الأردن في معادلة «الجيران» بعد الزلزال: الأسد والسوداني واردوغان دون إيران وقبل المغرب و«النقب 2»
عمان جو - بسام البدارين - تواصل أكثر وأكبر مع الرئيس السوري بشار الأسد، وإيفاد وزير الخارجية إلى أنقرة ودمشق تحت عنوان “التضامن”. وثالثاً البحث عبر البنك المركزي الأردني عن طريقة بصيغة ما لمساعدة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الأمريكيين في أزمة الدولار.
تلك باختصار ثلاثية الحراك الدبلوماسي الشعبي والرسمي الأردنية التي برزت بكثافة مؤخراً ضمن معادلة لا يبدو أنها قائمة على الصدفة، ولها أهداف تكتيكية بالقطعة والتقسيط يمكن أن تنتهي بتسجيل أهداف أعمق قليلاً ضمن محور الاشتباك والاستجابة والتنويع بدلاً من البقاء في دائرة “مخاطر تداعيات القضية الفلسطينية” مرحلياً.
الأردنيون عموماً في حالة هوس تراقب الخطوة التالية للحكومة في الترتيب الإقليمي الأمريكي وعلى أساس مشاهدة البوصلة وهي تجيب على السؤال التالي: هل نقاطع لقاء “النقب 2” كما فعلنا مع لقاء “النقب 1″؟.
خيارات الأردن
الإجابة وبصرف النظر عن طبيعتها التسييسية يبدو أن الجميع ينتظرها بشغف، لكن الانطباع أن الحراك الدبلوماسي النشط مؤخراً على هامشي التفاعل مع حكومة العراق الجديدة والإغاثة الإنسانية مع تركيا وسوريا، قد يوفر أرضية للتحدث عن تفعيل ما يبقي الأردن في إطار التوازنات الإقليمية، فالعلاقات مع مصر متقدمة وتنسيقية بالتفاصيل، والعلاقات مع الإمارات فيها قدر كبير من لغط التبعية.
لكن العلاقات مع قطر تتحسن، ومع السعودية معادلتها صفرية حيث لا تتحسن ولا تتراجع وحيث لا اتصالات رفيعة للعام الثاني، مع العلم بالتقدم خطوات نحو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
في المعادلة الإقليمية للبوصلة الأردنية يمكن ملاحظة تطور لافت في المسار، حيث تعتقد عمان بأنها تستطيع الالتفاف على محطة النفوذ الإيراني في العراق إذا ما استثمرت جيداً في سعي السوداني ورفاقه من أركان البيت الشيعي لتنشيط التواصل مع الجوار السني.
والاستثمار الأردني هنا قد يفقد رهاناته، لكن فكرته أن حاجة السوداني والداعمين له من كبار الشيعة العراقيين لإظهار قدر من الاستقلالية عن النفوذ الإيراني حصراً، يمكن أن تغير في المعادلة القديمة القائلة بأن مصالح الأردن في السوق العراقية تواجه الحائط الصاد دوماً بعنوان إرسال سفير وتحسين العلاقات مع طهران.
ثمة من يرى ذلك في مسار الوهم الدبلوماسي، وثمة من يراه تكتيكاً منتجاً لا يكلف المملكة خطوات تطبيعية قوية مع الإيرانيين ما داموا هدفاً للولايات المتحدة وللإسرائيليين اليوم، وما دام طاقم السوداني وحلفاؤه يمارسون الانفتاح مجاناً وبدون قيود وشروط على الأردن، ضمن المعادلة التي اقترحها باسم الدبلوماسية الشعبية والبرلمانية رئيس مجلس النواب الأردن بعنوان “رابح رابح”.
ما فهمته “القدس العربي” مباشرة من الصفدي أن الشراكة ستكون أصلب مع العراق في معادلة تبادل المنافع بدلاً من اتكاء أي طرف على الآخر، لكن الاستفادة المنتجة من الشراكة مع العراقيين تحتاج -برأي البرلماني الأردني والخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك- إلى جاهزية أفضل من جهة القطاعات الأردنية وإعادة قراءة بعض الأخطاء التكتيكية أو الإدارية في الماضي.
يبدو هنا في حال البقاء ولو من زاوية التحليل ضمن مسار فهم البوصلة الأردنية الإقليمية، أن عمان تظهر مقتنعة بأن مساعدة بغداد باحتواء تداعيات خطرة لأزمة الدولار تحديداً بسب قيود السلطات الفدرالية الأمريكية على بنوك العراق هي مجال حيوي لبناء شراكة وصداقة تبرر في العمق اهتمام البنك المركزي الأردني بالمسألة اليوم دون الاضطرار للعودة إلى سؤال إيران المتكرر والعلاقات معها.
قد ينجح ذلك الأسلوب وقد لا يفعل، لكن المؤسسة الأردنية تقترح صيغة متحررة أكثر من القيود الأمريكية عندما يتعلق الأمر بالجار السوري حصراً، فوزير الخارجية أيمن الصفدي الذي لا يحبه السوريون بالعادة وسبق لهم أن انتقدوه هو الذي يتولى الخطوة الأولى بعد زيارة دمشق في طي صفحة خلاف الجيران، وعمان تبدأ خطوات وصفها إيجابياً الناشط السياسي طارق خوري بأنها تعبير عن كسر الجليد.
وهي خطوات عنواها العريض الإغاثة والتضامن والمساعدة الإنسانية بعد الزلزال، لكن عنوانها الأبعد قليلاً تفكيك الحصار الذي تفرضه تطبيقات السفارة الأمريكية في عمان على حركة الاستيراد والتصدير على الحدود الأردنية السورية، فيما اتصال هاتفي بين الملك عبد الله الثاني والرئيس بشار الأسد كان قد مهد الأرضية أساساً أمام استعادة فكرة التصرف كجيران، وبالتوازي الزيارة التضامنية أيضاً التي يقوم بها الوزير الصفدي إلى تركيا في السياق نفسه.
فك وتركيب
وعملية الفك والتركيب في التواصل الدبلوماسي أردنياً مع بعض الجيران وليس كلهم، تأخذ باعتبارها حالة الصراع والهواجس والخلاف مع أسوأ جيران الأردن اليوم في إسرائيل وطاقمها اليميني المتشدد الذي يدير حكومة تل أبيب، فيما الضغط العنيف على الأردن في جزئية حضور النقب 2 بدون الفلسطينيين أو معهم يشكل اليوم أداة لقياس اختبارات في غاية الأهمية، أكثرها عمقاً وتأثيراً معرفة المسافة التي يمكن أن ينسجم فيها الموقفان الرسمي والشعبي في الأردن، في سياق تفعيلات التكيف أو الممانعة أو المداعبة السياسية لما تعنيه اجتماعات النقب 2، والاصطدام أردنياً ببرنامج التهدئة الأمريكي في الأرض المحتلة ثم التعاون الاقتصادي بدون أفق سياسي.
معادلة الجيران الأردنية يعاد إنتاجها بوضوح اليوم عندما يتعلق الأمر بالعراق وسوريا وتركيا. والمذكرة الذكية التي تبناها القطب البرلماني الأردني خليل عطية وتم توقيعها من عدة نواب أمس الأربعاء في سياق الضغط من أجل تفكيك الحصار على الشعب السوري، تقول الكثير في التقاط المفارقة واللحظة.
تلك المذكرة تطالب حكومة الأردن بالتحرك ضمن المحاور التي تفرض العقوبات لإنهاء الحصار الاقتصادي على الشعب السوري في استثمار لتخفيف آثار الزلزال بعدما ثبت أن نظام العقوبات جريمة ضد الإنسانية.
في الخلاصة، يمكن ببساطة رصد حراك نشط بدلالات سياسية أعمق وبناء على قواعد اشتباك جديدة عند الأردنيين فرضتها فيما يبدو مفاعيل المشهد اليميني الإسرائيلي في الوقت الذي ما زالت فيه بعض الأمور عالقة.
«القدس العربي»
تلك باختصار ثلاثية الحراك الدبلوماسي الشعبي والرسمي الأردنية التي برزت بكثافة مؤخراً ضمن معادلة لا يبدو أنها قائمة على الصدفة، ولها أهداف تكتيكية بالقطعة والتقسيط يمكن أن تنتهي بتسجيل أهداف أعمق قليلاً ضمن محور الاشتباك والاستجابة والتنويع بدلاً من البقاء في دائرة “مخاطر تداعيات القضية الفلسطينية” مرحلياً.
الأردنيون عموماً في حالة هوس تراقب الخطوة التالية للحكومة في الترتيب الإقليمي الأمريكي وعلى أساس مشاهدة البوصلة وهي تجيب على السؤال التالي: هل نقاطع لقاء “النقب 2” كما فعلنا مع لقاء “النقب 1″؟.
خيارات الأردن
الإجابة وبصرف النظر عن طبيعتها التسييسية يبدو أن الجميع ينتظرها بشغف، لكن الانطباع أن الحراك الدبلوماسي النشط مؤخراً على هامشي التفاعل مع حكومة العراق الجديدة والإغاثة الإنسانية مع تركيا وسوريا، قد يوفر أرضية للتحدث عن تفعيل ما يبقي الأردن في إطار التوازنات الإقليمية، فالعلاقات مع مصر متقدمة وتنسيقية بالتفاصيل، والعلاقات مع الإمارات فيها قدر كبير من لغط التبعية.
لكن العلاقات مع قطر تتحسن، ومع السعودية معادلتها صفرية حيث لا تتحسن ولا تتراجع وحيث لا اتصالات رفيعة للعام الثاني، مع العلم بالتقدم خطوات نحو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
في المعادلة الإقليمية للبوصلة الأردنية يمكن ملاحظة تطور لافت في المسار، حيث تعتقد عمان بأنها تستطيع الالتفاف على محطة النفوذ الإيراني في العراق إذا ما استثمرت جيداً في سعي السوداني ورفاقه من أركان البيت الشيعي لتنشيط التواصل مع الجوار السني.
والاستثمار الأردني هنا قد يفقد رهاناته، لكن فكرته أن حاجة السوداني والداعمين له من كبار الشيعة العراقيين لإظهار قدر من الاستقلالية عن النفوذ الإيراني حصراً، يمكن أن تغير في المعادلة القديمة القائلة بأن مصالح الأردن في السوق العراقية تواجه الحائط الصاد دوماً بعنوان إرسال سفير وتحسين العلاقات مع طهران.
ثمة من يرى ذلك في مسار الوهم الدبلوماسي، وثمة من يراه تكتيكاً منتجاً لا يكلف المملكة خطوات تطبيعية قوية مع الإيرانيين ما داموا هدفاً للولايات المتحدة وللإسرائيليين اليوم، وما دام طاقم السوداني وحلفاؤه يمارسون الانفتاح مجاناً وبدون قيود وشروط على الأردن، ضمن المعادلة التي اقترحها باسم الدبلوماسية الشعبية والبرلمانية رئيس مجلس النواب الأردن بعنوان “رابح رابح”.
ما فهمته “القدس العربي” مباشرة من الصفدي أن الشراكة ستكون أصلب مع العراق في معادلة تبادل المنافع بدلاً من اتكاء أي طرف على الآخر، لكن الاستفادة المنتجة من الشراكة مع العراقيين تحتاج -برأي البرلماني الأردني والخبير البارز الدكتور خير أبو صعليك- إلى جاهزية أفضل من جهة القطاعات الأردنية وإعادة قراءة بعض الأخطاء التكتيكية أو الإدارية في الماضي.
يبدو هنا في حال البقاء ولو من زاوية التحليل ضمن مسار فهم البوصلة الأردنية الإقليمية، أن عمان تظهر مقتنعة بأن مساعدة بغداد باحتواء تداعيات خطرة لأزمة الدولار تحديداً بسب قيود السلطات الفدرالية الأمريكية على بنوك العراق هي مجال حيوي لبناء شراكة وصداقة تبرر في العمق اهتمام البنك المركزي الأردني بالمسألة اليوم دون الاضطرار للعودة إلى سؤال إيران المتكرر والعلاقات معها.
قد ينجح ذلك الأسلوب وقد لا يفعل، لكن المؤسسة الأردنية تقترح صيغة متحررة أكثر من القيود الأمريكية عندما يتعلق الأمر بالجار السوري حصراً، فوزير الخارجية أيمن الصفدي الذي لا يحبه السوريون بالعادة وسبق لهم أن انتقدوه هو الذي يتولى الخطوة الأولى بعد زيارة دمشق في طي صفحة خلاف الجيران، وعمان تبدأ خطوات وصفها إيجابياً الناشط السياسي طارق خوري بأنها تعبير عن كسر الجليد.
وهي خطوات عنواها العريض الإغاثة والتضامن والمساعدة الإنسانية بعد الزلزال، لكن عنوانها الأبعد قليلاً تفكيك الحصار الذي تفرضه تطبيقات السفارة الأمريكية في عمان على حركة الاستيراد والتصدير على الحدود الأردنية السورية، فيما اتصال هاتفي بين الملك عبد الله الثاني والرئيس بشار الأسد كان قد مهد الأرضية أساساً أمام استعادة فكرة التصرف كجيران، وبالتوازي الزيارة التضامنية أيضاً التي يقوم بها الوزير الصفدي إلى تركيا في السياق نفسه.
فك وتركيب
وعملية الفك والتركيب في التواصل الدبلوماسي أردنياً مع بعض الجيران وليس كلهم، تأخذ باعتبارها حالة الصراع والهواجس والخلاف مع أسوأ جيران الأردن اليوم في إسرائيل وطاقمها اليميني المتشدد الذي يدير حكومة تل أبيب، فيما الضغط العنيف على الأردن في جزئية حضور النقب 2 بدون الفلسطينيين أو معهم يشكل اليوم أداة لقياس اختبارات في غاية الأهمية، أكثرها عمقاً وتأثيراً معرفة المسافة التي يمكن أن ينسجم فيها الموقفان الرسمي والشعبي في الأردن، في سياق تفعيلات التكيف أو الممانعة أو المداعبة السياسية لما تعنيه اجتماعات النقب 2، والاصطدام أردنياً ببرنامج التهدئة الأمريكي في الأرض المحتلة ثم التعاون الاقتصادي بدون أفق سياسي.
معادلة الجيران الأردنية يعاد إنتاجها بوضوح اليوم عندما يتعلق الأمر بالعراق وسوريا وتركيا. والمذكرة الذكية التي تبناها القطب البرلماني الأردني خليل عطية وتم توقيعها من عدة نواب أمس الأربعاء في سياق الضغط من أجل تفكيك الحصار على الشعب السوري، تقول الكثير في التقاط المفارقة واللحظة.
تلك المذكرة تطالب حكومة الأردن بالتحرك ضمن المحاور التي تفرض العقوبات لإنهاء الحصار الاقتصادي على الشعب السوري في استثمار لتخفيف آثار الزلزال بعدما ثبت أن نظام العقوبات جريمة ضد الإنسانية.
في الخلاصة، يمكن ببساطة رصد حراك نشط بدلالات سياسية أعمق وبناء على قواعد اشتباك جديدة عند الأردنيين فرضتها فيما يبدو مفاعيل المشهد اليميني الإسرائيلي في الوقت الذي ما زالت فيه بعض الأمور عالقة.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات