حسين هزاع المجالي : الملك يعلّق الجرس .. هل نلتقط الإشارة؟
عمان جو -
حتى وقت قريب، كان الكثيرون يعتقدون أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك توقفت عند الورقة الخامسة التي نُشرت في أيلول من عام 2014، لكن الطموح الملكي بمملكة يسودها القانون والنظام وراحة المواطنين على كل الصعد لا يتوقف عن حدّ.
الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك جاءت تتويجا للأوراق الخمس وفي وقتها الدقيق في ظل تصاعد الحديث عن الدولة المدنية، وفي ظل تفسير كل فريق الدولة المدنية بشكل رغائبي وفقا لبرنامجه السياسي أو لخلفيته الأيدولوجية أو لمصالحه الخاصة أو لانتماءاته الفرعية.
لقد وضعت الورقة النقاشية السادسة النقاط على الحروف فيما تعلق بالدولة المدنية ومفهومها، التي لا يمكن أن تكون الدولة مدنيةً حديثةً إلا بارتكازها على ركائز أساسية هي القانون وسيادته والعدل والمساواة بين الجميع، والقضاء ونزاهته وتطويره بما ينسجم مع حداثية الدولة ومدنيتها.
دين الدولة الإسلام، هذا ما تنص عليه المادة الثانية من الدستور، لكن الدولة الأردنية لم تكن عبر تاريخها دولة إقصائية ، بل إن جميع الأردنيين ظلوا وما زالوا وسيبقون سواسية في مواطنتهم دون تفريق بين أي منهم ما دام المعيار الالتزام بالقوانين والأنظمة واحترام الآخر.
إن أفكار جلالة الملك ورؤاه في الورقة السادسة كانت واضحة ومباشرة، فلا دولة مدنية دون أن يسود القانون ودون إنفاذه على الجميع، ولا دولة مدنية دون أن يتحمل كل المواطنين مسؤولية تطبيق ذلك في حياتهم اليومية؛ فالإحترام المطلق للقانون، هو مقياس الانتماء الحقيقي والمواطنة الصالحة.
ثمة مظاهر عدة، تؤشر إلى بواطن الخلل في الإدارة ومنها الواسطة والمحسوبية التي لا يمكن أن تتحقق العدالة دون القضاء عليها ودون أن يتاح للجميع التنافس وفقا للأسس المنصوص عليها في التوظيف مثلا سواء أكان ذلك في المناصب العليا أو سواها من وظائف.
كما وإن العدالة تتحقق، عندما يسود القانون على جميع المواطنين، ودون أن يستثنى أحد مهما كان منصبه أو عائلته، إذا لا يمكن أن نتحدث عن دولة مدنية في وقت يتم فيه إفلات صاحب جاه ونفوذ من المساءلة والمحاسبة بينما يُحاسب من لم يكن له حظ من المنصب أو الجاه.
قضاؤنا، ولله الحمد، نزيه وعادل، لكن الحاجة تكمن إلى تطوير أدواته بما يساهم في تسهيل إجراءات التقاضي وتسريعها بحيث يحصل كل ذي حق على حقه، ودون أن يضطر إلى الانتظار لمدد طويلة وطويلة جدا حتى يفصل القضاء بما هو منظور أمامه.
فعملية التقاضي، تحتاج إلى الكثير من العمل والتطوير ومن ذلك توفير البيئة المناسبة لعمل المحاكم، وتوفير ما يحتاج مرفق القضاء من قضاة أكفياء لسد النقص الحاصل في المحاكم، إضافة إلى أن الحاجة أصبحت ماسة لتطوير التشريعات الناظمة لعمل السلطة القضائية بغية استيعاب المتغيرات والتطورات.
الورقة النقاشية السادسة، بما تضمنته من أفكار ورؤى ملكية من شأنها تطوير الدولة الأردنية إلى دولة حديثة تحتاج من الحكومات أن تتخذها برنامج عمل لها، ولا يجب أن تظل نصوصا دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ العملي على الأرض وبما يمكّن الجميع من الشعور بالفرق والاختلاف عما كان عليه الواقع من قبل.
في الحقيقة، لقد قصرت الحكومات، كل الحكومات، بما فيها التي كنت جزءا منها، (ولا أعفي نفسي من المسؤولية بطبيعة الحال)، عن نقل أفكار جلالة الملك لتدخل حيز الفعل، بل ظل الأداء على الدوام دون الطموح الملكي وبالتالي دون طموح المواطنين الحالمين بدولة خالية من الواسطة والمحسوبية، دولة يسود فيها القانون على الجميع دونما تمييز.
اليوم نسأل، هل القانون يسود على الجميع، وهل انتهت الواسطة والمحسوبية، وهل تحققت العدالة بين الجميع؟ الإجابة بالتأكيد لا، ولو قلنا عكس ذلك لما أصدر جلالته ورقته النقاشية السادسة للتركيز على هذه القضايا المهمة لبناء دولة مدنية حديثة.
ثمة عمل كثير، لكنه ليس مستحيلا إن تشكلت لدى الحكومات إرادة العمل الجاد والحثيث، وإرادة العمل الجماعي المبرمج للخروج بنتائج عملية لما تضمنته أوراق جلالة الملك النقاشية وعلى الأخص منها الورقة السادسة التي أوضح فيها جلالته الركائز الأساسية التي تقوم عليها الدولة المدنية.
الطموح الملكي بدولة تقترب إلى مصاف الدول الكبرى لا يتوقف؛ لذا من الممكن أن نشهد
في المستقبل أوراقا نقاشية أخرى يسلط فيها جلالته الضوء على بواطن الخلل لمعالجتها.
فهل تعي الحكومات ذلك، وتترجم أفكار الملك إلى أفعال؟.
عمان جو -
حتى وقت قريب، كان الكثيرون يعتقدون أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك توقفت عند الورقة الخامسة التي نُشرت في أيلول من عام 2014، لكن الطموح الملكي بمملكة يسودها القانون والنظام وراحة المواطنين على كل الصعد لا يتوقف عن حدّ.
الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك جاءت تتويجا للأوراق الخمس وفي وقتها الدقيق في ظل تصاعد الحديث عن الدولة المدنية، وفي ظل تفسير كل فريق الدولة المدنية بشكل رغائبي وفقا لبرنامجه السياسي أو لخلفيته الأيدولوجية أو لمصالحه الخاصة أو لانتماءاته الفرعية.
لقد وضعت الورقة النقاشية السادسة النقاط على الحروف فيما تعلق بالدولة المدنية ومفهومها، التي لا يمكن أن تكون الدولة مدنيةً حديثةً إلا بارتكازها على ركائز أساسية هي القانون وسيادته والعدل والمساواة بين الجميع، والقضاء ونزاهته وتطويره بما ينسجم مع حداثية الدولة ومدنيتها.
دين الدولة الإسلام، هذا ما تنص عليه المادة الثانية من الدستور، لكن الدولة الأردنية لم تكن عبر تاريخها دولة إقصائية ، بل إن جميع الأردنيين ظلوا وما زالوا وسيبقون سواسية في مواطنتهم دون تفريق بين أي منهم ما دام المعيار الالتزام بالقوانين والأنظمة واحترام الآخر.
إن أفكار جلالة الملك ورؤاه في الورقة السادسة كانت واضحة ومباشرة، فلا دولة مدنية دون أن يسود القانون ودون إنفاذه على الجميع، ولا دولة مدنية دون أن يتحمل كل المواطنين مسؤولية تطبيق ذلك في حياتهم اليومية؛ فالإحترام المطلق للقانون، هو مقياس الانتماء الحقيقي والمواطنة الصالحة.
ثمة مظاهر عدة، تؤشر إلى بواطن الخلل في الإدارة ومنها الواسطة والمحسوبية التي لا يمكن أن تتحقق العدالة دون القضاء عليها ودون أن يتاح للجميع التنافس وفقا للأسس المنصوص عليها في التوظيف مثلا سواء أكان ذلك في المناصب العليا أو سواها من وظائف.
كما وإن العدالة تتحقق، عندما يسود القانون على جميع المواطنين، ودون أن يستثنى أحد مهما كان منصبه أو عائلته، إذا لا يمكن أن نتحدث عن دولة مدنية في وقت يتم فيه إفلات صاحب جاه ونفوذ من المساءلة والمحاسبة بينما يُحاسب من لم يكن له حظ من المنصب أو الجاه.
قضاؤنا، ولله الحمد، نزيه وعادل، لكن الحاجة تكمن إلى تطوير أدواته بما يساهم في تسهيل إجراءات التقاضي وتسريعها بحيث يحصل كل ذي حق على حقه، ودون أن يضطر إلى الانتظار لمدد طويلة وطويلة جدا حتى يفصل القضاء بما هو منظور أمامه.
فعملية التقاضي، تحتاج إلى الكثير من العمل والتطوير ومن ذلك توفير البيئة المناسبة لعمل المحاكم، وتوفير ما يحتاج مرفق القضاء من قضاة أكفياء لسد النقص الحاصل في المحاكم، إضافة إلى أن الحاجة أصبحت ماسة لتطوير التشريعات الناظمة لعمل السلطة القضائية بغية استيعاب المتغيرات والتطورات.
الورقة النقاشية السادسة، بما تضمنته من أفكار ورؤى ملكية من شأنها تطوير الدولة الأردنية إلى دولة حديثة تحتاج من الحكومات أن تتخذها برنامج عمل لها، ولا يجب أن تظل نصوصا دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ العملي على الأرض وبما يمكّن الجميع من الشعور بالفرق والاختلاف عما كان عليه الواقع من قبل.
في الحقيقة، لقد قصرت الحكومات، كل الحكومات، بما فيها التي كنت جزءا منها، (ولا أعفي نفسي من المسؤولية بطبيعة الحال)، عن نقل أفكار جلالة الملك لتدخل حيز الفعل، بل ظل الأداء على الدوام دون الطموح الملكي وبالتالي دون طموح المواطنين الحالمين بدولة خالية من الواسطة والمحسوبية، دولة يسود فيها القانون على الجميع دونما تمييز.
اليوم نسأل، هل القانون يسود على الجميع، وهل انتهت الواسطة والمحسوبية، وهل تحققت العدالة بين الجميع؟ الإجابة بالتأكيد لا، ولو قلنا عكس ذلك لما أصدر جلالته ورقته النقاشية السادسة للتركيز على هذه القضايا المهمة لبناء دولة مدنية حديثة.
ثمة عمل كثير، لكنه ليس مستحيلا إن تشكلت لدى الحكومات إرادة العمل الجاد والحثيث، وإرادة العمل الجماعي المبرمج للخروج بنتائج عملية لما تضمنته أوراق جلالة الملك النقاشية وعلى الأخص منها الورقة السادسة التي أوضح فيها جلالته الركائز الأساسية التي تقوم عليها الدولة المدنية.
الطموح الملكي بدولة تقترب إلى مصاف الدول الكبرى لا يتوقف؛ لذا من الممكن أن نشهد
في المستقبل أوراقا نقاشية أخرى يسلط فيها جلالته الضوء على بواطن الخلل لمعالجتها.
فهل تعي الحكومات ذلك، وتترجم أفكار الملك إلى أفعال؟.