«النكبة… القدس… المقاومة وحق العودة والشتات»: «فيتو» سياسي أردني أمام «الاستثمار والتوظيف»… لماذا؟
عمان جو - بسام البدارين - يبقى السؤال مجدداً أقرب إلى صيغة “لغز سياسي” يثير الحيرة عندما يتعلق الأمر بالمقاربة البيروقراطية الأردنية التي ترتاب في لحظات لها علاقة برغبة اللاجئين الفلسطينيين من الأردنيين بالتعبير عن هويتهم وأولوياتهم.
حصل الأمر مجدداً في مخيم البقعة نهاية الأسبوع الماضي عندما تدخلت السلطات الإدارية في وزارة الداخلية لمنع ما وصفه نشطاء من المخيم تحدثوا لـ”القدس العربي” بأنه نشاط أو “فعالية منسقة” فيها حضور رمزي لبعض أبناء مخيمات بهدف إحياء الذكرى 75 للنكبة.
لم تقل الحكومة الأردنية شيئاً بالخصوص، ولم تعرف بعد طبيعة تلك المقاربة التي تجعل من الارتياب بنشاط رمزي يصدر صوتاً ينسجم تماماً مع الموقف الرسمي الأردني وثوابت المعادلة الأردنية في أوساط المخيمات. تلك قصة بطبيعة الحال قديمة، فبعض السياسات التي تنتهجها الحكومة عندما يتعلق الأمر بتعبير اللاجئين حصراً عن جذور هويتهم الفلسطينية غير مفهومة أو غامضة.
وبالحد الأدنى، في بعض المفاصل لا تتفق أو تتسق مع العناصر المعلنة في الموقف الرسمي للأردن سواء فيما يتعلق بحقوق التعويض والعودة أو فيما يتعلق بفهم وقراءة النكبة نفسها، أو أيضاً فيما يتعلق بالسعي الجماهيري الأردني والشعبوي والتضامن مع أهل القدس. كثيرة هي تلك الألغاز في العلاقة الاشتباكية مع القضايا الفلسطينية الأساسية في مسيرة السلطات الرسمية الأردنية. لكن إجراءات أمنية فقط يمكن فهمها في بعض التفاصيل، ويمكن اعتبارها جزءاً من منظومة تعزيز وحماية أمن واستقرار المجتمع.
لكن في مفاصل موازية لا بد للمقاربة البيروقراطية أن تتطور في اتجاه ديناميكي أكثر حتى يعبر الأردنيون -كما يقول القطب البرلماني البارز صالح العرموطي- عن هويتهم بمختلف تكويناتهم ومكوناتهم الاجتماعية.
برأي العرموطي الذي سمعته سابقاً عدة مرات “القدس العربي”، لا مبرر للامتناع عن الإصغاء رسمياً لإيقاع وموقف الشعب الأردني بخصوص طبيعة العلاقة مع فصائل المقاومة التي تمثل أغلبية الشعب الفلسطيني والعنصر الفاعل حتى في التوازن الإقليمي. ولا مبرر لبقاء العلاقة مع تيارات المقاومة التي ترفع شعارات وثوابت الدولة الأردنية في نهاية المطاف مجمدة أو نادرة أو مبرمجة على صدف تحصل هنا وهناك.
واحدة من المقاربات غير المفهومة في الموقف الرسمي أيضاً هي تلك التي تفضل بين الحين والآخر بيروقراطياً إبعاد أو عدم ترخيص أو الامتناع عن ترخيص أي نشاط يهتف شعبياً باسم القدس والمسجد الأقصى بصيغة جماهيرية حاشدة، رغم أن هذه النشاطات التي منعت أكثر من مرة كانت مبرمجة تماماً لصالح أو على إيقاع الوصاية الهاشمية الأردنية.
المقاربة بالتوازي غير مفهومة فيما يختص بملف أو ورقة استخدام كتلة اللاجئين الضخمة من المواطنين الأردنيين. وهؤلاء يمكن للدولة الأردنية أن تستثمر نشاطاتهم وفعالياتهم ولو من باب إيصال الرسائل ليس للإسرائيليين فقط، ولكن للمجتمع الدولي.
لا تفعل الحكومات الأردنية المتعاقبة ذلك لسبب أغلب الظن أنه مرتبط بقواعد الاشتباك التي تعتبر مسألة الحراك الوطني في مخيمات اللاجئين الأردنية في الأصل ملفاً يقرأ من زاوية أمنية وليست “تسييسية”.
حتى بعض الشخصيات المتصدرة في جهود المقاومة الاحتلال وخططه ضد الوصاية الهاشمية في المسجد الأقصى لا تحظى بالرعاية الرسمية اللازمة.
وأكثر من سياسي وبرلماني أردني طرح استفساراً علنياً عن الأسباب التي تمنع وزارة الأوقاف من بناء كيمياء مع شخصية أو مجموعة بارزة في القدس ورمزية وطنية ودينية مهمة يمثلها الشيخ عكرمة صبري، الذي يظهر في عمان كثيراً لكن في أوساط عشائرها وأهلها وليس أوساط وزرائها أو نخبها.
اجتمعت “القدس العربي” بالشيخ صبري عدة مرات، واحتفظ الرجل بسؤال يستفسر عن مبررات “القطيعة البيروقراطية”. وغير مفهوم أيضاً لماذا لا تستعين السلطات الحكومية الأردنية بالشارع الأردني بمختلف تلاوينه ومكوناته في مواجهة خطط اليمين الإسرائيلي التي تعلن عبر الخارطة الشهيرة لبتسليئيل سموتريتش مثلاً بأن شرق الأردن جزء من إسرائيل الكبرى. تتحول مثل هذه الأسئلة إلى مفارقات، وتلك المفارقات سرعان ما تقود إلى ألغاز غير مفهومة وأحياناً غير مهضومة.
الأردن في المقاربة السياسية والتحالفية الإقليمية مطالب كما صرح عدة مرات وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، بالاستدارة الحقيقية المنطقية لحماية مصالحه؛ إن لم يكن من باب الانسجام مع مواقف الشعب نفسه فمن زاوية قراءة التحولات.
أسئلة كثيرة تطرح في سياق المقاربات الأردنية عندما يتعلق الأمر ببعض ملفات القضية الفلسطينية التي يرفع فيتو ضمني على الاستثمار فيها. ولا أحد يفهم بعد لماذا لا تسمح السلطات الأردنية بتنظيم مسيرات حاشدة تطالب بتحرير القدس أو بحق العودة. ولا أحد يفهم بعد ما هي الأسس والخلفيات التي تمنع الحكومة الأردنية من الاستثمار كما تفعل دولة مثل مصر في ورقة الحوار والمفاوضات وتخفيض التصعيد والتهدئة بين الإسرائيليين وفصائل المقاومة الفلسطينية. في المقابل، يسأل كثيرون: لماذا لا يدخل الأردن أكثر في عمق التكوين الاجتماعي والنخبوي لجيلين من الضفة الغربية؟
لماذا لا يريد الأردن الرسمي الاستثمار في الثقل الشعبي الذي توفره أمام المجتمع الدولي مالياً وسياسياً ورقة ضخمه مثل كتلة اللاجئين وممثليهم الذين اصطدموا في مخيم البقعة قبل عدة أيام بحائط كبير رفعت فيه عبارة “لا عبور” باتجاه مناسبة كان يحتفل بها بالعادة بسطاء المخيمات، وهي ذكرى النكبة 75.
«القدس العربي»
حصل الأمر مجدداً في مخيم البقعة نهاية الأسبوع الماضي عندما تدخلت السلطات الإدارية في وزارة الداخلية لمنع ما وصفه نشطاء من المخيم تحدثوا لـ”القدس العربي” بأنه نشاط أو “فعالية منسقة” فيها حضور رمزي لبعض أبناء مخيمات بهدف إحياء الذكرى 75 للنكبة.
لم تقل الحكومة الأردنية شيئاً بالخصوص، ولم تعرف بعد طبيعة تلك المقاربة التي تجعل من الارتياب بنشاط رمزي يصدر صوتاً ينسجم تماماً مع الموقف الرسمي الأردني وثوابت المعادلة الأردنية في أوساط المخيمات. تلك قصة بطبيعة الحال قديمة، فبعض السياسات التي تنتهجها الحكومة عندما يتعلق الأمر بتعبير اللاجئين حصراً عن جذور هويتهم الفلسطينية غير مفهومة أو غامضة.
وبالحد الأدنى، في بعض المفاصل لا تتفق أو تتسق مع العناصر المعلنة في الموقف الرسمي للأردن سواء فيما يتعلق بحقوق التعويض والعودة أو فيما يتعلق بفهم وقراءة النكبة نفسها، أو أيضاً فيما يتعلق بالسعي الجماهيري الأردني والشعبوي والتضامن مع أهل القدس. كثيرة هي تلك الألغاز في العلاقة الاشتباكية مع القضايا الفلسطينية الأساسية في مسيرة السلطات الرسمية الأردنية. لكن إجراءات أمنية فقط يمكن فهمها في بعض التفاصيل، ويمكن اعتبارها جزءاً من منظومة تعزيز وحماية أمن واستقرار المجتمع.
لكن في مفاصل موازية لا بد للمقاربة البيروقراطية أن تتطور في اتجاه ديناميكي أكثر حتى يعبر الأردنيون -كما يقول القطب البرلماني البارز صالح العرموطي- عن هويتهم بمختلف تكويناتهم ومكوناتهم الاجتماعية.
برأي العرموطي الذي سمعته سابقاً عدة مرات “القدس العربي”، لا مبرر للامتناع عن الإصغاء رسمياً لإيقاع وموقف الشعب الأردني بخصوص طبيعة العلاقة مع فصائل المقاومة التي تمثل أغلبية الشعب الفلسطيني والعنصر الفاعل حتى في التوازن الإقليمي. ولا مبرر لبقاء العلاقة مع تيارات المقاومة التي ترفع شعارات وثوابت الدولة الأردنية في نهاية المطاف مجمدة أو نادرة أو مبرمجة على صدف تحصل هنا وهناك.
واحدة من المقاربات غير المفهومة في الموقف الرسمي أيضاً هي تلك التي تفضل بين الحين والآخر بيروقراطياً إبعاد أو عدم ترخيص أو الامتناع عن ترخيص أي نشاط يهتف شعبياً باسم القدس والمسجد الأقصى بصيغة جماهيرية حاشدة، رغم أن هذه النشاطات التي منعت أكثر من مرة كانت مبرمجة تماماً لصالح أو على إيقاع الوصاية الهاشمية الأردنية.
المقاربة بالتوازي غير مفهومة فيما يختص بملف أو ورقة استخدام كتلة اللاجئين الضخمة من المواطنين الأردنيين. وهؤلاء يمكن للدولة الأردنية أن تستثمر نشاطاتهم وفعالياتهم ولو من باب إيصال الرسائل ليس للإسرائيليين فقط، ولكن للمجتمع الدولي.
لا تفعل الحكومات الأردنية المتعاقبة ذلك لسبب أغلب الظن أنه مرتبط بقواعد الاشتباك التي تعتبر مسألة الحراك الوطني في مخيمات اللاجئين الأردنية في الأصل ملفاً يقرأ من زاوية أمنية وليست “تسييسية”.
حتى بعض الشخصيات المتصدرة في جهود المقاومة الاحتلال وخططه ضد الوصاية الهاشمية في المسجد الأقصى لا تحظى بالرعاية الرسمية اللازمة.
وأكثر من سياسي وبرلماني أردني طرح استفساراً علنياً عن الأسباب التي تمنع وزارة الأوقاف من بناء كيمياء مع شخصية أو مجموعة بارزة في القدس ورمزية وطنية ودينية مهمة يمثلها الشيخ عكرمة صبري، الذي يظهر في عمان كثيراً لكن في أوساط عشائرها وأهلها وليس أوساط وزرائها أو نخبها.
اجتمعت “القدس العربي” بالشيخ صبري عدة مرات، واحتفظ الرجل بسؤال يستفسر عن مبررات “القطيعة البيروقراطية”. وغير مفهوم أيضاً لماذا لا تستعين السلطات الحكومية الأردنية بالشارع الأردني بمختلف تلاوينه ومكوناته في مواجهة خطط اليمين الإسرائيلي التي تعلن عبر الخارطة الشهيرة لبتسليئيل سموتريتش مثلاً بأن شرق الأردن جزء من إسرائيل الكبرى. تتحول مثل هذه الأسئلة إلى مفارقات، وتلك المفارقات سرعان ما تقود إلى ألغاز غير مفهومة وأحياناً غير مهضومة.
الأردن في المقاربة السياسية والتحالفية الإقليمية مطالب كما صرح عدة مرات وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، بالاستدارة الحقيقية المنطقية لحماية مصالحه؛ إن لم يكن من باب الانسجام مع مواقف الشعب نفسه فمن زاوية قراءة التحولات.
أسئلة كثيرة تطرح في سياق المقاربات الأردنية عندما يتعلق الأمر ببعض ملفات القضية الفلسطينية التي يرفع فيتو ضمني على الاستثمار فيها. ولا أحد يفهم بعد لماذا لا تسمح السلطات الأردنية بتنظيم مسيرات حاشدة تطالب بتحرير القدس أو بحق العودة. ولا أحد يفهم بعد ما هي الأسس والخلفيات التي تمنع الحكومة الأردنية من الاستثمار كما تفعل دولة مثل مصر في ورقة الحوار والمفاوضات وتخفيض التصعيد والتهدئة بين الإسرائيليين وفصائل المقاومة الفلسطينية. في المقابل، يسأل كثيرون: لماذا لا يدخل الأردن أكثر في عمق التكوين الاجتماعي والنخبوي لجيلين من الضفة الغربية؟
لماذا لا يريد الأردن الرسمي الاستثمار في الثقل الشعبي الذي توفره أمام المجتمع الدولي مالياً وسياسياً ورقة ضخمه مثل كتلة اللاجئين وممثليهم الذين اصطدموا في مخيم البقعة قبل عدة أيام بحائط كبير رفعت فيه عبارة “لا عبور” باتجاه مناسبة كان يحتفل بها بالعادة بسطاء المخيمات، وهي ذكرى النكبة 75.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات