الأردن ولحظة «استدراك»: متى تبدأ محاولة «النزول عن الشجرة»؟
عمان جو- بسام البدارين - النزول عن شجرة والمبالغة والتهويل أولى وأقل كلفة بعد مسلسل التجاذب والاتهامات في الأردن الذي أفلت من عقاله شعبوياً وإعلامياً وسياسياً بعدما قررت الجهات الرسمية «فركة أذن» للمتظاهرين في الحراك الشعبي ليس أكثر، وتوجيه رسائل مَرة ضد حركة حماس وبعض قادتها، ومرة أخرى لقادة الحركة الإسلامية.
الصيغة التي تحدث فيها بعد ظهر الاثنين عبر منبر الإعلام الحكومي وزير الاتصال الدكتور مهند المبيضين، تعني بأن محاولة احتواء أنعم قليلاً للجدل والتجاذب الوطني بدأت تُطهى على نار، قد يرافقها الهدوء على أمل النزول عن الشجرة سياسياً ووطنياً، بعدما لاحظ نقاد وسياسيون خبراء أن صيغة ابتكار فتنة ما لدرء أخرى أخرجت تشنجات ظلامية في المجتمع قد لا تكون المقصودة عندما قررت الحكومة وسلطاتها تحجيم الحراك الشعبي وإعادة ضبطه.
بوضوح، يمكن التقاط جوهري في هذه المفارقة من تعليقات الوزير المبيضين ظهر الثلاثاء، التي قال فيها بعبارة صريحة إن الحكومة ليست ضد التضامن الشعبي في الشارع مع أهل غزة. لكن ذلك لا يعني طبعاً أن الحكومة مرتاحة لحجم ومستوى الترحيب الشعبي والاجتماعي الحار بقادة المقاومة، فتلك مخالفة للنمط والتقليد، وما تكشف عنه المفارقات والتتابعات أن حكومة عمان ليست مستعدة لذلك بعد.
عاجلاً أم آجلاً، وبرأي السياسي مروان الفاعوري، ينبغي أن تدرك دوائر صناعة القرار أن إظهار التقدير هو أولاً لرأي وموقف ومشاعر الشارع الأردني. وثانياً لمستجدات جلوس المقاومة الفلسطينية على طاولة صناعة الحدث، وهما تطوران ـ في رأي الفاعوري ـ ينبغي التوقف عندهما، كما ينبغي التوقف عن توقع نتائج مختلفة في مسألة ضبط الإيقاع الشعبي الداخلي باستخدام أدوات الماضي.
تطوران مهمان
يتفق الفاعوري على هامش نقاش مع «القدس العربي» شاركت به شخصيات سياسية أخرى، على أن الفصل بين موقف الشارع الأردني من الجريمة الإسرائيلية والمقاومة نفسها، هي لعبة محفوفة بالمخاطر بصفة أساسية، لذا فالمطلوب تجميد الأساليب القديمة غير المنتجة خصوصاً في مساحة صناعة أوهام لتخويف الأردنيين على أمنهم واستقرارهم الداخلي بهدف تمرير استمرار بقاء المصالح والعلاقات مع الطرف الوحيد الذي يقلق الأردنيين على أمنهم، وهو الإسرائيلي.
ثمة من يزيد وسط نخب عمان من جرعة التحذير بعدما بدا للجميع أن فركة الأذن المشار إليها أوصلت الدولة قبل الرأي العام إلى مستويات مقلقة من التأليب وسط الجمهور، يمكن أن تنعكس على السلم المجتمعي بسبب أداء مغامر أو مراهق، بعدما استدعت مقالات وتعليقات وبيانات كل ما في ذاكرة الأردنيين السلبية فجأة تحت ستار التبرع والتطوع بالمزاودة حتى على الدولة.
بعد «غزوة» تحجيم الحراك الشعبي
في كل حال، ما أظهرته بعض تطورات الاتصالات الاستدراكية في الساعات الأخيرة بعد «الغزوة» التي استهدفت باسم الدولة شيطنة الحراك الشعبي واتخذت المحاولة مسارات انقسامية وهدامة، هو أن محطة استدراك ما تحصل، وينبغي أن تنضج وتكمل مشوارها؛ فقد حصل تبادل للرسائل مع بعض قادة الملتقى الشعبي لنصرة المقاومة في الوقت الذي أعلن فيه النائب المقرب من السلطات عمر العياصرة بأن على قادة الحراك الشعبي معرفة وترسيم حدود السقف الجيد أو المطلوب، بدا لبعض المراقبين أن دعوات التعقل والرشد في البيان الرسمي تحديداً قد تصبح منتجة أكثر إذا ما تقرر تهدئة الجميع بدلاً من التوتير والتأزيم على طريقة ملف نقابة المعلمين، حيث التصعيد البيروقراطي الرسمي هنا استنسخ وأدى إلى تفريخ عشرات الأزمات الصغيرة. من هنا يمكن فهم الاتصالات التي كان ينبغي أن تحصل مبكراً للبحث عن تفاهمات بين ممثلين للحكومة أو التيار الإسلامي.
العدوان يوحد الأردنيين
ويمكن أيضاً فهم حدود المنطق الذي طرحه الوزير المبيضين متأخراً أمس الثلاثاء، عندما وجه ملاحظات للحراك الشعبي فنية الطابع دون أن يذكر أي جزئية مما ورد في مقالات وبيانات الداخل والخارج التي تحدثت عن مؤامرة على الأمن والاستقرار في الأردن. وبوضوح شديد لا يقبل الالتباس، طرح الوزير المبيضين ثلاث ملاحظات فقط على التظاهرات والمسيرات من الصنف الذي يشاركه فيها حتى قادة الإخوان المسلمين وغالبية المواطنين.
لا أحد يقبل بفكرة المساس برجال الأمن ولا الأمن الوطني، وحجم الاستنكارات لبعض الهتافات الحادة حتى وسط المتظاهرين أكبر بكثير من أن تصبح تلك الهتافات البائسة ظاهرة تستوجب بيانات تضامن من دول مجاورة أو حملات فزعة داخلية تظهر الدولة ضعيفة في مواجهة الحراك، وهو أمر غير صحيح إطلاقاً.
أجواء الحوار والتفاهم والتلاقي والاستدراك هي الأساس والمطلوبة قبل أي اعتبار آخر، برأي الوزير والبرلماني السابق والخبير الدكتور محمد الحلايقة، الذي قدر في نقاش مع «القدس العربي» مجدداً بأن محاولات النفخ في التأزيم تحت فلسفة اتهام الحراك الشعبي العفوي مغامرة أو مجازفة مؤذية كان يمكن الاستغناء عنها، مقترحاً على كل أطراف المسرح الوطني الإدراك والاستدراك.
يضم الحلايقة صوته لهؤلاء الخبراء الذين يطرحون السؤال التالي: لماذا نسمح بصناعة تأزيم أو أزمة كلما كانت الجبهة الداخلية هادئة ومتحدة؟
طبعاً، لا جواب مباشراً عند الحلايقة أو غيره.
لكنه يصر على أن حجم المسافة الموحدة بين الموقف الرسمي والشعبي في ملف العدوان الإجرامي الإسرائيلي كبير وقابل للاستثمار وطنياً، لذا لا مبرر لخدش هذا الإيقاع ولأسباب بائسة صغيرة يمكن تجاهلها. ويقدر الحلايقة أيضاً بأن الحاجة غير ضرورية لمغامرات ومجازفات كلما توحد الأردنيون بهدوء خلف قضاياهم الكبيرة، مثل قضية فلسطين، ملمحاً إلى أن البحث عن قواعد عمل وطنية مشتركة هو الأجدى، وإلى أنه لا مبرر لوجود أزمة اليوم اسمها الحراك الشعبي وتعبيراته؛ لأن الأمور منسجمة مع بعضها، والعدوان يوحد الأردنيين.
«القدس العربي»
الصيغة التي تحدث فيها بعد ظهر الاثنين عبر منبر الإعلام الحكومي وزير الاتصال الدكتور مهند المبيضين، تعني بأن محاولة احتواء أنعم قليلاً للجدل والتجاذب الوطني بدأت تُطهى على نار، قد يرافقها الهدوء على أمل النزول عن الشجرة سياسياً ووطنياً، بعدما لاحظ نقاد وسياسيون خبراء أن صيغة ابتكار فتنة ما لدرء أخرى أخرجت تشنجات ظلامية في المجتمع قد لا تكون المقصودة عندما قررت الحكومة وسلطاتها تحجيم الحراك الشعبي وإعادة ضبطه.
بوضوح، يمكن التقاط جوهري في هذه المفارقة من تعليقات الوزير المبيضين ظهر الثلاثاء، التي قال فيها بعبارة صريحة إن الحكومة ليست ضد التضامن الشعبي في الشارع مع أهل غزة. لكن ذلك لا يعني طبعاً أن الحكومة مرتاحة لحجم ومستوى الترحيب الشعبي والاجتماعي الحار بقادة المقاومة، فتلك مخالفة للنمط والتقليد، وما تكشف عنه المفارقات والتتابعات أن حكومة عمان ليست مستعدة لذلك بعد.
عاجلاً أم آجلاً، وبرأي السياسي مروان الفاعوري، ينبغي أن تدرك دوائر صناعة القرار أن إظهار التقدير هو أولاً لرأي وموقف ومشاعر الشارع الأردني. وثانياً لمستجدات جلوس المقاومة الفلسطينية على طاولة صناعة الحدث، وهما تطوران ـ في رأي الفاعوري ـ ينبغي التوقف عندهما، كما ينبغي التوقف عن توقع نتائج مختلفة في مسألة ضبط الإيقاع الشعبي الداخلي باستخدام أدوات الماضي.
تطوران مهمان
يتفق الفاعوري على هامش نقاش مع «القدس العربي» شاركت به شخصيات سياسية أخرى، على أن الفصل بين موقف الشارع الأردني من الجريمة الإسرائيلية والمقاومة نفسها، هي لعبة محفوفة بالمخاطر بصفة أساسية، لذا فالمطلوب تجميد الأساليب القديمة غير المنتجة خصوصاً في مساحة صناعة أوهام لتخويف الأردنيين على أمنهم واستقرارهم الداخلي بهدف تمرير استمرار بقاء المصالح والعلاقات مع الطرف الوحيد الذي يقلق الأردنيين على أمنهم، وهو الإسرائيلي.
ثمة من يزيد وسط نخب عمان من جرعة التحذير بعدما بدا للجميع أن فركة الأذن المشار إليها أوصلت الدولة قبل الرأي العام إلى مستويات مقلقة من التأليب وسط الجمهور، يمكن أن تنعكس على السلم المجتمعي بسبب أداء مغامر أو مراهق، بعدما استدعت مقالات وتعليقات وبيانات كل ما في ذاكرة الأردنيين السلبية فجأة تحت ستار التبرع والتطوع بالمزاودة حتى على الدولة.
بعد «غزوة» تحجيم الحراك الشعبي
في كل حال، ما أظهرته بعض تطورات الاتصالات الاستدراكية في الساعات الأخيرة بعد «الغزوة» التي استهدفت باسم الدولة شيطنة الحراك الشعبي واتخذت المحاولة مسارات انقسامية وهدامة، هو أن محطة استدراك ما تحصل، وينبغي أن تنضج وتكمل مشوارها؛ فقد حصل تبادل للرسائل مع بعض قادة الملتقى الشعبي لنصرة المقاومة في الوقت الذي أعلن فيه النائب المقرب من السلطات عمر العياصرة بأن على قادة الحراك الشعبي معرفة وترسيم حدود السقف الجيد أو المطلوب، بدا لبعض المراقبين أن دعوات التعقل والرشد في البيان الرسمي تحديداً قد تصبح منتجة أكثر إذا ما تقرر تهدئة الجميع بدلاً من التوتير والتأزيم على طريقة ملف نقابة المعلمين، حيث التصعيد البيروقراطي الرسمي هنا استنسخ وأدى إلى تفريخ عشرات الأزمات الصغيرة. من هنا يمكن فهم الاتصالات التي كان ينبغي أن تحصل مبكراً للبحث عن تفاهمات بين ممثلين للحكومة أو التيار الإسلامي.
العدوان يوحد الأردنيين
ويمكن أيضاً فهم حدود المنطق الذي طرحه الوزير المبيضين متأخراً أمس الثلاثاء، عندما وجه ملاحظات للحراك الشعبي فنية الطابع دون أن يذكر أي جزئية مما ورد في مقالات وبيانات الداخل والخارج التي تحدثت عن مؤامرة على الأمن والاستقرار في الأردن. وبوضوح شديد لا يقبل الالتباس، طرح الوزير المبيضين ثلاث ملاحظات فقط على التظاهرات والمسيرات من الصنف الذي يشاركه فيها حتى قادة الإخوان المسلمين وغالبية المواطنين.
لا أحد يقبل بفكرة المساس برجال الأمن ولا الأمن الوطني، وحجم الاستنكارات لبعض الهتافات الحادة حتى وسط المتظاهرين أكبر بكثير من أن تصبح تلك الهتافات البائسة ظاهرة تستوجب بيانات تضامن من دول مجاورة أو حملات فزعة داخلية تظهر الدولة ضعيفة في مواجهة الحراك، وهو أمر غير صحيح إطلاقاً.
أجواء الحوار والتفاهم والتلاقي والاستدراك هي الأساس والمطلوبة قبل أي اعتبار آخر، برأي الوزير والبرلماني السابق والخبير الدكتور محمد الحلايقة، الذي قدر في نقاش مع «القدس العربي» مجدداً بأن محاولات النفخ في التأزيم تحت فلسفة اتهام الحراك الشعبي العفوي مغامرة أو مجازفة مؤذية كان يمكن الاستغناء عنها، مقترحاً على كل أطراف المسرح الوطني الإدراك والاستدراك.
يضم الحلايقة صوته لهؤلاء الخبراء الذين يطرحون السؤال التالي: لماذا نسمح بصناعة تأزيم أو أزمة كلما كانت الجبهة الداخلية هادئة ومتحدة؟
طبعاً، لا جواب مباشراً عند الحلايقة أو غيره.
لكنه يصر على أن حجم المسافة الموحدة بين الموقف الرسمي والشعبي في ملف العدوان الإجرامي الإسرائيلي كبير وقابل للاستثمار وطنياً، لذا لا مبرر لخدش هذا الإيقاع ولأسباب بائسة صغيرة يمكن تجاهلها. ويقدر الحلايقة أيضاً بأن الحاجة غير ضرورية لمغامرات ومجازفات كلما توحد الأردنيون بهدوء خلف قضاياهم الكبيرة، مثل قضية فلسطين، ملمحاً إلى أن البحث عن قواعد عمل وطنية مشتركة هو الأجدى، وإلى أنه لا مبرر لوجود أزمة اليوم اسمها الحراك الشعبي وتعبيراته؛ لأن الأمور منسجمة مع بعضها، والعدوان يوحد الأردنيين.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات