«صحة» الزرقاء وهي تشرح عقدة «مطعوم الحصبة» الأردني: تراكم وشعبويات و3 أسئلة حرجة
عمان جو-بسام البدارين - يمكن ببساطة رصد مدير صحة مدينة الزرقاء الأردنية الدكتور خالد عبد الفتاح متلبساً سياسياً على الأقل بالشرح والتفصيل لقضية ينبغي أن لا تشرح أصلاً وهو يعلن بأن حملة تطعيم في حي جبل طارق بمنطقة ضمن ولايته لأولاد المدارس، لا علاقة لها بمطاعيم الحصبة المثيرة للجدل.
لا يمكن طبعاً لوم مدير صحة المدينة الدكتور عبد الفتاح، لا على تقديره البيروقراطي ولا على احترامه لمشاعر الجمهور؛ فهو أراد أن يشرح للناس وللمنطقة بأن حملة مطاعيم لا علاقة لها بالمطعوم الهندي ولا بفيروس الحصبة هي التي تنفذ الآن أو ستنفذ قريباً، لأنها مدرجة أصلاً ضمن برنامج المطاعيم المقرر في وزارة الصحة.
السؤال الذي لا يملك لا الدكتور عبد الفتاح ولا أطقم وزارة الصحة عموماً إجابة عليه، لا يزال هو: لماذا يضطر طبيب مسؤول في مدينة مكتظة بالسكان إلى الشرح والتوضيح عبر الإعلان في إجراء إداري ضمن صلب عمله وواجباته؟
المألوف وسط الأردنيين منذ عقود هو الثقة الكبيرة بحملات التطعيم الوطني، ولم يسبق أن أثير الغبار هنا أو هناك بسبب حملات سيهاجم الرأي العام وزارة الصحة ويلومها ويحملها المسؤولية إذا لم تنفذها أصلاً.
حقاً، الفكرة باختصار أن الشغب الإلكتروني الذي واجهته حملة التطعيم الوطنية انتهى بإثارة غبار كان ينبغي أن لا يثار على مسألة تخص واجبات وزارة الصحة التي تتعامل بدورها باحتراف ومهنية بعيداً عن أي تجاذب سياسي أو بيروقراطي، ومنذ عقود بعيداً عن تأثير منصات التواصل الإلكتروني.
ثمة مشاغلات في مسألة المطعوم الهندي ابتكرت، وتفاعل معها بعض النواب مع تسريب بيروقراطي لموظفين غاضبين وصنعت أزمة. تلك الأزمة لم تعد تتعلق بالمطعوم نفسه بقدر ما عكست السؤال الصحافي، الذي تجاهل الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور مهند المبيضين الاجابة عنه، وهو سؤال أزمة مصداقية الخطاب الرسمي.
لا يعمل كادر الصحة الأردنية باعتبارات سياسية بالعادة، لكن تصريح مدير صحة الزرقاء التوضيحي حول أهميته ونزاهته يعكس سياسياً وإعلامياً إحدى الضربات التي وجهت بسبب تراخي عدة مؤسسات في الواقع لجدار الحكومة برمتها، لأن مسؤولاً تكنوقراطياً وجد نفسه مضطراً – بسبب حزمة شائعات أو خزعبلات على حد وصف وزير التربية الدكتور عزمي المحافظة- لتوضيح ما لا يوضح، ولإعلان يفترض أن الاستغناء عنه هو الأساس؛ فسمعة وسيرة حملات التطعيم الأردنية طوال عقود ناصعة وبيضاء، والتشويش الذي أنتجه شريطان صوتيان تم بثهما عبر منصات التواصل، وصل إلى مناطق حساسة ومحظورة لا يسأل عنها بالتأكيد طاقم الصحة.
ما يفهم في سياق توضيح الزرقاء ضمناً، أن حملة التطعيم الوطني المهمة جداً تأثرت لا بل تم إضعافها، وخطة الحكومة هنا قد تكون ترنحت قليلاً.
وما يفهم في السياق أن موقف الحكومة برمته تأثر وتم إضعافه، والمطلوب الآن وطنياً وسياسياً الإجابة على 3 أسئلة صغيرة لكنها كبيرة في بصمتها الواقعية، وهي: من، وكيف، ولماذا؟ المطلوب معرفة من الذي تمكن من إنتاج كل هذا التشويش، ولماذا تمكن أصلاً من إنتاجه، وكيف ستعالج الدولة -وليس الحكومة فقط أو وزارة الصحة- هذا الخدش البيروقراطي الكبير في جدار صلب اسمه حملة التطعيم الوطنية.
ثمة تراجع بيروقراطي مرصود يثبت أن التشويش قد يكون حقق بعض أهدافه، علماً بأن المؤسسات الرسمية ينبغي أن لا تتراجع. وثمة أيضاً تلميح بيروقراطي استدراكي أشار إلى أن المواطن الذي يتهرب من تطعيم أولاده في المدرسة متأثراً بالخزعبلات، سيوقع على وثيقة يتحمل فيها مسؤولية عدم التطعيم، وفقاً لمصادر معنية بالملف، في خطوة يمكن تفسيرها سياسياً بأن القرار الحكومي نفسه تأثر أيضاً وبدأ يجري حسابات فرضها الإيقاع الشعبوي.
وهي حسابات فرضت أيضاً بطريقة تدفع فيها حملة تطعيم وطنية مهنية نظيفة ثمن كل تراث إشكالية الثقة بالخطاب الرسمي، وهي إشكالية لم يتوقع حتى كبار المسؤولين وصولها إلى حدود مساحة مثل المطاعيم، خلافاً لأن ثقافة المسؤولين المحليين راكمت منذ سنوات في الشفافية المزعومة وهي تقر بوجود أزمة مصداقية وثقة بالخطاب الرسمي من باب ركوب الشعبويات.
رصد رؤساء وزراء ووزراء سابقون وعاملون وهم يخاطبون الغرائز والشارع عدة مرات في حالة مصافحة وشفافية، جزء منها تمثيلي وشخصاني بعنوان إضفاء الشرعية على إحساس المواطن بأزمة المصداقية.
ورصد آخرون وهم يتصرفون بدون ذكاء عميق أثناء ترويج إصلاحات تقررت في المسارات الثلاثية بمزاعم لها علاقة بالتشكيك بالماضي.
لذلك، دفعت حملة تطعيم بريئة ومهنية ثمن هذا الركام السياسي والإعلامي والشعبوي. وإذا ما أضيف تراث كلاسيكيات الانتقاء واستمرار نهج المحاصصة وتداعيات أزمة الأدوات إلى ذلك الركام عند أي محاولة جدية للفهم والاستدراك، يمكن توفير إجابة أولية على تلك الأسئلة الثلاثة الخطرة: من، وكيف، ولماذا حصل ما حصل؟
«القدس العربي»
لا يمكن طبعاً لوم مدير صحة المدينة الدكتور عبد الفتاح، لا على تقديره البيروقراطي ولا على احترامه لمشاعر الجمهور؛ فهو أراد أن يشرح للناس وللمنطقة بأن حملة مطاعيم لا علاقة لها بالمطعوم الهندي ولا بفيروس الحصبة هي التي تنفذ الآن أو ستنفذ قريباً، لأنها مدرجة أصلاً ضمن برنامج المطاعيم المقرر في وزارة الصحة.
السؤال الذي لا يملك لا الدكتور عبد الفتاح ولا أطقم وزارة الصحة عموماً إجابة عليه، لا يزال هو: لماذا يضطر طبيب مسؤول في مدينة مكتظة بالسكان إلى الشرح والتوضيح عبر الإعلان في إجراء إداري ضمن صلب عمله وواجباته؟
المألوف وسط الأردنيين منذ عقود هو الثقة الكبيرة بحملات التطعيم الوطني، ولم يسبق أن أثير الغبار هنا أو هناك بسبب حملات سيهاجم الرأي العام وزارة الصحة ويلومها ويحملها المسؤولية إذا لم تنفذها أصلاً.
حقاً، الفكرة باختصار أن الشغب الإلكتروني الذي واجهته حملة التطعيم الوطنية انتهى بإثارة غبار كان ينبغي أن لا يثار على مسألة تخص واجبات وزارة الصحة التي تتعامل بدورها باحتراف ومهنية بعيداً عن أي تجاذب سياسي أو بيروقراطي، ومنذ عقود بعيداً عن تأثير منصات التواصل الإلكتروني.
ثمة مشاغلات في مسألة المطعوم الهندي ابتكرت، وتفاعل معها بعض النواب مع تسريب بيروقراطي لموظفين غاضبين وصنعت أزمة. تلك الأزمة لم تعد تتعلق بالمطعوم نفسه بقدر ما عكست السؤال الصحافي، الذي تجاهل الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور مهند المبيضين الاجابة عنه، وهو سؤال أزمة مصداقية الخطاب الرسمي.
لا يعمل كادر الصحة الأردنية باعتبارات سياسية بالعادة، لكن تصريح مدير صحة الزرقاء التوضيحي حول أهميته ونزاهته يعكس سياسياً وإعلامياً إحدى الضربات التي وجهت بسبب تراخي عدة مؤسسات في الواقع لجدار الحكومة برمتها، لأن مسؤولاً تكنوقراطياً وجد نفسه مضطراً – بسبب حزمة شائعات أو خزعبلات على حد وصف وزير التربية الدكتور عزمي المحافظة- لتوضيح ما لا يوضح، ولإعلان يفترض أن الاستغناء عنه هو الأساس؛ فسمعة وسيرة حملات التطعيم الأردنية طوال عقود ناصعة وبيضاء، والتشويش الذي أنتجه شريطان صوتيان تم بثهما عبر منصات التواصل، وصل إلى مناطق حساسة ومحظورة لا يسأل عنها بالتأكيد طاقم الصحة.
ما يفهم في سياق توضيح الزرقاء ضمناً، أن حملة التطعيم الوطني المهمة جداً تأثرت لا بل تم إضعافها، وخطة الحكومة هنا قد تكون ترنحت قليلاً.
وما يفهم في السياق أن موقف الحكومة برمته تأثر وتم إضعافه، والمطلوب الآن وطنياً وسياسياً الإجابة على 3 أسئلة صغيرة لكنها كبيرة في بصمتها الواقعية، وهي: من، وكيف، ولماذا؟ المطلوب معرفة من الذي تمكن من إنتاج كل هذا التشويش، ولماذا تمكن أصلاً من إنتاجه، وكيف ستعالج الدولة -وليس الحكومة فقط أو وزارة الصحة- هذا الخدش البيروقراطي الكبير في جدار صلب اسمه حملة التطعيم الوطنية.
ثمة تراجع بيروقراطي مرصود يثبت أن التشويش قد يكون حقق بعض أهدافه، علماً بأن المؤسسات الرسمية ينبغي أن لا تتراجع. وثمة أيضاً تلميح بيروقراطي استدراكي أشار إلى أن المواطن الذي يتهرب من تطعيم أولاده في المدرسة متأثراً بالخزعبلات، سيوقع على وثيقة يتحمل فيها مسؤولية عدم التطعيم، وفقاً لمصادر معنية بالملف، في خطوة يمكن تفسيرها سياسياً بأن القرار الحكومي نفسه تأثر أيضاً وبدأ يجري حسابات فرضها الإيقاع الشعبوي.
وهي حسابات فرضت أيضاً بطريقة تدفع فيها حملة تطعيم وطنية مهنية نظيفة ثمن كل تراث إشكالية الثقة بالخطاب الرسمي، وهي إشكالية لم يتوقع حتى كبار المسؤولين وصولها إلى حدود مساحة مثل المطاعيم، خلافاً لأن ثقافة المسؤولين المحليين راكمت منذ سنوات في الشفافية المزعومة وهي تقر بوجود أزمة مصداقية وثقة بالخطاب الرسمي من باب ركوب الشعبويات.
رصد رؤساء وزراء ووزراء سابقون وعاملون وهم يخاطبون الغرائز والشارع عدة مرات في حالة مصافحة وشفافية، جزء منها تمثيلي وشخصاني بعنوان إضفاء الشرعية على إحساس المواطن بأزمة المصداقية.
ورصد آخرون وهم يتصرفون بدون ذكاء عميق أثناء ترويج إصلاحات تقررت في المسارات الثلاثية بمزاعم لها علاقة بالتشكيك بالماضي.
لذلك، دفعت حملة تطعيم بريئة ومهنية ثمن هذا الركام السياسي والإعلامي والشعبوي. وإذا ما أضيف تراث كلاسيكيات الانتقاء واستمرار نهج المحاصصة وتداعيات أزمة الأدوات إلى ذلك الركام عند أي محاولة جدية للفهم والاستدراك، يمكن توفير إجابة أولية على تلك الأسئلة الثلاثة الخطرة: من، وكيف، ولماذا حصل ما حصل؟
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات