«فاجعة الحجاج الأردنيين» تفتح أسئلة كبيرة إدارياً: متى تدخل «النيابة» على خط التحقيق؟
عمان جو - بسام البدارين- أكثر من إشكالية إدارية وبيروقراطية يطرحها الحادث المأساوي الذي حصل للحجاج الأردنيين خلال اليومين الماضيين، لكن هذه الإشكالات سرعان ما تتحول في الرأي العام إلى أسئلة سياسية بيروقراطية، والجهة التي يتوجب أن تجيب عنها لا تفعل بعد.
وفاة 41 أردنياً بسبب غياب خدمات الإسعاف أثناء تأدية فريضة الحج ثم فقدان 22 غيرهم حادث ليس اعتيادياً، وخلية الأزمة التي شكلتها وزارة الخارجية تمكنت بسرعة قياسية في الواقع من حصر حالة الوفاة وإصدار تصاريح الدفن، ثم بدأت تسترسل في التحريات عن عشرات المفقودين وسط ارتفاع حاد بالحرارة في المنطقة والبلدين.
لا أحد يعلم بعد ما الذي حصل مع الوفيات والمفقودين أو التائهين من الحجاج الأردنيين.
وكل ما تقوله وزارة الأوقاف المختصة هو أن من فقدوا أو ماتوا ليسوا ضمن البعثة الرسمية. لذا، من الطبيعي أن لا يحصلوا على الخدمات الإدارية التي تضمن لهم عدم التعرض لإشكالات كبيرة. لكن أرقام الوفيات كبيرة جداً على بلد مثل الأردن. والرقم هنا ليس من الصنف الذي يمكن أن يتجاهله المجتمع تحت بند تسرب للحجاج خارج البعثة الرسمية، فواجب طاقم وزارة الأوقاف كما جرت العادة منذ عقود، هو التوثق من أن الأردني لا يحج ولا يعبر الحدود إلا بعد توفير المظلة والخدمات له.
وما حصل في هذا الحادث المأساوي غريب وغير مسبوق، ولم تتوفر بعد رواية من أي صنف تساعد في فهمه أو هضمه اجتماعياً.
– لذلك، ثمة أسئلة كبيرة من بينها: كيف يتسلل مئات أو عشرات الحجاج الأردنيين أصلاً خارج البعثة الرسمية؟
– هل ولاية وزارة الأوقاف حقاً مرتبطة حصراً بمن ذهبوا للحج عبرها؟
– ما هو دور السلطات الأمنية والحدودية في عبور من تسميهم وزارة الأوقاف بالحجاج غير النظاميين؟
بعد وفاة 41 حاجاً بسبب غياب خدمات الإسعاف أثناء تأدية فريضة الحج
– لماذا غابت الحكومة عموماً عن إدارة المشهد أربعة أيام قبل أن يصدم الرأي العام بالفاجعة؟
سياسياً، السؤال الأول يقود إلى تحديد من هم الوكلاء أو السماسرة الذين تكفلوا بنقل حجاج أردنيين خارج ولاية وزارة الأوقاف.. وكيف تمكن هؤلاء أصلاً من هذه العملية؟
حجم الأسئلة من الطراز الذي لا تنفع معه الروايات المقتضبة؛ بدلالة أن أكبر حزب سياسي في البلاد -وهو حزب جبهة العمل الإسلامي- طرح الأسئلة وطالب بالأجوبة لا بل دعا إلى تحقيق، وبدلالة أن جزئية عبور مواطنين إلى السعودية لأداء الحج بدون تصريح رسمي جزئية تستوجب خصوصاً بعد حالات الوفاة والمفقودين فتح تحقيق قضائي فوري على مستوى النيابة؛ لأن بعض المخالفات هنا انتهت بجرائم جنائية الطابع قد يكون من بينها التسبب بالوفاة.
المهم أن الجمهور كان يتبادل أشرطة الفيديو والتعليقات الغاضبة والمؤلمة عن فاجعة الحجاج غير النظاميين لأربعة أيام متتالية قبل وأثناء عطلة العيد دون أي بيان رسمي توضيحي، لا من وزارة الأوقاف ولا من الخارجية، الأمر الذي يمكن تبريره إدارياً بالحاجة إلى المعلومات.
بكل حال، بعد استقبال جثامين الحجاج المتوفين ستبدأ العائلات والعشائر بطرح الأسئلة، وغياب الحكومة في السردية واضح وحاد الملامح طوال الوقت، والتحقيق بمعناه السياسي سيقود حتماً إلى وجود تقصير لا يعفي طاقم وزارة الأوقاف من مسئولياتها، فيما التحقيق إذا ما بدأ على مستوى النيابة سيشمل كثيرين في الوظيفة الرسمية وخارجها؛ لأن تهمة التسبب بالوفاة تحتاج إلى عناصر تحقيق موسع.
لاحقاً، ثمة شيء اسمه المسؤولية السياسية الأدبية، وهي مسألة تخضع حصراً لتقدير رئيس الوزراء وستفتح ملفاتها بصورة مرجحة بعد انتهاء عطلة العيد. وإذا كان الاستنتاج مسموحاً في سياق هذا التصنيف، يمكن القول إن بعض الرؤوس ستحاسب أو تطير في الهرم الإداري، وبصورة خاصة في وزارة الأوقاف.
عاجلاً أم آجلاً، على الحكومة أن تقدم روايتها. وتلك الرواية ينبغي أن تكون مقنعة للرأي العام ولدوائر القرار أيضاً، ما يستدعي إجراءات وتحقيقات. لكن الأهم أن هذه الفاجعة الاجتماعية تعيد طرح سؤال يريد الجميع أن يسقطه من الحسابات، وهو سؤال تراجع الخدمة العامة ومشكلات الإدارة في الهرم الأعلى لبعض الوزارات. هنا على نحو أو آخر، يمكن افتراض أن الحكومة الحالية التي أفلتت من كمين التغيير الوزاري قبل العيد قد لا تعود، لا شعبياً ولا نظامياً، بعد العيد بنفس القوة المعنوية والسياسية التي كانت عليها.
وهو أمر قد يحتاج بالضرورة إلى مزيد من التحقق والتأمل والتعمق؛ لأن المناخ الوطني العام لا يسمح كثيراً في هذه المرحلة بالتساهل مجدداً في مسألة المسؤولية السياسية الأدبية، خصوصاً عشية الانتخابات، وأيضاً خصوصاً عشية القواعد المألوفة التي تشير إلى أن الطاقم الوزاري على الأقل الآن أضعف وأكثر هشاشة بعد ما حدث في موسم الحج بتركيبته الحالية من أي وقت سابق.
«القدس العربي»
وفاة 41 أردنياً بسبب غياب خدمات الإسعاف أثناء تأدية فريضة الحج ثم فقدان 22 غيرهم حادث ليس اعتيادياً، وخلية الأزمة التي شكلتها وزارة الخارجية تمكنت بسرعة قياسية في الواقع من حصر حالة الوفاة وإصدار تصاريح الدفن، ثم بدأت تسترسل في التحريات عن عشرات المفقودين وسط ارتفاع حاد بالحرارة في المنطقة والبلدين.
لا أحد يعلم بعد ما الذي حصل مع الوفيات والمفقودين أو التائهين من الحجاج الأردنيين.
وكل ما تقوله وزارة الأوقاف المختصة هو أن من فقدوا أو ماتوا ليسوا ضمن البعثة الرسمية. لذا، من الطبيعي أن لا يحصلوا على الخدمات الإدارية التي تضمن لهم عدم التعرض لإشكالات كبيرة. لكن أرقام الوفيات كبيرة جداً على بلد مثل الأردن. والرقم هنا ليس من الصنف الذي يمكن أن يتجاهله المجتمع تحت بند تسرب للحجاج خارج البعثة الرسمية، فواجب طاقم وزارة الأوقاف كما جرت العادة منذ عقود، هو التوثق من أن الأردني لا يحج ولا يعبر الحدود إلا بعد توفير المظلة والخدمات له.
وما حصل في هذا الحادث المأساوي غريب وغير مسبوق، ولم تتوفر بعد رواية من أي صنف تساعد في فهمه أو هضمه اجتماعياً.
– لذلك، ثمة أسئلة كبيرة من بينها: كيف يتسلل مئات أو عشرات الحجاج الأردنيين أصلاً خارج البعثة الرسمية؟
– هل ولاية وزارة الأوقاف حقاً مرتبطة حصراً بمن ذهبوا للحج عبرها؟
– ما هو دور السلطات الأمنية والحدودية في عبور من تسميهم وزارة الأوقاف بالحجاج غير النظاميين؟
بعد وفاة 41 حاجاً بسبب غياب خدمات الإسعاف أثناء تأدية فريضة الحج
– لماذا غابت الحكومة عموماً عن إدارة المشهد أربعة أيام قبل أن يصدم الرأي العام بالفاجعة؟
سياسياً، السؤال الأول يقود إلى تحديد من هم الوكلاء أو السماسرة الذين تكفلوا بنقل حجاج أردنيين خارج ولاية وزارة الأوقاف.. وكيف تمكن هؤلاء أصلاً من هذه العملية؟
حجم الأسئلة من الطراز الذي لا تنفع معه الروايات المقتضبة؛ بدلالة أن أكبر حزب سياسي في البلاد -وهو حزب جبهة العمل الإسلامي- طرح الأسئلة وطالب بالأجوبة لا بل دعا إلى تحقيق، وبدلالة أن جزئية عبور مواطنين إلى السعودية لأداء الحج بدون تصريح رسمي جزئية تستوجب خصوصاً بعد حالات الوفاة والمفقودين فتح تحقيق قضائي فوري على مستوى النيابة؛ لأن بعض المخالفات هنا انتهت بجرائم جنائية الطابع قد يكون من بينها التسبب بالوفاة.
المهم أن الجمهور كان يتبادل أشرطة الفيديو والتعليقات الغاضبة والمؤلمة عن فاجعة الحجاج غير النظاميين لأربعة أيام متتالية قبل وأثناء عطلة العيد دون أي بيان رسمي توضيحي، لا من وزارة الأوقاف ولا من الخارجية، الأمر الذي يمكن تبريره إدارياً بالحاجة إلى المعلومات.
بكل حال، بعد استقبال جثامين الحجاج المتوفين ستبدأ العائلات والعشائر بطرح الأسئلة، وغياب الحكومة في السردية واضح وحاد الملامح طوال الوقت، والتحقيق بمعناه السياسي سيقود حتماً إلى وجود تقصير لا يعفي طاقم وزارة الأوقاف من مسئولياتها، فيما التحقيق إذا ما بدأ على مستوى النيابة سيشمل كثيرين في الوظيفة الرسمية وخارجها؛ لأن تهمة التسبب بالوفاة تحتاج إلى عناصر تحقيق موسع.
لاحقاً، ثمة شيء اسمه المسؤولية السياسية الأدبية، وهي مسألة تخضع حصراً لتقدير رئيس الوزراء وستفتح ملفاتها بصورة مرجحة بعد انتهاء عطلة العيد. وإذا كان الاستنتاج مسموحاً في سياق هذا التصنيف، يمكن القول إن بعض الرؤوس ستحاسب أو تطير في الهرم الإداري، وبصورة خاصة في وزارة الأوقاف.
عاجلاً أم آجلاً، على الحكومة أن تقدم روايتها. وتلك الرواية ينبغي أن تكون مقنعة للرأي العام ولدوائر القرار أيضاً، ما يستدعي إجراءات وتحقيقات. لكن الأهم أن هذه الفاجعة الاجتماعية تعيد طرح سؤال يريد الجميع أن يسقطه من الحسابات، وهو سؤال تراجع الخدمة العامة ومشكلات الإدارة في الهرم الأعلى لبعض الوزارات. هنا على نحو أو آخر، يمكن افتراض أن الحكومة الحالية التي أفلتت من كمين التغيير الوزاري قبل العيد قد لا تعود، لا شعبياً ولا نظامياً، بعد العيد بنفس القوة المعنوية والسياسية التي كانت عليها.
وهو أمر قد يحتاج بالضرورة إلى مزيد من التحقق والتأمل والتعمق؛ لأن المناخ الوطني العام لا يسمح كثيراً في هذه المرحلة بالتساهل مجدداً في مسألة المسؤولية السياسية الأدبية، خصوصاً عشية الانتخابات، وأيضاً خصوصاً عشية القواعد المألوفة التي تشير إلى أن الطاقم الوزاري على الأقل الآن أضعف وأكثر هشاشة بعد ما حدث في موسم الحج بتركيبته الحالية من أي وقت سابق.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات