الإنزال المظلي… الشارع الأردني «يريد المزيد» لمواجهة حرب تجويع الغزيين
عمان جو- بسام البدارين -التشكيك في جدوى وإنتاجية الإنزالات المظلية للمساعدات في قطاع غزة، التي قادها الأردن كمبادرة سياسية ودبلوماسية وإنسانية اختراقية للحصار الاقتصادي الإسرائيلي ليس منتجاً ولا مفيداً حتى عندما تبدأ بعض الأطراف داخل الأردن وخارجه في العزف على أوتاره.
لكنه في كل حال، وإزاء فشل النظام الرسمي العربي برمته في مواجهة العدوان وحرب التجويع والقتل، يعلي من قيمة وشأن الإحساس العام بأن الشارع الأردني يرغب بالمزيد، ولا يريد التوقف بعدما ارتفعت درجة حساسيته تجاه ما يجري في قطاع غزة اليوم عند محطة الإنزال الرمزي للمساعدات.
أكثر من قرينة ودليل برزا خلال الساعات القليلة الماضية على ضحد القول بعبثية وإنتاجية الاختراق الأردني. وما ظهر عليه في واقع الأمر أن وجود طائرة مصرية وأخرى إماراتية وثالثة فرنسية ضمن خطط الإنزال كان مثاراً لنقاش اعتراضي؛ لأن مواقف الدول الثلاث من الأزمة في قطاع غزة في حالة تباين كبيرة مع مواقف الأردن، الذي أعلن ثوابته منذ مساء يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
فرنسا شاركت في الحرب الإسرائيلية في أولها ضد غزة وهي صديقة لنتنياهو، وأبو ظبي كذلك، ومصر لديها حدود عريضة يمكن أن تفتحها براً للمساعدات من وجهة نظر الفعاليات التي لا ترى مبرراً لمزاحمة الإنزالات الأردنية، خصوصاً عبر طائرة واحدة وبأداء استعراضي.
حضور «رمزي»
ملاحظة تعليقات الأردنيين على التواصل تؤدي إلى رصد مؤشرات على قناعة ترسخت خلال يومين بأن حضور بعض الدول الرمزي مع الإنزالات الأردنية يمكنه أن يتحول إلى «عبء» على الاستراتيجية الأردنية، خصوصاً مع إغلاق إسرائيل لـ 7 معابر كما يقول الدكتور مصطفى البرغوثي، وتكدس أكثر من 2500 شاحنة على معبر رفح لا تدخلها السلطات المصرية.
المحلل السياسي الدكتور رامي عياصرة، شدد في نقاش مع «القدس العربي» على أن المطلوب فتح كل المعابر ووصول المساعدات إلى شمالي القطاع والتركيز على الحصار بإطار دولي إلى جانب الجرائم التي يرتكبها العدو.
بالرغم من بعض الأصوات التي تشكك بالخطوة الأردنية، يمكن ملاحظة أن الإنزالات الأردنية شكلت مقاربة رفعت الأمل في وسط الجمهور الأردني الذي أفرز مساحات هائلة من الحساسية تجاه تطورات «حرب التجويع» الملحوظة، بدلالة أن كل من جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي دفعا بإصدار بيانات تشيد وتقدر هذه المبادرة وإن كانت تدعو إلى تعميمها أفقياً في قطاع غزة.
وجود طائرات صديقة ضمن خطط الإنزال يثير جدلا
السلطات الأردنية تعلم مسبقاً واستناداً إلى مسؤول بارز، أن الكمية التي تم إنزالها بالمظلات قبل الجريمة الجديدة صباح الخيمس لا تحل إشكالاً ولا توجب الكفاية، لكن الخطوة «سياسية ورمزية» والأمل شديد بأن تخوضها دول أخرى تتحدث عن وجود إشكالات لوجستية في التوزيع، وأن يتم تعميمها، وهو ما حصل؛ حيث تفكر كل من الولايات المتحدة وكندا بمبادرات من هذا الصنف.
الحاجة لإنزال «كميات أكبر» جزئية تقر بها سلطات الإغاثة الأردنية وكذلك الوصول الآمن لمناطق شمالي القطاع، حيث الجوع يفتك بالأطفال الرضع، وحيث تقارير ميدانية وصلت الخارجية الأردنية، وخلية الأزمة فيها تفيد بأن أهالي شمال القطاع بدأوا يتساقطون أرضاً جراء الجوع والعطش خلافاً لأن مستشفى كمال عدوان وهو الوحيد المتبقي على قيد العمل، أعلن توقف خدماته في شمالي القطاع. وبكل حال، رفعت الإنزالات المظلية شهية الأردنيين والفلسطينيين لانتظار حالات أو موجات من الإنزال المظلي على اليابسة، وفي كل التجمعات السكانية في غزة وتحديداً في مناطق الشمال.
لكن ذلك لم يحصل، في الوقت الذي رفع فيه الإعلام الرسمي الأردني من منسوب التوقعات واندفع المواطنون في اتجاه توقع عملية مستمرة تنظم لها عدة دول في العالم. وذلك أيضاً لم يحصل؛ فيوم الأربعاء لم ترصد إنزالات حقيقية، وصباح الخميس ارتكب جيش العدو المجزرة الجديدة ضد جائعين يبحثون عن طعام.
«قرارات صعبة»
بعيداً عن اللوجستيات، في المقابل، يمكن القول إن الاسترسال في التشكيك، متلازمة طبيعية للسقف الذي يريد الشعب الأردني أن يرى حكومته ودولته في مساره بخصوص ما يحصل في قطاع غزة. ورغم أن ثوابت الأردن السياسية والوطنية معلنة، وقواعد الاشتباك مع إسرائيل وحكومتها اليمينية مفتوحة على كل احتمالات الصدام والخلاف وأحياناً الصراع، فإن طموحات الرأي العام الأردني أكثر من ذلك بكثير.
وما تطالب به القوى الشعبية والحزبية هو إعلان وقف كل عمليات التصدير إلى الكيان الإسرائيلي رداً على المجاعة التي بدأت تنهش أهالي غزة وإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية تماماً مع الإسرائيليين. وهي قرارات يعتبرها الأردن صعبة ومعقدة، لكن البقاء في حالة الاشتباك مع الوضع الإنساني الكارثي والعدوان الإسرائيلي يتطلب ـ في رأي وزير الخارجية أيمن الصفدي، كما فهمت سابقاً منه «القدس العربي» ـ مقاربة تعمل بنشاط لعكس الثوابت الأردنية وتدعو إلى وقف العدوان، مع حرص على مواجهة التحديات وسط المتغيرات التي فرضتها إيقاع قطاع غزة على المجتمع الدولي. الصفدي مؤمن بأن لهجة العديد من الدول الغربية تبدلت، وأن تغييراً ما يحصل في واشنطن، لكن مثل هذا الكلام الدبلوماسي لا يقف عنده المواطن الأردني، فمشاهد الأطفال الذين يموتون جوعاً ومناشدات المواطنين يومياً من أهل شمال غزة، تضرب كل الأوتار العصبية والحساسة في عمق الشعب الأردني. لذا، تزيد في مطالبه، وسقف تلك المطالب في اتجاه مقاربات أضخم في نقل المساعدات وتأمينها.
«القدس العربي»
لكنه في كل حال، وإزاء فشل النظام الرسمي العربي برمته في مواجهة العدوان وحرب التجويع والقتل، يعلي من قيمة وشأن الإحساس العام بأن الشارع الأردني يرغب بالمزيد، ولا يريد التوقف بعدما ارتفعت درجة حساسيته تجاه ما يجري في قطاع غزة اليوم عند محطة الإنزال الرمزي للمساعدات.
أكثر من قرينة ودليل برزا خلال الساعات القليلة الماضية على ضحد القول بعبثية وإنتاجية الاختراق الأردني. وما ظهر عليه في واقع الأمر أن وجود طائرة مصرية وأخرى إماراتية وثالثة فرنسية ضمن خطط الإنزال كان مثاراً لنقاش اعتراضي؛ لأن مواقف الدول الثلاث من الأزمة في قطاع غزة في حالة تباين كبيرة مع مواقف الأردن، الذي أعلن ثوابته منذ مساء يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
فرنسا شاركت في الحرب الإسرائيلية في أولها ضد غزة وهي صديقة لنتنياهو، وأبو ظبي كذلك، ومصر لديها حدود عريضة يمكن أن تفتحها براً للمساعدات من وجهة نظر الفعاليات التي لا ترى مبرراً لمزاحمة الإنزالات الأردنية، خصوصاً عبر طائرة واحدة وبأداء استعراضي.
حضور «رمزي»
ملاحظة تعليقات الأردنيين على التواصل تؤدي إلى رصد مؤشرات على قناعة ترسخت خلال يومين بأن حضور بعض الدول الرمزي مع الإنزالات الأردنية يمكنه أن يتحول إلى «عبء» على الاستراتيجية الأردنية، خصوصاً مع إغلاق إسرائيل لـ 7 معابر كما يقول الدكتور مصطفى البرغوثي، وتكدس أكثر من 2500 شاحنة على معبر رفح لا تدخلها السلطات المصرية.
المحلل السياسي الدكتور رامي عياصرة، شدد في نقاش مع «القدس العربي» على أن المطلوب فتح كل المعابر ووصول المساعدات إلى شمالي القطاع والتركيز على الحصار بإطار دولي إلى جانب الجرائم التي يرتكبها العدو.
بالرغم من بعض الأصوات التي تشكك بالخطوة الأردنية، يمكن ملاحظة أن الإنزالات الأردنية شكلت مقاربة رفعت الأمل في وسط الجمهور الأردني الذي أفرز مساحات هائلة من الحساسية تجاه تطورات «حرب التجويع» الملحوظة، بدلالة أن كل من جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي دفعا بإصدار بيانات تشيد وتقدر هذه المبادرة وإن كانت تدعو إلى تعميمها أفقياً في قطاع غزة.
وجود طائرات صديقة ضمن خطط الإنزال يثير جدلا
السلطات الأردنية تعلم مسبقاً واستناداً إلى مسؤول بارز، أن الكمية التي تم إنزالها بالمظلات قبل الجريمة الجديدة صباح الخيمس لا تحل إشكالاً ولا توجب الكفاية، لكن الخطوة «سياسية ورمزية» والأمل شديد بأن تخوضها دول أخرى تتحدث عن وجود إشكالات لوجستية في التوزيع، وأن يتم تعميمها، وهو ما حصل؛ حيث تفكر كل من الولايات المتحدة وكندا بمبادرات من هذا الصنف.
الحاجة لإنزال «كميات أكبر» جزئية تقر بها سلطات الإغاثة الأردنية وكذلك الوصول الآمن لمناطق شمالي القطاع، حيث الجوع يفتك بالأطفال الرضع، وحيث تقارير ميدانية وصلت الخارجية الأردنية، وخلية الأزمة فيها تفيد بأن أهالي شمال القطاع بدأوا يتساقطون أرضاً جراء الجوع والعطش خلافاً لأن مستشفى كمال عدوان وهو الوحيد المتبقي على قيد العمل، أعلن توقف خدماته في شمالي القطاع. وبكل حال، رفعت الإنزالات المظلية شهية الأردنيين والفلسطينيين لانتظار حالات أو موجات من الإنزال المظلي على اليابسة، وفي كل التجمعات السكانية في غزة وتحديداً في مناطق الشمال.
لكن ذلك لم يحصل، في الوقت الذي رفع فيه الإعلام الرسمي الأردني من منسوب التوقعات واندفع المواطنون في اتجاه توقع عملية مستمرة تنظم لها عدة دول في العالم. وذلك أيضاً لم يحصل؛ فيوم الأربعاء لم ترصد إنزالات حقيقية، وصباح الخميس ارتكب جيش العدو المجزرة الجديدة ضد جائعين يبحثون عن طعام.
«قرارات صعبة»
بعيداً عن اللوجستيات، في المقابل، يمكن القول إن الاسترسال في التشكيك، متلازمة طبيعية للسقف الذي يريد الشعب الأردني أن يرى حكومته ودولته في مساره بخصوص ما يحصل في قطاع غزة. ورغم أن ثوابت الأردن السياسية والوطنية معلنة، وقواعد الاشتباك مع إسرائيل وحكومتها اليمينية مفتوحة على كل احتمالات الصدام والخلاف وأحياناً الصراع، فإن طموحات الرأي العام الأردني أكثر من ذلك بكثير.
وما تطالب به القوى الشعبية والحزبية هو إعلان وقف كل عمليات التصدير إلى الكيان الإسرائيلي رداً على المجاعة التي بدأت تنهش أهالي غزة وإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية تماماً مع الإسرائيليين. وهي قرارات يعتبرها الأردن صعبة ومعقدة، لكن البقاء في حالة الاشتباك مع الوضع الإنساني الكارثي والعدوان الإسرائيلي يتطلب ـ في رأي وزير الخارجية أيمن الصفدي، كما فهمت سابقاً منه «القدس العربي» ـ مقاربة تعمل بنشاط لعكس الثوابت الأردنية وتدعو إلى وقف العدوان، مع حرص على مواجهة التحديات وسط المتغيرات التي فرضتها إيقاع قطاع غزة على المجتمع الدولي. الصفدي مؤمن بأن لهجة العديد من الدول الغربية تبدلت، وأن تغييراً ما يحصل في واشنطن، لكن مثل هذا الكلام الدبلوماسي لا يقف عنده المواطن الأردني، فمشاهد الأطفال الذين يموتون جوعاً ومناشدات المواطنين يومياً من أهل شمال غزة، تضرب كل الأوتار العصبية والحساسة في عمق الشعب الأردني. لذا، تزيد في مطالبه، وسقف تلك المطالب في اتجاه مقاربات أضخم في نقل المساعدات وتأمينها.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات