«العفو العام» الأردني سلاح ذو حدين بين «المالي والسياسي»
عمان جو- بسام البدارين - العفو العام الذي أصدر توجيهات بشأنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هو سلاح ذو حدين في الواقع. وأي من الحدين يحسم الأمور لصالحه، مسألة تدخل في إطار التفصيل البيروقراطي والإجرائي وليس السياسي؛ لأن المقصود في العفو العام وفقاً للنص المرجعي، هو منح فرصة لبعض المخطئين والمخالفين.
والمقصود العديد من السجناء هنا، وإشاعة التسامح عشية عيد الفطر ونهاية شهر رمضان بين أبناء المجتمع، دون المساس بمصلحة الخزينة وأمن الدولة.
تلك قيم نبيلة بالمعنى السياسي الوطني، لكن الحكومة التي تعمل أصلاً في ظروف معقدة هي أمام اختبار حقيقي.
وما يمكن فهمه من أول تعليقات الطاقم الوزاري، بما في ذلك رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة مساء الأربعاء، هو أن الحكومة قد تذهب في اتجاه تقليص مساحات العفو العام قدر الإمكان، وفقاً لاحتياجاتها ومقتضياتها الاقتصادية وتحديداً المالية.
ووفقاً لقرار مفهوم وله مبرراته المنطقية من الطاقم الاقتصادي في الحكومة، سيسعى بكل اجتهاد ممكن لعزل الخزينة وعائداتها عن مجمل تطبيقات وتعليمات قانون العفو العام الجديد، ما قد يؤدي ولو نسبياً إلى نزع بعض الدسم من المقترحات. بهذا المعنى، ثمة اختبار سياسي لا يستهان به؛ فإذا ما خططت الحكومة بعد ما كلفت بوضع القانون المشار لنصوص تقتصر على التسامح بما سمّاه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بالغرامات البسيطة، والمقصود طبعاً غرامات الصحة العامة والبلديات ومخالفات السير، فالجميع يتحدث هنا عن أنباء قد تكون سعيدة لعدد كبير وقطاع واسع من المواطنين الفقراء والبسطاء. لكنها قد لا تكون سعيدة للمتعثرين جراء فيروس كورونا أو الحرب على غزة من كبار التجار والمستثمرين والصناعيين.
«موقوفون أمنيون»
إذا ما كان الهدف اقتصار العفو العام على صنف الغرامات المالية البسيطة، سيخسر المواجهة كبار الغارمين والمتعثرين، وحصرياً في حال استثناء قضايا الضرائب والجمارك. وهو ما قاله في أول شرح له رئيس الوزراء مباشرة، الأمر الذي يعني أن كبار المطلوبين في قضايا الجمارك والضرائب والمتوسطين منهم والكثير من الصغار قد لا يشمل قضاياهم وملفاتهم هذا العفو العام.
في كل حال، بعيداً عن الجانب المالي التجاري وفي الجانب السياسي تحديداً، قد يكون الأهم ما لفت النظر إليه الأمين العام لأكبر أحزاب المعارضة الشيخ مراد العضايلة، بالتوجيه الملكي، وهو يعتبر الخطوة مقدرة وفي سياقها ووقتها، لكن المهم أن يشمل العفو العام الموقوفين في قضايا الرأي والموقف السياسي ومعتقلي وجهات النظر وموقوفي التيارات السياسية والحراكية الشعبية، دون أن ينسى من تم إيقافهم من أبناء حزبه وكوادره على خلفيه النشاط الاجتماعي الكبير المتضامن مع قطاع غزة في معركة طوفان الأقصى.
«كيف سيتجاوز الخصاونة المطبات؟»
يريد العضايلة ورفاقه في المعارضة الإسلامية ومعهم بعض رموز الحراك الشعبي من العفو الملكي العام أن يشمل هذا الصنف من الموقوفين.
وغالبية هؤلاء يتم تصنيفهم باعتبارهم موقوفين أمنيين وليسوا سياسيين، لا بل أغلب قضاياهم إما معلقة في التحقيق أو سجن بعضهم لفترة من الوقت لدى محكمة أمن الدولة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت حكومة الخصاونة التي ستجري مشاورات داخل كل المؤسسات مع كل الأطراف في طريقها لتحقيق هذا النمط من الاسترخاء للحراكيين والحزبيين المعارضين وأصحاب الرأي الآخر في الشارع، الذين أودت بهم آراؤهم المتشددة أحياناً بطبيعة الحال إلى السجن أو إلى التحقيق القضائي.
ميزة العفو العام المركزية أنه يلغي التهمة والملف والتحقيق تماماً من القيود والسجلات، بمعنى أن الجريمة تصبح كأنها لم تكن. لذلك، عملياً لا فائدة في المسار السياسي من العفو العام إذا لم يشمل قضايا سياسية، لذا يمكن القول إن الموقوفين والذين يخضعون للتحقيق القضائي والمحكومين في قضايا ذات طبيعة سياسية، محطة في غاية الأهمية على حكومة الخصاونة أن تحدد كيف ستتجاوزها؛ لأنها ستنعكس على مساحة ومصداقية ودرجة شمول العفو العام الجديد، ثم على درجة الترحيب به في أوساط المجتمع والشارع.
منطقي جداً بعيداً عن السياسة أن يكرر رئيس الوزراء ما ورد في التوجيه الملكي بخصوص حماية حقوق الملكيات الفردية في قضايا النزاعات المالية، والحديث هنا عن قضايا النزاع المالي بين مؤسسة وأخرى أو بين فرد وآخر، فتلك الحقوق لا يملك في الواقع أي عفو عام أو خاص تجاهلها.
ومن المتوقع أن تذهب الحكومة في اتجاه إقامة حوار عاصف وعميق داخل مراكز القوى في دوائر القرار لفهم المسافات المحددة لها وإلى أين يمكن أن تذهب بهذا العفو العام، وإن كانت البوصلة السياسية مهمة جداً عندما تتوقف بالعفو العام المقصود والمنتظر الآن عند محطة الموقوفين السياسيين.
مطب آخر آو كمين يمكن تلمس أنه بدأ الهمس به عبر منصات التواصل الاجتماعي. وهنا حديث عن دور العفو العام في معالجة بعض القضايا التي تخص مسجونين ومحكومين كانت لديهم شهرة واسعة أو اتخذوا مواقف انتهت بأضواء، ومن بين هؤلاء باسم عوض الله الذي حكم لـ 15 عاماً من السجن في أمن الدولة وفي محكمة مغلقة جراء دوره في ملف الفتنة، وبينهم عضو البرلمان الأسبق النائب أسامة العجارمة، الذي اتهم بإطالة اللسان ويتعرض لوضع صحي صعب، حسب أقرباء له.
«نجوم» في السجن
ثمة نجوم آخرون في السجن أيضاً، بينهم رجال أعمال تم توقيفهم على أساس صفقات مشبوهة، وثمة حقوق مالية للبنوك وشركات أفلست وأخرى في طريقها إلى الإفلاس.
وأغلب التقدير أن القضايا ذات الطابع الاقتصادي بعيداً عن النزاع مع القطاع العام، لا تشكل مشكلة؛ فالعفو العام يتضمن «ميكانيزمات» لإجراء تسويات مقابل شطب عقوبة الحق العام، وإن خبر التجاوز أو التسامح بمخالفات السير والسيارات والصحة والبلديات بكل حال هو نبأ مفرح للغالبية ساحقة من بسطاء المواطنين.
«القدس العربي»
والمقصود العديد من السجناء هنا، وإشاعة التسامح عشية عيد الفطر ونهاية شهر رمضان بين أبناء المجتمع، دون المساس بمصلحة الخزينة وأمن الدولة.
تلك قيم نبيلة بالمعنى السياسي الوطني، لكن الحكومة التي تعمل أصلاً في ظروف معقدة هي أمام اختبار حقيقي.
وما يمكن فهمه من أول تعليقات الطاقم الوزاري، بما في ذلك رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة مساء الأربعاء، هو أن الحكومة قد تذهب في اتجاه تقليص مساحات العفو العام قدر الإمكان، وفقاً لاحتياجاتها ومقتضياتها الاقتصادية وتحديداً المالية.
ووفقاً لقرار مفهوم وله مبرراته المنطقية من الطاقم الاقتصادي في الحكومة، سيسعى بكل اجتهاد ممكن لعزل الخزينة وعائداتها عن مجمل تطبيقات وتعليمات قانون العفو العام الجديد، ما قد يؤدي ولو نسبياً إلى نزع بعض الدسم من المقترحات. بهذا المعنى، ثمة اختبار سياسي لا يستهان به؛ فإذا ما خططت الحكومة بعد ما كلفت بوضع القانون المشار لنصوص تقتصر على التسامح بما سمّاه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بالغرامات البسيطة، والمقصود طبعاً غرامات الصحة العامة والبلديات ومخالفات السير، فالجميع يتحدث هنا عن أنباء قد تكون سعيدة لعدد كبير وقطاع واسع من المواطنين الفقراء والبسطاء. لكنها قد لا تكون سعيدة للمتعثرين جراء فيروس كورونا أو الحرب على غزة من كبار التجار والمستثمرين والصناعيين.
«موقوفون أمنيون»
إذا ما كان الهدف اقتصار العفو العام على صنف الغرامات المالية البسيطة، سيخسر المواجهة كبار الغارمين والمتعثرين، وحصرياً في حال استثناء قضايا الضرائب والجمارك. وهو ما قاله في أول شرح له رئيس الوزراء مباشرة، الأمر الذي يعني أن كبار المطلوبين في قضايا الجمارك والضرائب والمتوسطين منهم والكثير من الصغار قد لا يشمل قضاياهم وملفاتهم هذا العفو العام.
في كل حال، بعيداً عن الجانب المالي التجاري وفي الجانب السياسي تحديداً، قد يكون الأهم ما لفت النظر إليه الأمين العام لأكبر أحزاب المعارضة الشيخ مراد العضايلة، بالتوجيه الملكي، وهو يعتبر الخطوة مقدرة وفي سياقها ووقتها، لكن المهم أن يشمل العفو العام الموقوفين في قضايا الرأي والموقف السياسي ومعتقلي وجهات النظر وموقوفي التيارات السياسية والحراكية الشعبية، دون أن ينسى من تم إيقافهم من أبناء حزبه وكوادره على خلفيه النشاط الاجتماعي الكبير المتضامن مع قطاع غزة في معركة طوفان الأقصى.
«كيف سيتجاوز الخصاونة المطبات؟»
يريد العضايلة ورفاقه في المعارضة الإسلامية ومعهم بعض رموز الحراك الشعبي من العفو الملكي العام أن يشمل هذا الصنف من الموقوفين.
وغالبية هؤلاء يتم تصنيفهم باعتبارهم موقوفين أمنيين وليسوا سياسيين، لا بل أغلب قضاياهم إما معلقة في التحقيق أو سجن بعضهم لفترة من الوقت لدى محكمة أمن الدولة.
ولم يعرف بعد ما إذا كانت حكومة الخصاونة التي ستجري مشاورات داخل كل المؤسسات مع كل الأطراف في طريقها لتحقيق هذا النمط من الاسترخاء للحراكيين والحزبيين المعارضين وأصحاب الرأي الآخر في الشارع، الذين أودت بهم آراؤهم المتشددة أحياناً بطبيعة الحال إلى السجن أو إلى التحقيق القضائي.
ميزة العفو العام المركزية أنه يلغي التهمة والملف والتحقيق تماماً من القيود والسجلات، بمعنى أن الجريمة تصبح كأنها لم تكن. لذلك، عملياً لا فائدة في المسار السياسي من العفو العام إذا لم يشمل قضايا سياسية، لذا يمكن القول إن الموقوفين والذين يخضعون للتحقيق القضائي والمحكومين في قضايا ذات طبيعة سياسية، محطة في غاية الأهمية على حكومة الخصاونة أن تحدد كيف ستتجاوزها؛ لأنها ستنعكس على مساحة ومصداقية ودرجة شمول العفو العام الجديد، ثم على درجة الترحيب به في أوساط المجتمع والشارع.
منطقي جداً بعيداً عن السياسة أن يكرر رئيس الوزراء ما ورد في التوجيه الملكي بخصوص حماية حقوق الملكيات الفردية في قضايا النزاعات المالية، والحديث هنا عن قضايا النزاع المالي بين مؤسسة وأخرى أو بين فرد وآخر، فتلك الحقوق لا يملك في الواقع أي عفو عام أو خاص تجاهلها.
ومن المتوقع أن تذهب الحكومة في اتجاه إقامة حوار عاصف وعميق داخل مراكز القوى في دوائر القرار لفهم المسافات المحددة لها وإلى أين يمكن أن تذهب بهذا العفو العام، وإن كانت البوصلة السياسية مهمة جداً عندما تتوقف بالعفو العام المقصود والمنتظر الآن عند محطة الموقوفين السياسيين.
مطب آخر آو كمين يمكن تلمس أنه بدأ الهمس به عبر منصات التواصل الاجتماعي. وهنا حديث عن دور العفو العام في معالجة بعض القضايا التي تخص مسجونين ومحكومين كانت لديهم شهرة واسعة أو اتخذوا مواقف انتهت بأضواء، ومن بين هؤلاء باسم عوض الله الذي حكم لـ 15 عاماً من السجن في أمن الدولة وفي محكمة مغلقة جراء دوره في ملف الفتنة، وبينهم عضو البرلمان الأسبق النائب أسامة العجارمة، الذي اتهم بإطالة اللسان ويتعرض لوضع صحي صعب، حسب أقرباء له.
«نجوم» في السجن
ثمة نجوم آخرون في السجن أيضاً، بينهم رجال أعمال تم توقيفهم على أساس صفقات مشبوهة، وثمة حقوق مالية للبنوك وشركات أفلست وأخرى في طريقها إلى الإفلاس.
وأغلب التقدير أن القضايا ذات الطابع الاقتصادي بعيداً عن النزاع مع القطاع العام، لا تشكل مشكلة؛ فالعفو العام يتضمن «ميكانيزمات» لإجراء تسويات مقابل شطب عقوبة الحق العام، وإن خبر التجاوز أو التسامح بمخالفات السير والسيارات والصحة والبلديات بكل حال هو نبأ مفرح للغالبية ساحقة من بسطاء المواطنين.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات