“مشكلات ما بعد العقبة”: “ذخيرة” في حضن “الإسلاميين”… نقد حاد لوزير الخارجية “المحتجب” ورقابة أكثر في الشارع
عمان جو - بسام البدارين -ماذا بعد العقبة؟ سؤال تبدو الإجابة عليه افتراضية طبعاً، لكنها سقطت مجدداً من حسابات صانع القرار الدبلوماسي في العاصمة الأردنية عمان، خصوصاً أن حكومة اليمين الإسرائيلي ردت فوراً على العقبة بحماية نشاطات إجرامية لمليشيات المستوطنين، ثم بما سمي مناورات للجيش الإسرائيلي أغلقت المدن الفلسطينية.
هنا حصراً، لا أساس سياسياً لأي حسابات يمكن أن توحي بأن قمة العقبة يمكنها المساهمة في ضبط الإعدادات الإسرائيلية حصراً، أما ضبط الإعدادات الفلسطينية فهي مسألة معقدة أكثر لأن من اجتمعوا في العقبة باسم السلطة الفلسطينية خارج التأثير، كما يصر السياسي الأردني المتابع والنشط مروان الفاعوري، ولأن الأطراف الأربعة في العقبة أيضاً ليست صاحبة قرار في الميدان.
الرهان في ترتيبات العقبة من زاوية أردنية على الأقل كان باتجاه استعادة ما يمكن استعادته من بناء الثقة بين المنظومتين الأمنيتين في السلطة وإسرائيل.
وذلك يعني تماماً ومباشرة التورط في الكمين القديم المتجدد بالرهان على ما يسمى ببقايا الدولة العميقة في الكيان، حيث يقر اليوم كل الساسة الأردنيين بأن منظومتي الجيش والأمن في طريق الابتلاع في بطن اليمين الإسرائيلي.
حضر جنرالات في المنظومة الإسرائيلية على طاولة العقبة، لكن الحسابات أسقطت الاعتبار القانوني وحتى الديمقراطي الإسرائيلي المفصوم، فمن حضر باسم الأمن الإسرائيلي وزيره المباشر إيتمار بني غفير ومن حضر باسم منظومة جيش الاحتلال مسؤوله المباشر وزير الدفاع في حكومة الائتلاف، وهو نفسه الوزير الذي أمر بالمناورة التي أغلقت مدن الضفة الغربية طوال نهار الأربعاء وتسببت بمزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، والأهم إرباك بقايا أجهزة الأمن الفلسطينية.
“أردنة” السؤال
هذا هو واقع الأمر، وفقاً للفاعوري وغيره من المراقبين الأردنيين اليوم، فمقولة أن اجتماعات العقبة ضمت أطرافاً لا قرار لها على الأرض هي التي تكرست قبل أي انطباع آخر. الأهم عند “أردنة” السؤال بالمعنى السياسي والوطني، مراقبة ما يحصل اليوم في الساحة الأردنية كنتيجة وتداعيات لاجتماع العقبة المثير للجدل.
الهجوم كان خشناً وقاسياً وبوضوح على وزير الخارجية أيمن الصفدي، مع أنه توارى عن الأنظار والاجتماعات البرلمانية والحكومية بسبب وعكة صحية، ومع أنه -برأي سياسيين كبار- لا يمثل نفسه في الحماسة لترتيبات العقبة أو النقب 2.
لكن واحدة من تجليات المشهد الأردني اليوم يعرفها الخبراء العميقون، فنشر مقالات وإصدار بيانات من قبل وزراء ومستشارين سابقين تناقش وزير الخارجية حصراً وتخضعه للمساءلة، وتطرح عليه بغيابه أسئلة لا جواب عنده عليها، إشارة متقدمة إلى أن الوزير الصفدي يستقبل سهام النقد والسؤال نيابة عن طاقم أكبر يقود مسار التكيف بتفصيلاته.
لذا، من هاجم اليوم قمة العقبة من المسؤولين السابقين وليس المعارضين أو الحراكيين، لا يبدو متفقاً مع بوصلة وزارة الخارجية أو حتى مع النهج المرتبط بإنكار أخطار مسار التكيف، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، الذي أعاد التحذير عبر “القدس العربي” عدة مرات من مغبة الاسترسال في إنكار أطماع اليمين الذي يحكم إسرائيل اليوم بالأردن دولة وشعباً.
مجدداً، الهجوم النخبوي والنقدي على وزير الخارجية ليس على شخصه بقدر ما هو على النهج، لكن في المشهد المحلي مباشرة بعد ساعات أو أيام قليلة من قمة العقبة الأمنية وهي تغادر سكتها المرسومة بسرعة عجيبة ما يفوق أهمية في البيت الداخلي اجتهادات التكيف هنا وهناك.
قد صدرت الأربعاء بالتوازي سلسلة إعلانات باسم الحركة الإسلامية الأردنية تعلن عن نشاطات شعبية ضمن برنامج تصعيدي في الشارع الآن وفي الأحياء والحارات والمساجد تحت عنوان التنديد بقمة العقبة والتضامن مع الشعب الفلسطيني والمقاومة.
يمكن وضع عشرات الخطوط أمام استخدام عبارة الحركة الإسلامية في تلك الدعوات الحراكية، لأن الإيحاء ضمني هنا بأن جماعة الإخوان المسلمين وليس حزب جبهة العمل الإسلامي فقط في المبادرة.
المعنى أن التيار الإسلامي وجد نفسه مضطراً ليس فقط للتباين مع الموقف الرسمي بعد احتضان اجتماع العقبة، ولكن العودة إلى لغة الشارع وعبر سلسلة اعتصامات وفعاليات محلية في المدن الكبرى تنطلق من المساجد بعد صلاة العشاء.
والإسلاميون و”العقبة”
بمعنى سياسي آخر، وفرت قمة العقبة واحتجاجاتها ذخيرة تعيد الإسلاميين برمتهم إلى الشارع والمساجد وصلوات العشاء اعتباراً من مساء الثلاثاء حتى ظهر الجمعة.
وهي ذخيرة من النوع الجاذب لقطاعات وشرائح واسعة من الشعب الأردني وتتغذى الفعاليات التي أعلن تنظيمها هنا على قصور غريب في الشرح والمتابعة وتقديم الرواية.
بكل حال، بسبب قمة العقبة غادرت التيارات الإسلامية الشعبوية حالة الكمون التكتيكي وتوفرت لها ذرائع منطقية بعد كمون اجتهد على مدار أشهر بضبط النفس وتجاهل العودة للشارع تحت يافطة الوضع المعيشي والاقتصادي، ومارد اللغة الحراكية بالنكهة الإخوانية هنا أخرجته مشاورات العقبة من القمقم.
لا أحد بالمقابل يستطيع التكهن بنهايات وتداعيات تجدد لغة الاعتصامات والشارع عبر الإسلامين أو غيرهم؛ لأن القمع هو الخيار الأمني، والمنع هنا يخدم المعارضة ويستقطب المزيد من الأردنيين المحتقنين.
تلك المناولة سياسية وإعلامية الطابع، جزء من تداعيات حرجة في الحالة الوطنية والشعبية الأردنية يمكن أن تصبح لاحقاً حرجة أكثر إذا ما استرسلت بوصلة القرار الدبلوماسي في مسارات التكيف بأصنافها.
المحظور يقع هنا عملياً، والنخب الرسمية في الانقسام بالتأكيد، ولم تجد المؤسسة بين الأعيان والنواب وحتى طبقة الوزراء من يخرج للرأي العام ليتحدث بجرأة عن تلك المكاسب لما سمي باختراق عبر اجتماع العقبة، وشمل ذلك حتى وزير الخارجية وهو يحتجب عن المسرح.
“القدس العربي”
هنا حصراً، لا أساس سياسياً لأي حسابات يمكن أن توحي بأن قمة العقبة يمكنها المساهمة في ضبط الإعدادات الإسرائيلية حصراً، أما ضبط الإعدادات الفلسطينية فهي مسألة معقدة أكثر لأن من اجتمعوا في العقبة باسم السلطة الفلسطينية خارج التأثير، كما يصر السياسي الأردني المتابع والنشط مروان الفاعوري، ولأن الأطراف الأربعة في العقبة أيضاً ليست صاحبة قرار في الميدان.
الرهان في ترتيبات العقبة من زاوية أردنية على الأقل كان باتجاه استعادة ما يمكن استعادته من بناء الثقة بين المنظومتين الأمنيتين في السلطة وإسرائيل.
وذلك يعني تماماً ومباشرة التورط في الكمين القديم المتجدد بالرهان على ما يسمى ببقايا الدولة العميقة في الكيان، حيث يقر اليوم كل الساسة الأردنيين بأن منظومتي الجيش والأمن في طريق الابتلاع في بطن اليمين الإسرائيلي.
حضر جنرالات في المنظومة الإسرائيلية على طاولة العقبة، لكن الحسابات أسقطت الاعتبار القانوني وحتى الديمقراطي الإسرائيلي المفصوم، فمن حضر باسم الأمن الإسرائيلي وزيره المباشر إيتمار بني غفير ومن حضر باسم منظومة جيش الاحتلال مسؤوله المباشر وزير الدفاع في حكومة الائتلاف، وهو نفسه الوزير الذي أمر بالمناورة التي أغلقت مدن الضفة الغربية طوال نهار الأربعاء وتسببت بمزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، والأهم إرباك بقايا أجهزة الأمن الفلسطينية.
“أردنة” السؤال
هذا هو واقع الأمر، وفقاً للفاعوري وغيره من المراقبين الأردنيين اليوم، فمقولة أن اجتماعات العقبة ضمت أطرافاً لا قرار لها على الأرض هي التي تكرست قبل أي انطباع آخر. الأهم عند “أردنة” السؤال بالمعنى السياسي والوطني، مراقبة ما يحصل اليوم في الساحة الأردنية كنتيجة وتداعيات لاجتماع العقبة المثير للجدل.
الهجوم كان خشناً وقاسياً وبوضوح على وزير الخارجية أيمن الصفدي، مع أنه توارى عن الأنظار والاجتماعات البرلمانية والحكومية بسبب وعكة صحية، ومع أنه -برأي سياسيين كبار- لا يمثل نفسه في الحماسة لترتيبات العقبة أو النقب 2.
لكن واحدة من تجليات المشهد الأردني اليوم يعرفها الخبراء العميقون، فنشر مقالات وإصدار بيانات من قبل وزراء ومستشارين سابقين تناقش وزير الخارجية حصراً وتخضعه للمساءلة، وتطرح عليه بغيابه أسئلة لا جواب عنده عليها، إشارة متقدمة إلى أن الوزير الصفدي يستقبل سهام النقد والسؤال نيابة عن طاقم أكبر يقود مسار التكيف بتفصيلاته.
لذا، من هاجم اليوم قمة العقبة من المسؤولين السابقين وليس المعارضين أو الحراكيين، لا يبدو متفقاً مع بوصلة وزارة الخارجية أو حتى مع النهج المرتبط بإنكار أخطار مسار التكيف، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، الذي أعاد التحذير عبر “القدس العربي” عدة مرات من مغبة الاسترسال في إنكار أطماع اليمين الذي يحكم إسرائيل اليوم بالأردن دولة وشعباً.
مجدداً، الهجوم النخبوي والنقدي على وزير الخارجية ليس على شخصه بقدر ما هو على النهج، لكن في المشهد المحلي مباشرة بعد ساعات أو أيام قليلة من قمة العقبة الأمنية وهي تغادر سكتها المرسومة بسرعة عجيبة ما يفوق أهمية في البيت الداخلي اجتهادات التكيف هنا وهناك.
قد صدرت الأربعاء بالتوازي سلسلة إعلانات باسم الحركة الإسلامية الأردنية تعلن عن نشاطات شعبية ضمن برنامج تصعيدي في الشارع الآن وفي الأحياء والحارات والمساجد تحت عنوان التنديد بقمة العقبة والتضامن مع الشعب الفلسطيني والمقاومة.
يمكن وضع عشرات الخطوط أمام استخدام عبارة الحركة الإسلامية في تلك الدعوات الحراكية، لأن الإيحاء ضمني هنا بأن جماعة الإخوان المسلمين وليس حزب جبهة العمل الإسلامي فقط في المبادرة.
المعنى أن التيار الإسلامي وجد نفسه مضطراً ليس فقط للتباين مع الموقف الرسمي بعد احتضان اجتماع العقبة، ولكن العودة إلى لغة الشارع وعبر سلسلة اعتصامات وفعاليات محلية في المدن الكبرى تنطلق من المساجد بعد صلاة العشاء.
والإسلاميون و”العقبة”
بمعنى سياسي آخر، وفرت قمة العقبة واحتجاجاتها ذخيرة تعيد الإسلاميين برمتهم إلى الشارع والمساجد وصلوات العشاء اعتباراً من مساء الثلاثاء حتى ظهر الجمعة.
وهي ذخيرة من النوع الجاذب لقطاعات وشرائح واسعة من الشعب الأردني وتتغذى الفعاليات التي أعلن تنظيمها هنا على قصور غريب في الشرح والمتابعة وتقديم الرواية.
بكل حال، بسبب قمة العقبة غادرت التيارات الإسلامية الشعبوية حالة الكمون التكتيكي وتوفرت لها ذرائع منطقية بعد كمون اجتهد على مدار أشهر بضبط النفس وتجاهل العودة للشارع تحت يافطة الوضع المعيشي والاقتصادي، ومارد اللغة الحراكية بالنكهة الإخوانية هنا أخرجته مشاورات العقبة من القمقم.
لا أحد بالمقابل يستطيع التكهن بنهايات وتداعيات تجدد لغة الاعتصامات والشارع عبر الإسلامين أو غيرهم؛ لأن القمع هو الخيار الأمني، والمنع هنا يخدم المعارضة ويستقطب المزيد من الأردنيين المحتقنين.
تلك المناولة سياسية وإعلامية الطابع، جزء من تداعيات حرجة في الحالة الوطنية والشعبية الأردنية يمكن أن تصبح لاحقاً حرجة أكثر إذا ما استرسلت بوصلة القرار الدبلوماسي في مسارات التكيف بأصنافها.
المحظور يقع هنا عملياً، والنخب الرسمية في الانقسام بالتأكيد، ولم تجد المؤسسة بين الأعيان والنواب وحتى طبقة الوزراء من يخرج للرأي العام ليتحدث بجرأة عن تلك المكاسب لما سمي باختراق عبر اجتماع العقبة، وشمل ذلك حتى وزير الخارجية وهو يحتجب عن المسرح.
“القدس العربي”
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات