"حقوق الإنسان": برامج مكافحة الفقر مجرد وثائق
عمان جو_ وجّه المركز الوطني لحقوق الإنسان انتقادات مباشرة للحكومات حول سياساتها الاقتصادية والاجتماعية.
وقال، في تقرير "أوضاع حقوق الإنسان لعام 2015 في المملكة"، إنّ "السياسات الحكومية تعتمد بشكل أساسي على الاهتمام بتحقيق نسب معقولة من النمو دون الاهتمام بالانتاجية ومتطلبات العدالة الاجتماعية".
واعترف المركز بأنّ سياسة الحكومة "زادت العبء على المواطن بتوجهها نحو زيادة الدخل الحكومي بفرض المزيد من الضرائب والرسوم دون حل مشكلة الانفاق".
وأكد بأنّ الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة الفقر لم تنجح؛ حيث أنّ "اعداد الفقراء في تزايد ونسب الفقر تراوح مكانها"، مشيرا إلى أنّ "الخطط والبرامج التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها بقيت مجرد وثائق بسبب عدم تخصيص موازنات لتنفيذها".
وكان التقرير قد ركز على عدة حقوق يجب أن يحصل عليها الأردني؛ ومن بينها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهي الحق في مستوى معيشي لائق والحق في العمل والتعليم والصحة والبيئة السليمة.
وفي جانب الحق في مستوى معيشي لائق، أشار التقرير إلى أنّ "مقدار الحد الأدنى للأجور البالغ 190 دينارا (1.3 دينار للساعة) مبلغ غير كافٍ لتوفير عيش كريم لمواطن يعيل في الأغلب 4 أفراد"، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد التموينية ومشتقات النفط والنقل العام، وتكاليف إيجار السكن التي تضاعفت مؤخراً.
وقال إن تدني الأجور الشهرية يؤكد أن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين دون خط الفقر، مما يستوجب على الحكومة إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، لتأمين حياة كريمة للمواطن.
ووفق التقرير، فإنّ "الحق في السكن اللائق" غير متوفر للعديد من المواطنين والأسر الأردنية والمقيمين على أراضي المملكة من العمالة الوافدة الذين يعيش بعضهم في التسويات والكراجات غير المعدة للسكن اللائق.
وقال إنّ هناك قصورا تشريعيا يتمثل في عدم شمول العاملين في القطاع الزراعي بقانون العمل، سواء محليين أو عمالة وافدة، مما عرض العديد منهم لظروف عمل قاسية قد تصل في بعض الأحيان إلى رتبة "العمل الجبري".
وبين التقرير إنّ قطاع النقل العام ما يزال يعاني "غياب الإرادة الجادة لتطويره ودعمه"، ولديه الكثير من المشاكل، فيما تشكل "المواصلات عبئاً مادياً على دخل المواطن الشهري؛ إذ تستنزف ما نسبته 25 - 30 % من موازنته".
الحق في مستوى معيشي لائق
وذكر التقرير أنّ المادة (25/1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكدت على الحق في مستوى معيشي لائق، وعلى صعيد التشريعات الوطنية الأردنية فإن الدستور الأردني لم يشر بشكل واضح وصريح إلى الالتزام بتوفير مستوى معيشي لائق للمواطن، إلا أن المادة (6/3) منه تنص على "تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكاناتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين".
وذكر التقرير أنّ تحقيق الرفاه الاقتصادي والرخاء تشكل أولوية للدولة والحكومات المتعاقبة، من خلال تأكيدها المستمر العمل على حل مشكلتي الفقر والبطالة إلا أن الواقع وما يشهده الأردن من ارتفاع في الأسعار واستمرار في زيادة الفقر والبطالة وما يرتبط بها من مظاهر اجتماعية "ما هي إلا نتائج لسياسات حكومية تعتمد بشكل أساسي على الاهتمام بتحقيق نسب معقولة من النمو دون الاهتمام بالانتاجية ومتطلبات العدالة الاجتماعية".
وقال شهدت المملكة في السنوات الاخيرة موجة من ارتفاع الأسعار في ظل تدني الأجور وزيادة في نسب الضرائب والرسوم، وكانت البداية رفع أسعار المشتقات النفطية العام 2012م، ثم تلاها رفع التعرفة الكهربائية ضمن خطة بدأت العام 2014م وتنتهي العام 2017م، ثم رفع المبلغ المقطوع على أسعار المياه بنسبة 100 %، وغيرها الكثير.
وشهد الاقتصاد العام 2015 العديد من التحديات الاقتصادية والمالية، أبرزها: تراجع قيمة الصادرات، واستمرار اغلاق بعض الأسواق التقليدية امام المنتجات الاردنية، وتراجع السياحة، وارتفاع أسعار السلع المستوردة (خصوصاً النفط والغاز)، علاوة على تضخم عجزي الموازنة والمديونية العامة، كما ارتفع اجمالي الدين العام ما نسبته 93.4 % من الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعام 2015م، مقابل 89 % للعام 2014م.
وتبقى كلفة الطاقة التحدي الأكبر الذي يواجهه الاقتصاد الأردني والمالية العامة.
وشهد العام 2015م انخفاضاً طفيفاً في معدل التضخم، وهو انخفاض كان يعود بشكل رئيس إلى التباطؤ في النمو الاقتصادي، ورغم حصول الأردن على المرتبة السابعة على الصعيد العالمي في مؤشر الحرية الاقتصادية الخاص للعام 2013 بحسب تقرير معهد فريزر الكندي، وانتهاء مدة برنامج الاستعداد الائتماني الذي نفذته الأردن مع صندوق النقد الدولي على مدار 3 أعوام (2012م - 2015)، إلا أن المملكة استمرت تعاني من عجز مالي مرتفع واختلال في الميزان التجاري، فالزيادة في الانفاق الحكومي بالنسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي تصل إلى نحو 40 %، فيما نسبة الدخل الحكومي أقل من ذلك بكثير، وتقوم الحكومة بتغطية الفرق من خلال الاقتراض.
كما زادت سياسة الحكومة العبء على المواطن بتوجهها نحو زيادة الدخل الحكومي بفرض المزيد من الضرائب والرسوم دون حل مشكلة الانفاق، لهذا فإن المركز يرى ضرورة أن تغير الحكومة سياساتها المتبعة، وتتوجه نحو استغلال الثروات البشرية التي تصدّر للخارج، فبدلاً من أن يصدر الأردن مهارات أبنائه وعقولهم، فلا بد من التوجه نحو تصدير الخدمات التي تبدعها وتنتجها هذه العقول، كما أن على الحكومات التوجه نحو تعزيز الاستثمار والصناعات في المحافظات، فهنالك العديد من الثروات الطبيعية في المحافظات، اذا ما تم استغلالها وتصنيعها بدلاً من تصديرها كمواد خام فستعود بالنفع على الاقتصاد الأردني والمواطن.
معدلات الفقر وسبل مكافحتها:
وقال التقرير أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة الفقر، فإن أعداد الفقراء في تزايد ونسب الفقر تراوح مكانها، ورغم وضع الخطط والبرامج التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها والتي كان آخرها "وثيقة الأردن 2015م: رؤية واستراتيجية وطنية"، و"الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر للسنوات 2013م – 2020"، إلا أن تلك الخطط والاستراتيجيات بقيت مجرد وثائق بسبب عدم تخصيص موازنات لتنفيذها، إذ من خلال مثل هذا النهج فقط يمكن أن يلمس المواطن قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية، ووقف تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، ومعالجة عجز الخزينة، وتوفير فرص عمل لحل مشكلتي الفقر والبطالة، ومشكلات الطاقة والنقل والمواصلات.
وتتجلى مظاهر العوز والحاجة في العديد من القرى والمناطق النائية، ويعتبر مقدار الحد الأدنى للأجور البالغ (190) دينارا (أي بما معدله 1.3 دينار للساعة) مبلغاً غير كافٍ لتوفير عيش كريم لمواطن يعيل في الأغلب 4 أفراد، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد التموينية ومشتقات النفط والنقل العام، ناهيك عن تكاليف ايجار السكن التي تضاعفت مؤخراً في ظل استقبال الأردن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف لاجئ سوري، ويستدل على هذا الواقع بالنظر ايضاً الى رواتب مشتركي الضمان الاجتماعي والمتقاعدين على سبيل المثال، فوفقاً للناطق الرسمي لمؤسسة الضمان الاجتماعي هناك (73) ألفا من مشتركي الضمان (معظمهم من الأردنيين) يتقاضون أجراً شهرياً مقداره (190) ديناراً للفرد الواحد، و(72) ألف مشترك أجورهم تقل حتى عن الحد الأدنى للأجور، كما أن هنالك 60 % من متقاعدي الضمان الاجتماعي تبلغ رواتبهم (300) دينار فما دون. وليست رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين بأفضل حال، فتدني الأجور الشهرية يؤكد أن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين دون خط الفقر، مما يستوجب على الحكومة إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، لتأمين حياة كريمة للمواطن الأردني.
وفي هذا السياق، كشف آخر مسح لدخل الأسرة ونفقاتها 2013م الصادر عن دائرة الاحصاءات العامة عن أن (230) ألف أسرة (أي قرابة مليون فرد من أصل (6.3) مليون عدد سكان المملكة آنذاك) دخلها أقل من (350) ديناراً شهرياً، ويمثل هؤلاء 18 % من اجمالي الأسر الأردنية البالغ عددها (1253) مليون أسرة بحسب احصائيات 2013.
أما بالنسبة إلى المعونات التي تقدم للأسر الفقيرة، فقد شهد العام 2015 إطلاق صندوق المعونة الوطنية آلية جديدة تهدف إلى تقديم خدمات الصندوق بشكل مباشر للمواطنين المستحقين في المناطق النائية ومناطق الأطراف بوساطة مركبات متنقلة لمنح المعونات المالية وصرفها بجميع أشكالها للأسر المحتاجة، وهي خطوة "رائدة تسهم في تخفيف الأعباء على المواطن للوصول الى مكاتب صندوق المعونة"، كما تم تعديل تعليمات المعونات المالية لرعاية الأسر المحتاجة وحمايتها باعتماد خط الفقر المطلق والمدقع كما تحدده الجهات الرسمية.
ويرى المركز الوطني أنه لا بد من العمل على دراسة وإعادة ربط قيمة المعونة التي تصرف للأسر الفقيرة بما يتناسب والتضخم في الأسعار، فتعليمات المعونات المالية لرعاية الأسر المحتاجة وحمايتها تنص على صرف المعونة الوطنية لأول 4 أفراد فقط من أي أسرة فقيرة تنطبق عليها تعليمات المعونة، وبقيمة مالية تبلغ (180) دينارا كحد أقصى، أي (45) دينارا للفرد شهريا بغض النظر عن عدد افرادها، الذي قد يتجاوز العدد المشار إليه بشكل كبير في بعض الحالات.
وعند مقارنة مقدار المعونة مع خط الفقر المطلق البالغ (68) دينارا للفرد شهريا، يتبين أن هنالك فجوة تبلغ (23) ديناراً للفرد شهريا، بالاضافة إلى أن تلك التعليمات حرمت أفرادا آخرين من الأسرة من هذه المعونة.
وذكر التقرير أن "المركز يقدر رفع التعليمات الجديدة لسقف المعونات المقدمة للأفراد المعاقين نسبيا، إلا أن الحاجة تستدعي رفعها أكثر من ذلك لترقى إلى الحاجات الماسة التي تتطلبها معيشة المعاق. كما يثمن المركز ما تقوم به الوزارات المعنية، كوزارة التنمية الاجتماعية، التي تنفذ عدة برامج من شأنها الاسهام في التخفيف من حدة الفقر والعمل على تحسين مستوى دخل الأسر الفقيرة وتحويلها من أسر متلقية للمعونة إلى أسر منتجة.
أما عن مشروع إنشاء مساكن الأسر الفقيرة وشرائها وصيانتها، فدعا المركز إلى زيادة المخصصات المرصودة لتلك المشاريع والبرامج، لتعزيز مفهوم محاربة الفقر من خلال التنمية المحلية، ورفع القدرة الانتاجية للفئات الفقيرة.
السكن والبنية التحتية:
وقال التقرير إن العام 2015 شهد وفاة 4 أشخاص من بينهم طفلان غرقا إثر عاصفة مطرية شهدتها الممملكة، ما كشف حقيقة "عدم توفر الحق في السكن اللائق للعديد من المواطنين والأسر الأردنية والمقيمين على الأراضي الأردنية من العمالة الوافدة" الذين يعيش بعضهم في التسويات والكراجات غير المعدة للسكن اللائق عناصر مثل الحيز الكافي والحماية من البرد ومن الرطوبة والحرارة والمطر والريح أو غير ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة والسلامة. وإثر حملة تفتيشية عقب الحادثة المشار إليها، تبين أن هنالك مخالفات في محافظات المملكة جميعها؛ حيث يستخدم أشخاص الكراجات والأقبية كمساكن، ولا يلتزمون بوضع مضخات غاطسة في العديد من التسويات، مما يستوجب على أمانة عمان والبلديات تشديد الجولات الرقابية على الأبنية والمشاريع الإسكانية، كما ما يزال عدد محدود من المواطنين يسكن في بيوت من الصفيح أو بيوت الشعر.
أما البعد الآخر فيما يتعلق بالبنية التحتية في الأردن، وفق التقريرـ فيتمثل في غياب شبكة متكاملة لتصريف المياه، إن ضعف الرقابة وعدم تفعيل بند المادة (5/أ/6) من قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015م بخصوص إلزام أصحاب الأراضي الخالية من الأبنية والمنشآت والقريبة من الشوارع بناء سور حول اراضيهم قد اسهم في تقوية جريان الرسوبيات واغلاق العبارات، كما كان لضعف الرقابة على إلقاء الأنقاض في الوديان ومجاري السيول آثار سلبية؛ إذ تسبب ذلك في حدوث فيضانات في عدة مناطق نتيجة جريان الرسوبيات، كما حدث على طريق إربد/ وادي الغفر. وعليه، فينبغي للجهات المختصة مراقبة التعدي على الأودية والسكن فيها، نظرا الى خطورتها على حياة المواطن.
معدلات البطالة وسبل مكافحتها
وأكد التقرير استمرار ارتفاع معدل البطالة في الأردن، مؤكدا ضرورة العمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتدريب الخريجين وتأهيلهم لحل مشكلة البطالة، وهذا مؤشر واضح على عدم وجود ربط مخرجات التعليم في المدرسة والجامعة بمتطلبات سوق العمل، ويعد هذا أحد أسباب ارتفاع نسب البطالة في الأردن، خاصة بين فئة الشباب وخريجي الجامعات.
وأضاف التقرير أن الاعباء التي تحملتها الدولة مؤخراً باستقبال مئات آلاف من اللاجئين أسهم في ارتفاع نسبة البطالة والفقر؛ إذ أدى وجود هؤلاء اللاجئين إلى مزاحمة المواطن على فرص العمل، فهنالك (220) ألف سوري يزاحمون العمالة المحلية في قطاعات العمل المنظمة وغير المنظمة، ناهيك عن مزاحمة المواطن على الخدمات وحتى على الدعم الذي يتلقاه من الجهات الخيرية والجهات الداعمة.
وتستحوذ العمالة السورية على ما يقارب (268393) فرصة عمل، وهذا يستوجب التوجه نحو الاستثمار واستغلال الثروات الطبيعية التي تمتاز بها محافظات المملكة، وضرورة السير نحو تنفيذ مشاريع ريادية لها انعكاسات ايجابية اجتماعية واقتصادية وفتح فرص عمل مع ضرورة الاهتمام بقطاع الزراعة وتوفير مقومات استمراره لما له من تأثير في تقليص نسب الفقر والبطالة وعدم الانتاج.
الامن الغذائي، والارتقاء بالانتاج الزراعي:
وقال التقرير إن القطاع الزراعي يعاني العديد من المشكلات، من أهمها: التغير المناخي والتشريعات والقوانين التي لا تواكب التطورات الحاصلة في القطاع الزراعي، فقد حصر القانون المعدل لقانون صندوق إدارة المخاطر الزراعية التعويضات في موجات الصقيع وفق أسس وآليات تحدد بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية، وكأن القانون يعالج منطقة جغرافية محددة، متناسياً المخاطر التي تنشأ عن الرياح والعواصف الثلجية والفيضانات والاوبئة، بحجة عدم توفر موارد مالية، إلا انه وبالنظر إلى الموارد التي ترد من القطاع الزراعي، كموارد السوق المركزي في العاصمة، التي تبلغ ايراداته (15) مليون دينار، وأسواق الجملة المركزية في المحافظات ومسلخ أمانة عمان والمسالخ الموجودة بالمحافظات فإنها موارد تفي برفد الصندوق إذا تم تحصيلها منذ تاريخ إقرار القانون.
وأكد أعضاء مجالس الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين في محافظات المملكة لممثلي المركز الوطني لحقوق الإنسان استمرار معاناة المزارعين الأردنيين، وشعورهم بغياب الإرادة الحقيقية للمحافظة على الأمن الغذائي في المملكة من قبل الجهات المعنية.
كما كان من المشكلات ارتفاع أجور العمالة الوافدة. وارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج. وعدم إيجاد حلول لتسويق المنتجات الزراعية، التي دفعت العديد من المزارعين لعدم قطاف منتجاتهم الزراعية وابقائها كأعلاف للحيوانات، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على الوفاء بالتزاماتهم المادية حيال مؤسسة الاقراض الزراعي وشركات المستلزمات الزراعية، لتدني أسعار المحاصيل وإغلاق الأسواق في وجه منتجاتهم، بالإضافة إلى الاضرار التي لحقت بهم نتيجة الصقيع ونحوه. ناهيك عن ارتفاع تكلفة الكهرباء والماء وأجور النقل للمنتجات الزراعية التي ما تزال مرتفعة رغم انخفاض أسعار النفط.
وأضاف التقرير، أن هناك قصورا تشريعيا يتمثل في عدم شمول العاملين في القطاع الزراعي بقانون العمل، سواء محليين أم عمالة وافدة، مما عرض العديد منهم لظروف عمل قاسية قد تصل في بعض الأحيان إلى رتبة العمل الجبري.
قطاع النقل:
ووفق التقرير، ما يزال قطاع النقل العام في المملكة يعاني غياب الإرادة الجادة لتطويره ودعمه في ظل شبكة مواصلات تديرها الملكيات الفردية، بعيداً عن الرقابة والتنظيم وضعف توفر شبكات ووسائل النقل الجماعية والمشتركة، يرافق ذلك تجاوزات يمارسها بعض سائقي الحافلات بحق المواطنين، كما يعاني القطاع من تداخل وتعارض صلاحيات الجهات التي تشرف عليه وتنظمه، ناهيك عن ضعف البنية التحتية من مراكز انطلاق ووصول ومواقف على مسارات الخطوط وافتقار الموجود منها للخدمات والتنظيم.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعتمدون على النقل العام، مثل الباصات والتكاسي والسرفيس في العاصمة عمان 47 %، أما النسبة الباقية %53 فيستخدمون المركبات الخاصة، وتعد هذه النسبة مؤشراً على ضعف القطاع. وقال إن المواصلات تشكل عبئاً مادياً على دخل المواطن الشهري؛ إذ تستنزف ما نسبته 25 - 30 % من موازنته.
ويعاني مستخدمو الباصات من غياب البرامج الزمنية والمكانية المفعلة لحركة سير الباصات وتوقفها؛ حيث يقضي %40 منهم أكثر من (20) دقيقة في انتظار الرحلة الواحدة. ويستعمل 39 % من الشباب أكثر من وسيلتي نقل للوصول الى وجهته.
وقال التقرير إن صعوبة المواصلات تشكل 40 % من أسباب عدم التحاق المرأة بالعمل، ويشكل هذا القطاع عبئاً على خزينة الدولة، حيث يستهلك 40 % من البترول المستورد إلى المملكة سنوياً.
ويرى المركز ضرورة ايلاء هذا القطاع الأهمية التي يستحقها، والعمل على تطويره من أجل ترشيد استهلاك المحروقات، والسيطرة على الأزمات المرورية التي تشهدها محافظات المملكة بشكل يومي، وتقليص هدر الوقت الذي يستغرقه المواطنون في التنقل اليومي، كما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار ضرورة رفع مواصفات وسائط النقل لتخدم الأشخاص ذوي الاعاقة، والتركيز على الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقطاع وليس المالي، كما تشهد اليوم خسائر الشركة المتكاملة للنقل التي وصلت إلى 94 % وفقا لتقرير ديوان المحاسبة، التي تتطلب اجراءات مالية وتنظيمية على أرض الواقع، ليس فقط لانقاذ الشركة المتكاملة وإنما لانقاذ قطاع النقل العام في الأردن، ومن التطورات التي شهدها العام 2015م مباشرة أمانة عمّان في استكمال المرحلة الثانية من مشروع الباص السريع، الذي سيشكل نقلة نوعية في قطاع النقل العام اذا تم تنفيذه.
وقال، في تقرير "أوضاع حقوق الإنسان لعام 2015 في المملكة"، إنّ "السياسات الحكومية تعتمد بشكل أساسي على الاهتمام بتحقيق نسب معقولة من النمو دون الاهتمام بالانتاجية ومتطلبات العدالة الاجتماعية".
واعترف المركز بأنّ سياسة الحكومة "زادت العبء على المواطن بتوجهها نحو زيادة الدخل الحكومي بفرض المزيد من الضرائب والرسوم دون حل مشكلة الانفاق".
وأكد بأنّ الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة الفقر لم تنجح؛ حيث أنّ "اعداد الفقراء في تزايد ونسب الفقر تراوح مكانها"، مشيرا إلى أنّ "الخطط والبرامج التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها بقيت مجرد وثائق بسبب عدم تخصيص موازنات لتنفيذها".
وكان التقرير قد ركز على عدة حقوق يجب أن يحصل عليها الأردني؛ ومن بينها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهي الحق في مستوى معيشي لائق والحق في العمل والتعليم والصحة والبيئة السليمة.
وفي جانب الحق في مستوى معيشي لائق، أشار التقرير إلى أنّ "مقدار الحد الأدنى للأجور البالغ 190 دينارا (1.3 دينار للساعة) مبلغ غير كافٍ لتوفير عيش كريم لمواطن يعيل في الأغلب 4 أفراد"، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد التموينية ومشتقات النفط والنقل العام، وتكاليف إيجار السكن التي تضاعفت مؤخراً.
وقال إن تدني الأجور الشهرية يؤكد أن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين دون خط الفقر، مما يستوجب على الحكومة إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، لتأمين حياة كريمة للمواطن.
ووفق التقرير، فإنّ "الحق في السكن اللائق" غير متوفر للعديد من المواطنين والأسر الأردنية والمقيمين على أراضي المملكة من العمالة الوافدة الذين يعيش بعضهم في التسويات والكراجات غير المعدة للسكن اللائق.
وقال إنّ هناك قصورا تشريعيا يتمثل في عدم شمول العاملين في القطاع الزراعي بقانون العمل، سواء محليين أو عمالة وافدة، مما عرض العديد منهم لظروف عمل قاسية قد تصل في بعض الأحيان إلى رتبة "العمل الجبري".
وبين التقرير إنّ قطاع النقل العام ما يزال يعاني "غياب الإرادة الجادة لتطويره ودعمه"، ولديه الكثير من المشاكل، فيما تشكل "المواصلات عبئاً مادياً على دخل المواطن الشهري؛ إذ تستنزف ما نسبته 25 - 30 % من موازنته".
الحق في مستوى معيشي لائق
وذكر التقرير أنّ المادة (25/1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكدت على الحق في مستوى معيشي لائق، وعلى صعيد التشريعات الوطنية الأردنية فإن الدستور الأردني لم يشر بشكل واضح وصريح إلى الالتزام بتوفير مستوى معيشي لائق للمواطن، إلا أن المادة (6/3) منه تنص على "تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكاناتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين".
وذكر التقرير أنّ تحقيق الرفاه الاقتصادي والرخاء تشكل أولوية للدولة والحكومات المتعاقبة، من خلال تأكيدها المستمر العمل على حل مشكلتي الفقر والبطالة إلا أن الواقع وما يشهده الأردن من ارتفاع في الأسعار واستمرار في زيادة الفقر والبطالة وما يرتبط بها من مظاهر اجتماعية "ما هي إلا نتائج لسياسات حكومية تعتمد بشكل أساسي على الاهتمام بتحقيق نسب معقولة من النمو دون الاهتمام بالانتاجية ومتطلبات العدالة الاجتماعية".
وقال شهدت المملكة في السنوات الاخيرة موجة من ارتفاع الأسعار في ظل تدني الأجور وزيادة في نسب الضرائب والرسوم، وكانت البداية رفع أسعار المشتقات النفطية العام 2012م، ثم تلاها رفع التعرفة الكهربائية ضمن خطة بدأت العام 2014م وتنتهي العام 2017م، ثم رفع المبلغ المقطوع على أسعار المياه بنسبة 100 %، وغيرها الكثير.
وشهد الاقتصاد العام 2015 العديد من التحديات الاقتصادية والمالية، أبرزها: تراجع قيمة الصادرات، واستمرار اغلاق بعض الأسواق التقليدية امام المنتجات الاردنية، وتراجع السياحة، وارتفاع أسعار السلع المستوردة (خصوصاً النفط والغاز)، علاوة على تضخم عجزي الموازنة والمديونية العامة، كما ارتفع اجمالي الدين العام ما نسبته 93.4 % من الناتج المحلي الاجمالي المقدر للعام 2015م، مقابل 89 % للعام 2014م.
وتبقى كلفة الطاقة التحدي الأكبر الذي يواجهه الاقتصاد الأردني والمالية العامة.
وشهد العام 2015م انخفاضاً طفيفاً في معدل التضخم، وهو انخفاض كان يعود بشكل رئيس إلى التباطؤ في النمو الاقتصادي، ورغم حصول الأردن على المرتبة السابعة على الصعيد العالمي في مؤشر الحرية الاقتصادية الخاص للعام 2013 بحسب تقرير معهد فريزر الكندي، وانتهاء مدة برنامج الاستعداد الائتماني الذي نفذته الأردن مع صندوق النقد الدولي على مدار 3 أعوام (2012م - 2015)، إلا أن المملكة استمرت تعاني من عجز مالي مرتفع واختلال في الميزان التجاري، فالزيادة في الانفاق الحكومي بالنسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي تصل إلى نحو 40 %، فيما نسبة الدخل الحكومي أقل من ذلك بكثير، وتقوم الحكومة بتغطية الفرق من خلال الاقتراض.
كما زادت سياسة الحكومة العبء على المواطن بتوجهها نحو زيادة الدخل الحكومي بفرض المزيد من الضرائب والرسوم دون حل مشكلة الانفاق، لهذا فإن المركز يرى ضرورة أن تغير الحكومة سياساتها المتبعة، وتتوجه نحو استغلال الثروات البشرية التي تصدّر للخارج، فبدلاً من أن يصدر الأردن مهارات أبنائه وعقولهم، فلا بد من التوجه نحو تصدير الخدمات التي تبدعها وتنتجها هذه العقول، كما أن على الحكومات التوجه نحو تعزيز الاستثمار والصناعات في المحافظات، فهنالك العديد من الثروات الطبيعية في المحافظات، اذا ما تم استغلالها وتصنيعها بدلاً من تصديرها كمواد خام فستعود بالنفع على الاقتصاد الأردني والمواطن.
معدلات الفقر وسبل مكافحتها:
وقال التقرير أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لمكافحة الفقر، فإن أعداد الفقراء في تزايد ونسب الفقر تراوح مكانها، ورغم وضع الخطط والبرامج التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها والتي كان آخرها "وثيقة الأردن 2015م: رؤية واستراتيجية وطنية"، و"الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر للسنوات 2013م – 2020"، إلا أن تلك الخطط والاستراتيجيات بقيت مجرد وثائق بسبب عدم تخصيص موازنات لتنفيذها، إذ من خلال مثل هذا النهج فقط يمكن أن يلمس المواطن قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية، ووقف تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، ومعالجة عجز الخزينة، وتوفير فرص عمل لحل مشكلتي الفقر والبطالة، ومشكلات الطاقة والنقل والمواصلات.
وتتجلى مظاهر العوز والحاجة في العديد من القرى والمناطق النائية، ويعتبر مقدار الحد الأدنى للأجور البالغ (190) دينارا (أي بما معدله 1.3 دينار للساعة) مبلغاً غير كافٍ لتوفير عيش كريم لمواطن يعيل في الأغلب 4 أفراد، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد التموينية ومشتقات النفط والنقل العام، ناهيك عن تكاليف ايجار السكن التي تضاعفت مؤخراً في ظل استقبال الأردن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف لاجئ سوري، ويستدل على هذا الواقع بالنظر ايضاً الى رواتب مشتركي الضمان الاجتماعي والمتقاعدين على سبيل المثال، فوفقاً للناطق الرسمي لمؤسسة الضمان الاجتماعي هناك (73) ألفا من مشتركي الضمان (معظمهم من الأردنيين) يتقاضون أجراً شهرياً مقداره (190) ديناراً للفرد الواحد، و(72) ألف مشترك أجورهم تقل حتى عن الحد الأدنى للأجور، كما أن هنالك 60 % من متقاعدي الضمان الاجتماعي تبلغ رواتبهم (300) دينار فما دون. وليست رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين بأفضل حال، فتدني الأجور الشهرية يؤكد أن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين دون خط الفقر، مما يستوجب على الحكومة إعادة النظر في الحد الأدنى للأجور، لتأمين حياة كريمة للمواطن الأردني.
وفي هذا السياق، كشف آخر مسح لدخل الأسرة ونفقاتها 2013م الصادر عن دائرة الاحصاءات العامة عن أن (230) ألف أسرة (أي قرابة مليون فرد من أصل (6.3) مليون عدد سكان المملكة آنذاك) دخلها أقل من (350) ديناراً شهرياً، ويمثل هؤلاء 18 % من اجمالي الأسر الأردنية البالغ عددها (1253) مليون أسرة بحسب احصائيات 2013.
أما بالنسبة إلى المعونات التي تقدم للأسر الفقيرة، فقد شهد العام 2015 إطلاق صندوق المعونة الوطنية آلية جديدة تهدف إلى تقديم خدمات الصندوق بشكل مباشر للمواطنين المستحقين في المناطق النائية ومناطق الأطراف بوساطة مركبات متنقلة لمنح المعونات المالية وصرفها بجميع أشكالها للأسر المحتاجة، وهي خطوة "رائدة تسهم في تخفيف الأعباء على المواطن للوصول الى مكاتب صندوق المعونة"، كما تم تعديل تعليمات المعونات المالية لرعاية الأسر المحتاجة وحمايتها باعتماد خط الفقر المطلق والمدقع كما تحدده الجهات الرسمية.
ويرى المركز الوطني أنه لا بد من العمل على دراسة وإعادة ربط قيمة المعونة التي تصرف للأسر الفقيرة بما يتناسب والتضخم في الأسعار، فتعليمات المعونات المالية لرعاية الأسر المحتاجة وحمايتها تنص على صرف المعونة الوطنية لأول 4 أفراد فقط من أي أسرة فقيرة تنطبق عليها تعليمات المعونة، وبقيمة مالية تبلغ (180) دينارا كحد أقصى، أي (45) دينارا للفرد شهريا بغض النظر عن عدد افرادها، الذي قد يتجاوز العدد المشار إليه بشكل كبير في بعض الحالات.
وعند مقارنة مقدار المعونة مع خط الفقر المطلق البالغ (68) دينارا للفرد شهريا، يتبين أن هنالك فجوة تبلغ (23) ديناراً للفرد شهريا، بالاضافة إلى أن تلك التعليمات حرمت أفرادا آخرين من الأسرة من هذه المعونة.
وذكر التقرير أن "المركز يقدر رفع التعليمات الجديدة لسقف المعونات المقدمة للأفراد المعاقين نسبيا، إلا أن الحاجة تستدعي رفعها أكثر من ذلك لترقى إلى الحاجات الماسة التي تتطلبها معيشة المعاق. كما يثمن المركز ما تقوم به الوزارات المعنية، كوزارة التنمية الاجتماعية، التي تنفذ عدة برامج من شأنها الاسهام في التخفيف من حدة الفقر والعمل على تحسين مستوى دخل الأسر الفقيرة وتحويلها من أسر متلقية للمعونة إلى أسر منتجة.
أما عن مشروع إنشاء مساكن الأسر الفقيرة وشرائها وصيانتها، فدعا المركز إلى زيادة المخصصات المرصودة لتلك المشاريع والبرامج، لتعزيز مفهوم محاربة الفقر من خلال التنمية المحلية، ورفع القدرة الانتاجية للفئات الفقيرة.
السكن والبنية التحتية:
وقال التقرير إن العام 2015 شهد وفاة 4 أشخاص من بينهم طفلان غرقا إثر عاصفة مطرية شهدتها الممملكة، ما كشف حقيقة "عدم توفر الحق في السكن اللائق للعديد من المواطنين والأسر الأردنية والمقيمين على الأراضي الأردنية من العمالة الوافدة" الذين يعيش بعضهم في التسويات والكراجات غير المعدة للسكن اللائق عناصر مثل الحيز الكافي والحماية من البرد ومن الرطوبة والحرارة والمطر والريح أو غير ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة والسلامة. وإثر حملة تفتيشية عقب الحادثة المشار إليها، تبين أن هنالك مخالفات في محافظات المملكة جميعها؛ حيث يستخدم أشخاص الكراجات والأقبية كمساكن، ولا يلتزمون بوضع مضخات غاطسة في العديد من التسويات، مما يستوجب على أمانة عمان والبلديات تشديد الجولات الرقابية على الأبنية والمشاريع الإسكانية، كما ما يزال عدد محدود من المواطنين يسكن في بيوت من الصفيح أو بيوت الشعر.
أما البعد الآخر فيما يتعلق بالبنية التحتية في الأردن، وفق التقريرـ فيتمثل في غياب شبكة متكاملة لتصريف المياه، إن ضعف الرقابة وعدم تفعيل بند المادة (5/أ/6) من قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015م بخصوص إلزام أصحاب الأراضي الخالية من الأبنية والمنشآت والقريبة من الشوارع بناء سور حول اراضيهم قد اسهم في تقوية جريان الرسوبيات واغلاق العبارات، كما كان لضعف الرقابة على إلقاء الأنقاض في الوديان ومجاري السيول آثار سلبية؛ إذ تسبب ذلك في حدوث فيضانات في عدة مناطق نتيجة جريان الرسوبيات، كما حدث على طريق إربد/ وادي الغفر. وعليه، فينبغي للجهات المختصة مراقبة التعدي على الأودية والسكن فيها، نظرا الى خطورتها على حياة المواطن.
معدلات البطالة وسبل مكافحتها
وأكد التقرير استمرار ارتفاع معدل البطالة في الأردن، مؤكدا ضرورة العمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتدريب الخريجين وتأهيلهم لحل مشكلة البطالة، وهذا مؤشر واضح على عدم وجود ربط مخرجات التعليم في المدرسة والجامعة بمتطلبات سوق العمل، ويعد هذا أحد أسباب ارتفاع نسب البطالة في الأردن، خاصة بين فئة الشباب وخريجي الجامعات.
وأضاف التقرير أن الاعباء التي تحملتها الدولة مؤخراً باستقبال مئات آلاف من اللاجئين أسهم في ارتفاع نسبة البطالة والفقر؛ إذ أدى وجود هؤلاء اللاجئين إلى مزاحمة المواطن على فرص العمل، فهنالك (220) ألف سوري يزاحمون العمالة المحلية في قطاعات العمل المنظمة وغير المنظمة، ناهيك عن مزاحمة المواطن على الخدمات وحتى على الدعم الذي يتلقاه من الجهات الخيرية والجهات الداعمة.
وتستحوذ العمالة السورية على ما يقارب (268393) فرصة عمل، وهذا يستوجب التوجه نحو الاستثمار واستغلال الثروات الطبيعية التي تمتاز بها محافظات المملكة، وضرورة السير نحو تنفيذ مشاريع ريادية لها انعكاسات ايجابية اجتماعية واقتصادية وفتح فرص عمل مع ضرورة الاهتمام بقطاع الزراعة وتوفير مقومات استمراره لما له من تأثير في تقليص نسب الفقر والبطالة وعدم الانتاج.
الامن الغذائي، والارتقاء بالانتاج الزراعي:
وقال التقرير إن القطاع الزراعي يعاني العديد من المشكلات، من أهمها: التغير المناخي والتشريعات والقوانين التي لا تواكب التطورات الحاصلة في القطاع الزراعي، فقد حصر القانون المعدل لقانون صندوق إدارة المخاطر الزراعية التعويضات في موجات الصقيع وفق أسس وآليات تحدد بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية، وكأن القانون يعالج منطقة جغرافية محددة، متناسياً المخاطر التي تنشأ عن الرياح والعواصف الثلجية والفيضانات والاوبئة، بحجة عدم توفر موارد مالية، إلا انه وبالنظر إلى الموارد التي ترد من القطاع الزراعي، كموارد السوق المركزي في العاصمة، التي تبلغ ايراداته (15) مليون دينار، وأسواق الجملة المركزية في المحافظات ومسلخ أمانة عمان والمسالخ الموجودة بالمحافظات فإنها موارد تفي برفد الصندوق إذا تم تحصيلها منذ تاريخ إقرار القانون.
وأكد أعضاء مجالس الاتحاد العام للمزارعين الأردنيين في محافظات المملكة لممثلي المركز الوطني لحقوق الإنسان استمرار معاناة المزارعين الأردنيين، وشعورهم بغياب الإرادة الحقيقية للمحافظة على الأمن الغذائي في المملكة من قبل الجهات المعنية.
كما كان من المشكلات ارتفاع أجور العمالة الوافدة. وارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج. وعدم إيجاد حلول لتسويق المنتجات الزراعية، التي دفعت العديد من المزارعين لعدم قطاف منتجاتهم الزراعية وابقائها كأعلاف للحيوانات، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على الوفاء بالتزاماتهم المادية حيال مؤسسة الاقراض الزراعي وشركات المستلزمات الزراعية، لتدني أسعار المحاصيل وإغلاق الأسواق في وجه منتجاتهم، بالإضافة إلى الاضرار التي لحقت بهم نتيجة الصقيع ونحوه. ناهيك عن ارتفاع تكلفة الكهرباء والماء وأجور النقل للمنتجات الزراعية التي ما تزال مرتفعة رغم انخفاض أسعار النفط.
وأضاف التقرير، أن هناك قصورا تشريعيا يتمثل في عدم شمول العاملين في القطاع الزراعي بقانون العمل، سواء محليين أم عمالة وافدة، مما عرض العديد منهم لظروف عمل قاسية قد تصل في بعض الأحيان إلى رتبة العمل الجبري.
قطاع النقل:
ووفق التقرير، ما يزال قطاع النقل العام في المملكة يعاني غياب الإرادة الجادة لتطويره ودعمه في ظل شبكة مواصلات تديرها الملكيات الفردية، بعيداً عن الرقابة والتنظيم وضعف توفر شبكات ووسائل النقل الجماعية والمشتركة، يرافق ذلك تجاوزات يمارسها بعض سائقي الحافلات بحق المواطنين، كما يعاني القطاع من تداخل وتعارض صلاحيات الجهات التي تشرف عليه وتنظمه، ناهيك عن ضعف البنية التحتية من مراكز انطلاق ووصول ومواقف على مسارات الخطوط وافتقار الموجود منها للخدمات والتنظيم.
وأشار التقرير إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعتمدون على النقل العام، مثل الباصات والتكاسي والسرفيس في العاصمة عمان 47 %، أما النسبة الباقية %53 فيستخدمون المركبات الخاصة، وتعد هذه النسبة مؤشراً على ضعف القطاع. وقال إن المواصلات تشكل عبئاً مادياً على دخل المواطن الشهري؛ إذ تستنزف ما نسبته 25 - 30 % من موازنته.
ويعاني مستخدمو الباصات من غياب البرامج الزمنية والمكانية المفعلة لحركة سير الباصات وتوقفها؛ حيث يقضي %40 منهم أكثر من (20) دقيقة في انتظار الرحلة الواحدة. ويستعمل 39 % من الشباب أكثر من وسيلتي نقل للوصول الى وجهته.
وقال التقرير إن صعوبة المواصلات تشكل 40 % من أسباب عدم التحاق المرأة بالعمل، ويشكل هذا القطاع عبئاً على خزينة الدولة، حيث يستهلك 40 % من البترول المستورد إلى المملكة سنوياً.
ويرى المركز ضرورة ايلاء هذا القطاع الأهمية التي يستحقها، والعمل على تطويره من أجل ترشيد استهلاك المحروقات، والسيطرة على الأزمات المرورية التي تشهدها محافظات المملكة بشكل يومي، وتقليص هدر الوقت الذي يستغرقه المواطنون في التنقل اليومي، كما لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار ضرورة رفع مواصفات وسائط النقل لتخدم الأشخاص ذوي الاعاقة، والتركيز على الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقطاع وليس المالي، كما تشهد اليوم خسائر الشركة المتكاملة للنقل التي وصلت إلى 94 % وفقا لتقرير ديوان المحاسبة، التي تتطلب اجراءات مالية وتنظيمية على أرض الواقع، ليس فقط لانقاذ الشركة المتكاملة وإنما لانقاذ قطاع النقل العام في الأردن، ومن التطورات التي شهدها العام 2015م مباشرة أمانة عمّان في استكمال المرحلة الثانية من مشروع الباص السريع، الذي سيشكل نقلة نوعية في قطاع النقل العام اذا تم تنفيذه.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات