إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

رواية «مؤامرة ثلاثية» على الحافة… والمطلوب «أكثر بكثير» من مجرد تسريبات


عمان جو- بسام البدارين - صعب جداً سياسياً ضبط إيقاع المفاجأة الجديدة التي تحمل عنوان «مؤامرة» لا تزال تفاصيلها غامضة بتوقيع الحرس الثوري الإيراني ثم قيادة «حماس» وثالثا والأهم خلية من الإخوان المسلمين.
الأصعب هو التوقيت ومعه سؤال إضافي عن أسرار عنصر التوقيت في إضفاء طابع مثير على تلك المؤامرة قبل أسابيع قليلة على الانتخابات النيابية الأردنية. تسريب مثير يسجل عدة مفاجآت في المشهد الداخلي الأردني تبنته أولاً مصادر غير علنية رسمية وإسلامية عبر وكالة الأنباء رويتر، نقلت بعده وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن مصدر مسؤول إعلانه أن الأجهزة الأمنية أحبطت عملية تهريب أسلحة من «ميليشيات مدعومة من إحدى الدول» إلى خلية في الأردن أواخر شهر آذار/مارس.
وقال المصدر «في الأشهر الأخيرة، أحبطت الأجهزة الأمنية محاولات عديدة لتهريب أسلحة، بما في ذلك ألغام كلايمور، ومتفجرات C4، وسمتكس، وبنادق كلاشينكوف، وصواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم».
أصل قصة المؤامرة الجديدة يشير إلى أن طرفاً ما من الجماعات الموالية لإيران في سوريا تمكن، وفقاً للتسريب، من تجنيد خلية في الإخوان محسوبة على حركة «حماس» خططت لعمليات داخل البلاد تزعزع الأمن.
الرواية تقول بوضوح إن المسألة لا تتعلق بثلاثة موقوفين أمنياً منذ عدة أشهر اتهموا بالانتماء لتنظيم غير مشروع هو حركة «حماس» ولا تتعلق برواية «حماس» نفسها حول اعتقال العناصر الثلاثة لأنهم حاولوا تهريب أسلحة إلى فلسطين المحتلة.

عناصر إثارة… أين الأدلة؟

في القضية الجديدة التي سيكون لها تداعيات بالتأكيد تصل إلى ذروتها مع حالة ربط ثلاثية غير مسبوقة في المؤامرة التي تم إحباطها في آذار الماضي بين الإخوان وإيران و«حماس».
عنصر المفاجأة المباغت قد يكون ليس وجود ارتباط بين «حماس» وإيران، فذلك معلوم للكون، ولكن الربط بين جماعة موالية لإيران في سوريا دون تسميتها وبين خلية إخوانية أردنية قيل إنها جزء من «حماس» أيضاً.
سياسياً، ما تظهره تسريبات يوم أمس الأربعاء عملياً هو أن الحملة التي شنتها قبل نحو شهرين شخصيات وأقلام أردنية بعنوان شيطنة «حماس» والإخوان المسلمين والحراك الشعبي لها جذور فيما يبدو خلف ستائر دوائر القرار، ما يعني أن تلك الحملة لم تصدر من فراغ.
سياسياً أيضاً، إن مجرد الربط بين طرف إيراني والنسخة المحلية من الإخوان يربك العديد من خطوط الإنتاج، ويؤسس لتداعيات قد لا تصبح منضبطة حتى إذا كان القصد منها ردعاً سياسياً ما.
والربط بين عباءة إيران لـ«حماس» في جزئية عمل أمني لتخبئة أسلحة واستخدامها في الأردن بهدف زعزعة أمن الأردن واستقراره وليس لأي هدف آخر هو معادلة أيضاً ضخمة في تداعياتها، وتحتاج للغرق في التفاصيل والأدلة حتى لا تنتهي بنتائج عكسية تخدم حركة «حماس» والمقاومة الفلسطينية وإيران في أعماق الحاضنة الشعبية الأردنية.
واستهجنت حركة «حماس» وجماعة الإخوان التسريبات عن علاقتهما بـ«تخطيط مزعوم لتنفيذ أعمال تخريبية” في الأردن. وقالت «حماس» في بيان: «تؤكد «حماس» أنه لا علاقة لها بأي أعمال تستهدف الأردن، ولا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وسياسة الحركة ثابتة وواضحة في حصر مواجهتها مع الاحتلال الصهيوني الغاشم».

حركة «حماس» وجماعة «الإخوان»: لا علاقة لنا بأي أعمال تستهدف الأردن

وفي تصريح صحافي منفصل، قال الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان معاذ الخوالدة، وصل «القدس العربي» نسخة منه: «إن الجماعة تستهجن الزج باسمها بمثل هذه الوقائع التي لا علاقة لها بها. وإن أي سلوك يخالف سياسات الجماعة وقراراتها يمثل مرتكبه فقط».
وأشار الخوالدة إلى أن “نشر مثل هذه الأخبار في هذا التوقيت خلفه نوايا وأهداف مقصودة لا تريد بالأردن خيراً وتسعى لخلط أوراق المشهد الوطني، لبث الفرقة فيه في توقيت مُريب يتعرض فيه قِطاعُ غَزة لحرب إبادة صهيونية». لا تصدر الاتهامات الجديدة من فراغ بيروقراطي، وأغلب التقدير أن الأجهزة الرسمية المختصة والمحترفة لديها حسابات وطبعاً معلومات، لكن التحدي يكمن في تقديم ملف متكامل ومفصل وبناء قضية وبصورة مقنعة للرأي العام.
في كل حال، إلى أن يحصل ذلك، تتعاكس اتجاهات الرواية التي تبنى الآن بهدوء مع ما أبلغته لشخصيات أردنية سياسية وبرلمانية بحضور «القدس العربي» أحياناً قيادات في حركة «حماس» من بينها الشيخ إسماعيل هنية شخصياً، الذي قال إن أمن واستقرار الأردن عقيدة بالنسبة لحركته.
في التفاصيل مجدداً يكمن الشيطان. تقديم رواية غير متمكنة والسماح للإعلام بالنفخ فيها قد لا يحقق النتائج المرجوة أو المفترضة، وسياسيون خبراء يشيرون مبكراً إلى أن الرد على مخاطبات المقاومة الفلسطينية لحواضنها في المجتمع الأردني، وهي- أي الحواضن- حقيقة قائمة برأي السياسي الدكتور ممدوح العبادي، ينبغي أن يأخذ بدقة وحرص بالاعتبار التفاصيل المنضبطة والمغرقة في الحرفية.
في المقابل، يمكن توقع التداعيات الأسرع؛ فتوجيه تهمة مؤامرة لخلية إخوانية مخالف لكل ما ألفه الأردنيون عن جماعة الإخوان المسلمين التي تؤمن بالعمل الدعوي وليس المسلح.
وتسليط الضوء أكثر على شيطنة الإخوان وربطهم بجماعات إيرانية، من الطبيعي أن ينتهي ليس بإجبار قيادة الإخوان على التفاهم التكتيكي حول حصتهم في البرلمان المقبل، ولكن قد ينتهي بعودة الفتور عند قواعد الإخوان المسلمين ومقاطعتهم للانتخابات والاقتراع.

لعبة على الهاوية

تبدو، بالتأكيد أو بصورة مرجحة، لعبة سياسية على الحافة، فيما لا يرغب حتى أي مواطن أردني بانتقال أي أزمة أمنية في المنطقة إلى البلاد.
وسط صراع يبدو أنه خلف الستائر وليس أمامها، تبرز احتمالات متعددة؛ فزخم المشاركة في الانتخابات القادمة قد يصبح مهدداً، والتواقيت صعبة وحرجة، ومكانة المقاومة الفلسطينية في وجدان الأردنيين قد لا تكون قابلة للاختراق، فيما يقابل ذلك بالتأكيد حساسية شعبية مفرطة تمتدح دور إيران في دعم المقاومة، لكنها لا تقبل تحت أي ظرف، بمحاولة جماعات إيرانية التسلل للواقع الاجتماعي والجغرافي الأردني.
لذلك، مسألة بناء تفاصيل وحيثيات المؤامرة المشار إليها في غاية الأهمية، ليس فقط لأن جماعة الإخوان الأردنية لا تقبل بهذه الاتهامات، ولكن لأن البيئة الاجتماعية تحتاج لما هو أكثر بكثير من مجرد تسريبات لكي تقتنع بثبات بأن عناصر في حركة «حماس» أخفت أسلحة بالأرض الأردنية بهدف استخدامها لزعزعة أمن واستقرار الأردنيين، وليس بقصد تهريبها إلى فلسطين المحتلة، حتى وإن كانت بأمر إيراني. ليس سراً اًن الشعب الأردني يضفي شرعية كبيرة على أي محاولة لتهريب ولو رصاصة لصالح المقاومة ضد إسرائيل.
وليس سراً أن «حماس» لم يسبق لها ولا حتى بسجلات القضاء الأردني أن اتهمت بإطلاق أو التخطيط لإطلاق رصاصة واحدة داخل الأردن. وليس سراً بالتأكيد أن جماعة الإخوان المسلمين المشغولة بصراعاتها الداخلية وانتخاباتها بعد إغلاق محطة اليرموك الفضائية التابعة لها، في حالة ضعف شديد حتى تقبل بكل بساطة ضربة جديدة توحي بأنها تحت الضغط بعنوان اتهام غير مسبوق في تاريخها، هو الاشتراك مع منظمات إيرانية وبهدف تخزين أسلحة لزعزعة الاستقرار في الداخل.
تلك برمتها اتهامات كبيرة وصعبة، وتداعياتها، إن اكتملت مسيرتها، تتطلب ما هو أكثر بكثير من مجرد تسريبات على لسان مصدر مجهول، الأمر الذي قد يحصل قريباً.

«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :