سلفيو الأردن يواجهون الـ''سلفي فوبيا'' بسبب تنظيم الدولة
عمان جو - بات أحمد (37 عاما) ذو "اللباس السلفي" يمتعض من تكرار مواقف بات يتعرض لها بسبب مظهره الخارجي.. يقول الشاب الذي يسكن في مدينة إربد (شمال الأردن) إنه بات يسمع تعليقات يومية تصفه بـ"الداعشي" و"الإرهابي" خصوصا بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة مؤخرا.
يروي أحمد قصة عن صديق له ملتزم دينيا تعرض لتضييق وتفتيش هو وزوجته المنقبة على باب أحد "المجمعات التجارية" لمجرد أنهم ملتزمون دينيا ويرتدون "لباس السلف". ويقول الشاب إن مواقف عديدة حصلت معه جعلته "يشعر بأنه موضع اتهام وشك"، محملا "بعض وسائل الإعلام والتيارات المتطرفة المسؤولية في تشويه صورة المسلم المتدين".
وتبقى الأوصاف التي تطلق بحق الشاب أحمد (غير المنتسب لأي تيار) أخف وطأة من تلك التي تطلق بحق منتسبين للتيار السلفي الجهادي الأردني.. يقص عضو التيار السلفي الجهادي الأردني بسام النعيمي حادثة حصلت معه أثاء زيارته لأحد أصدقائه، حيث تجمهر حوله أطفال يصرخون "داعشي.. داعشي".
ويقول النعيمي إن "أوصافا عديدة تطلق بحق منتسبي التيار مثل (تكفيري) و(داعشي) مؤخرا".
ولم يختلف الحال مع رئيس جمعية الكتاب والسنة زايد حماد، الذي فاجأه أحد المشاركين بمؤتمر عربي بنعته بـ"الشيخ الداعشي" من باب المزاح، ما أثار استيائه..
حماد، يعتقد أن مواقف التمييز ضد المتدينين انتشرت مؤخرا وتروج لها بعض التيارات العلمانية التي وصفت الجمعية بـ"الداعشية" بالرغم من أنها جمعية خيرية تقدم العون للمحتاجين.
سيطرة تنظيم الدولة ساهم في نشر صور نمطية عن السلفيين
الصحفي الأردني وائل البتيري، يرى أن انتشار توصيفات مثل "داعشي" بحق أشخاص متدينين في الأردن "طبيعي جدا"؛ مفسرا ذلك بأن "سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة في بلدين ملاصقين للأردن، هما سوريا والعراق، بالإضافة لمشاركة الأردن في تحالف دولي لقتال هذا التنظيم، ويجيّش إعلاميا لمحاربته، وخصوصا بعد مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد التنظيم.. كله ساهم في خلق حالة من التفاعل المجتمعي أدت إلى بروز هذا التوصيف".
يقول البتيري إن "دوافع إطلاق هذا التوصيف تختلف من شخص لآخر، فهناك من يستخدمه لمجرد الدعابة والمزاح، وهناك من يستخدمه للسخرية، وآخرون للتنفير من أشخاص معينين".
ويتفق البتيري مع الشاب أحمد، في أن الإعلام لعب دورا في رسم هذه الصورة النمطية، ويقول: "ساهم الإعلام بشكل كبير في هذه الحالة، فالإعلام الحكومي يركز كثيرا على تهيئة الرأي العام لقبول أي خيار لمواجهة تنظيم الدولة، ويستخدم مصطلح (عصابة داعش الإرهابية)، وهو مصطلح يرسخ في عقل المتلقي انطباعا معينا، يسهِّل عليه استخدامه عند وقوع الجرائم والمشاجرات وكل ما له علاقة بالعنف المجتمعي".
ويرى أن الدور الأكبر كان للإعلام المجتمعي ومواقع التواصل؛ التي "ساهمت في تمدد هذه الحالة وترسيخها من خلال تناول ظاهرة تنظيم الدولة بالحوار والجدل، وبث الصور والكاريكاتورات الهزلية، والمقاطع التمثيلية الساخرة".
مضيفا أنه "بالرغم من أن بعض الجهات المعادية للتدين، ووسائل الإعلام الموجَّهة؛ سعت إلى استغلال بعض الأحداث لتشويه صورة المتدينين عموما، فإنها لم تفلح في تحويل هذه الحالة إلى ظاهرة تنعكس في شكل سلوك معادٍ لدى عموم الشعب الأردني المحافظ تجاه المتدينين".
تمييز في العمل
ويعاني بعض الملتزمين دينيا في حال الحصول على وظيفة بسبب لباسهم الذي يظهر التزامهم الديني.. وترى رنا التي تحمل شهادة عليا في اللغة العربية أنها "لم تستطع الحصول على وظيفة في مدرسة خاصة، بسبب ما ترتديه من نقاب شرعي"، وتقول إنها لمست انزعاجا من مدير المدرسة الذي التقاها وسألها عن إمكانية "خلع النقاب في حال تم توظيفها".
ولجأت رنا للعمل في مدرسة ذات طابع ديني في العاصمة عمان، بعد فشل محاولاتها في الحصول على وظيفة في مدارس أخرى بالرغم من تفوقها في الجامعة، كما تقول.
ويرى الصحفي وائل البتيري أن التمييز في العمل بحق المتدينين "حالة قديمة حديثة، تزداد وتقل بحسب اختلاف البيئات، وتباين الهيئات بين متدين وآخر"، مؤكدا أن "الشاب المتدين الذي يرتدي بنطالاً وقميصا ويقصر لحيته، ليس كالذي يرتدي لباسا أفغانيا وطاقية سوداء وله لحية كثة وشعر طويل. ففي الخلفية الذهنية لدى المجتمع؛ يصنف صاحب الصورة الأولى متدينا معتدلا، والثاني يعدّ ذا فكر متشدد".
ويقول: "هناك من لا يقبل أي ملتحٍ موظفاً عنده، وهناك من يتهيب حين يرى شابا يرتدي لباسا أفغانيا، ويتوجس من توظيفه. وفي المقابل؛ فإن هناك من يبحث عن الشاب المتدين بغض النظر عن مظهره لأنه يراه أمينا على مصالحه وأمواله".
مخالفة للمواثيق الدولية
حقوقيا، يعتبر الدكتور فوزي السمهوري، رئيس جمعية "جذور" لحقوق الإنسان (مقرها عمّان)، ما يتعرض له بعض الأشخاص من تضييق بسبب ملابسهم التي تعكس معتقداتهم الدينية "جريمة يعاقب عليها الدستور الأردني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
ويقول إن المادة السابعة من الدستور الأردني كفلت الحرية الشخصية للمواطن الأردني، وعرضت من ينتهك هذه الحرية إلى المساءلة والعقاب، وتنص المادة السابعة على أن "الحرية الشخصية مصونة وكل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون".
وبموجب المادة الرابعة عشرة من الدستور الأردني: "تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في المملكة، ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب" .
وبحسب السمهوري، فإن ما يتعرض له الملتزمون دينيا من تضييق، يخالف المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص في مادته الثامنة على أن "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة".
ويحذر الحقوقي من الاستمرار في التضييق على المتدينين بسبب لباسهم، وبرأيه فقد تشجع هذه النظرة الضيقة على شعور الإنسان المضطهد بعدم العدالة وقد تقود إلى التطرف، مبينا أنه لا يجوز لأحد أن يفرض رأيه في أمور تعتبر حرية شخصية لإنسان بحسب المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أنه "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات".
ويوثق الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد أبو رمان، في كتابه "أنا سلفي" بروز نجـم التيـارات السـلفية بالصعـود والانتشـار في العالم العربي، ومنها الأردن، منـذ سـبعينيات القـرن الماضي، حيث سـاهمت السـعودية بدور محـوري، جـراء التزاوج التاريخـي مـا بين السـلفية والسـلطة هنـاك.
وسـاعد على هـذا الـدور وعززته الوفرة النفطية التي ولدت وفرا ماليا سـاهم في نشر السـلفية مـن أنصارها وخلق آلاف فرص العمل والوظائـف والمنح الدراسـية للعـرب في السـعودية، "ما انعكـس لاحقا على نشر الرؤى السـلفية على نطـاق اجتماعي عربي واسـع".
عمان جو - بات أحمد (37 عاما) ذو "اللباس السلفي" يمتعض من تكرار مواقف بات يتعرض لها بسبب مظهره الخارجي.. يقول الشاب الذي يسكن في مدينة إربد (شمال الأردن) إنه بات يسمع تعليقات يومية تصفه بـ"الداعشي" و"الإرهابي" خصوصا بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة مؤخرا.
يروي أحمد قصة عن صديق له ملتزم دينيا تعرض لتضييق وتفتيش هو وزوجته المنقبة على باب أحد "المجمعات التجارية" لمجرد أنهم ملتزمون دينيا ويرتدون "لباس السلف". ويقول الشاب إن مواقف عديدة حصلت معه جعلته "يشعر بأنه موضع اتهام وشك"، محملا "بعض وسائل الإعلام والتيارات المتطرفة المسؤولية في تشويه صورة المسلم المتدين".
وتبقى الأوصاف التي تطلق بحق الشاب أحمد (غير المنتسب لأي تيار) أخف وطأة من تلك التي تطلق بحق منتسبين للتيار السلفي الجهادي الأردني.. يقص عضو التيار السلفي الجهادي الأردني بسام النعيمي حادثة حصلت معه أثاء زيارته لأحد أصدقائه، حيث تجمهر حوله أطفال يصرخون "داعشي.. داعشي".
ويقول النعيمي إن "أوصافا عديدة تطلق بحق منتسبي التيار مثل (تكفيري) و(داعشي) مؤخرا".
ولم يختلف الحال مع رئيس جمعية الكتاب والسنة زايد حماد، الذي فاجأه أحد المشاركين بمؤتمر عربي بنعته بـ"الشيخ الداعشي" من باب المزاح، ما أثار استيائه..
حماد، يعتقد أن مواقف التمييز ضد المتدينين انتشرت مؤخرا وتروج لها بعض التيارات العلمانية التي وصفت الجمعية بـ"الداعشية" بالرغم من أنها جمعية خيرية تقدم العون للمحتاجين.
سيطرة تنظيم الدولة ساهم في نشر صور نمطية عن السلفيين
الصحفي الأردني وائل البتيري، يرى أن انتشار توصيفات مثل "داعشي" بحق أشخاص متدينين في الأردن "طبيعي جدا"؛ مفسرا ذلك بأن "سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة في بلدين ملاصقين للأردن، هما سوريا والعراق، بالإضافة لمشاركة الأردن في تحالف دولي لقتال هذا التنظيم، ويجيّش إعلاميا لمحاربته، وخصوصا بعد مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد التنظيم.. كله ساهم في خلق حالة من التفاعل المجتمعي أدت إلى بروز هذا التوصيف".
يقول البتيري إن "دوافع إطلاق هذا التوصيف تختلف من شخص لآخر، فهناك من يستخدمه لمجرد الدعابة والمزاح، وهناك من يستخدمه للسخرية، وآخرون للتنفير من أشخاص معينين".
ويتفق البتيري مع الشاب أحمد، في أن الإعلام لعب دورا في رسم هذه الصورة النمطية، ويقول: "ساهم الإعلام بشكل كبير في هذه الحالة، فالإعلام الحكومي يركز كثيرا على تهيئة الرأي العام لقبول أي خيار لمواجهة تنظيم الدولة، ويستخدم مصطلح (عصابة داعش الإرهابية)، وهو مصطلح يرسخ في عقل المتلقي انطباعا معينا، يسهِّل عليه استخدامه عند وقوع الجرائم والمشاجرات وكل ما له علاقة بالعنف المجتمعي".
ويرى أن الدور الأكبر كان للإعلام المجتمعي ومواقع التواصل؛ التي "ساهمت في تمدد هذه الحالة وترسيخها من خلال تناول ظاهرة تنظيم الدولة بالحوار والجدل، وبث الصور والكاريكاتورات الهزلية، والمقاطع التمثيلية الساخرة".
مضيفا أنه "بالرغم من أن بعض الجهات المعادية للتدين، ووسائل الإعلام الموجَّهة؛ سعت إلى استغلال بعض الأحداث لتشويه صورة المتدينين عموما، فإنها لم تفلح في تحويل هذه الحالة إلى ظاهرة تنعكس في شكل سلوك معادٍ لدى عموم الشعب الأردني المحافظ تجاه المتدينين".
تمييز في العمل
ويعاني بعض الملتزمين دينيا في حال الحصول على وظيفة بسبب لباسهم الذي يظهر التزامهم الديني.. وترى رنا التي تحمل شهادة عليا في اللغة العربية أنها "لم تستطع الحصول على وظيفة في مدرسة خاصة، بسبب ما ترتديه من نقاب شرعي"، وتقول إنها لمست انزعاجا من مدير المدرسة الذي التقاها وسألها عن إمكانية "خلع النقاب في حال تم توظيفها".
ولجأت رنا للعمل في مدرسة ذات طابع ديني في العاصمة عمان، بعد فشل محاولاتها في الحصول على وظيفة في مدارس أخرى بالرغم من تفوقها في الجامعة، كما تقول.
ويرى الصحفي وائل البتيري أن التمييز في العمل بحق المتدينين "حالة قديمة حديثة، تزداد وتقل بحسب اختلاف البيئات، وتباين الهيئات بين متدين وآخر"، مؤكدا أن "الشاب المتدين الذي يرتدي بنطالاً وقميصا ويقصر لحيته، ليس كالذي يرتدي لباسا أفغانيا وطاقية سوداء وله لحية كثة وشعر طويل. ففي الخلفية الذهنية لدى المجتمع؛ يصنف صاحب الصورة الأولى متدينا معتدلا، والثاني يعدّ ذا فكر متشدد".
ويقول: "هناك من لا يقبل أي ملتحٍ موظفاً عنده، وهناك من يتهيب حين يرى شابا يرتدي لباسا أفغانيا، ويتوجس من توظيفه. وفي المقابل؛ فإن هناك من يبحث عن الشاب المتدين بغض النظر عن مظهره لأنه يراه أمينا على مصالحه وأمواله".
مخالفة للمواثيق الدولية
حقوقيا، يعتبر الدكتور فوزي السمهوري، رئيس جمعية "جذور" لحقوق الإنسان (مقرها عمّان)، ما يتعرض له بعض الأشخاص من تضييق بسبب ملابسهم التي تعكس معتقداتهم الدينية "جريمة يعاقب عليها الدستور الأردني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
ويقول إن المادة السابعة من الدستور الأردني كفلت الحرية الشخصية للمواطن الأردني، وعرضت من ينتهك هذه الحرية إلى المساءلة والعقاب، وتنص المادة السابعة على أن "الحرية الشخصية مصونة وكل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون".
وبموجب المادة الرابعة عشرة من الدستور الأردني: "تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في المملكة، ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب" .
وبحسب السمهوري، فإن ما يتعرض له الملتزمون دينيا من تضييق، يخالف المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص في مادته الثامنة على أن "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة".
ويحذر الحقوقي من الاستمرار في التضييق على المتدينين بسبب لباسهم، وبرأيه فقد تشجع هذه النظرة الضيقة على شعور الإنسان المضطهد بعدم العدالة وقد تقود إلى التطرف، مبينا أنه لا يجوز لأحد أن يفرض رأيه في أمور تعتبر حرية شخصية لإنسان بحسب المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أنه "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات".
ويوثق الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد أبو رمان، في كتابه "أنا سلفي" بروز نجـم التيـارات السـلفية بالصعـود والانتشـار في العالم العربي، ومنها الأردن، منـذ سـبعينيات القـرن الماضي، حيث سـاهمت السـعودية بدور محـوري، جـراء التزاوج التاريخـي مـا بين السـلفية والسـلطة هنـاك.
وسـاعد على هـذا الـدور وعززته الوفرة النفطية التي ولدت وفرا ماليا سـاهم في نشر السـلفية مـن أنصارها وخلق آلاف فرص العمل والوظائـف والمنح الدراسـية للعـرب في السـعودية، "ما انعكـس لاحقا على نشر الرؤى السـلفية على نطـاق اجتماعي عربي واسـع".