«حماس الأردنية» ملف يدحرجه «الطوفان»… وألغاز وألغام خلف قصة العودة إلى عمان
عمان جو- بسام البدارين - «لماذا الآن؟ مش وقته إطلاقاً»…. كانت تلك ردة الفعل العفوية للقطب البرلماني الأردني خليل عطية، عندما ناقشته «القدس العربي» بالمناخات التي يثيرها تصريح مسجل للقيادي في حركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق، بدا واضحاً أنه دفع في اتجاه تدحرج ملف الجنسية الأردنية التي يحملها عدد لا يستهان به أو مئات، حسب أبو مرزوق، من قادة وأبناء حركة «حماس».
عطية أحد أبرز مساندي المقاومة في الأردن، وله صولات وجولات في التنديد بالكيان الإسرائيلي، ودعوة حكومة بلاده إلى إنصاف المقاومة وإقامة علاقات رسمية واتصالات معها. انطلاقاً من صعوبة المزاودة على البرلماني عطية في إسناد المقاومة، يستفسر عما إذا كان الوقت ملائماً لإثارة مسألة إشكالية من هذا الصنف.
لماذا طرح أبو مرزوق مسألة عودة أبناء حركة حماس الذين يحملون الجنسية الأردنية، إلى بلادهم الآن؟
سؤال سياسي آخر تثيره الحلقات المفرغة والغامضة وسط الساحة الأردنية فجأة بعد تداعيات معركة طوفان الأقصى.
أسئلة صعبة
وهو بالتأكيد من الأسئلة الصعبة، ليس لأن ملف العلاقة بين الحكومة الأردنية والمقاومة الفلسطينية متوتر وحمال أوجه، ولكن لأن الأردن عليه وبإلحاح أن يحسم بطريقة عميقة وجذرية موقعه وتموقعه من تلك التداعيات التاريخية للمعركة ضمن معادلات وتوازنات وصفها وزير الخارجية أيمن الصفدي عندما تحدثت معه «القدس العربي» بأنها معقدة ودقيقة وتتطلب اليقظة الدائمة.
يسأل أصدقاء للمقاومة الفلسطينية في عمان عن تلك المبررات التي دفعت لساناً فصيحاً مثل القيادي في المكتب السياسي لحماس أبو مرزوق، لتفخيخ مفارقة الجنسية الأردنية فجأة وقبل ساعات فقط من زيارة مهمة إلى الصين يفترض أنه يترأس وفداً لحركة حماس خلالها.
أبو مرزوق مهتم جداً بالاختراقات المحتملة مع روسيا والصين، وعندما استمعت إليه «القدس العربي» في الدوحة قبل أسابيع ولرفاقه في إسطنبول لاحقاً، كان لديه دوماً تساؤلات عما يسميه بغموض الموقف الرسمي الأردني وصعوبة تحليله.
عمان ليست بصدد الاهتمام بشرح وجهة نظرها لأبو مرزوق ولا لغيره، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة تستطيع -كما يقول الخبير والمحلل الدكتور أنور الخفش- الاستمرار في تجاهل الإجابة عن أسئلة الشعب الأردني؛ لأن كتلة حرجة جداً اجتماعيا وواسعة النطاق في عمق المجتمع بدأت تصطف خلف المقاومة في غزة وفكرتها، وخلف رموزها أحياناً، وهذا أمر يقترح الخفش بوضوح التوقف عن نكرانه وتجاهله.
أبو مرزوق «زوبعها» قبل «الصين»
مجدداً، يلح السؤال حول مقاصد طرح إشكالية التبعية القانونية والدستورية لحملة الجنسية الأردنية من قادة «حماس» في ظل وجود حاضنة اجتماعية كبيرة لم يعد من الممكن حقاً حتى حسب عطية تجاهلها؛ لأن ذلك ليس حكيماً بكل حال.
هنا لجأ أبو مرزوق إلى جملة تسييسية وتفخيخية ضخمة عندما اقترح علناً وبصورة أحرجت عدة أطراف أن استمرار الضغط الأمريكي على الدول لطرد حركة «حماس» هو مسألة سيكون من نتائجها الجزئية المباشرة عودة طبيعية للأردنيين من كادر «حماس» في تلك الدول أو غيرها إلى «بلدهم».
تصريح أبو مرزوق أقرب إلى لغم سياسي أثار ما وصفه الكاتب أحمد سلامة بضجيج غير مبرر، فيما بدا أن أبو مرزوق في الواقع يرد على تلك الدعوة التي تبنتها شخصيات شبه رسمية، من بينها وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، بعنوان سحب الجنسية الأردنية من قادة الفصائل الفلسطينية وعائلاتهم.
خبث سياسي مبرمج
يبدو للوهلة الأولى أن ما خطط لوضعه في المجال الحيوي للنقاش قيادي مسيس مثل أبو مرزوق، هو الرد على دعوات سحب الجنسية بتسليط الضوء على إشكالية قانونية ودستورية قد تبرز إذا ما أصر الأمريكيون على إغلاق أبواب بعض العواصم الصديقة له في وجه قادة «حماس».
يصنع تصريح أبو مرزوق هنا كميناً للأمريكيين وليس للأردنيين في الواقع.
ذلك طبعاً وفقاً لشروحات من استمعت إليهم «القدس العربي» من رموز المقاومة الأسبوع الحالي. التعليق وبالخبث السياسي المبرمج المعهود، يحاول لفت النظر إلى أن إصرار واشنطن على التحريض على قادة «حماس» قد ينتهي بإشكالية قانونية وسياسية، فكرتها عودة المئات منهم إلى وطنهم الذي يحملون جنسيته؛ أي إلى الأردن الذي يتصادف هنا أنه يشهد موجة لا تلين بدعم المقاومة باسم الحراك الشعبي، باعتبارها أبرز الحراكات المتصدرة في الشارع العربي ووسط كتلة الحاضنة الحرجة التي يتحدث عنها الخفش. عمان طبعاً على المستوى العميق في دوائر القرار اجتهدت في الاستفسار عن مسوغات وخلفيات القنبلة الدخانية السياسية التي ألقاها أبو مرزوق.
والتوضيحات والردود من قادة «حماس» كانت التذكير بأن الهدف ليس عمان، بل الضغط على واشنطن والرغبة في البقاء في ساحات دول أخرى لتجنب الإحراج في الأردن، بمعنى أن أبو مرزوق حاول ضرب عصفورين معاً بحجر إعلامي واحد: العصفور الأول هو تكييف رد منهجي وهادئ على دعوات سحب الجنسية التي تبنتها شخصيات رسمية أو شبه رسمية مؤخراً، من بينها شخصيات كانت ضمن كادر «حماس».
والعصفور الثاني يتمثل في تذكير الأمريكيين بأن عمان ستصبح الوجهة الأخيرة إذا أغلقت عواصم في وجه مئات الأردنيين من أبناء حركة «حماس».
الرسالة بهذا المعنى وقبل الهبوط في رحلة الصين، قد تكون وصلت إلى الأطراف المعنية المهتمة، لكن ما يبدو عليه الأمر أن الضجيج الذي أثارته أردنياً من صنف وصفه الكاتب سلامة بـ «لا يفيد «حماس» ولا يؤذي الأردنيين».
باختصار، الفكرة التي يمكن استخلاصها أن المستوى السياسي في «حماس» يلفت نظر الأمريكيين إلى ما لا يحبون الانتباه إليه بخصوص العودة إلى عمان إذا ما أغلقت في وجه المقاومة أبواب أخرى، وإن تطلب الأمر تحمل كلفة تهمة مثل الانتماء إلى تنظيم غير مرخص في الأردن. وهي بكل حال، تهمة سبق أن حوكم وسجن بعض الأردنيين من كوادر «حماس» بسببها، لكن ذلك حدث قبل 7 أكتوبر. وأغلب التقدير أن حصوله في ظل معركة طوفان الأقصى صعب ومعقد للغاية، خصوصاً في إطار جماعي يطال قادة يحمل أبناؤهم وأحفادهم الجنسية الأردنية.
التدحرج الذي تسبب به أبو مرزوق متفرع ومتعدد الأوجه، لكن السلطات الأردنية تعاملت بهدوء تام يحسب لها في المقابل، حتى وإن كانت المقاصد في باب التحرش عن بعد؛ لأن ملف الجنسية والرقم الوطني شائك ومعقد لدرجة أكبر بكثير من ملف إبعاد قادة «حماس» الأردنيين في الماضي بواقعة شهيرة ما زال يسأل عنها حتى اليوم وبعد أكثر من 23 عاماً رئيس الوزراء المخضرم آنذاك عبد الرؤوف الروابدة.
«القدس العربي»
عطية أحد أبرز مساندي المقاومة في الأردن، وله صولات وجولات في التنديد بالكيان الإسرائيلي، ودعوة حكومة بلاده إلى إنصاف المقاومة وإقامة علاقات رسمية واتصالات معها. انطلاقاً من صعوبة المزاودة على البرلماني عطية في إسناد المقاومة، يستفسر عما إذا كان الوقت ملائماً لإثارة مسألة إشكالية من هذا الصنف.
لماذا طرح أبو مرزوق مسألة عودة أبناء حركة حماس الذين يحملون الجنسية الأردنية، إلى بلادهم الآن؟
سؤال سياسي آخر تثيره الحلقات المفرغة والغامضة وسط الساحة الأردنية فجأة بعد تداعيات معركة طوفان الأقصى.
أسئلة صعبة
وهو بالتأكيد من الأسئلة الصعبة، ليس لأن ملف العلاقة بين الحكومة الأردنية والمقاومة الفلسطينية متوتر وحمال أوجه، ولكن لأن الأردن عليه وبإلحاح أن يحسم بطريقة عميقة وجذرية موقعه وتموقعه من تلك التداعيات التاريخية للمعركة ضمن معادلات وتوازنات وصفها وزير الخارجية أيمن الصفدي عندما تحدثت معه «القدس العربي» بأنها معقدة ودقيقة وتتطلب اليقظة الدائمة.
يسأل أصدقاء للمقاومة الفلسطينية في عمان عن تلك المبررات التي دفعت لساناً فصيحاً مثل القيادي في المكتب السياسي لحماس أبو مرزوق، لتفخيخ مفارقة الجنسية الأردنية فجأة وقبل ساعات فقط من زيارة مهمة إلى الصين يفترض أنه يترأس وفداً لحركة حماس خلالها.
أبو مرزوق مهتم جداً بالاختراقات المحتملة مع روسيا والصين، وعندما استمعت إليه «القدس العربي» في الدوحة قبل أسابيع ولرفاقه في إسطنبول لاحقاً، كان لديه دوماً تساؤلات عما يسميه بغموض الموقف الرسمي الأردني وصعوبة تحليله.
عمان ليست بصدد الاهتمام بشرح وجهة نظرها لأبو مرزوق ولا لغيره، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة تستطيع -كما يقول الخبير والمحلل الدكتور أنور الخفش- الاستمرار في تجاهل الإجابة عن أسئلة الشعب الأردني؛ لأن كتلة حرجة جداً اجتماعيا وواسعة النطاق في عمق المجتمع بدأت تصطف خلف المقاومة في غزة وفكرتها، وخلف رموزها أحياناً، وهذا أمر يقترح الخفش بوضوح التوقف عن نكرانه وتجاهله.
أبو مرزوق «زوبعها» قبل «الصين»
مجدداً، يلح السؤال حول مقاصد طرح إشكالية التبعية القانونية والدستورية لحملة الجنسية الأردنية من قادة «حماس» في ظل وجود حاضنة اجتماعية كبيرة لم يعد من الممكن حقاً حتى حسب عطية تجاهلها؛ لأن ذلك ليس حكيماً بكل حال.
هنا لجأ أبو مرزوق إلى جملة تسييسية وتفخيخية ضخمة عندما اقترح علناً وبصورة أحرجت عدة أطراف أن استمرار الضغط الأمريكي على الدول لطرد حركة «حماس» هو مسألة سيكون من نتائجها الجزئية المباشرة عودة طبيعية للأردنيين من كادر «حماس» في تلك الدول أو غيرها إلى «بلدهم».
تصريح أبو مرزوق أقرب إلى لغم سياسي أثار ما وصفه الكاتب أحمد سلامة بضجيج غير مبرر، فيما بدا أن أبو مرزوق في الواقع يرد على تلك الدعوة التي تبنتها شخصيات شبه رسمية، من بينها وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، بعنوان سحب الجنسية الأردنية من قادة الفصائل الفلسطينية وعائلاتهم.
خبث سياسي مبرمج
يبدو للوهلة الأولى أن ما خطط لوضعه في المجال الحيوي للنقاش قيادي مسيس مثل أبو مرزوق، هو الرد على دعوات سحب الجنسية بتسليط الضوء على إشكالية قانونية ودستورية قد تبرز إذا ما أصر الأمريكيون على إغلاق أبواب بعض العواصم الصديقة له في وجه قادة «حماس».
يصنع تصريح أبو مرزوق هنا كميناً للأمريكيين وليس للأردنيين في الواقع.
ذلك طبعاً وفقاً لشروحات من استمعت إليهم «القدس العربي» من رموز المقاومة الأسبوع الحالي. التعليق وبالخبث السياسي المبرمج المعهود، يحاول لفت النظر إلى أن إصرار واشنطن على التحريض على قادة «حماس» قد ينتهي بإشكالية قانونية وسياسية، فكرتها عودة المئات منهم إلى وطنهم الذي يحملون جنسيته؛ أي إلى الأردن الذي يتصادف هنا أنه يشهد موجة لا تلين بدعم المقاومة باسم الحراك الشعبي، باعتبارها أبرز الحراكات المتصدرة في الشارع العربي ووسط كتلة الحاضنة الحرجة التي يتحدث عنها الخفش. عمان طبعاً على المستوى العميق في دوائر القرار اجتهدت في الاستفسار عن مسوغات وخلفيات القنبلة الدخانية السياسية التي ألقاها أبو مرزوق.
والتوضيحات والردود من قادة «حماس» كانت التذكير بأن الهدف ليس عمان، بل الضغط على واشنطن والرغبة في البقاء في ساحات دول أخرى لتجنب الإحراج في الأردن، بمعنى أن أبو مرزوق حاول ضرب عصفورين معاً بحجر إعلامي واحد: العصفور الأول هو تكييف رد منهجي وهادئ على دعوات سحب الجنسية التي تبنتها شخصيات رسمية أو شبه رسمية مؤخراً، من بينها شخصيات كانت ضمن كادر «حماس».
والعصفور الثاني يتمثل في تذكير الأمريكيين بأن عمان ستصبح الوجهة الأخيرة إذا أغلقت عواصم في وجه مئات الأردنيين من أبناء حركة «حماس».
الرسالة بهذا المعنى وقبل الهبوط في رحلة الصين، قد تكون وصلت إلى الأطراف المعنية المهتمة، لكن ما يبدو عليه الأمر أن الضجيج الذي أثارته أردنياً من صنف وصفه الكاتب سلامة بـ «لا يفيد «حماس» ولا يؤذي الأردنيين».
باختصار، الفكرة التي يمكن استخلاصها أن المستوى السياسي في «حماس» يلفت نظر الأمريكيين إلى ما لا يحبون الانتباه إليه بخصوص العودة إلى عمان إذا ما أغلقت في وجه المقاومة أبواب أخرى، وإن تطلب الأمر تحمل كلفة تهمة مثل الانتماء إلى تنظيم غير مرخص في الأردن. وهي بكل حال، تهمة سبق أن حوكم وسجن بعض الأردنيين من كوادر «حماس» بسببها، لكن ذلك حدث قبل 7 أكتوبر. وأغلب التقدير أن حصوله في ظل معركة طوفان الأقصى صعب ومعقد للغاية، خصوصاً في إطار جماعي يطال قادة يحمل أبناؤهم وأحفادهم الجنسية الأردنية.
التدحرج الذي تسبب به أبو مرزوق متفرع ومتعدد الأوجه، لكن السلطات الأردنية تعاملت بهدوء تام يحسب لها في المقابل، حتى وإن كانت المقاصد في باب التحرش عن بعد؛ لأن ملف الجنسية والرقم الوطني شائك ومعقد لدرجة أكبر بكثير من ملف إبعاد قادة «حماس» الأردنيين في الماضي بواقعة شهيرة ما زال يسأل عنها حتى اليوم وبعد أكثر من 23 عاماً رئيس الوزراء المخضرم آنذاك عبد الرؤوف الروابدة.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات