«أسابيع حرجة» في الأردن تختبر كل تفصيلات «التحديث السياسي» قبل الاقتراع
عمان جو- بسام البدارين - تحديد موعد الانتخابات النيابية في الأردن أمس الأول بعد طول جدل، لا يحسم فقط التجاذب والخلاف حول المضي قدماً في الملف الانتخابي رفقة التعايش مع تداعيات معركة طوفان الأقصى، لكنه أيضاً رسالة توكيد ملكية مرجعية على المضي قدماً في برنامج تحديث المنظومة السياسية في البلاد بصرف النظر عن بقية الاعتبارات وخصوصاً الإقليمية.
العاهل الملك عبد الله الثاني زار، الأربعاء، الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، وأصدر توجيهاً مباشراً ومكتوباً بإجراء الانتخابات المقررة قبل نهاية العام 2024، فسارعت كل من الحكومة والهيئة المستقلة لإعلان الالتزام بالمطلوب منهما في السياق.
الحكومة من جهتها وفي إيحاء ضمني بأنها قد تشرف على تلك الانتخابات ما لم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، وجه رئيسها الدكتور بشر الخصاونة لكل المؤسسات الحكومية ما يأمر بمساعدة وتمكين الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات من القيام بعملها في إطار تعميم إداري، يعني ضمناً بأن الأولوية الإدارية ينبغي أن تكون بعد الآن لأعمال الهيئة الانتخابية وتنسيقاتها. والمقصود هنا أن الحكومة تضع مؤسساتها وأذرعها بين يدي الهيئة التي تعتبر دستورياً الجهة الرئيسية المشرفة على الانتخابات.
لاحقاً، أعلن رئيس الهيئة، وهو الوزير المخضرم موسى معايطة، بأن يوم الاقتراع سيكون 10 أيلول المقبل، بمعنى إضفاء طابع سياسي على الصيف المقبل انتخابياً بوجود ما لا يقل عن خمسة ملايين ناخب أردني مسجلين وفقاً لأرقام الهيئة، حيث تعقد الانتخابات صيفاً بوجود قوة تصويتية أيضاً من المغتربين الأردنيين الذين يميلون بالعادة للمشاركة، وبما لا يقل عن ربع مليون صوت في صناديق الاقتراع.
معايطة كان قد أبلغ «القدس العربي» بأن المعيار ليس عدد المنضمين من المواطنين إلى الأحزاب السياسية، بل نسبة المقترعين الوطنية العامة. مشيراً إلى أن النسبة النشطة بالاقتراع في المجتمعات الديمقراطية العريقة بالعادة تكون عددياً هي الأدنى.
وهو يقدر أن الانتخابات الوشيكة بعد قرار بعقدها وتوفير الغطاء الملكي لها ستكون محطة أساسية ومهمة في التدرج الديمقراطي الإصلاحي، وفي نمو المنظومة السياسية.
«انتخابات 2024 الأكثر حساسية»
ولا يعارض خبراء أساسيون وسياسيون القول عموماً إن انتخابات 2024 قد تكون الأهم والأكثر حساسية، ليس لأنها الأولى التي ستنضم بموجب حضور قوي وصلب وأفقي للأحزاب السياسية، لكن بحكم أنها أول انتخابات عامة في البلاد في ظل وثيقة مسار تحديث المنظومة السياسية، حيث وضعت عدة وثائق مؤخراً مرجعياً ستطالب الحكومات لاحقاً بالعمل بموجبها في خطوة نوعية جداً تحصر الاجتهاد البيروقراطي خارج النصوص، برأي البرلماني والخبير الاقتصادي الدكتور خير أبو صعليك، الذي اعتبر أن الحكومات بعد الآن في الأردن «محظوظة» والوثائق تحظى بشرعية التوافق الوطني.
بعد «أمر ملكي» بإجراء الانتخابات
ويعني ذلك عموماً سياسياً، أن الأطر المرجعية بإعلان تحديد موعد الانتخابات تجاوزت احتمالات وسيناريوهات تأجيلها لأسباب سياسية أو غير سياسية، وأن البرنامج الذي وضع قبل نحو عامين لرفع مستوى الاستحكام الحزبي في السلطة التشريعية بدأ يتحول إلى واقع موضوعي لا بد لجميع المواطنين الاستثمار فيه بإيجابية، كما قال لـ «القدس العربي» القيادي في حزب الميثاق محمد حجوج، داعياً إلى تصحيح أي خلل يحصل في الممارسات بعد الآن من داخل العملية الانتخابية والمؤسسات الحزبية، وعلى أساس الاشتباك الإيجابي.
يعزل القرار السيادي بإجراء الانتخابات احتمالات التأجيل. وضمناً، ويوحي تكليف حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة دعم واجبات الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات ومساعدتها بعزل سيناريو تغيير وزاري قبل الانتخابات على الأرجح، ما لم تتغير المعطيات في اللحظات الأخيرة.
ويمكن سياسياً ملاحظة أن انتخابات 2024 قد تكون الوحيدة التي لم ترافق قرارات تنظيمها فعلاً تلويحات تطالب بمنظومة نزاهة وعدم التدخل والعبث، حيث يتحدث تيار المعارضة الإسلامي عن أولوية، هي معركة غزة، لكنه لا يتحدث عن مطالب ضمانات النزاهة بعد رواج اتهامات هندسة الانتخابات في الماضي القريب.
رموز التحديث
ويحاجج رموز تحديث المنظومة السياسية في البلاد بأن التدخل البيروقراطي بالانتخابات بعد صناديق الاقتراع وفي كيفية الحساب والعد، هي مسائل باتت صعبة للغاية؛ لأن النص القانوني «يجرم» ـ كما يلفت الحجوج ـ الموظف العام في حال تدخل في الانتخابات، وهو نص وُجد لأول مرة في تاريخ التشريعات الأردنية في قانون الانتخاب الأخير، بمعنى أن المسألة في جزئية النزاهة لم تعد تتعلق بالضوء السياسي العام، بل بنص واضح في القانون يدفع في اتجاه تجريم أي محاولة تدخل خارج سياق القانون.
وقد لمح الأمين العام لأكبر الأحزاب الجديدة، وهو حزب الميثاق، الدكتور محمد مومني، في جلسة نقاش بحضور «القدس العربي» إلى ذلك عندما اعتبر أن أحداً لا يستطيع المجازفة ببعض الممارسات التي كانت التقارير تتحدث عنها في الماضي؛ لأن محصلة الإرادات اليوم تحشدت خلف إنجاح مسيرة الانتخابات التي تختلط لأول مرة بمحاصصة مرتبطة بمقاعد الأحزاب حصرياً.
الكثير من التفاصيل ستدخل تحت الأضواء الكاشفة خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيراقب الجميع إجراءات وخطوات هيئة الانتخاب المستقلة ومقدار التزام الحكومة تحضيراً لانتخابات مهمة وأساسية وخطرة، ولا يسمح معها بالأخطاء المألوفة في الماضي بسبب تجنب خدش روح ونمط مسار التحديث السياسي، الذي اعتبره القصر الملكي استراتيجية وطنية عامة في مئوية الدولة الجديدة.
«القدس العربي»
العاهل الملك عبد الله الثاني زار، الأربعاء، الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، وأصدر توجيهاً مباشراً ومكتوباً بإجراء الانتخابات المقررة قبل نهاية العام 2024، فسارعت كل من الحكومة والهيئة المستقلة لإعلان الالتزام بالمطلوب منهما في السياق.
الحكومة من جهتها وفي إيحاء ضمني بأنها قد تشرف على تلك الانتخابات ما لم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة، وجه رئيسها الدكتور بشر الخصاونة لكل المؤسسات الحكومية ما يأمر بمساعدة وتمكين الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات من القيام بعملها في إطار تعميم إداري، يعني ضمناً بأن الأولوية الإدارية ينبغي أن تكون بعد الآن لأعمال الهيئة الانتخابية وتنسيقاتها. والمقصود هنا أن الحكومة تضع مؤسساتها وأذرعها بين يدي الهيئة التي تعتبر دستورياً الجهة الرئيسية المشرفة على الانتخابات.
لاحقاً، أعلن رئيس الهيئة، وهو الوزير المخضرم موسى معايطة، بأن يوم الاقتراع سيكون 10 أيلول المقبل، بمعنى إضفاء طابع سياسي على الصيف المقبل انتخابياً بوجود ما لا يقل عن خمسة ملايين ناخب أردني مسجلين وفقاً لأرقام الهيئة، حيث تعقد الانتخابات صيفاً بوجود قوة تصويتية أيضاً من المغتربين الأردنيين الذين يميلون بالعادة للمشاركة، وبما لا يقل عن ربع مليون صوت في صناديق الاقتراع.
معايطة كان قد أبلغ «القدس العربي» بأن المعيار ليس عدد المنضمين من المواطنين إلى الأحزاب السياسية، بل نسبة المقترعين الوطنية العامة. مشيراً إلى أن النسبة النشطة بالاقتراع في المجتمعات الديمقراطية العريقة بالعادة تكون عددياً هي الأدنى.
وهو يقدر أن الانتخابات الوشيكة بعد قرار بعقدها وتوفير الغطاء الملكي لها ستكون محطة أساسية ومهمة في التدرج الديمقراطي الإصلاحي، وفي نمو المنظومة السياسية.
«انتخابات 2024 الأكثر حساسية»
ولا يعارض خبراء أساسيون وسياسيون القول عموماً إن انتخابات 2024 قد تكون الأهم والأكثر حساسية، ليس لأنها الأولى التي ستنضم بموجب حضور قوي وصلب وأفقي للأحزاب السياسية، لكن بحكم أنها أول انتخابات عامة في البلاد في ظل وثيقة مسار تحديث المنظومة السياسية، حيث وضعت عدة وثائق مؤخراً مرجعياً ستطالب الحكومات لاحقاً بالعمل بموجبها في خطوة نوعية جداً تحصر الاجتهاد البيروقراطي خارج النصوص، برأي البرلماني والخبير الاقتصادي الدكتور خير أبو صعليك، الذي اعتبر أن الحكومات بعد الآن في الأردن «محظوظة» والوثائق تحظى بشرعية التوافق الوطني.
بعد «أمر ملكي» بإجراء الانتخابات
ويعني ذلك عموماً سياسياً، أن الأطر المرجعية بإعلان تحديد موعد الانتخابات تجاوزت احتمالات وسيناريوهات تأجيلها لأسباب سياسية أو غير سياسية، وأن البرنامج الذي وضع قبل نحو عامين لرفع مستوى الاستحكام الحزبي في السلطة التشريعية بدأ يتحول إلى واقع موضوعي لا بد لجميع المواطنين الاستثمار فيه بإيجابية، كما قال لـ «القدس العربي» القيادي في حزب الميثاق محمد حجوج، داعياً إلى تصحيح أي خلل يحصل في الممارسات بعد الآن من داخل العملية الانتخابية والمؤسسات الحزبية، وعلى أساس الاشتباك الإيجابي.
يعزل القرار السيادي بإجراء الانتخابات احتمالات التأجيل. وضمناً، ويوحي تكليف حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة دعم واجبات الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات ومساعدتها بعزل سيناريو تغيير وزاري قبل الانتخابات على الأرجح، ما لم تتغير المعطيات في اللحظات الأخيرة.
ويمكن سياسياً ملاحظة أن انتخابات 2024 قد تكون الوحيدة التي لم ترافق قرارات تنظيمها فعلاً تلويحات تطالب بمنظومة نزاهة وعدم التدخل والعبث، حيث يتحدث تيار المعارضة الإسلامي عن أولوية، هي معركة غزة، لكنه لا يتحدث عن مطالب ضمانات النزاهة بعد رواج اتهامات هندسة الانتخابات في الماضي القريب.
رموز التحديث
ويحاجج رموز تحديث المنظومة السياسية في البلاد بأن التدخل البيروقراطي بالانتخابات بعد صناديق الاقتراع وفي كيفية الحساب والعد، هي مسائل باتت صعبة للغاية؛ لأن النص القانوني «يجرم» ـ كما يلفت الحجوج ـ الموظف العام في حال تدخل في الانتخابات، وهو نص وُجد لأول مرة في تاريخ التشريعات الأردنية في قانون الانتخاب الأخير، بمعنى أن المسألة في جزئية النزاهة لم تعد تتعلق بالضوء السياسي العام، بل بنص واضح في القانون يدفع في اتجاه تجريم أي محاولة تدخل خارج سياق القانون.
وقد لمح الأمين العام لأكبر الأحزاب الجديدة، وهو حزب الميثاق، الدكتور محمد مومني، في جلسة نقاش بحضور «القدس العربي» إلى ذلك عندما اعتبر أن أحداً لا يستطيع المجازفة ببعض الممارسات التي كانت التقارير تتحدث عنها في الماضي؛ لأن محصلة الإرادات اليوم تحشدت خلف إنجاح مسيرة الانتخابات التي تختلط لأول مرة بمحاصصة مرتبطة بمقاعد الأحزاب حصرياً.
الكثير من التفاصيل ستدخل تحت الأضواء الكاشفة خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيراقب الجميع إجراءات وخطوات هيئة الانتخاب المستقلة ومقدار التزام الحكومة تحضيراً لانتخابات مهمة وأساسية وخطرة، ولا يسمح معها بالأخطاء المألوفة في الماضي بسبب تجنب خدش روح ونمط مسار التحديث السياسي، الذي اعتبره القصر الملكي استراتيجية وطنية عامة في مئوية الدولة الجديدة.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات