غزة «تزحف» إلى أوصال «كل الأردنيين» والتضامن في «الذروة»
عمان جو- بسام البدارين - ثلاثة عناصر في نفس المشهد على المستوى الوطني الأردني تجمعت ما بينها مؤخراً لتعيد إنتاج موقف شبه جماعي ولا يمكن القول إنه يحظى بالإجماع بعد بين عناصر مؤثرة في المشهدين الاجتماعي والسياسي.
وهي على الأرجح عناصر ساهمت في قراءة الواقع الموضوعي لصالح توجيه ملكي بإصدار قانون عفو عام ملكي جديد يخفف حدة الاحتقان الاجتماعي عموماً، الذي زادت معدلاته أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية المعيشية، وثانياً بسبب دلالات ورسائل عملية القتل الإسرائيلية الدموية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
ثلاثة عناصر متكدسة الآن سياسياً مع بعضها تفيد بإعادة النظر لا بل مراجعة مجمل حالة التموقع الأردني الرسمية، سواء في مسار عملية السلام أو حتى في مسار الاحتفاظ بالعلاقات مع إسرائيل، والأهم في مجمل المعطيات المرتبطة بمعركة طوفان الأقصى.
حجم ومستوى ومنسوب التأثر الأردني فيما يجري غربي نهر الأردن شعبياً ونخبوياً، وصل إلى ذروته في أكثر من مكان. وهو ما كان متوقعاً، برأي السياسي الأردني المتابع مروان الفاعوري، مع الهجمات الإسرائيلية الهمجية دينية الطابع عشية شهر رمضان المبارك ضد «المسلمين في فلسطين» كما يصفهم الفاعوري، وتجويعهم لا بل قتلهم تجويعاً وعطشاً في الشهر الذي يحتفظ فيه المسلمون عموماً بكل انطباعاتهم عن الجهاد والثبات والصبر والصيام والمقاومة.
الفاعوري كان قد تحدث في وقت سابق مع «القدس العربي» عن معادلة الجوع وتأثيرها على القرار السياسي.
وبعد أسبوع من شهر رمضان المبارك، بات واضحاً أن حجم تفاعل الأردنيين مع تطورات التدحرج في معركة طوفان الأقصى هي من الصنف الذي لا يمكن إنكاره.
في العنصر الأول المستجد في المشهد ربط ذكي وعميق ومباشر من جهة أكبر الأحزاب في البلاد، وهو حزب المعارضة الأبرز جبهة العمل الإسلامي، بين ما يجري في فلسطين وتحديداً في غزة، وبين الشأن الأردني الداخلي.
في تصريح للأمين العام للحزب، مراد عضايلة، أثار الكثير من الجدل والنقاش وأعاد تسمية بعض التوصيفات ووضع بعض النقاط السياسية والحزبية على بعض الأحرف، قال الحزب إن معركة غزة هي معركة الشعب الأردني، وإن الانتخابات العامة قبل نهاية العام 2024 على أهميتها إلا أن ما يجري في فلسطين المحتلة أهم باعتباره شأناً داخلياً أردنياً.
مقاربة للإسلاميين… إيقاعات حزبية وشعبية ونخبوية و«عشائرية» أيضاً
وفي الوقت الذي ربط فيه العضايلة بين نتائج المعركة في غزة والمخاطر وحجمها على الأردن دولة وشعباً لاحقاً، برز العنصر الثاني في المشهد؛ فنخب سياسية وطنية بارزة بدأت تعيد التأكيد على أن سؤال ما بعد غزة سؤال أردني بامتياز.
وهنا مفارقة لا يمكن إسقاطها من الحسابات، وتقول بوضوح إن المستويات المؤثرة في المجتمع الأردني عموماً لا بل المسيس على وجه الخصوص تدرك ـ كما يقول الدكتور ممدوح العبادي، وهو سياسي وبرلماني عريق وخبير ـ أن المخاطر على الأردن مستقبلاً، ليس من الحكمة تجاهلها الآن.
العبادي كان صاحب أول نظرية تقول إن اليمين الإسرائيلي الموتور انتخب على أساس برنامج انتخابي، البند الأول في ميثاقه كان أن الأردن جزء من مشروع إسرائيل الكبرى.
لذا، ينضم سياسيون كثر إلى دعوة العبادي المبكرة اعتباراً من يوم 8 أكتوبر الماضي، القائلة إن المعركة بين الشعب الأردني ومؤسسات دولته واليمين الإسرائيلي قادمة لا محالة، وقد لا تحضر في وقت قريب، لكنها معركة حتمية وينبغي الاستعداد لها بإعادة خدمة العلم أو بتدريب الأردنيين وتسليحهم.
عندما قيل مثل هذا الطرح في بدايات معركة أكتوبر، اتهم أصحابه بالمبالغة، لكن عدد الذين يعتقدون اليوم أن ما يحصل في غزة والضفة الغربية هو جوهر وأساس المصالح الحقيقية والعميقة الأردنية، يزيد على نحو مضطرد؛ فرئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات -وهو شخصية وطنية بارزة ولا يستهان بنفوذها وحضورها الاجتماعي- لم يقف عند حدود رفضه قبل أكثر من 30 عاماً التوقيع على اتفاقية وادي عربة وفقدانه مقعده آنذاك في مجلس الأعيان، يقود المبادرة التي تعتبر اليوم أن ما سيحصل بعد غزة ـ والمقصود طبعاً معركة غزة ـ هو أمر أردني، والسؤال يخص الأردنيين جميعاً.
بهذا المعنى، وفي مقاربة الإسلاميين، تصبح غزة موضوعاً أساسياً في عمق الشأن الداخلي الأردني، لا بل أهم من الانتخابات، ومن مسار تحديث المنظومة السياسية.
والمقصود هنا أن العضايلة يلفت النظر إلى أن الضرورة الحتمية لنفاذ الانتخابات وتصويب الأردنيين لأوضاعهم والتثبيت وتكريس مسار التنمية السياسية مستقبلاً هو الحفاظ على أمن الأردن، والخطر الوحيد اليوم على الأردن ـ في رأي العضايلة ـ هو اليمين الإسرائيلي ومشاريعه في التهجير إذا ما حسم، لا سمح الله، المعركة في غزة. لكن بعيداً عن أوساط المعارضة الحزبية والنخب التي تقدر حجم مخاطر أكبر مما يقدره الموظفون الحاليون في الإدارة العليا الأردنية، فالسياسيون ليسوا وحدهم مؤخراً في هذا السياق؛ فعدد الأردنيين الذين يتبرعون لأهل غزة بصفة شخصية وبعيداً عن تبرعات القطاع الخاص والشركات والقطاع الحكومي وصل إلى مستويات غير مسبوقة رقمياً ومالياً.
ولا يقف الأمر عند الجانب الإغاثي فقط؛ فعدد القيادات والزعامات العشائرية التي بدأت تضرب أوتار التحذير السياسي يزيد أيضاً، وتعقد اليوم في جمعيات ومقرات ومضارب بعض العشائر الأردنية اجتماعات ومشاورات يعبر عنها نشطاء عشائريون بين الحين والآخر تحت عنوان التضامن مع المقاومة باعتبارها الخيار الوحيد أمام الأردن في هذه المرحلة.
ولعل الإيقاع العشائري هنا يعبر عنه قبل وأكثر من غيره الشيخ الناشط جداً طراد الفايز، الذي أعاد التأكيد في آخر اجتماعات حضرها وألقى فيها مداخلة، بأن الوقوف مع المقاومة عقيدة بالنسبة للأردنيين، وليس مسألة موقف سياسي فقط.
«القدس العربي»
وهي على الأرجح عناصر ساهمت في قراءة الواقع الموضوعي لصالح توجيه ملكي بإصدار قانون عفو عام ملكي جديد يخفف حدة الاحتقان الاجتماعي عموماً، الذي زادت معدلاته أولاً بسبب الأزمة الاقتصادية المعيشية، وثانياً بسبب دلالات ورسائل عملية القتل الإسرائيلية الدموية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
ثلاثة عناصر متكدسة الآن سياسياً مع بعضها تفيد بإعادة النظر لا بل مراجعة مجمل حالة التموقع الأردني الرسمية، سواء في مسار عملية السلام أو حتى في مسار الاحتفاظ بالعلاقات مع إسرائيل، والأهم في مجمل المعطيات المرتبطة بمعركة طوفان الأقصى.
حجم ومستوى ومنسوب التأثر الأردني فيما يجري غربي نهر الأردن شعبياً ونخبوياً، وصل إلى ذروته في أكثر من مكان. وهو ما كان متوقعاً، برأي السياسي الأردني المتابع مروان الفاعوري، مع الهجمات الإسرائيلية الهمجية دينية الطابع عشية شهر رمضان المبارك ضد «المسلمين في فلسطين» كما يصفهم الفاعوري، وتجويعهم لا بل قتلهم تجويعاً وعطشاً في الشهر الذي يحتفظ فيه المسلمون عموماً بكل انطباعاتهم عن الجهاد والثبات والصبر والصيام والمقاومة.
الفاعوري كان قد تحدث في وقت سابق مع «القدس العربي» عن معادلة الجوع وتأثيرها على القرار السياسي.
وبعد أسبوع من شهر رمضان المبارك، بات واضحاً أن حجم تفاعل الأردنيين مع تطورات التدحرج في معركة طوفان الأقصى هي من الصنف الذي لا يمكن إنكاره.
في العنصر الأول المستجد في المشهد ربط ذكي وعميق ومباشر من جهة أكبر الأحزاب في البلاد، وهو حزب المعارضة الأبرز جبهة العمل الإسلامي، بين ما يجري في فلسطين وتحديداً في غزة، وبين الشأن الأردني الداخلي.
في تصريح للأمين العام للحزب، مراد عضايلة، أثار الكثير من الجدل والنقاش وأعاد تسمية بعض التوصيفات ووضع بعض النقاط السياسية والحزبية على بعض الأحرف، قال الحزب إن معركة غزة هي معركة الشعب الأردني، وإن الانتخابات العامة قبل نهاية العام 2024 على أهميتها إلا أن ما يجري في فلسطين المحتلة أهم باعتباره شأناً داخلياً أردنياً.
مقاربة للإسلاميين… إيقاعات حزبية وشعبية ونخبوية و«عشائرية» أيضاً
وفي الوقت الذي ربط فيه العضايلة بين نتائج المعركة في غزة والمخاطر وحجمها على الأردن دولة وشعباً لاحقاً، برز العنصر الثاني في المشهد؛ فنخب سياسية وطنية بارزة بدأت تعيد التأكيد على أن سؤال ما بعد غزة سؤال أردني بامتياز.
وهنا مفارقة لا يمكن إسقاطها من الحسابات، وتقول بوضوح إن المستويات المؤثرة في المجتمع الأردني عموماً لا بل المسيس على وجه الخصوص تدرك ـ كما يقول الدكتور ممدوح العبادي، وهو سياسي وبرلماني عريق وخبير ـ أن المخاطر على الأردن مستقبلاً، ليس من الحكمة تجاهلها الآن.
العبادي كان صاحب أول نظرية تقول إن اليمين الإسرائيلي الموتور انتخب على أساس برنامج انتخابي، البند الأول في ميثاقه كان أن الأردن جزء من مشروع إسرائيل الكبرى.
لذا، ينضم سياسيون كثر إلى دعوة العبادي المبكرة اعتباراً من يوم 8 أكتوبر الماضي، القائلة إن المعركة بين الشعب الأردني ومؤسسات دولته واليمين الإسرائيلي قادمة لا محالة، وقد لا تحضر في وقت قريب، لكنها معركة حتمية وينبغي الاستعداد لها بإعادة خدمة العلم أو بتدريب الأردنيين وتسليحهم.
عندما قيل مثل هذا الطرح في بدايات معركة أكتوبر، اتهم أصحابه بالمبالغة، لكن عدد الذين يعتقدون اليوم أن ما يحصل في غزة والضفة الغربية هو جوهر وأساس المصالح الحقيقية والعميقة الأردنية، يزيد على نحو مضطرد؛ فرئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات -وهو شخصية وطنية بارزة ولا يستهان بنفوذها وحضورها الاجتماعي- لم يقف عند حدود رفضه قبل أكثر من 30 عاماً التوقيع على اتفاقية وادي عربة وفقدانه مقعده آنذاك في مجلس الأعيان، يقود المبادرة التي تعتبر اليوم أن ما سيحصل بعد غزة ـ والمقصود طبعاً معركة غزة ـ هو أمر أردني، والسؤال يخص الأردنيين جميعاً.
بهذا المعنى، وفي مقاربة الإسلاميين، تصبح غزة موضوعاً أساسياً في عمق الشأن الداخلي الأردني، لا بل أهم من الانتخابات، ومن مسار تحديث المنظومة السياسية.
والمقصود هنا أن العضايلة يلفت النظر إلى أن الضرورة الحتمية لنفاذ الانتخابات وتصويب الأردنيين لأوضاعهم والتثبيت وتكريس مسار التنمية السياسية مستقبلاً هو الحفاظ على أمن الأردن، والخطر الوحيد اليوم على الأردن ـ في رأي العضايلة ـ هو اليمين الإسرائيلي ومشاريعه في التهجير إذا ما حسم، لا سمح الله، المعركة في غزة. لكن بعيداً عن أوساط المعارضة الحزبية والنخب التي تقدر حجم مخاطر أكبر مما يقدره الموظفون الحاليون في الإدارة العليا الأردنية، فالسياسيون ليسوا وحدهم مؤخراً في هذا السياق؛ فعدد الأردنيين الذين يتبرعون لأهل غزة بصفة شخصية وبعيداً عن تبرعات القطاع الخاص والشركات والقطاع الحكومي وصل إلى مستويات غير مسبوقة رقمياً ومالياً.
ولا يقف الأمر عند الجانب الإغاثي فقط؛ فعدد القيادات والزعامات العشائرية التي بدأت تضرب أوتار التحذير السياسي يزيد أيضاً، وتعقد اليوم في جمعيات ومقرات ومضارب بعض العشائر الأردنية اجتماعات ومشاورات يعبر عنها نشطاء عشائريون بين الحين والآخر تحت عنوان التضامن مع المقاومة باعتبارها الخيار الوحيد أمام الأردن في هذه المرحلة.
ولعل الإيقاع العشائري هنا يعبر عنه قبل وأكثر من غيره الشيخ الناشط جداً طراد الفايز، الذي أعاد التأكيد في آخر اجتماعات حضرها وألقى فيها مداخلة، بأن الوقوف مع المقاومة عقيدة بالنسبة للأردنيين، وليس مسألة موقف سياسي فقط.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات