الأردن وأضرار الإغراق في التوقعات
عمان جو - بسام البدارين - ردود فعل غالبية الأردنيين في القاعدة الشعبية وحتى في بعض النخب السياسية على ما سمعوه بمناسبة عام على الرؤية التحديثية في المجالين الاقتصادي والإداري، تحتاج إلى تأمل عميق لأنها تشكل مفتاحا لحل الأزمة التي يشكو منها اليوم كبار المسؤولين عند حديثهم عن مصداقية خطاب الإصلاح بمساراته الثلاثة.
بعض ردود الفعل تلك وفي حال رصدها، تبلغك ضمنا باللجوء إلى مقاربات السخرية اللاذعة في بعض التعليقات، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي.
ردود فعل أخرى من الناس العاديين تثبت بأن الشارع له ذاكرة وأي سياسي يجازف بتجميد أو وفاة تلك الذاكرة يقع في إطار الرهان الخاسر.
أحدهم نشر تعليقا استذكر فيه أن الشارع سمع نفس الخطابات ونفس الكلام قبل عشر سنوات، ومن جهة وزراء في الطاقم الاقتصادي أيام مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي انعقد في البحر الميت.
سياسي من طراز رفيع أرسل لي نسخة من رد حكومة الرئيس علي أبو الراغب قبل نحو 20 عاما على توجيه مرجعي وملكي بخصوص تشكيل لجنة الأردن أولا وفي المضامين في رد الحكومة آنذاك بعض الكلمات والعبارات والأفكار التي وردت بعد 20 عاما في لغة وأدبيات ونصوص اجتماع البحر الميت. ما الذي يثبته ذلك بصورة محددة؟
هذا سؤال قد لا نميل كأردنيين ومن باب تقاليد احترامنا لمؤسساتنا إلى طرحه بصورة علنية.
لكن المواطن الأردني وفي العقل الاجتماعي الجامع الأفقي يطرح مثل هذا السؤال، لأن استخدام نفس التعبيرات وبعد 20 عاما تقريبا يعني الاسترسال في تكوين أطنان من الورق الذي يتضمن عبارات وفقرات منمقة ومليئة بالطموح المبالغ فيه، خصوصا في المسألة الاقتصادية.
ويعني أيضا وقد يكون ذلك الأهم أن هذا الورق لم ينعكس خلال عقدين على الأقل على حياة المواطنين.
ثمة ما يدفع للتأمل في تصريح لأحد أركان الحكومة قال فيه بأن المواطن الأردني قد يلمس آثار الرؤية التحديثية الثلاثية لكن خلال عشر سنوات.
الاستمرار في ترديد الكليشيهات القديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي على الأقل في المجالين الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون
المسؤول يقرر الحفاظ على مصداقية الخطاب وعدم رفع التوقعات، والمصيبة هنا أن مثل هذه المصارحة للناس تأتي في وقت صعب وعصيب، فالمواطن الأردني في الأزمة المعيشية يحتاج الى إجراء سريع أمس الأول وليس غدا أو اليوم، وفي الأزمة المعيشية يتعامل الناس مع مقتضياتها اليوم بالقطعة، فيما تقول لهم الحكومة للمواطن إنه يمكن خلال عشر سنوات أن يلمس آثار الرؤية التحديثية التي تقدمت بها الحكومة تنفيذيا وإجرائيا مؤخرا.
لا نذيع سرا إذا قلنا إن مثل هذا الكلام تكرر على لسان غالبية رؤساء الوزارات في ربع القرن الأخير، وإن كل الخطابات واللجان الاستشارية ومخرجاتها والوثائق كانت تعد الأردنيين بسياسات تنتهي بأن يتلمسوا مباشرة آثار التحديث. لكن تلك الآثار تتحول وتتسلل ولا تلمس فيما غير المنصف تحميل الحكومة الحالية مسؤولية التراكم والركام.
الاستمرار في ترديد الكليشيهات القديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي على الأقل في المجالين الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، وبالنسبة لبعض الحكومات قد لا تساوي الأوراق التي يقال فيها الآن ثمنها وكلفتها المادية.
طبعا عمليا من حق الحكومة ـ أي حكومة ـ أن تقول ما تريده وأن تعد المواطنين بما تستطيع فعله وما لا تستطيع فعله.
لكن مجددا ندخل كأردنيين هنا في مفارقة أزمة المصداقية في الخطاب وفي الوعد والالتزام، وندخل وقد يكون هذا الأكثر حساسية في أزمة حرجة عنوانها الاستمرار في علك الكلام وتقديم تقييمات وتقديرات تثبت الحكومات المتعاقبة بأنها إما عاجزة عن تنفيذها والالتزام بها.
وبالتالي تستمر عملية تغليف الغبار أو إعادة تعبئة الهواء، بما تنطوي عليها الآن من مخاطر في ظل استمرار سيناريو تضليل القيادة والناس معا.
وبالتالي السحب من رصيد الدولة وبالتدريج وبعملية يبدو أن بعض صناع القرار لا يجدون فيها إلا المعادل الموضوعي بدلا من الإنتاجية والعمل الحقيقي.
سمعت شخصيا نخبة من كبار المسؤولين في الحكومة وهم يتحدثون وجها لوجه أمامي عن تقديراتهم الحقيقية، سواء في التمكين الاقتصادي او في الإصلاح الإداري على الأقل وما سمعته كان موضوعيا ومهنيا ويعبر عن الآمال فقط ولكنه يقرأ الوقائع.
وما سمعته من هؤلاء علنا وأمام الإعلام، إغراق في التوقعات بدون مبرر، يخالف مضامين ما نسمعه في لقاءات وجاهية وثنائية.
هذا النمط من الفصام ضار جدا وينبغي أن يتوقف ويمكن للحكومة ومعها الدولة أن تتحدثا بلغة أبسط بدون استعراضات، ولا اجتماعات عريضة في صالات وقصور مؤتمرات، وأن تعد الأردنيين حصرا بما تستطيع تنفيذه وفقا للوقائع، لأن الحديث عن آمال قد لا تحصل لا يمكنه أن يشكل إدارة حكيمة ورشيدة.
ولأن الاستمرار بتوقع نتائج مذهلة بعد إنجاز عادي روتيني يتوجب أن يتوقف.
«القدس العربي»
بعض ردود الفعل تلك وفي حال رصدها، تبلغك ضمنا باللجوء إلى مقاربات السخرية اللاذعة في بعض التعليقات، خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي.
ردود فعل أخرى من الناس العاديين تثبت بأن الشارع له ذاكرة وأي سياسي يجازف بتجميد أو وفاة تلك الذاكرة يقع في إطار الرهان الخاسر.
أحدهم نشر تعليقا استذكر فيه أن الشارع سمع نفس الخطابات ونفس الكلام قبل عشر سنوات، ومن جهة وزراء في الطاقم الاقتصادي أيام مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي انعقد في البحر الميت.
سياسي من طراز رفيع أرسل لي نسخة من رد حكومة الرئيس علي أبو الراغب قبل نحو 20 عاما على توجيه مرجعي وملكي بخصوص تشكيل لجنة الأردن أولا وفي المضامين في رد الحكومة آنذاك بعض الكلمات والعبارات والأفكار التي وردت بعد 20 عاما في لغة وأدبيات ونصوص اجتماع البحر الميت. ما الذي يثبته ذلك بصورة محددة؟
هذا سؤال قد لا نميل كأردنيين ومن باب تقاليد احترامنا لمؤسساتنا إلى طرحه بصورة علنية.
لكن المواطن الأردني وفي العقل الاجتماعي الجامع الأفقي يطرح مثل هذا السؤال، لأن استخدام نفس التعبيرات وبعد 20 عاما تقريبا يعني الاسترسال في تكوين أطنان من الورق الذي يتضمن عبارات وفقرات منمقة ومليئة بالطموح المبالغ فيه، خصوصا في المسألة الاقتصادية.
ويعني أيضا وقد يكون ذلك الأهم أن هذا الورق لم ينعكس خلال عقدين على الأقل على حياة المواطنين.
ثمة ما يدفع للتأمل في تصريح لأحد أركان الحكومة قال فيه بأن المواطن الأردني قد يلمس آثار الرؤية التحديثية الثلاثية لكن خلال عشر سنوات.
الاستمرار في ترديد الكليشيهات القديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي على الأقل في المجالين الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون
المسؤول يقرر الحفاظ على مصداقية الخطاب وعدم رفع التوقعات، والمصيبة هنا أن مثل هذه المصارحة للناس تأتي في وقت صعب وعصيب، فالمواطن الأردني في الأزمة المعيشية يحتاج الى إجراء سريع أمس الأول وليس غدا أو اليوم، وفي الأزمة المعيشية يتعامل الناس مع مقتضياتها اليوم بالقطعة، فيما تقول لهم الحكومة للمواطن إنه يمكن خلال عشر سنوات أن يلمس آثار الرؤية التحديثية التي تقدمت بها الحكومة تنفيذيا وإجرائيا مؤخرا.
لا نذيع سرا إذا قلنا إن مثل هذا الكلام تكرر على لسان غالبية رؤساء الوزارات في ربع القرن الأخير، وإن كل الخطابات واللجان الاستشارية ومخرجاتها والوثائق كانت تعد الأردنيين بسياسات تنتهي بأن يتلمسوا مباشرة آثار التحديث. لكن تلك الآثار تتحول وتتسلل ولا تلمس فيما غير المنصف تحميل الحكومة الحالية مسؤولية التراكم والركام.
الاستمرار في ترديد الكليشيهات القديمة عن الإصلاحات ودورها التنموي على الأقل في المجالين الاقتصادي والإداري ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، وبالنسبة لبعض الحكومات قد لا تساوي الأوراق التي يقال فيها الآن ثمنها وكلفتها المادية.
طبعا عمليا من حق الحكومة ـ أي حكومة ـ أن تقول ما تريده وأن تعد المواطنين بما تستطيع فعله وما لا تستطيع فعله.
لكن مجددا ندخل كأردنيين هنا في مفارقة أزمة المصداقية في الخطاب وفي الوعد والالتزام، وندخل وقد يكون هذا الأكثر حساسية في أزمة حرجة عنوانها الاستمرار في علك الكلام وتقديم تقييمات وتقديرات تثبت الحكومات المتعاقبة بأنها إما عاجزة عن تنفيذها والالتزام بها.
وبالتالي تستمر عملية تغليف الغبار أو إعادة تعبئة الهواء، بما تنطوي عليها الآن من مخاطر في ظل استمرار سيناريو تضليل القيادة والناس معا.
وبالتالي السحب من رصيد الدولة وبالتدريج وبعملية يبدو أن بعض صناع القرار لا يجدون فيها إلا المعادل الموضوعي بدلا من الإنتاجية والعمل الحقيقي.
سمعت شخصيا نخبة من كبار المسؤولين في الحكومة وهم يتحدثون وجها لوجه أمامي عن تقديراتهم الحقيقية، سواء في التمكين الاقتصادي او في الإصلاح الإداري على الأقل وما سمعته كان موضوعيا ومهنيا ويعبر عن الآمال فقط ولكنه يقرأ الوقائع.
وما سمعته من هؤلاء علنا وأمام الإعلام، إغراق في التوقعات بدون مبرر، يخالف مضامين ما نسمعه في لقاءات وجاهية وثنائية.
هذا النمط من الفصام ضار جدا وينبغي أن يتوقف ويمكن للحكومة ومعها الدولة أن تتحدثا بلغة أبسط بدون استعراضات، ولا اجتماعات عريضة في صالات وقصور مؤتمرات، وأن تعد الأردنيين حصرا بما تستطيع تنفيذه وفقا للوقائع، لأن الحديث عن آمال قد لا تحصل لا يمكنه أن يشكل إدارة حكيمة ورشيدة.
ولأن الاستمرار بتوقع نتائج مذهلة بعد إنجاز عادي روتيني يتوجب أن يتوقف.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات