"العيدية" موروث "مرهق" لذوي الدخل المحدود في الأردن
عمان جو- طارق ديلواني - "العيد فرحة" مقولة قد لا تنطبق على كثيرين في الأردن، بخاصة من ذوي الدخل المحدود. فعيد الأضحى هو بمثابة "أرق" بالنسبة لمعظم الرجال الذين يواجهون أعباء مالية ترهق جيوبهم، وتتجاوز دخلهم بكثير في محاولة منهم الامتثال لموروث وعادة اجتماعية قديمة تسمى "العيدية"، من دون مراعاة تكاليف المستلزمات الأساسية الأخرى، كالملابس الجديدة وكعك العيد "المعمول" والأضاحي.
وتعد "العيدية" تقليداً شائعاً وقديماً في العديد من الثقافات العربية والإسلامية، ابتكرها الفاطميون لأهداف سياسية وكانت تشمل النقود والملابس الجديدة، وحصرها العثمانيون بالأطفال قبل أن تمتد إلى النساء وتتحول من "عطية سياسية" إلى عادة اجتماعية.
وفي عصرنا الحالي لم تفقد "العيدية" بريقها، وكانت تقوم على إعطاء مبالغ مالية متواضعة للأطفال بهدف إدخال البهجة إلى قلوبهم، لكنها توسعت وتطورت في الأردن على نحو مرهق مادياً ومحرج اجتماعياً في الوقت ذاته، بحيث يخرج الرجال تحديداً من العيد بمديونية ثقيلة قد يعانون من آثارها طوال العام.
تحوّل مكلف
يجهز معظم الرجال ليلة العيد فئات نقدية مختلفة استعداداً لتقديمها للأطفال ونساء العائلة صباحاً، وقد تصل كلفة هذه العملية بالنسبة للبعض إلى ما يعادل أجرهم وراتبهم الشهري أي نحو 500 دولار.
يقول مواطنون إن ارتفاع قيمة "العيدية" سنة بعد أخرى هو ما حولها من عادة محببة تداعب خيال الأطفال وأمانيهم، وتعزز صلة الرحم، إلى عبء كبير بخاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أغلب الأردنيين، بسبب ثبات الرواتب والمداخيل وارتفاع تكاليف الحياة ومستلزماتها، وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار في المجمل.
ومع تزايد الضغوط الاجتماعية كالمقارنات بين الأسر ومحاولة تقليد الغير، أصبح الأمر أقرب إلى سباق يحاول من خلاله الرجال تلبية توقعات الأقارب. كما أسهمت منصات التواصل الاجتماعي والإعلانات التجارية ووسائل التسويق الحديثة في توظيف "العيدية" بشكل سلبي وتحويلها من بضعة دنانير إلى هدايا باهظة ومكلفة، وهو ما يدفع البعض إلى الاقتراض لتلبية تكاليف "العيدية" المرتفعة.
ويقول مراقبون إن ذلك خلق تفاوتاً اجتماعياً، وعزز الضغوط المالية، وشجع سلوكيات اقتصادية سلبية كالتبذير وتبديد الموارد والتباهي الاجتماعي.
وعادة ما تعمد الحكومة إلى صرف رواتب الموظفين قبيل العيد بأيام بهدف مساعدتهم على تأمين حاجاتهم.
تماسك اجتماعي
أسهمت فكرة "بيت العائلة" والعائلات الممتدة التي تسكن في المنزل نفسه بتعزيز "العيدية"، إذ يحرص الأحفاد على الاحتفاء بالعيد في بيت جدهم وتلقي العيديات بأجواء يتخللها الفرح والسرور. لكن هناك من يعتقد أن "العيدية" ممارسة ذات بعد اجتماعي مهم، فهي توطد العلاقات وتعزز التماسك الاجتماعي، كونها متبادلة بين الأسر بمعنى أنها لا تشكل إرهاقاً مادياً كونها مُستردة.
ولا يعتقد أستاذ التفسير وعلوم القرآن في الجامعة الأردنية سليمان الدقور أن "العيدية" تخالف الشرع، لكن كأي ممارسة اجتماعية أخرى، قد تكون لها سلبيات من قبيل إرهاق الأسر مادياً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وعندها تصبح "مشقة" من الواجب إعادة النظر فيها.
صلة الرحم أولى
بينما يقول الأمين العام لدائرة الإفتاء أحمد الحسنات، إن "العيدية للمقتدر أما غير المقتدر غير مطلوب منه عيدية"، لافتاً إلى أنها من سنن الرحم، وأن صلة الرحم أولى.
ووسط هذا الاختلاف في الآراء حول هذا الموروث القديم، ينتظر الأردنيون كل عام "عيدية" من قبل الحكومة لإعانتهم على أعباء وتكاليف عيد الأضحى.
لكن للتربوية صفاء الشواربة رأياً آخر، فالعيدية مهمة لتعليم الطفل قيم معنوية ومادية كالصبر والجهد والتعب في الحصول على المال وتجميعه، كما تساعده في تعلم التخطيط الجيد في استثمار المال المدخر لشراء ما يحتاجه. لكن كل ذلك مرهون بإمكانيات كل شخص ومقدرته المالية.
"انديبنت عربية"
وتعد "العيدية" تقليداً شائعاً وقديماً في العديد من الثقافات العربية والإسلامية، ابتكرها الفاطميون لأهداف سياسية وكانت تشمل النقود والملابس الجديدة، وحصرها العثمانيون بالأطفال قبل أن تمتد إلى النساء وتتحول من "عطية سياسية" إلى عادة اجتماعية.
وفي عصرنا الحالي لم تفقد "العيدية" بريقها، وكانت تقوم على إعطاء مبالغ مالية متواضعة للأطفال بهدف إدخال البهجة إلى قلوبهم، لكنها توسعت وتطورت في الأردن على نحو مرهق مادياً ومحرج اجتماعياً في الوقت ذاته، بحيث يخرج الرجال تحديداً من العيد بمديونية ثقيلة قد يعانون من آثارها طوال العام.
تحوّل مكلف
يجهز معظم الرجال ليلة العيد فئات نقدية مختلفة استعداداً لتقديمها للأطفال ونساء العائلة صباحاً، وقد تصل كلفة هذه العملية بالنسبة للبعض إلى ما يعادل أجرهم وراتبهم الشهري أي نحو 500 دولار.
يقول مواطنون إن ارتفاع قيمة "العيدية" سنة بعد أخرى هو ما حولها من عادة محببة تداعب خيال الأطفال وأمانيهم، وتعزز صلة الرحم، إلى عبء كبير بخاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أغلب الأردنيين، بسبب ثبات الرواتب والمداخيل وارتفاع تكاليف الحياة ومستلزماتها، وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار في المجمل.
ومع تزايد الضغوط الاجتماعية كالمقارنات بين الأسر ومحاولة تقليد الغير، أصبح الأمر أقرب إلى سباق يحاول من خلاله الرجال تلبية توقعات الأقارب. كما أسهمت منصات التواصل الاجتماعي والإعلانات التجارية ووسائل التسويق الحديثة في توظيف "العيدية" بشكل سلبي وتحويلها من بضعة دنانير إلى هدايا باهظة ومكلفة، وهو ما يدفع البعض إلى الاقتراض لتلبية تكاليف "العيدية" المرتفعة.
ويقول مراقبون إن ذلك خلق تفاوتاً اجتماعياً، وعزز الضغوط المالية، وشجع سلوكيات اقتصادية سلبية كالتبذير وتبديد الموارد والتباهي الاجتماعي.
وعادة ما تعمد الحكومة إلى صرف رواتب الموظفين قبيل العيد بأيام بهدف مساعدتهم على تأمين حاجاتهم.
تماسك اجتماعي
أسهمت فكرة "بيت العائلة" والعائلات الممتدة التي تسكن في المنزل نفسه بتعزيز "العيدية"، إذ يحرص الأحفاد على الاحتفاء بالعيد في بيت جدهم وتلقي العيديات بأجواء يتخللها الفرح والسرور. لكن هناك من يعتقد أن "العيدية" ممارسة ذات بعد اجتماعي مهم، فهي توطد العلاقات وتعزز التماسك الاجتماعي، كونها متبادلة بين الأسر بمعنى أنها لا تشكل إرهاقاً مادياً كونها مُستردة.
ولا يعتقد أستاذ التفسير وعلوم القرآن في الجامعة الأردنية سليمان الدقور أن "العيدية" تخالف الشرع، لكن كأي ممارسة اجتماعية أخرى، قد تكون لها سلبيات من قبيل إرهاق الأسر مادياً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وعندها تصبح "مشقة" من الواجب إعادة النظر فيها.
صلة الرحم أولى
بينما يقول الأمين العام لدائرة الإفتاء أحمد الحسنات، إن "العيدية للمقتدر أما غير المقتدر غير مطلوب منه عيدية"، لافتاً إلى أنها من سنن الرحم، وأن صلة الرحم أولى.
ووسط هذا الاختلاف في الآراء حول هذا الموروث القديم، ينتظر الأردنيون كل عام "عيدية" من قبل الحكومة لإعانتهم على أعباء وتكاليف عيد الأضحى.
لكن للتربوية صفاء الشواربة رأياً آخر، فالعيدية مهمة لتعليم الطفل قيم معنوية ومادية كالصبر والجهد والتعب في الحصول على المال وتجميعه، كما تساعده في تعلم التخطيط الجيد في استثمار المال المدخر لشراء ما يحتاجه. لكن كل ذلك مرهون بإمكانيات كل شخص ومقدرته المالية.
"انديبنت عربية"
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات