جرائم عائلية مروّعة تعصف بالأسرة الأردنية
عمان جو - طارق ديلواني - شهد الأردن جريمة قتل مروعة ارتكبتها فتاة لم يتجاوز عمرها 16 سنة بحق عائلتها بعدما أردت ثلاثة منهم بسلاح ناري، في واحدة من أحدث جرائم القتل العائلية الآخذة بالتصاعد في البلاد على نحو مقلق ما دفع بمراقبين للبحث والتقصي عن كيفية تحول المنازل من ملاذات أسرية آمنة إلى ساحات للجرائم البشعة.
أكثر من 30 جريمة
وخلال العام الحالي، كان القاسم المشترك بين معظم الجرائم التي شهدها الأردن أنها عائلية بامتياز، بمعدل زاد على 30 جريمة أسرية، وفقاً لجمعية معهد "تضامن" غالبيتها بحق النساء والفتيات والأطفال، ومعظمها اتسمت بإفلات الجناة من العقاب بسبب إسقاط الحق الشخصي وبعض التقاليد والأعراف العشائرية.
وبدأت سلسلة الجرائم العائلية، العام الحالي، عندما أقدم شاب عشريني على قتل شقيقته في محافظة الكرك (جنوب البلاد) بأداة حادة نتيجة خلاف بينهما. كما أقدم ثلاثيني على قتل شقيقته خنقاً في محافظة مادبا على إثر خلافات بينهما أيضاً، وقتلت، في الشهر ذاته، سيدة سبعينية على يد قريبها بدافع السرقة. كما قتل رجل سبعيني ابنه وحفيدته في محافظة البلقاء وسط البلاد بالرصاص، كما توفيت فتاة بعيار ناري في محافظة جرش على يد شقيقها، شمال البلاد. وألقي القبض على زوج في محافظة إربد اعترف بقيامه بضرب زوجته على إثر خلافات بينهما حتى فارقت الحياة.
أما شهر يوليو (تموز)، فقد شهد أكبر عدد من الجرائم العائلية، إذ قتل سبعة أشخاص، بعد تعرض طفلتين إلى تعنيف وضرب بأداة حادة من قبل الأب، ما أدى إلى وفاتهما ودفنهما بمحيط المنزل، وإطلاق رجل سبعيني النار على نجليه بسبب خلافات مالية، وقتل شاب شقيقته بعيار ناري، ومقتل طفل وطفلة في العاصمة عمّان بعد قيام زوج بخنق زوجته وطفليها.
ومن بين الجرائم البارزة إنهاء زوج حياة زوجته الأربعينية داخل أحد المستشفيات الحكومية، وقيام سيدة بقتل زوج ابنتها وحرق جثته، وقتل زوج في محافظة جرش زوجته وابنه بعد إطلاق النار عليهما.
وفي جريمة بشعة، أضرم زوج النار في منزله وأحرق نفسه، ما أدى إلى وفاة أطفاله الثلاثة على الفور، وطعنت زوجة زوجها أربع طعنات وسكبت الماء الساخن عليه في محافظة المفرق.
أسباب وحلول
تطالب جمعيات حقوقية بسنّ المزيد من الإجراءات والتشريعات للحد من العنف الأسري والجرائم العائلية، فضلاً عن تعزيز آليات فعالة على الأرض كتعزيز خدمات الاستجابة لضحايا العنف وعيادات متخصصة وخطوط ساخنة لتلقي الشكاوى، بالإضافة الى كوادر وتأهيلها وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي وتوفير دور الأمان التي تحتضن من يتعرضون للعنف الأسري. ويعرّف مختصون جرائم القتل الأسرية بأنها جرائم قتل تتم من قبل أحد الأفراد الموجودين في العائلة أو الأسرة ضد فرد آخر من العائلة، ويعزو مراقبون هذه الجرائم الأسرية لعوامل وأسباب مختلفة من بينها الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها العائلات والعنف الأسري والاعتداء الجنسي والخلافات المالية والأسرية.
وتشير إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية الأردنية إلى أن عدد قطع السلاح المرخصة في الأردن يزيد على 400 ألف قطعة، في حين يقدر عدد المحال التي تبيع الأسلحة بـ 95 محلاً ومؤسسة مرخصة، بينما يقدر مراقبون عدد قطع السلاح بين أيدي الأردنيين بنحو مليون قطعة سلاح.
حالات فردية أم ظاهرة؟
لكن عديدين يرون أن هذه الجرائم لا تشكل ظاهرة بحد ذاتها ولا تعدو كونها حالات فردية معزولة عن السياق المجتمعي وناجمة عن ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية، فضلاً عن غياب الأجواء الأسرية. غير أن الإحصاءات الرسمية تشير بوضوح إلى تزايد نسبة الجرائم الأسرية في الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث تصل إلى 31 في المئة من عدد الجرائم الكلي معظمها ضد الإناث.
في المقابل، يؤكد الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة محمد مقدادي أن معدل جرائم القتل في الأردن يبلغ جريمة واحدة لكل 100 ألف نسمة، وأن عدم وجود بيانات واضحة للجريمة يعرقل عملية وضع سياسات لمواجهتها.
وتشكل ظاهرة إسقاط الحق الشخصي من قبل ذوي الجاني والضحية عائقاً أمام قوانين محاربة العنف المنزلي، إذ يطوى بعدها كثير من القضايا ما يشجع مرتكبيها على التمادي والإفلات من العقاب كل مرة. ويعتبر حقوقيون أن إسقاط الحق الشخصي في الجرائم الأسرية إضافة لبعض الثغرات في قانون العقوبات الأردني من بين الأمور التي تشجع على ارتكاب هذه الجرائم.
الطفل والمرأة أبرز الضحايا
ويتحدث مستشار الطب الشرعي هاني جهشان عن جانب مسكوت عنه ولا يتم التطرق إلى خطورته، وهو جرائم القتل التي تطاول الأطفال خصوصاً ضمن الأسر وسط صمت رسمي. ويقول جهشان إن تغطية هذه الجرائم في وسائل الإعلام ضعيفة ولا تمثل الواقع بأي شكل من الأشكال، ومدى انتشار العنف القاتل ضد الأطفال لا يمكن قياسه من خلال إحصاءات مرتكزة على مسح السكان لأن توجيه أسئلة للوالدين بشأن وفاة الأطفال، الذين قد يكون بعضهم مات نتيجة عنف، من غير المتوقع أن يفضي إلى الحصول على إجابات صادقة.
كذلك لا يمكن الحصول على العدد الدقيق لوفيات الأطفال الناتجة من العنف الأسري من خلال سجلات الحالات التي تصل إلى مقدمي الخدمات، لأن معظم هذه الوفيات يحصل بشكل متسارع ولا يوفر فرصة لعرض الطفل على الأطباء الشرعيين، وربما يتم دفن الجثة من دون إجراءات التشريح القضائية، والسبيل الوحيد لمعرفة الرقم الحقيقي لوفيات الأطفال الناجمة عن العنف تطبيق نظام الكشف الطبي الشرعي التشريحي على كل وفيات الأطفال المفاجئة.
إضافة الى الأطفال، فإن النساء هنّ من أبرز ضحايا الجرائم العائلية، وتشير الأرقام الرسمية إلى تعرض 71 في المئة من المتزوجات للعنف من أزواجهنّ، لكن "ثقافة" الصمت التي تسيطر على عدد كبير من المتزوجات تعرضهنّ إلى مزيد من أعمال العنف.
"انديبنت عربية"
أكثر من 30 جريمة
وخلال العام الحالي، كان القاسم المشترك بين معظم الجرائم التي شهدها الأردن أنها عائلية بامتياز، بمعدل زاد على 30 جريمة أسرية، وفقاً لجمعية معهد "تضامن" غالبيتها بحق النساء والفتيات والأطفال، ومعظمها اتسمت بإفلات الجناة من العقاب بسبب إسقاط الحق الشخصي وبعض التقاليد والأعراف العشائرية.
وبدأت سلسلة الجرائم العائلية، العام الحالي، عندما أقدم شاب عشريني على قتل شقيقته في محافظة الكرك (جنوب البلاد) بأداة حادة نتيجة خلاف بينهما. كما أقدم ثلاثيني على قتل شقيقته خنقاً في محافظة مادبا على إثر خلافات بينهما أيضاً، وقتلت، في الشهر ذاته، سيدة سبعينية على يد قريبها بدافع السرقة. كما قتل رجل سبعيني ابنه وحفيدته في محافظة البلقاء وسط البلاد بالرصاص، كما توفيت فتاة بعيار ناري في محافظة جرش على يد شقيقها، شمال البلاد. وألقي القبض على زوج في محافظة إربد اعترف بقيامه بضرب زوجته على إثر خلافات بينهما حتى فارقت الحياة.
أما شهر يوليو (تموز)، فقد شهد أكبر عدد من الجرائم العائلية، إذ قتل سبعة أشخاص، بعد تعرض طفلتين إلى تعنيف وضرب بأداة حادة من قبل الأب، ما أدى إلى وفاتهما ودفنهما بمحيط المنزل، وإطلاق رجل سبعيني النار على نجليه بسبب خلافات مالية، وقتل شاب شقيقته بعيار ناري، ومقتل طفل وطفلة في العاصمة عمّان بعد قيام زوج بخنق زوجته وطفليها.
ومن بين الجرائم البارزة إنهاء زوج حياة زوجته الأربعينية داخل أحد المستشفيات الحكومية، وقيام سيدة بقتل زوج ابنتها وحرق جثته، وقتل زوج في محافظة جرش زوجته وابنه بعد إطلاق النار عليهما.
وفي جريمة بشعة، أضرم زوج النار في منزله وأحرق نفسه، ما أدى إلى وفاة أطفاله الثلاثة على الفور، وطعنت زوجة زوجها أربع طعنات وسكبت الماء الساخن عليه في محافظة المفرق.
أسباب وحلول
تطالب جمعيات حقوقية بسنّ المزيد من الإجراءات والتشريعات للحد من العنف الأسري والجرائم العائلية، فضلاً عن تعزيز آليات فعالة على الأرض كتعزيز خدمات الاستجابة لضحايا العنف وعيادات متخصصة وخطوط ساخنة لتلقي الشكاوى، بالإضافة الى كوادر وتأهيلها وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي وتوفير دور الأمان التي تحتضن من يتعرضون للعنف الأسري. ويعرّف مختصون جرائم القتل الأسرية بأنها جرائم قتل تتم من قبل أحد الأفراد الموجودين في العائلة أو الأسرة ضد فرد آخر من العائلة، ويعزو مراقبون هذه الجرائم الأسرية لعوامل وأسباب مختلفة من بينها الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها العائلات والعنف الأسري والاعتداء الجنسي والخلافات المالية والأسرية.
وتشير إحصاءات صادرة عن وزارة الداخلية الأردنية إلى أن عدد قطع السلاح المرخصة في الأردن يزيد على 400 ألف قطعة، في حين يقدر عدد المحال التي تبيع الأسلحة بـ 95 محلاً ومؤسسة مرخصة، بينما يقدر مراقبون عدد قطع السلاح بين أيدي الأردنيين بنحو مليون قطعة سلاح.
حالات فردية أم ظاهرة؟
لكن عديدين يرون أن هذه الجرائم لا تشكل ظاهرة بحد ذاتها ولا تعدو كونها حالات فردية معزولة عن السياق المجتمعي وناجمة عن ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية، فضلاً عن غياب الأجواء الأسرية. غير أن الإحصاءات الرسمية تشير بوضوح إلى تزايد نسبة الجرائم الأسرية في الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة حيث تصل إلى 31 في المئة من عدد الجرائم الكلي معظمها ضد الإناث.
في المقابل، يؤكد الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة محمد مقدادي أن معدل جرائم القتل في الأردن يبلغ جريمة واحدة لكل 100 ألف نسمة، وأن عدم وجود بيانات واضحة للجريمة يعرقل عملية وضع سياسات لمواجهتها.
وتشكل ظاهرة إسقاط الحق الشخصي من قبل ذوي الجاني والضحية عائقاً أمام قوانين محاربة العنف المنزلي، إذ يطوى بعدها كثير من القضايا ما يشجع مرتكبيها على التمادي والإفلات من العقاب كل مرة. ويعتبر حقوقيون أن إسقاط الحق الشخصي في الجرائم الأسرية إضافة لبعض الثغرات في قانون العقوبات الأردني من بين الأمور التي تشجع على ارتكاب هذه الجرائم.
الطفل والمرأة أبرز الضحايا
ويتحدث مستشار الطب الشرعي هاني جهشان عن جانب مسكوت عنه ولا يتم التطرق إلى خطورته، وهو جرائم القتل التي تطاول الأطفال خصوصاً ضمن الأسر وسط صمت رسمي. ويقول جهشان إن تغطية هذه الجرائم في وسائل الإعلام ضعيفة ولا تمثل الواقع بأي شكل من الأشكال، ومدى انتشار العنف القاتل ضد الأطفال لا يمكن قياسه من خلال إحصاءات مرتكزة على مسح السكان لأن توجيه أسئلة للوالدين بشأن وفاة الأطفال، الذين قد يكون بعضهم مات نتيجة عنف، من غير المتوقع أن يفضي إلى الحصول على إجابات صادقة.
كذلك لا يمكن الحصول على العدد الدقيق لوفيات الأطفال الناتجة من العنف الأسري من خلال سجلات الحالات التي تصل إلى مقدمي الخدمات، لأن معظم هذه الوفيات يحصل بشكل متسارع ولا يوفر فرصة لعرض الطفل على الأطباء الشرعيين، وربما يتم دفن الجثة من دون إجراءات التشريح القضائية، والسبيل الوحيد لمعرفة الرقم الحقيقي لوفيات الأطفال الناجمة عن العنف تطبيق نظام الكشف الطبي الشرعي التشريحي على كل وفيات الأطفال المفاجئة.
إضافة الى الأطفال، فإن النساء هنّ من أبرز ضحايا الجرائم العائلية، وتشير الأرقام الرسمية إلى تعرض 71 في المئة من المتزوجات للعنف من أزواجهنّ، لكن "ثقافة" الصمت التي تسيطر على عدد كبير من المتزوجات تعرضهنّ إلى مزيد من أعمال العنف.
"انديبنت عربية"
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات