة إلى النصف.
هل خاب ظن مستخدمي "الطاقة البديلة"؟
وخلال الأشهر الماضية لم تعد محاولات اللجوء إلى خيار السيارات الكهربائية والدراجات النارية مجدية كما كان الحال في السابق، مع ارتفاع أسعار الكهرباء واستثناء مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة من دعم التعرفة الكهربائية.
ويقول تجار سيارات داخل المنطقة الحرة إن الحكومة تنوي رفع قيمة الجمارك المفروضة على السيارات الكهربائية بعد ارتفاع الطلب والإقبال عليها بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الماضية.
ويؤكد مواطنون أن خيار السيارات الكهربائية بات عبئاً بدوره، بعد ارتفاع قيمة الفواتير الشهرية واستثناء مستخدمي أنظمة الطاقة المتجددة من دعم التعرفة الكهربائية، واتخاذ الحكومة قرارات وصفوها بـ "السلبية" مثل إجبار المواطنين على تركيب عدادات جديدة خاصة بمركباتهم الكهربائية.
ومنذ عام 2019 ارتفع عدد السيارات الكهربائية الواردة إلى السوق المحلية الأردنية من 3500 سيارة إلى أكثر من 7 آلاف سيارة في العام الحالي.
وعلى ما يبدو فإن أنظمة الطاقة الشمسية خيبت أمل الأردنيين في خفض فاتورة الكهرباء بعد الإقبال بكثافة على تركيب أنظمة الطاقة المتجددة من دون انخفاض قيمة فواتيرهم الشهرية، بخلاف ما كان متوقعاً.
وفوجئ مواطنون بقرار وزارة الطاقة فرض رسوم قدرها نحو ثلاثة دولارات على كل كيلوواط يتم استهلاكه من الطاقة المتجددة، مما ترتب عليه زيادة قدرها 30 دولاراً إضافية.
وبحسب هيئة الطاقة الأردنية يوجد في البلاد نحو 35 ألف نظام للطاقة المتجددة، مخصصة للاستهلاك المحلي ومن ضمنها المنازل، في حين يزيد عدد المشتركين بشبكة التيار الكهربائي على 2.3 مليون مشترك
.اندبندت