الأردن: مسافة مع المقاومة وتساؤلات عن «مستقبل السلطة والشرعية»
عمان جو- بسام البدارين - حتى اللحظة يحافظ الأردن على “مسافة” كبيرة لا يستهان بها في البقاء بعيداً عن تأثيرات الحوارات المباشرة والوساطات مع المقاومة الفلسطينية دون أن تحتفظ مؤسسات عمان بعد، سياسياً ودبلوماسياً، بقدراتها القديمة على التمسك بما تسميه “الشرعية الفلسطينية”، الأمر الذي يؤسس لتحديات مصلحية مهمة ومؤثرة في المصالح الأردنية من الصنف الفلسطيني.
تجد عمان مع متابعة التفاصيل نفسها في جزئية الوساطة والتقارب مع المقاومة والجلوس على طاولة التفاوض حول مستقبل ملف قطاع غزة خارج نطاق التأثير، رغم أن قادة في حركة حماس عرضوا عدة مرات على الأردن الرسمي الالتحاق ببنود الاستثمار في ورقة المقاومة والهدنات، وهو ما ذكره في وقت سابق أمام “القدس العربي” عدة مرات قادة حمساويون بينهم الشيخ إسماعيل هنية.
لا يبرر المسؤولون في عمان “تعففهم” السياسي في المشاركة بفعالية بأي حوارات تجري عبر مصر وقطر وغيرهما، وذلك برأي الوزير السابق المختص الدكتور محمد حلايقة، يحرم الأردني من مكان متقدم وممكن ومفيد على طاولة أي ترتيبات مرتبطة بالملف الفلسطيني، لأن عزل ملف قطاع غزة وما يجري فيه بعد الآن غير ممكن إطلاقاً عن الضفة الغربية وعن سيناريوهات المستقبل.
يرى الحلايقة أن على صانع القرار الحكومي في الأردن الاقتراب أكثر من خط المقاومة ولو بالمعنى السياسي وعلى أساس القناعة بأن كل ما يجري في فلسطين أو سيجري مستقبلاً، من عناصر التأثير الأساسية على حزمة المصالح السياسية.
رغم كل هذا النقاش، لا تظهر عمان بعد أي اهتمام من أي صنف بالوجود في محيط المفاوضات والاتصالات التي تجري عبر لافتة قطرية أو مصرية مع فصائل المقاومة، رغم الإغراء المتمثل في وجود قادة أمريكيين أساسيين في الحالة التفاوضية، ومعهم إسرائيليون فاعلون، وأبرزهم في الجانب الأمريكي وليام بيرنز رئيس جهاز الاستخبارات.
في المقابل، جدد العاهل الملك عبد الله الثاني، مساء الثلاثاء، دعوته لوقف شامل لإطلاق النار على قطاع غزة، وإعادة التأكيد على أن بلاده لا تقبل بصيغة أي مشروع يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. ذلك بطبيعة الحال لا يعني إطلاقاً أن عمان لا تزال في نفس موقعها وموقفها القديم من مؤسسات الشرعية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية وخياراتها، ما يؤسس لحالة تحد إضافية بالمعنى الأردني؛ لأن عمان هنا -في رأي السياسي النشط مروان فاعوري- ليست بحالة جفاء غير مبررة وتؤذي المصالح الذاتية مع المقاومة الفلسطينية، لكنها في حالة الاستمرار في الرهان على خيار السلطة الفلسطينية التي لا تأثير لها من أي نوع في هذه المرحلة من الصراع، وإلى أن تعود السلطة كإطار مختلف فستكون المصالح والأدوار قد تمأسست وتموقعت بعيداً عن المصالح الأردنية.
عملياً، يراقب الأردن كل المفاعيل والتفاصيل، ومن يلتقي قادة حركة حماس من الشخصيات الأردنية أو يتواصل معهم يلمس تلك المشاعر التي تستغرب بشدة عدم سعي الحكومة الأردنية لفتح أي قنوات تواصل حتى ولو من باب المشاركة في الوساطات مع الحركة ومفاعيل المقاومة الفلسطينية، على الرغم من تلميحات سابقة مباشرة قيلت لمسؤولين أردنيين عدة مرات تحت عنوان الترحيب بأي دور أردني مع إظهار التقدير على لسان الشيخ هنية -كما سمعته “القدس العربي” مباشرة- لدور ومواقف الأردن المتقدمة من العدوان الإسرائيلي خلافاً لتفهم كل المبررات والاحتياجات الأردنية الأمنية، التي تؤمن حركة حماس باحترامها والتفاعل معها.
حتى اللحظة، لا أدلة أو قرائن في الواقع على أن عمان بصدد التفكير بفتح أبوابها أو نوافذها لأي ترتيب تواصلي مع المقاومة الفلسطينية ولو من بوابة سياسية، لكن لا أدلة بالمقابل على أن الحسابات الإسرائيلية والأمريكية هنا في العنصر الفاعل بالسياق؛ فالعلاقات بين عمان وتل أبيب في أسوأ أحوالها، لا بل إن العلاقات مع اليمين الإسرائيلي عدائية جداً ومفتوحة الاحتمالات، والقنوات الأمنية الأمريكية هي التي تفاوض الآن المقاومة عبر القناتين المصرية والقطرية.
بالتوازي، لا أدلة مباشرة على أن الأردن مهتم جداً كما الماضي في المسار المتعلق ببقاء الشراكة كبيرة مع السلطة الفلسطينية وقادتها دون أن يعني ذلك القفز فوق السلطة، ودون أن يعني أن عمان لا تريد الحضور لاحقاً عندما تنتهي مواجهة معركة طوفان الأقصى بطاولة تفاوض خاصة جداً تكرس القناعة بأن سؤال البديل والخلافة الفلسطينية سيطرح قريباً، مع أن كبار الساسة الأردنيين لا يعارضون القول إن معركة الطوفان تؤسس- مهما كانت النتائج العسكرية- لحالة فلسطينية مرجعية جديدة تماماً.
تقليب الخيارات مسألة صعبة في المسار الأردني، وعضو البرلمان خليل عطية وغيره مهتمون جداً بالتذكير بضرورة الانفتاح في الوقت الملائم على جميع المعطيات الفلسطينية المؤثرة في المشهد، والتذكير بأن الخطوة الأكثر نضجاً وإنتاجية هي تلك التي تتخذ في الوقت المناسب وسط قناعة غالبية ساسة الأردن بأن التنويع مطلوب الآن، والبقاء على طاولة الحدث أهم بكثير من اعتزال النقاشات.
«القدس العربي»
تجد عمان مع متابعة التفاصيل نفسها في جزئية الوساطة والتقارب مع المقاومة والجلوس على طاولة التفاوض حول مستقبل ملف قطاع غزة خارج نطاق التأثير، رغم أن قادة في حركة حماس عرضوا عدة مرات على الأردن الرسمي الالتحاق ببنود الاستثمار في ورقة المقاومة والهدنات، وهو ما ذكره في وقت سابق أمام “القدس العربي” عدة مرات قادة حمساويون بينهم الشيخ إسماعيل هنية.
لا يبرر المسؤولون في عمان “تعففهم” السياسي في المشاركة بفعالية بأي حوارات تجري عبر مصر وقطر وغيرهما، وذلك برأي الوزير السابق المختص الدكتور محمد حلايقة، يحرم الأردني من مكان متقدم وممكن ومفيد على طاولة أي ترتيبات مرتبطة بالملف الفلسطيني، لأن عزل ملف قطاع غزة وما يجري فيه بعد الآن غير ممكن إطلاقاً عن الضفة الغربية وعن سيناريوهات المستقبل.
يرى الحلايقة أن على صانع القرار الحكومي في الأردن الاقتراب أكثر من خط المقاومة ولو بالمعنى السياسي وعلى أساس القناعة بأن كل ما يجري في فلسطين أو سيجري مستقبلاً، من عناصر التأثير الأساسية على حزمة المصالح السياسية.
رغم كل هذا النقاش، لا تظهر عمان بعد أي اهتمام من أي صنف بالوجود في محيط المفاوضات والاتصالات التي تجري عبر لافتة قطرية أو مصرية مع فصائل المقاومة، رغم الإغراء المتمثل في وجود قادة أمريكيين أساسيين في الحالة التفاوضية، ومعهم إسرائيليون فاعلون، وأبرزهم في الجانب الأمريكي وليام بيرنز رئيس جهاز الاستخبارات.
في المقابل، جدد العاهل الملك عبد الله الثاني، مساء الثلاثاء، دعوته لوقف شامل لإطلاق النار على قطاع غزة، وإعادة التأكيد على أن بلاده لا تقبل بصيغة أي مشروع يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. ذلك بطبيعة الحال لا يعني إطلاقاً أن عمان لا تزال في نفس موقعها وموقفها القديم من مؤسسات الشرعية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية وخياراتها، ما يؤسس لحالة تحد إضافية بالمعنى الأردني؛ لأن عمان هنا -في رأي السياسي النشط مروان فاعوري- ليست بحالة جفاء غير مبررة وتؤذي المصالح الذاتية مع المقاومة الفلسطينية، لكنها في حالة الاستمرار في الرهان على خيار السلطة الفلسطينية التي لا تأثير لها من أي نوع في هذه المرحلة من الصراع، وإلى أن تعود السلطة كإطار مختلف فستكون المصالح والأدوار قد تمأسست وتموقعت بعيداً عن المصالح الأردنية.
عملياً، يراقب الأردن كل المفاعيل والتفاصيل، ومن يلتقي قادة حركة حماس من الشخصيات الأردنية أو يتواصل معهم يلمس تلك المشاعر التي تستغرب بشدة عدم سعي الحكومة الأردنية لفتح أي قنوات تواصل حتى ولو من باب المشاركة في الوساطات مع الحركة ومفاعيل المقاومة الفلسطينية، على الرغم من تلميحات سابقة مباشرة قيلت لمسؤولين أردنيين عدة مرات تحت عنوان الترحيب بأي دور أردني مع إظهار التقدير على لسان الشيخ هنية -كما سمعته “القدس العربي” مباشرة- لدور ومواقف الأردن المتقدمة من العدوان الإسرائيلي خلافاً لتفهم كل المبررات والاحتياجات الأردنية الأمنية، التي تؤمن حركة حماس باحترامها والتفاعل معها.
حتى اللحظة، لا أدلة أو قرائن في الواقع على أن عمان بصدد التفكير بفتح أبوابها أو نوافذها لأي ترتيب تواصلي مع المقاومة الفلسطينية ولو من بوابة سياسية، لكن لا أدلة بالمقابل على أن الحسابات الإسرائيلية والأمريكية هنا في العنصر الفاعل بالسياق؛ فالعلاقات بين عمان وتل أبيب في أسوأ أحوالها، لا بل إن العلاقات مع اليمين الإسرائيلي عدائية جداً ومفتوحة الاحتمالات، والقنوات الأمنية الأمريكية هي التي تفاوض الآن المقاومة عبر القناتين المصرية والقطرية.
بالتوازي، لا أدلة مباشرة على أن الأردن مهتم جداً كما الماضي في المسار المتعلق ببقاء الشراكة كبيرة مع السلطة الفلسطينية وقادتها دون أن يعني ذلك القفز فوق السلطة، ودون أن يعني أن عمان لا تريد الحضور لاحقاً عندما تنتهي مواجهة معركة طوفان الأقصى بطاولة تفاوض خاصة جداً تكرس القناعة بأن سؤال البديل والخلافة الفلسطينية سيطرح قريباً، مع أن كبار الساسة الأردنيين لا يعارضون القول إن معركة الطوفان تؤسس- مهما كانت النتائج العسكرية- لحالة فلسطينية مرجعية جديدة تماماً.
تقليب الخيارات مسألة صعبة في المسار الأردني، وعضو البرلمان خليل عطية وغيره مهتمون جداً بالتذكير بضرورة الانفتاح في الوقت الملائم على جميع المعطيات الفلسطينية المؤثرة في المشهد، والتذكير بأن الخطوة الأكثر نضجاً وإنتاجية هي تلك التي تتخذ في الوقت المناسب وسط قناعة غالبية ساسة الأردن بأن التنويع مطلوب الآن، والبقاء على طاولة الحدث أهم بكثير من اعتزال النقاشات.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات