الأردن: خطأ في «التحديث» وشرط مسبق في القطاع العام
عمان جو - بسام البدارين -ما يقترحه علناً منتدى الاستراتيجيات الأردني على الحكومة بخصوص العلاقة الشرطية بين مشروع التحديث الاقتصادي وخطوة تحديث القطاع العام ليس غائباً عن ذهن رئيس الوزراء ولا الطاقم الوزاري في الحكومة الحالية، وإن كان الخطاب الحكومي لا يتحدث عن جملة شرطية في أدبياته خلافاً لأنه ترك مفردة التحديث للاقتصاد واستبدل بها – عندما يتعلق الأمر بالقطاع العام – مفردة “تطوير”.
منتدى الاستراتيجيات قياساً بالنخب والرموز العميقة الخبيرة التي تديره وقربه من دوائر القرار في البنوك والجهاز المصرفي، لا يستخدم مفردة تطوير القطاع العام من باب الغفلة. وأغلب التقدير سياسياً أن ورقة التشخيص التي تقدم بها المنتدى الذي يمكن القول إنه يمثل رأس المال أمس الأول، تقصدت التأشير على ملاحظتين:
الأولى، تلك التي تتحدث عن شرط لنجاح مشروع التحديث الاقتصادي، والأخرى هي التي تشرح ذلك الشرط بعبارة تحديث وليس تطوير القطاع العام. وأغلب خبراء منتدى الاستراتيجيات سبق لهم أن تقلدوا مناصب رفيعة في الملف الاقتصادي أو في بعض مؤسسات القطاع الخاص. وذلك يعني أن التباين ما بين مفردتي تطوير وتحديث القطاع العام، هو فرصة لإظهار عدم الرضا بالحد الأدنى عن تعريفات الطاقم الوزاري الحالي، ما يؤشر بالنتيجة على فروقات في الهامش والتوقيت والتعريف بين أطراف القرار والمطبخ الاقتصادي، وهذه يفترض أن لا تظهر؛ لأن الجميع موحد أو يفترض ذلك خلف اتجاه إنجاح مشروع التحديث الاقتصادي، ولأن الخلاف في المربع السياسي أو الحرياتي لا ينعكس في الواقع أو ينبغي أن لا ينعكس على الملف الاقتصادي.
واضح للمراقبين وعلى رأسهم خبير من وزن الدكتور محمد الحلايقة، أن الحاجة ملحة لمقربات توافقية على التفاصيل قبل الوقوف على استنتاجات وأهداف. وهو رأي يتفق معه لكن بفارق زمني، خبير تناقشت معه “القدس العربي”، وهو الدكتور جواد العناني، الذي يعدّ من أبرز رموز بناء القطاع العام في الأردني بالماضي.
قصة القطاع العام في وثائق وأدبيات خلوة البحر الميت استعملت كلمة تطوير.
وفي البيان التشخيصي لمنتدى الاستراتيجيات، اعتمدت صيغة لتحديث القطاع العام؛ بمعنى تصور يفترض بأن تفاصيل القطاع العام تحتاج إلى تحديث شامل وكامل وأفقي وليس لمجرد تطوير، حتى يكتسي الحديث عن التحديث الاقتصادي مصداقية واقعية.
وهو أمر لمح له رجل الأعمال البارز والوزير السابق سعيد دروزة، في البحر الميت عندما عرض بجرأة ثلاث ملاحظات، كان أهمها تلك التي تطالب بسرعة أكبر في اتخاذ القرارات من جهة البيروقراطي المحلي، وهو طبعاً العنصر الأهم في تكوين القطاع العام. قصة القطاع العام في الأردن أشبه بجدلية البيضة والدجاجة. وأول من بدأ الطرق فيها قبل خمس سنوات رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عمر الرزاز، الذي تقلص في طموحه العلني من الحديث عن ثورة إدارية وعقد اجتماعي، إلى التحدث عن تطوير نظام الخدمات في القطاع العام وبأي نسبة ممكنة، باعتباره إنجازاً كبيراً، وهو ما سمعته أيضاً “القدس العربي” من الرزاز مباشرة.
لاحقاً، وفي حكومة الدكتور بشر الخصاونة وبعد تشكيل لجنتين ملكيتين لتحديث الرؤيتين السياسية والاقتصادية، منح تطوير القطاع العام صيغة أقل شأناً؛ بمعنى عدم تكليف لجنة ملكية به وانتظار مبادرة الحكومة التي شكلت بدورها لجنة تتولى الملف، انتهت بوضع وثيقة وتوصيات سرعان ما أثار المعلن منها الجدل والنقاش، مع أن بعض المستويات الوزارية في الحكومة على قناعة دائمة بأن مهمة تطوير القطاع العام؛ بمعنى الإصلاح الإداري، ليست المهمة الأسهل في التحديث ومسارته، لا بل الأصعب والأعقد، حيث سقف قياس الأثر والتغيير يتجاوز بسنوات كثيرة نظيره في المسارين الاقتصادي والسياسي.
لا يعني ذلك برمته وفي حال قراءة ما بين أسطر ورقة منتدى الاستراتيجيات، إلا أن فلسفة التقليل من شأن تحديث القطاع العام والتعامل معه بدرجة اهتمام أقل قد لا تكون منتجة أو مفيدة؛ لأن أطراف العملية الانتاجية الاقتصادية ووفقاً لما يمكن فهمه من مداخلة دروزة وتشخيص المنتدى، اكتشفت متأخراً بأن وثائق الإصلاح والتمكين لا تعني شيئاً بدون تحديث القطاع العام وتطوير البنية الإدارية.
ثمة خلل جسيم هنا في نظام الأولويات في المسارات الثلاثة. وما يقال ضمناً اليوم بأثر رجعي هو أن الإصلاح الإداري كان ينبغي أن يسبق نظيريه الاقتصادي والسياسي، أو يسير معهما بنفس الزخم والزمن والسرعة، الأمر الذي لم يحصل، وفيما يبدو اكتشفه المختصون المعنيون لاحقاً.
تلك إيماءة سياسية بامتياز أعقبت حالة المراجعة التي تجري حالياً، لكن سلم الأولويات لا يبدو متزناً، واختلال الأفكار والمقترحات أدى إلى انقسام حتى في آراء وتوافقات الجسم الاقتصادي بكل أفرعه وتعبيراته، مع أن خطة وضعت لتطوير القطاع العام من جهة لجنة قال سياسي وبرلماني بارز هو الدكتور مدوح العبادي، علناً، بأن غالبية أعضائها لن يسبق لهم الخدمة للقطاع العام؛ بمعنى أنهم درسوا تطوير قطاع لا يفهمونه ولا يعرفونه.
ورأيه ومن يتبناه قد لا ينطوي على تشخيص دقيق للمشهد، لكن الواقع الملموس لجميع الأطراف حتى الآن هو الرسالة الأعمق في الجملة الشرطية لمنتدى الاستراتيجيات.
«القدس العربي»
منتدى الاستراتيجيات قياساً بالنخب والرموز العميقة الخبيرة التي تديره وقربه من دوائر القرار في البنوك والجهاز المصرفي، لا يستخدم مفردة تطوير القطاع العام من باب الغفلة. وأغلب التقدير سياسياً أن ورقة التشخيص التي تقدم بها المنتدى الذي يمكن القول إنه يمثل رأس المال أمس الأول، تقصدت التأشير على ملاحظتين:
الأولى، تلك التي تتحدث عن شرط لنجاح مشروع التحديث الاقتصادي، والأخرى هي التي تشرح ذلك الشرط بعبارة تحديث وليس تطوير القطاع العام. وأغلب خبراء منتدى الاستراتيجيات سبق لهم أن تقلدوا مناصب رفيعة في الملف الاقتصادي أو في بعض مؤسسات القطاع الخاص. وذلك يعني أن التباين ما بين مفردتي تطوير وتحديث القطاع العام، هو فرصة لإظهار عدم الرضا بالحد الأدنى عن تعريفات الطاقم الوزاري الحالي، ما يؤشر بالنتيجة على فروقات في الهامش والتوقيت والتعريف بين أطراف القرار والمطبخ الاقتصادي، وهذه يفترض أن لا تظهر؛ لأن الجميع موحد أو يفترض ذلك خلف اتجاه إنجاح مشروع التحديث الاقتصادي، ولأن الخلاف في المربع السياسي أو الحرياتي لا ينعكس في الواقع أو ينبغي أن لا ينعكس على الملف الاقتصادي.
واضح للمراقبين وعلى رأسهم خبير من وزن الدكتور محمد الحلايقة، أن الحاجة ملحة لمقربات توافقية على التفاصيل قبل الوقوف على استنتاجات وأهداف. وهو رأي يتفق معه لكن بفارق زمني، خبير تناقشت معه “القدس العربي”، وهو الدكتور جواد العناني، الذي يعدّ من أبرز رموز بناء القطاع العام في الأردني بالماضي.
قصة القطاع العام في وثائق وأدبيات خلوة البحر الميت استعملت كلمة تطوير.
وفي البيان التشخيصي لمنتدى الاستراتيجيات، اعتمدت صيغة لتحديث القطاع العام؛ بمعنى تصور يفترض بأن تفاصيل القطاع العام تحتاج إلى تحديث شامل وكامل وأفقي وليس لمجرد تطوير، حتى يكتسي الحديث عن التحديث الاقتصادي مصداقية واقعية.
وهو أمر لمح له رجل الأعمال البارز والوزير السابق سعيد دروزة، في البحر الميت عندما عرض بجرأة ثلاث ملاحظات، كان أهمها تلك التي تطالب بسرعة أكبر في اتخاذ القرارات من جهة البيروقراطي المحلي، وهو طبعاً العنصر الأهم في تكوين القطاع العام. قصة القطاع العام في الأردن أشبه بجدلية البيضة والدجاجة. وأول من بدأ الطرق فيها قبل خمس سنوات رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عمر الرزاز، الذي تقلص في طموحه العلني من الحديث عن ثورة إدارية وعقد اجتماعي، إلى التحدث عن تطوير نظام الخدمات في القطاع العام وبأي نسبة ممكنة، باعتباره إنجازاً كبيراً، وهو ما سمعته أيضاً “القدس العربي” من الرزاز مباشرة.
لاحقاً، وفي حكومة الدكتور بشر الخصاونة وبعد تشكيل لجنتين ملكيتين لتحديث الرؤيتين السياسية والاقتصادية، منح تطوير القطاع العام صيغة أقل شأناً؛ بمعنى عدم تكليف لجنة ملكية به وانتظار مبادرة الحكومة التي شكلت بدورها لجنة تتولى الملف، انتهت بوضع وثيقة وتوصيات سرعان ما أثار المعلن منها الجدل والنقاش، مع أن بعض المستويات الوزارية في الحكومة على قناعة دائمة بأن مهمة تطوير القطاع العام؛ بمعنى الإصلاح الإداري، ليست المهمة الأسهل في التحديث ومسارته، لا بل الأصعب والأعقد، حيث سقف قياس الأثر والتغيير يتجاوز بسنوات كثيرة نظيره في المسارين الاقتصادي والسياسي.
لا يعني ذلك برمته وفي حال قراءة ما بين أسطر ورقة منتدى الاستراتيجيات، إلا أن فلسفة التقليل من شأن تحديث القطاع العام والتعامل معه بدرجة اهتمام أقل قد لا تكون منتجة أو مفيدة؛ لأن أطراف العملية الانتاجية الاقتصادية ووفقاً لما يمكن فهمه من مداخلة دروزة وتشخيص المنتدى، اكتشفت متأخراً بأن وثائق الإصلاح والتمكين لا تعني شيئاً بدون تحديث القطاع العام وتطوير البنية الإدارية.
ثمة خلل جسيم هنا في نظام الأولويات في المسارات الثلاثة. وما يقال ضمناً اليوم بأثر رجعي هو أن الإصلاح الإداري كان ينبغي أن يسبق نظيريه الاقتصادي والسياسي، أو يسير معهما بنفس الزخم والزمن والسرعة، الأمر الذي لم يحصل، وفيما يبدو اكتشفه المختصون المعنيون لاحقاً.
تلك إيماءة سياسية بامتياز أعقبت حالة المراجعة التي تجري حالياً، لكن سلم الأولويات لا يبدو متزناً، واختلال الأفكار والمقترحات أدى إلى انقسام حتى في آراء وتوافقات الجسم الاقتصادي بكل أفرعه وتعبيراته، مع أن خطة وضعت لتطوير القطاع العام من جهة لجنة قال سياسي وبرلماني بارز هو الدكتور مدوح العبادي، علناً، بأن غالبية أعضائها لن يسبق لهم الخدمة للقطاع العام؛ بمعنى أنهم درسوا تطوير قطاع لا يفهمونه ولا يعرفونه.
ورأيه ومن يتبناه قد لا ينطوي على تشخيص دقيق للمشهد، لكن الواقع الملموس لجميع الأطراف حتى الآن هو الرسالة الأعمق في الجملة الشرطية لمنتدى الاستراتيجيات.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات