إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

حادثة طبربور تضع الأسر أمام مسؤولية التوعية بمخاطر المخدرات


عمان جو -  كتبت - سهير بشناق

لم يستغرق الوقت اكثر من دقائق لاستهجان وشجب حادثة طبربور قبل يومين والتي لم تقف عند حدود الجريمة واستنكارها لبشاعتها حيث لم يعتد المجتمع والانسانية عليها وان يقدم ابن على قتل والدته لكنها تتشابه الى حد ما بجريمة ارتكبتها قبل اعوام ام بحق اطفالها وقتلتهم وهم نائمين.

وبالرغم من محدودية هذه الجرائم وعدم انتشارها بالمجتمع الا ان وقوعها يثير تساؤلات عدة حول تغير شكل الجريمة وارتكابها من قبل اشخاص لا يمكن تصور ان يقدموا على ارتكابها اما بحق امهاتهم او ابنائهم كون العلاقة التي تجمع القاتل بهم من الطبيعي ان تاخذ مسار حمايتهم لا زهق ارواحهم بطرق بشعة لا يتخيلها العقل.

وايا كانت الاسباب التي تقف وراء قتل الابناء او الامهات التي بطبيعة الحال لا يمكن ان يتقبلها الانسان السوي ولا الاعراف والاديان السماوية الا ان ما يثار حاليا هو قضية الادمان على المخدرات وخاصة « الجوكر « الذي قد يكون سببا لارتكاب مثل هذا النوع من الجرائم البشعة والغريبة على المجتمع.

تبادل مواطنون تحذيرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول مادة الجوكر التي تعتبر مخدرة مصنعة محليا من المبيدات الحشرية وعشبة معينة تخمر اسبوعا حتى تصبح مادة مخدرة يتم تعبئتها في اكياس ملونة مغرية للشباب والاطفال وتسبب الادمان من اول جرعة وتؤثر تاثيرا كبيرا على الجهاز العصبي بما يرافقها من تشنجات ومشاكل عصبية وقلبية حيث تروج هذه المادة على شكل حبوب وتباع على انها منشطات للطلاب او على شكل حلوى اطفال.

وهو ما يتطلب توعية الابناء والشباب والاطفال من تناول او شراء اي مادة غريبة ولم يعتادوا عليها من قبل اي شخص كي لا يصبحوا في دقائق مدمنين ويقدموا على افعال لا يمكن تصورها او تقبلها باي شكل كان.

التغيرات السريعة بالعالم وبالمجتمع وضعت الاسر امام تحديات كبيرة فبعد ان كانت الاسر تعمل على توعية ابنائها من مخاطر الانترنت والسجائر والكحول بات الامر اكثر جدية من كل هذه الجوانب فاصبحت الاسر امام مواجهة تحديات اكبر واخطر الا وهي توعية ابنائها من مخاطر المخدرات ويزيد تحدي هذه الاسر بطرق توعية اطفالها الذين في اغلبهم لم يسمعوا بالمخدرات ولا يعرفون عنها شيئا.

فتجد الاسر نفسها مجبرة على بث معلومات كافية لاطفالها عن المخدرات ومخاطرها بدلا من الاكتفاء بتوعيتهم عن الانترنت وسوء استخدامه او الاثار الصحية للسجائر وغيرها من السلوكيات الخاطئة.

الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي حذر ما اسماه بالجرائم العائلية التي تقع ضمن نطاق الاسرة عازيا حدوثها الى اسباب عديدة منها التقصير على الصعيد الاجتماعي الضيق وانفصال الشخص المرتكب لهذه الجرائم عن الواقع الانساني وادمانه على انواع خطيرة من المخدرات منها ما يسمى الجوكر معتبرا ان انتشارها بين الشباب بات واضحا.

وطالب الخزاعي الاسر بضرورة مراقبتها لابنائها حيث ان ثلث جرائم القتل بالاردن تقع داخل نطاق محيط الاسرة او العشيرةمما يدل على ان هناك تفككا اسريا وعدم متابعة وتربية الابناء بالشكل الصحيح.

ودعا الخزاعي الاسر والمؤسسات المعنية بشؤون الاسرة والتعليم التركيز على الجوانب الاجتماعية والتربية السليمة للاطفال والعمل على تعميق اواصر الحوار والثقة داخل الاسرة لتبقى ابواب الحوار قائمة مشددا على اهمية رقابة الابناء وخاصة الاطفال الذين لهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي لا تتناسب مع اعمارهم وتعرضهم لمعلومات لا تتناسب مع اعمارهم.

وبين ان المخدرات باتت في متناول اليد حتى الاطفال منهم ما يعتبر مؤشرا خطيرا لا بد من الوقوف امامه ومعرفة اسبابه ومواجهته بكافة الوسائل.

مستشار الطب الشرعي والخبير في مواجهة العنف الدكتور هاني جهشان قال ان الجريمة تتطلب لاتمامها ان يكون هناك دافع للقتل يتبعه التخطيط وظروف تسمح بالتنفيذ وسياق يوفر اداة الجريمة ومكانها وقدرة على التنفيذ مرتبطة مباشرة بماهية العلاقة ما بين الجاني والمجني عليه.

واشار الى ان هناك شيوعا للامراض والاضطرابات النفسية والادمان وضعف الاستجابة لها على المستوى الوطني بالوقاية وتوفير الخدمات العلاجية والتاهيلية وبالعمل على تطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي وذلك يشمل الاطفال الاطفال اقل من عمر 18 عاما حيث لا يوجد جهة حكومية تقدم الرعاية الطبية النفسية لهم.

ويرى جهشان ان هناك مسؤولية تقع على عاتق وزارة التنمية الاجتماعية التي وصفها بانها لا تزال متعثرة ببرامج الوقاية وتغير الاتجاهات السلبية بالمجتمع المتعلقة بالعنف اضافة الى ضعف مزمن لبرامج الاستجابة للعنف الاسري والتي تتفاقم وتتكرر ليصاحبها جرائم قتل اسري.

وبين ان هناك غيابا واضحا لاي جهة تتحمل مسؤولية علاج وتاهيل الاطفال مرتكبي الجرائم « الاحداث « بشكل متكامل من الناحية النفسية والاجتماعية علما بان الابحاث تشير الى احتمال نجاح برامج تاهيلهم اذا تمت في وقت مبكر والوقاية من ارتكابهم للجرائم ومنها القتل عند تعديهم مرحلة الطفولة.

واشار جهشان الى ان وزارة الداخلية لها مسؤولية تتمثل في غياب السيطرة على شيوع ادوات ارتكاب جرائم القتل وخاصة الاسلحة النارية الصغيرة من الناحية التشريعية والتنفيذية وعدم اعطاء اولوية لمواجهة الاتجار بالسلاح بالسوق السوداء.

اضافة الى شيوع تعاطي والاتجار بالمخدرات باشكالها وخاصة العقاقير الطبية والمخدرات الرخيصة الثمن المصنعة محليا وشيوع فكرة ان الاردن لا يزال مجرد ممر للمخدرات وليس منتجا او مستهلكا لها مشيرا الى ان الترويج والاقتناع بهذه الفكرة يؤدي الى ضعف الرقابة من قبل الاهل والمدرسة ومؤسسات المجتمع على الاطفال والابناء.

واوضح ان مسؤولية مجلس النواب تتمثل في الفجوة بالتشريعات التي لا تزال تسمح بالافلات من العقاب وخاصة جرائم قتل النساء والاطفال داخل الاسرة والمتعلقة باسقاط الحق الشخصي مؤكدا ان الجميع يتحمل المسؤولية خاصة في مجال التوعية التي يجب ان تكون مستمرة ولا ترتبط بحدث معين فقط خاصة في ظل تبعثر المسؤوليات ما بين الجهات المعنية.

ويرى اخصائيون اجتماعيون ان شكل التوعية الموجهة للابناء اصبحت متغيرة تتطلب وعي الاسر بالتحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع والتي بناء عليها يتم التعامل مع الابناء.

واشاروا الى ان المراقبة والتوعية يجب الا تقتصر فقط على فترة معينة او انية ترتبط بوقوع جريمة ما او حدث بالمجتمع بل هي يجب ان تكون مستمرة بداياتها بضبط استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي وعدم السماح بها للاطفال خاصة في ظل انتشارها بين طلبة المدارس بشكل كبير وهم في اعمار صغيرة متسائلين كيف يمكن لطالب بالصف الاول ان يكون لها حساب على الفيس بوك مما يعتبر مؤشرا واضحا على تراخي الاسرة في تنشئة اطفالهم وحمايتهم من مخاطر كبيرة تبدا من داخل الاسرة بداية...

ويبقى « الجوكر « الذي باتت التحذيرات منه باعلى مستوياتها الان اسما غريبا على الاسر واطفالها لم يتم تداوله الا بعد وقوع جريمة طبربور لتجد الاسر نفسها مجبرة على تحذير ابنائها بشانه لانه يقف وراء هذه الجريمة البشعة فان كان الجوكر والمخدرات باشكالها تجد من يروج لها ويقوم ببيعها وان اختلفت مسمياتها فلماذا يتم الانتظار للحديث عنها وعن مخاطرها وما يمكن ان تؤديه في حال تعاطيها لحين وقوع جرائم كهذه ام ان الاختفاء وراء الامراض النفسية سيبقى مبررا لشيوع جرائم بالمجتمع في حين ان الحال غير مرتبط فقط بالامراض النفسية وضغوطات الحياة.

الراي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :