خطة الثنائي اللعوب «بلينكن ـ سوليفان» تضغط على «الأعصاب الأردنية»
عمان جو - بسام البدارين - تضغط الخطة اليتيمة مرحلياً لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ورفيقه مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، على الأعصاب الحيوية للخيارات الأردنية حصراً وبشدة غير معهودة، مما جعل الزيارة المهمة جداً التي قام بها العاهل الملك عبد الله الثاني مؤخراً إلى واشنطن في إحدى تجلياتها الباطنية أقرب إلى محاولة لتفكيك الحصار الذي يفرضه منطق أو خطة الثنائي بلينكن – سوليفان على المؤسسة الأردنية.
أولويات بلينكن -في رأي السياسي والبرلماني الأردني المخضرم الدكتور ممدوح العبادي – لا يمكنها أن تنسجم في النهاية إلا مع مصلحة العدو الإسرائيلي، لا بل المثير في مقاربات نخب سياسية أردنية أن أولويات بلينكن مهتمة حصراً بإنزال بنيامين نتنياهو عن شجرة الأزمة المتعددة التي علق فوقها في الداخل والإقليم والخارج.
وبلغة العبادي وغيره، فإن مسار التكيف وبصرف النظر عن طبيعة وقوة الضغوطات من أجل إرضاء بلينكن وسوليفان المؤثرين الأكثر نشاطاً مرحلياً في معادلات الرئيس جو بايدن، يعني على نحو أو آخر ليس تورط الثوابت الأردنية المعلنة فقط، ولكن الاستسلام بالمقابل لكمائن التكيف وأخطاره؛ بمعنى التبرع بخدمة أجندة اليمين الإسرائيلي الذي وصفه وزير البلاط الأسبق والخبير الدكتور مروان المعشر بأنه يمثل نخبة لا تعترف بالأردن أصلاً لا عقائدياً ولا جغرافياً ولا سياسياً.
أعصاب مشدودة
في كل حال، وفي الخلاصة، الأعصاب الأردنية السياسية المشدودة الآن تتجول بقدر من الاسترخاء أحياناً والانفعال أحياناً أخرى وسط كمائن ترتيبات الثنائي الأمريكي الذي يحمل خطة يتيمة فكرتها المزيد من اتفاقيات السلام الإبراهيمية وإثبات نظرية نتنياهو بعدم الحاجة لإقامة دولة فلسطينية حتى ينجز التطبيع مع الجوار العربي. ملامح خطة بلينكن واستناداً إلى مصادر أمريكية وأردنية مطلعة على التفاصيل، واضحة المعالم لدى غرفة القرار العميق في عمان، لكن زوايا الخيارات ضيقة جداً، والجديد أن الوقت يمضي ويقترب من أجندة مؤتمر النقب 2 في مملكة المغرب زمنياً دون أن يتوفر في بورصة المشاريع والاتجاهات الأمريكية إلا تلك الخطة التي تتعارض وتتصادم أحياناً مع أولويات الأردن.
والجديد أيضاً إصرار عجيب من بلينكن على حضور الأردن لمؤتمر النقب 2 وهو إصرار مرتبط بما يصطدم مع المصالح الأردنية في العمق بخصوص إضعاف الدور الإقليمي للأردن تحت يافطة الاتفاقيات الإبراهيمية، التي تستمر وتتواصل خلافاً لرغبة الدولة الأردنية من دون أفق سياسي أو حل سياسي، وحتى من دون عملية لها علاقة بالصراع الذي يستمر متلاعباً بالمصالح الأساسية الحيوية على أكتاف الجغرافيا السياسية وفي جوار حوض نهر الأردن.
الوزير بلينكن مهتم بوضوح، ولو بتمثيل أردني رمزي، بمؤتمر النقب، وعمان قالت بشكل أوضح إنها لا تستطيع الحضور بدون تمثيل فلسطيني على نفس الطاولة. وعندما زار نتنياهو عمان، استمع إلى إفصاح مباشر من القيادة الأردنية قوامه التأكيد على العودة للمفاوضات ووجود أفق سياسي لحل الصراع بالتلازم مع التفكير بورشة العمل الاقتصادية الإقليمية.
بلينكن وفي التحفظ الأردني على المستوى العميق، يدعم الوصاية في القدس وبما يسمى بالأمر الواقع التاريخي، لكنه خلافاً لرئيس جهاز الاستخبارات وليام بيرنز، كما اتضح لاحقاً في غرفة العمليات الدبلوماسية، لا يهتم كثيراً باحتياجات الاقتصاد الأردني من مؤتمر النقب 2 بعد مؤتمري النقب 1 والمنامة.
وهو بالمواصفة الأردنية لا يبدو معنياً بالوضع الاقتصادي والمعيشي الحساس بالأردن، ويصر على دور أردني في إعادة تأهيل المنظومة الأمنية الفلسطينية تحت مسمى مكافحة الإرهاب ضد إسرائيل دون أدنى حساب لحساسيات مثل هذا المسار وانعكاساته على المصالح المفصلية الأردنية، سواء في الضفة الغربية أو حتى داخل الأردن حيث مكون اجتماعي عريض وكبير جداً من الفلسطينيين، وحيث توجد أكبر كتلة من اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
سخط وغضب
وما تلاحظه الغرفة الأردنية عموماً أن بلينكن على نعومته وتكراره اللفظي لخيار حل الدولتين ومجاملته للأردن بخصوص ملف القدس والمسجد الأقصى، لا يرغب في الإصغاء إلى تلك التحذيرات الرسمية التي قيلت له خلف الستار بخصوص حساسيات انعكاس الضغط من أجل مسار التكيف أردنياً على الوضع الداخلي شرقي النهر، حيث سخط وغضب في أوساط العشائر، ووضع اقتصادي ومعيشي صعب للأردنيين، وميزانية مالية مرهقة، وإلحاح مقابل كل ذلك من الثنائي الأمريكي سوليفان وبلينكن على أن تقوم عمان بدورها في إطار خطة دبلوماسية للتهدئة والتركيز الأمني تسقط من حساباتها عناصر مقلقة وخطرة في القياسات الأردنية والأمنية السياسية.
تلاعب عمان بهدوء وبدون ضجيج مسار التكيف الذي يرسمه بلينكن وسولفيان أملاً في احتواء أي خسائر أو أخطار. لكن تلك الأخطار حقيقة واضحة اليوم في رأي سياسيين متابعين من بينهم طاهر المصري والمعشر، وإن ملامسة الجزء الأمني في سعي بلينكن وطاقمه لحل مشكلة إسرائيل مجازفة كبرى برأي العبادي إذا ما تورط الأردني الذي ينبغي له أن يطالب الإسرائيلي بحل مشكلاته. عملياً، أفقدت اتفاقيات إبراهام الأردن هامش مناورة متميزاً وتاريخياً في القضية الفلسطينية، وما يفعله بلينكن حصراً هو الدفع بالأردن باتجاه المزيد من الخسائر.
وخطورة ما يحصل أنه يحصل على الأرض اليوم دبلوماسياً وسياسياً، ولاحقاً أمنياً، دون حتى ظهور أي شغف عند بلينكن بأفق أو حل سياسي، لأن خطته الوحيدة واليتيمة بعد توقيع اتفاقية مع السودان هي توسيع الإطار الإبراهيمي وضم السعودية للسياق لاحقاً، وينظر الجانب الأمريكي الدبلوماسي هنا وهو يضغط على الأردن لمؤتمر النقب في نسخته المغربية باعتباره محطة مهمة في هذا السياق.
«القدس العربي»
أولويات بلينكن -في رأي السياسي والبرلماني الأردني المخضرم الدكتور ممدوح العبادي – لا يمكنها أن تنسجم في النهاية إلا مع مصلحة العدو الإسرائيلي، لا بل المثير في مقاربات نخب سياسية أردنية أن أولويات بلينكن مهتمة حصراً بإنزال بنيامين نتنياهو عن شجرة الأزمة المتعددة التي علق فوقها في الداخل والإقليم والخارج.
وبلغة العبادي وغيره، فإن مسار التكيف وبصرف النظر عن طبيعة وقوة الضغوطات من أجل إرضاء بلينكن وسوليفان المؤثرين الأكثر نشاطاً مرحلياً في معادلات الرئيس جو بايدن، يعني على نحو أو آخر ليس تورط الثوابت الأردنية المعلنة فقط، ولكن الاستسلام بالمقابل لكمائن التكيف وأخطاره؛ بمعنى التبرع بخدمة أجندة اليمين الإسرائيلي الذي وصفه وزير البلاط الأسبق والخبير الدكتور مروان المعشر بأنه يمثل نخبة لا تعترف بالأردن أصلاً لا عقائدياً ولا جغرافياً ولا سياسياً.
أعصاب مشدودة
في كل حال، وفي الخلاصة، الأعصاب الأردنية السياسية المشدودة الآن تتجول بقدر من الاسترخاء أحياناً والانفعال أحياناً أخرى وسط كمائن ترتيبات الثنائي الأمريكي الذي يحمل خطة يتيمة فكرتها المزيد من اتفاقيات السلام الإبراهيمية وإثبات نظرية نتنياهو بعدم الحاجة لإقامة دولة فلسطينية حتى ينجز التطبيع مع الجوار العربي. ملامح خطة بلينكن واستناداً إلى مصادر أمريكية وأردنية مطلعة على التفاصيل، واضحة المعالم لدى غرفة القرار العميق في عمان، لكن زوايا الخيارات ضيقة جداً، والجديد أن الوقت يمضي ويقترب من أجندة مؤتمر النقب 2 في مملكة المغرب زمنياً دون أن يتوفر في بورصة المشاريع والاتجاهات الأمريكية إلا تلك الخطة التي تتعارض وتتصادم أحياناً مع أولويات الأردن.
والجديد أيضاً إصرار عجيب من بلينكن على حضور الأردن لمؤتمر النقب 2 وهو إصرار مرتبط بما يصطدم مع المصالح الأردنية في العمق بخصوص إضعاف الدور الإقليمي للأردن تحت يافطة الاتفاقيات الإبراهيمية، التي تستمر وتتواصل خلافاً لرغبة الدولة الأردنية من دون أفق سياسي أو حل سياسي، وحتى من دون عملية لها علاقة بالصراع الذي يستمر متلاعباً بالمصالح الأساسية الحيوية على أكتاف الجغرافيا السياسية وفي جوار حوض نهر الأردن.
الوزير بلينكن مهتم بوضوح، ولو بتمثيل أردني رمزي، بمؤتمر النقب، وعمان قالت بشكل أوضح إنها لا تستطيع الحضور بدون تمثيل فلسطيني على نفس الطاولة. وعندما زار نتنياهو عمان، استمع إلى إفصاح مباشر من القيادة الأردنية قوامه التأكيد على العودة للمفاوضات ووجود أفق سياسي لحل الصراع بالتلازم مع التفكير بورشة العمل الاقتصادية الإقليمية.
بلينكن وفي التحفظ الأردني على المستوى العميق، يدعم الوصاية في القدس وبما يسمى بالأمر الواقع التاريخي، لكنه خلافاً لرئيس جهاز الاستخبارات وليام بيرنز، كما اتضح لاحقاً في غرفة العمليات الدبلوماسية، لا يهتم كثيراً باحتياجات الاقتصاد الأردني من مؤتمر النقب 2 بعد مؤتمري النقب 1 والمنامة.
وهو بالمواصفة الأردنية لا يبدو معنياً بالوضع الاقتصادي والمعيشي الحساس بالأردن، ويصر على دور أردني في إعادة تأهيل المنظومة الأمنية الفلسطينية تحت مسمى مكافحة الإرهاب ضد إسرائيل دون أدنى حساب لحساسيات مثل هذا المسار وانعكاساته على المصالح المفصلية الأردنية، سواء في الضفة الغربية أو حتى داخل الأردن حيث مكون اجتماعي عريض وكبير جداً من الفلسطينيين، وحيث توجد أكبر كتلة من اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
سخط وغضب
وما تلاحظه الغرفة الأردنية عموماً أن بلينكن على نعومته وتكراره اللفظي لخيار حل الدولتين ومجاملته للأردن بخصوص ملف القدس والمسجد الأقصى، لا يرغب في الإصغاء إلى تلك التحذيرات الرسمية التي قيلت له خلف الستار بخصوص حساسيات انعكاس الضغط من أجل مسار التكيف أردنياً على الوضع الداخلي شرقي النهر، حيث سخط وغضب في أوساط العشائر، ووضع اقتصادي ومعيشي صعب للأردنيين، وميزانية مالية مرهقة، وإلحاح مقابل كل ذلك من الثنائي الأمريكي سوليفان وبلينكن على أن تقوم عمان بدورها في إطار خطة دبلوماسية للتهدئة والتركيز الأمني تسقط من حساباتها عناصر مقلقة وخطرة في القياسات الأردنية والأمنية السياسية.
تلاعب عمان بهدوء وبدون ضجيج مسار التكيف الذي يرسمه بلينكن وسولفيان أملاً في احتواء أي خسائر أو أخطار. لكن تلك الأخطار حقيقة واضحة اليوم في رأي سياسيين متابعين من بينهم طاهر المصري والمعشر، وإن ملامسة الجزء الأمني في سعي بلينكن وطاقمه لحل مشكلة إسرائيل مجازفة كبرى برأي العبادي إذا ما تورط الأردني الذي ينبغي له أن يطالب الإسرائيلي بحل مشكلاته. عملياً، أفقدت اتفاقيات إبراهام الأردن هامش مناورة متميزاً وتاريخياً في القضية الفلسطينية، وما يفعله بلينكن حصراً هو الدفع بالأردن باتجاه المزيد من الخسائر.
وخطورة ما يحصل أنه يحصل على الأرض اليوم دبلوماسياً وسياسياً، ولاحقاً أمنياً، دون حتى ظهور أي شغف عند بلينكن بأفق أو حل سياسي، لأن خطته الوحيدة واليتيمة بعد توقيع اتفاقية مع السودان هي توسيع الإطار الإبراهيمي وضم السعودية للسياق لاحقاً، وينظر الجانب الأمريكي الدبلوماسي هنا وهو يضغط على الأردن لمؤتمر النقب في نسخته المغربية باعتباره محطة مهمة في هذا السياق.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات