الملقي يطلق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد
عمان جو_دعا رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أن تبدأ واعتباراً من بداية العام المقبل بتفعيل كافة النصوص القانونية المتعلقة بترسيخ قيم ومعايير النزاهة الوطنية كما وردت في قانونها الجديد، وضمان امتثال الإدارة العامة لهذه القيم والمعايير كافة.
وطلب رئيس الوزراء من الهيئة ان تبدأ اولاً بإدارات رئاسة الوزراء لفحص عناصر النزاهة في سلامة السياسات والاجراءات الحكومية وشفافية القرارات وجودة الخدمات ومعايير الحوكمة الرشيدة ومبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ومبدأ سيادة القانون ومحاربة الواسطة والمحسوبية.
جاء حديث رئيس الوزراء خلال رعايته في مدينة الحسين للشباب، اليوم الخميس، الاحتفال الذي اقامته هيئة النزاهة ومكافحة الفساد باليوم الدولي لمكافحة الفساد تحت شعار "النزاهة مسؤولية جماعية"، معلنا خلال افتتاحه الاحتفال، عن اطلاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017 – 2025، التي نسعى جميعاً ان نصل من خلالها الى بيئة وطنية نزيهة مناهضة للفساد.
ولفت الملقي إلى ان الاردن يشارك الاسرة الدولية وقفتها السنوية الموحدة ضد الفساد في كافة بقاع العالم، لنعلن معاً وبصوت واحد عن قلقنا المشروع من هذا المرض الخبيث، ولنعلن كذلك عن ارادتنا الموحدة في مكافحته والقضاء عليه.
وأكد اننا في الاردن نضم صوتنا الى صوت الاجماع الدولي ونضم جهودنا الى جهوده في حربه العادلة ضد الفساد والمفسدين، ولنؤكد على قوة الارادة السياسية الاردنية التي يمثلها جلالة الملك عبد الله الثاني في التصدي لهذه الظاهرة العالمية الخطيرة، التي تحولت في السنوات القليلة الماضية من آفة تصيب المجتمعات الصغيرة والضعيفة الى مرض خبيث عابر للحدود يضرب في المفاصل الدولية وينتقل عبر المجتمعات، ويغزو كبريات الاقتصاديات العالمية والمؤسسات والمنظمات الدولية.
وقال رئيس الوزراء "يعود الاهتمام الاردني بالجهود الدولية لمكافحة الفساد، وقناعته بأهمية العمل الدولي المشترك في التصدي له، الى ما قبل الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ عام 2003، حيث كان الاردن من الدول الفاعلة في مراحل التحضير والتفاوض ومن اوائل الدول التي وقعت الاتفاقية وصادقت عليها".
وأشار إلى ان تشكيل هيئة مكافحة الفساد عام 2006 في ضوء القناعة الكاملة بضرورة التصدي لآفة العصر، وانسجاماً مع روح الاتفاقية الدولية والتزاماً بأحكامها"، ومن هذا المنطلق فقد استضاف الاردن المؤتمر الاقليمي الاول لمكافحة الفساد برعاية البرنامج التنموي التابع للأمم المتحدة عام 2008 في البحر الميت لبحث الاتفاقية الدولية وآليات تطبيقها في الدول العربية، وهو ما أسفر عن تشكيل ما يعرف الان بالشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في العالم العربي".
وأكد رئيس الوزراء ان الاردن ينطلق في رؤيته الدولية لمكافحة الفساد من قناعته بحجم الأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يحدثها الفساد في المجتمعات، واكثرها خطراً على الاطلاق هو اهدار موارد الدولة بصورة تقود الى نشوء اقتصاديات مشوهة وتَشَكُل الطبقية في المجتمعات، وتراجع القدرة الانتاجية العامة للدولة بما ينشئ ازمة ثقة عميقة بين الدولة والمجتمع.
وقال "ندرك كذلك ان هذه الاضرار لا تقتصر على جوانب السياسة والاقتصاد والبيئة، ولكنها تمتد لتشمل قيم النزاهة والاصالة في المجتمع وفي مؤسسات الدولة وتصيب قدرة الحكومات على تقديم الخدمات الاساسية بصورة فاعلة، وبدرجة عالية من الشفافية، كما تشير الى ذلك العديد من التقارير الدولية ذات المصداقية العالية".
وأضاف "الأردن ليس استثناءً فيما يتعلق بالظاهرة الدولية للفساد، فالفساد ظاهرة بشرية تاريخية تمتد جذورها الى اقدم المجتمعات الانسانية عبر العصور، ولا يكاد زمان او مكان يخلو من هذه الظاهرة، وهو ما يشكل تحديا جوهريا لجهودنا جميعاً في محاربة الفساد".
ولفت إلى ان الأردن تعرض عبر السنوات الى حالات فساد اساءت الى المال العام، واحدثت العديد من الاضرار، ولكنها، وبالتقييم الموضوعي، لم تشكل ظاهرة عميقة بالمعايير السياسية والاقتصادية، وقد تمكنت الحكومات المتعاقبة من تجاوز هذه الاضرار وتجاوز المرحلة الصعبة بالكثير من الجهود الوطنية الصادقة.
وتابع رئيس الوزراء: "كما اظهرت هذه المرحلة ان في الاردن مجتمعاً قوياً واعياً يتسلح بمعايير القيم الدينية والمجتمعية والتراثية، ولديه الرغبة الوطنية الصادقة في لفظ الفساد ورفضه، وتشكيل جبهة وطنية موحدة في الصراع ضده، وهو ما يشكل لنا في الاردن بيئة مهيأة لرفض الفساد والتصدي له".
وأكد ان السياسات الوطنية والاجراءات الحكومية خلال السنوات الماضية جاءت، وبتوجيه من جلالة الملك، لتعمل على تهيئة الارضية السياسية والقانونية والمجتمعية لمرحلة جديدة في مكافحة الفساد في الأردن، حيثُ تمت مراجعة وتطوير التشريعات المعنية بمبادئ النزاهة ومكافحة الفساد، وتشكلت هيئات رقابة فاعلة في نطاق واسع من التخصصات كالغذاء والدواء، والمواصفات والمقاييس، والاوراق المالية، وغسيل الاموال وتمويل الارهاب، ومراقبة الشركات، بالإضافة الى ديوان المحاسبة ومنظومة الرقابة الداخلية، وعدد آخر من هذه المؤسسات الوطنية الهامة كل ضمن نطاق تخصصه، مع رفع مستويات التنسيق والعمل المشترك بين هذه الهيئات والمؤسسات.
وقال "وفي هذا الاطار فقد اعيدت هيكلة الادارة العامة وتشكلت لجنة ملكية لصياغة "ميثاق النزاهة الوطنية" تبعها لجنة ملكية اخرى لتقييم العمل ومتابعة الانجاز، وأُعيدت هيكلة هيئة مكافحة الفساد، وصدر قانونها الجديد في اواسط هذا العام الذي حملها المسؤولية القانونية في تفعيل منظومة القيم والقواعد السلوكية في الادارة العامة وضمان التزامها بكافة معايير النزاهة الوطنية".
واكد رئيس الوزراء ان الورقة الملكية النقاشية السادسة حول "سيادة القانون والدولة المدنية"، اظهرت قوة وجدية الارادة السياسية الاردنية في بناء نظام مساءلة سياسي/ قانوني، يلزم كل مؤسسة عامة وكل مسؤول عام بتحمل مسؤولية سياساتهم وقراراتهم واجراءاتهم، مما يقود الى حالة يسود فيها القانون وتطبق فيها معايير النزاهة الوطنية في مؤسسات القطاع العام مشكلةً بذلك ارضية سياسية مجتمعية فاعلة لمكافحة الفساد.
وقال "لعل القيم والمعايير التي طرحتها الورقة الملكية في سيادة القانون وارساء نظام المساءلة والمحاسبة، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، تشكل التعبير الاوضح عن هذه الارادة، وقد انعكس ذلك ببرنامج وطني طموح طورته الحكومة بحيث يشكل امتداداً للسياسات السابقة، ويستلهم علاقات العمل التعاوني المشترك مع السلطتين التشريعية والقضائية لتحقيق هذه الاغراض، ولهذا فقد كان احد اهم المرتكزات السياسية التي تضمنها خطاب الثقة الى مجلس الامة قبل ايام هو نية الحكومة في "تطوير الادارة العامة" كأساس لمبدأ سيادة القانون، وترسيخ منظومة النزاهة الوطنية كأساس لأعمال مكافحة الفساد".
وفي الوقت الذي قدر فيه للهيئة جهودها المتواصلة خلال الاشهر الست الماضية في تطوير استراتيجية معاصرة للنزاهة ومكافحة الفساد، أعرب الملقي عن قناعته بقدرة هذه الهيئة ومجلسها الجديد وبقانونها وتنظيمها الجديدين، على تحقيق الاهداف الوطنية والبرامج والمشاريع الطموحة التي انتهجتها للسنوات الثمانية القادمة حتى عام 2025، داعياً وبعد انجاز هذه القيم والقواعد المسلكية العليا، الى ان ننطلق معاً لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية في كافة مفاصل الادارة العامة، وان نوظف كل ذلك في اطار استراتيجيتنا الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد.
وأكد اننا في الأردن جادون في صراعنا مع الفساد والتغلب عليه، وان هذه الحكومة ستأخذ الصراع مع الفساد والمفسدين الى مداه الذي يستحق، "وسوف نؤسس لنظام محاسبة سياسي قانوني يردع النفوس المريضة، ويحمي الموظف العام ويحصن القائمين على ادارة المال العام، وسنغلق كافة الابواب التي تقود الى الاساءة الى مواردنا الوطنية، وسنعمل على توجيه هذه الموارد الى الاتجاهات الصحيحة، وسنتخذ كل ما يلزم لإنفاذ القانون وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، كما يريدها سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني.
بدوره قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محمد العلاف، إن الأردن يقف إلى جانب 180 عاصمة حول العالم، من الدول الأعضاء في اتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، مضيفاً "إننا نجدد رفضنا القاطع للفساد ونعلن عزمنا على محاربته بالتصدي له".
وأوضح "إننا نقف على اعتاب عام جديد، وأن الهيئة تتهيأ لدخول مراحل جديدة من مراحل نموها وتطورها كمؤسسة وطنية تعنى بمكافحة الفساد وسلامة المال العام، وهي مرحلة تؤسس لإضافات نوعية في ممارسة الهيئة لأدوارها الوطنية ووظائفها المهنية عبر السنوات المقبلة".
وأشار العلاف إلى أن التجربة الأردنية في مكافحة الفساد شهدت خلال العام الحالي تطوراً نوعياً في اتجاهات أربعة، الأول: القانون الجديد للنزاهة ومكافحة الفساد، والثاني: في الدمج وإعادة الهيكلة الجزئية، والثالث: مفهوم النزاهة الوطنية، والرابع: في تخطيط الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025.
وأكد ان مفهوم النزاهة الوطنية يهدف إلى ترسيخ مبادئ سيادة القانون، والحاكمية الرشيدة، والشفافية في أعمال الإدارة العامة، والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، والمساءلة والمحاسبة كما أقرها "ميثاق النزاهة الوطنية".
وتابع العلاف: إن الهيئة انجزت خلال الأشهر الستة الماضية "الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025"، بإطار زمني يمتد لثماني سنوات، وبأهداف استراتيجية تسعى إلى تطوير بيئة مناهضة للفساد، وتقوم على رؤية تتواصل مع الشرائح الوطنية كافة، وتؤصل القيم الوطنية والتراثية، وتكرس قيم النزاهة ومعايير السلوك الفردي والمؤسسي.
كما أكد "ان الهيئة لن تسمح بالعبث في المال العام، وستضيق على الفساد والفاسدين والمفسدين، وتحدد حركتهم، وتمنع تطاولهم، وتراقب المواقع المولدة للمال العام ومواقع التداول فيه، ومتابعة قرارات استخدامه وتوظيفه للأغراض الوطنية والقانونية".
وبين العلاف أن الهيئة ستعمل من خلال الاستراتيجية على بناء جبهة وطنية موحده ومتماسكة ضد "الواسطة والمحسوبية"، وعلى تجريم الواسطة شعبياً وقانونياً ومسلكياً، ورصد حالات الواسطة في الإدارة العامة والتعامل مع التجاوزات.
كما أكد ان الهيئة ستركز من خلال نشاطاتها ومشاريعها وبرامجها كافة على أطر قانونية وصريحة، وتنفذها بروح من الشراكة والتعاون عبر بناء شراكات استراتيجية مع كبرى الإدارات الحكومية، وكذلك شراكات أخرى مع القطاع الخاص، فضلاً عن الشراكات الدولية التي تسمح للهيئة بممارسة وظائفها بدرجة عالية من الفعالية والمهنية.
وتوجه العلاف بالشكر إلى كل الجهات التي ساهمت ودعمت الهيئة في انجاز الاستراتيجية، والمتمثلة بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ومنظمة الشفافية الدولية التي يمثلها رسمياً بالأردن، و"منظمة رشيد"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
وقال مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في البرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدكتور خالد عبد الشافي، "إن الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي يصادف التاسع من كانون الأول لكل عام، يأتي توثيقاً لاعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تم التوقيع عليها في التاريخ ذاته من عام 2003 بمدينة ميريدا المكسيكية، ليصل عدد الأطراف فيها حتى الآن 180 دولة من بينها الأردن، الذي كان في مقدمة الدول حيثُ وقع وصادق على الاتفاقية في عام 2005.
وثمن الجهود الأردنية الرامية لتعزيز النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد، إذ واكب "البرنامج الإنمائي" مسار تلك الجهود لأكثر من عقد، ووفر الدعم الفني لتنمية القدرات الوطنية وتعزيز مشاركة جميع الأطراف المعنية، فضلاً عن ذلك الدعم الذي يقدمه البرنامج من خلال الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في المملكة، والتي تضم بعضويتها حالياً 47 وزارة وهيئة من 18 دولة عربية.
وأكد عبد الشافي أن الأردن اتخذ خطوات اصلاحية وتشاركية على الرغم من التحديات التي يواجهها، وجاء ثمرة لتلك الخطوات الميثاق الوطني للنزاهة ورؤية الأردن 2025، التي دعمها "البرنامج الإنمائي" لتكون رؤية وطنية شاملة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح ان الفساد يكلف اقتصاديات الدول مليارات الدولارات شهرياً، قد تصل تلك التكلفة في بعض الدول إلى ما نسبته 17 بالمئة من ناتجها الإجمالي القومي.
كما أكد ان الحكم الرشيد يشكل ركيزة أساسية في تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030 ومجموعة الأهداف العالمية الـ 17، وخاصة ذلك الهدف الذي يدعو إلى "تشجيع إقامة مجتمعات مسالمة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع.
وتابع عبد الشافي: ان الأردن تبنى تلك الأهداف العالمية ضمن سياسته الوطنية ممثلة برؤية الأردن 2025، ملتزماً بالسعي لتحقيقها والبناء على ما تم إنجازه في إطار تنفيذه للأهداف الإنمائية للألفية.
وتهدف "الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025"، التي تم الإعلان عنها، اليوم، إلى تفعيل منظومة النزاهة الوطنية وتنسيق معايير ومبادئ النزاهة لإيجاد بيئة وطنية مناهضة للفساد، وتهيئة البيئة الوطنية للمشاركة في مكافحة الفساد من خلال التوعية الوطنية للمجتمع والمؤسسات والأفراد.
إضافة إلى الوقاية من الفساد وتجفيف منابعه وتطويقه وإغلاق منافذه وعزله والحد من آثاره من خلال العمل الاستباقي الفعال، وتكريس انفاذ قانون النزاهة ومكافحة الفساد كأساس لمبدأ سيادة القانون، وإحكام التشريعات السارية والمستقبلية بإغلاق الثغرات التشريعية التي قد تؤدي إلى الفساد، وتعزيز الشراكات وتكامل الجهود مع الشركاء المحليين والدوليين، وتعزيز قنوات الاتصال والإعلام، وتطوير القدرات المؤسسية للهيئة والارتقاء بالأداء بما يعظم إنجازات الهيئة.
وتتمحور الاستراتيجية الوطنية حول عدد من البرامج تتضمن سيادة القانون، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، والحاكمية الرشيدة، وتعزيز القيم والقواعد السلوكية على المستويين الفردي والمؤسسي، والشفافية وإتاحة المعلومات.-(بترا)
وطلب رئيس الوزراء من الهيئة ان تبدأ اولاً بإدارات رئاسة الوزراء لفحص عناصر النزاهة في سلامة السياسات والاجراءات الحكومية وشفافية القرارات وجودة الخدمات ومعايير الحوكمة الرشيدة ومبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ومبدأ سيادة القانون ومحاربة الواسطة والمحسوبية.
جاء حديث رئيس الوزراء خلال رعايته في مدينة الحسين للشباب، اليوم الخميس، الاحتفال الذي اقامته هيئة النزاهة ومكافحة الفساد باليوم الدولي لمكافحة الفساد تحت شعار "النزاهة مسؤولية جماعية"، معلنا خلال افتتاحه الاحتفال، عن اطلاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017 – 2025، التي نسعى جميعاً ان نصل من خلالها الى بيئة وطنية نزيهة مناهضة للفساد.
ولفت الملقي إلى ان الاردن يشارك الاسرة الدولية وقفتها السنوية الموحدة ضد الفساد في كافة بقاع العالم، لنعلن معاً وبصوت واحد عن قلقنا المشروع من هذا المرض الخبيث، ولنعلن كذلك عن ارادتنا الموحدة في مكافحته والقضاء عليه.
وأكد اننا في الاردن نضم صوتنا الى صوت الاجماع الدولي ونضم جهودنا الى جهوده في حربه العادلة ضد الفساد والمفسدين، ولنؤكد على قوة الارادة السياسية الاردنية التي يمثلها جلالة الملك عبد الله الثاني في التصدي لهذه الظاهرة العالمية الخطيرة، التي تحولت في السنوات القليلة الماضية من آفة تصيب المجتمعات الصغيرة والضعيفة الى مرض خبيث عابر للحدود يضرب في المفاصل الدولية وينتقل عبر المجتمعات، ويغزو كبريات الاقتصاديات العالمية والمؤسسات والمنظمات الدولية.
وقال رئيس الوزراء "يعود الاهتمام الاردني بالجهود الدولية لمكافحة الفساد، وقناعته بأهمية العمل الدولي المشترك في التصدي له، الى ما قبل الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ عام 2003، حيث كان الاردن من الدول الفاعلة في مراحل التحضير والتفاوض ومن اوائل الدول التي وقعت الاتفاقية وصادقت عليها".
وأشار إلى ان تشكيل هيئة مكافحة الفساد عام 2006 في ضوء القناعة الكاملة بضرورة التصدي لآفة العصر، وانسجاماً مع روح الاتفاقية الدولية والتزاماً بأحكامها"، ومن هذا المنطلق فقد استضاف الاردن المؤتمر الاقليمي الاول لمكافحة الفساد برعاية البرنامج التنموي التابع للأمم المتحدة عام 2008 في البحر الميت لبحث الاتفاقية الدولية وآليات تطبيقها في الدول العربية، وهو ما أسفر عن تشكيل ما يعرف الان بالشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في العالم العربي".
وأكد رئيس الوزراء ان الاردن ينطلق في رؤيته الدولية لمكافحة الفساد من قناعته بحجم الأضرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يحدثها الفساد في المجتمعات، واكثرها خطراً على الاطلاق هو اهدار موارد الدولة بصورة تقود الى نشوء اقتصاديات مشوهة وتَشَكُل الطبقية في المجتمعات، وتراجع القدرة الانتاجية العامة للدولة بما ينشئ ازمة ثقة عميقة بين الدولة والمجتمع.
وقال "ندرك كذلك ان هذه الاضرار لا تقتصر على جوانب السياسة والاقتصاد والبيئة، ولكنها تمتد لتشمل قيم النزاهة والاصالة في المجتمع وفي مؤسسات الدولة وتصيب قدرة الحكومات على تقديم الخدمات الاساسية بصورة فاعلة، وبدرجة عالية من الشفافية، كما تشير الى ذلك العديد من التقارير الدولية ذات المصداقية العالية".
وأضاف "الأردن ليس استثناءً فيما يتعلق بالظاهرة الدولية للفساد، فالفساد ظاهرة بشرية تاريخية تمتد جذورها الى اقدم المجتمعات الانسانية عبر العصور، ولا يكاد زمان او مكان يخلو من هذه الظاهرة، وهو ما يشكل تحديا جوهريا لجهودنا جميعاً في محاربة الفساد".
ولفت إلى ان الأردن تعرض عبر السنوات الى حالات فساد اساءت الى المال العام، واحدثت العديد من الاضرار، ولكنها، وبالتقييم الموضوعي، لم تشكل ظاهرة عميقة بالمعايير السياسية والاقتصادية، وقد تمكنت الحكومات المتعاقبة من تجاوز هذه الاضرار وتجاوز المرحلة الصعبة بالكثير من الجهود الوطنية الصادقة.
وتابع رئيس الوزراء: "كما اظهرت هذه المرحلة ان في الاردن مجتمعاً قوياً واعياً يتسلح بمعايير القيم الدينية والمجتمعية والتراثية، ولديه الرغبة الوطنية الصادقة في لفظ الفساد ورفضه، وتشكيل جبهة وطنية موحدة في الصراع ضده، وهو ما يشكل لنا في الاردن بيئة مهيأة لرفض الفساد والتصدي له".
وأكد ان السياسات الوطنية والاجراءات الحكومية خلال السنوات الماضية جاءت، وبتوجيه من جلالة الملك، لتعمل على تهيئة الارضية السياسية والقانونية والمجتمعية لمرحلة جديدة في مكافحة الفساد في الأردن، حيثُ تمت مراجعة وتطوير التشريعات المعنية بمبادئ النزاهة ومكافحة الفساد، وتشكلت هيئات رقابة فاعلة في نطاق واسع من التخصصات كالغذاء والدواء، والمواصفات والمقاييس، والاوراق المالية، وغسيل الاموال وتمويل الارهاب، ومراقبة الشركات، بالإضافة الى ديوان المحاسبة ومنظومة الرقابة الداخلية، وعدد آخر من هذه المؤسسات الوطنية الهامة كل ضمن نطاق تخصصه، مع رفع مستويات التنسيق والعمل المشترك بين هذه الهيئات والمؤسسات.
وقال "وفي هذا الاطار فقد اعيدت هيكلة الادارة العامة وتشكلت لجنة ملكية لصياغة "ميثاق النزاهة الوطنية" تبعها لجنة ملكية اخرى لتقييم العمل ومتابعة الانجاز، وأُعيدت هيكلة هيئة مكافحة الفساد، وصدر قانونها الجديد في اواسط هذا العام الذي حملها المسؤولية القانونية في تفعيل منظومة القيم والقواعد السلوكية في الادارة العامة وضمان التزامها بكافة معايير النزاهة الوطنية".
واكد رئيس الوزراء ان الورقة الملكية النقاشية السادسة حول "سيادة القانون والدولة المدنية"، اظهرت قوة وجدية الارادة السياسية الاردنية في بناء نظام مساءلة سياسي/ قانوني، يلزم كل مؤسسة عامة وكل مسؤول عام بتحمل مسؤولية سياساتهم وقراراتهم واجراءاتهم، مما يقود الى حالة يسود فيها القانون وتطبق فيها معايير النزاهة الوطنية في مؤسسات القطاع العام مشكلةً بذلك ارضية سياسية مجتمعية فاعلة لمكافحة الفساد.
وقال "لعل القيم والمعايير التي طرحتها الورقة الملكية في سيادة القانون وارساء نظام المساءلة والمحاسبة، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، تشكل التعبير الاوضح عن هذه الارادة، وقد انعكس ذلك ببرنامج وطني طموح طورته الحكومة بحيث يشكل امتداداً للسياسات السابقة، ويستلهم علاقات العمل التعاوني المشترك مع السلطتين التشريعية والقضائية لتحقيق هذه الاغراض، ولهذا فقد كان احد اهم المرتكزات السياسية التي تضمنها خطاب الثقة الى مجلس الامة قبل ايام هو نية الحكومة في "تطوير الادارة العامة" كأساس لمبدأ سيادة القانون، وترسيخ منظومة النزاهة الوطنية كأساس لأعمال مكافحة الفساد".
وفي الوقت الذي قدر فيه للهيئة جهودها المتواصلة خلال الاشهر الست الماضية في تطوير استراتيجية معاصرة للنزاهة ومكافحة الفساد، أعرب الملقي عن قناعته بقدرة هذه الهيئة ومجلسها الجديد وبقانونها وتنظيمها الجديدين، على تحقيق الاهداف الوطنية والبرامج والمشاريع الطموحة التي انتهجتها للسنوات الثمانية القادمة حتى عام 2025، داعياً وبعد انجاز هذه القيم والقواعد المسلكية العليا، الى ان ننطلق معاً لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية في كافة مفاصل الادارة العامة، وان نوظف كل ذلك في اطار استراتيجيتنا الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد.
وأكد اننا في الأردن جادون في صراعنا مع الفساد والتغلب عليه، وان هذه الحكومة ستأخذ الصراع مع الفساد والمفسدين الى مداه الذي يستحق، "وسوف نؤسس لنظام محاسبة سياسي قانوني يردع النفوس المريضة، ويحمي الموظف العام ويحصن القائمين على ادارة المال العام، وسنغلق كافة الابواب التي تقود الى الاساءة الى مواردنا الوطنية، وسنعمل على توجيه هذه الموارد الى الاتجاهات الصحيحة، وسنتخذ كل ما يلزم لإنفاذ القانون وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، كما يريدها سيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني.
بدوره قال رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محمد العلاف، إن الأردن يقف إلى جانب 180 عاصمة حول العالم، من الدول الأعضاء في اتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، مضيفاً "إننا نجدد رفضنا القاطع للفساد ونعلن عزمنا على محاربته بالتصدي له".
وأوضح "إننا نقف على اعتاب عام جديد، وأن الهيئة تتهيأ لدخول مراحل جديدة من مراحل نموها وتطورها كمؤسسة وطنية تعنى بمكافحة الفساد وسلامة المال العام، وهي مرحلة تؤسس لإضافات نوعية في ممارسة الهيئة لأدوارها الوطنية ووظائفها المهنية عبر السنوات المقبلة".
وأشار العلاف إلى أن التجربة الأردنية في مكافحة الفساد شهدت خلال العام الحالي تطوراً نوعياً في اتجاهات أربعة، الأول: القانون الجديد للنزاهة ومكافحة الفساد، والثاني: في الدمج وإعادة الهيكلة الجزئية، والثالث: مفهوم النزاهة الوطنية، والرابع: في تخطيط الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025.
وأكد ان مفهوم النزاهة الوطنية يهدف إلى ترسيخ مبادئ سيادة القانون، والحاكمية الرشيدة، والشفافية في أعمال الإدارة العامة، والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، والمساءلة والمحاسبة كما أقرها "ميثاق النزاهة الوطنية".
وتابع العلاف: إن الهيئة انجزت خلال الأشهر الستة الماضية "الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025"، بإطار زمني يمتد لثماني سنوات، وبأهداف استراتيجية تسعى إلى تطوير بيئة مناهضة للفساد، وتقوم على رؤية تتواصل مع الشرائح الوطنية كافة، وتؤصل القيم الوطنية والتراثية، وتكرس قيم النزاهة ومعايير السلوك الفردي والمؤسسي.
كما أكد "ان الهيئة لن تسمح بالعبث في المال العام، وستضيق على الفساد والفاسدين والمفسدين، وتحدد حركتهم، وتمنع تطاولهم، وتراقب المواقع المولدة للمال العام ومواقع التداول فيه، ومتابعة قرارات استخدامه وتوظيفه للأغراض الوطنية والقانونية".
وبين العلاف أن الهيئة ستعمل من خلال الاستراتيجية على بناء جبهة وطنية موحده ومتماسكة ضد "الواسطة والمحسوبية"، وعلى تجريم الواسطة شعبياً وقانونياً ومسلكياً، ورصد حالات الواسطة في الإدارة العامة والتعامل مع التجاوزات.
كما أكد ان الهيئة ستركز من خلال نشاطاتها ومشاريعها وبرامجها كافة على أطر قانونية وصريحة، وتنفذها بروح من الشراكة والتعاون عبر بناء شراكات استراتيجية مع كبرى الإدارات الحكومية، وكذلك شراكات أخرى مع القطاع الخاص، فضلاً عن الشراكات الدولية التي تسمح للهيئة بممارسة وظائفها بدرجة عالية من الفعالية والمهنية.
وتوجه العلاف بالشكر إلى كل الجهات التي ساهمت ودعمت الهيئة في انجاز الاستراتيجية، والمتمثلة بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ومنظمة الشفافية الدولية التي يمثلها رسمياً بالأردن، و"منظمة رشيد"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).
وقال مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في البرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدكتور خالد عبد الشافي، "إن الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي يصادف التاسع من كانون الأول لكل عام، يأتي توثيقاً لاعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي تم التوقيع عليها في التاريخ ذاته من عام 2003 بمدينة ميريدا المكسيكية، ليصل عدد الأطراف فيها حتى الآن 180 دولة من بينها الأردن، الذي كان في مقدمة الدول حيثُ وقع وصادق على الاتفاقية في عام 2005.
وثمن الجهود الأردنية الرامية لتعزيز النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد، إذ واكب "البرنامج الإنمائي" مسار تلك الجهود لأكثر من عقد، ووفر الدعم الفني لتنمية القدرات الوطنية وتعزيز مشاركة جميع الأطراف المعنية، فضلاً عن ذلك الدعم الذي يقدمه البرنامج من خلال الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في المملكة، والتي تضم بعضويتها حالياً 47 وزارة وهيئة من 18 دولة عربية.
وأكد عبد الشافي أن الأردن اتخذ خطوات اصلاحية وتشاركية على الرغم من التحديات التي يواجهها، وجاء ثمرة لتلك الخطوات الميثاق الوطني للنزاهة ورؤية الأردن 2025، التي دعمها "البرنامج الإنمائي" لتكون رؤية وطنية شاملة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح ان الفساد يكلف اقتصاديات الدول مليارات الدولارات شهرياً، قد تصل تلك التكلفة في بعض الدول إلى ما نسبته 17 بالمئة من ناتجها الإجمالي القومي.
كما أكد ان الحكم الرشيد يشكل ركيزة أساسية في تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030 ومجموعة الأهداف العالمية الـ 17، وخاصة ذلك الهدف الذي يدعو إلى "تشجيع إقامة مجتمعات مسالمة من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع.
وتابع عبد الشافي: ان الأردن تبنى تلك الأهداف العالمية ضمن سياسته الوطنية ممثلة برؤية الأردن 2025، ملتزماً بالسعي لتحقيقها والبناء على ما تم إنجازه في إطار تنفيذه للأهداف الإنمائية للألفية.
وتهدف "الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2017-2025"، التي تم الإعلان عنها، اليوم، إلى تفعيل منظومة النزاهة الوطنية وتنسيق معايير ومبادئ النزاهة لإيجاد بيئة وطنية مناهضة للفساد، وتهيئة البيئة الوطنية للمشاركة في مكافحة الفساد من خلال التوعية الوطنية للمجتمع والمؤسسات والأفراد.
إضافة إلى الوقاية من الفساد وتجفيف منابعه وتطويقه وإغلاق منافذه وعزله والحد من آثاره من خلال العمل الاستباقي الفعال، وتكريس انفاذ قانون النزاهة ومكافحة الفساد كأساس لمبدأ سيادة القانون، وإحكام التشريعات السارية والمستقبلية بإغلاق الثغرات التشريعية التي قد تؤدي إلى الفساد، وتعزيز الشراكات وتكامل الجهود مع الشركاء المحليين والدوليين، وتعزيز قنوات الاتصال والإعلام، وتطوير القدرات المؤسسية للهيئة والارتقاء بالأداء بما يعظم إنجازات الهيئة.
وتتمحور الاستراتيجية الوطنية حول عدد من البرامج تتضمن سيادة القانون، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، والحاكمية الرشيدة، وتعزيز القيم والقواعد السلوكية على المستويين الفردي والمؤسسي، والشفافية وإتاحة المعلومات.-(بترا)
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات