رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات يحذر «مرتكبي الرشوة الانتخابية» في الأردن
عمان جو - بسام البدارين- «لا أحد فوق القانون.. وسيطبق على الجميع». هذه هي العبارة التي قالها علناً أمس الأول رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات في الأردن موسى المعايطة، عندما يتعلق الأمر بـ «حراك المال الانتخابي» الذي يمكنه المساس بـ «سمعة الانتخابات».
الهيئة وهي السلطة المعنية بمراقبة «الجريمة الانتخابية» دستورياً، تتوعد المتاجرين بالأصوات، لكن لا تعلق على مسار النقاش بعنوان «المتاجرة بالمقاعد».
المعايطة أحد اللاعبين المخضرمين، لديه «ضوء أخضر» سيادياً من جهات القرار يدفعه لتكرار تحذيراته الخاصة بأي «مال أسود» يظهر على عتبات «المسألة الانتخابية» ما يوحي ضمناً بأن قراراً اتخذ بأن يتم تنظيم «انتخابات نظيفة» من الصنف الذي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يراقبه بهدوء وثقة.
«نبأ جيد»
لكن ما كشفه المعايطة خلال تفقده بعض فعاليات الهيئة شمالي البلاء أبعد قليلاً عندما استعمل عبارة منقولة عنه قال فيها «المتورطون في الرشوة الانتخابية أو أي مخالفات أخرى، سيحاسبون من الجهات التي يدعون أنها تدعمهم».
لم تقل مثل تلك العبارة في الماضي الانتخابي، والمؤشر سياسياً مرة أخرى هنا هو التأسيس للانطباع بأن التوافق حصل بين مؤسسات الدولة والقرار على التصدي لتأثير «المال السياسي» والأهم لتلك المزاعم التي يدعي بعض المرشحين أثناء جولاتهم فيها أنهم «مدعومون».
عملياً، صعب على المعايطة طرح مثل هذه الرسالة علناً بدون «ترتيب مسبق» حيث الرهان كبير على طاقمه وهيئته وعليه شخصياً في تحقيق «علامة فارقة» في نسخة «مهمة جداً» من الانتخابات، قيمتها على لسان المعايطة أنها «المحطة الأولى في مسار تحديث المنظومة».
واضح تماماً ـ وقد تلمست «القدس العربي» ذلك سابقاً مباشرة – أن المعايطة لديه رغبة جامحة في «إدارة انتخابات نظيفة جداً أو للغاية» بعدما أظهر زهداً في المواقع الوزارية، خلافاً لأن لديه حافزية لفهم المجال الحيوي الجوهري في البعد المرجعي لمسار التحديث.
لذلك، أقر المعايطة مبكراً بأن انتخابات 2024 مهمة وأقرب إلى صيغة «مهمة ينبغي ألا يفشل الجميع فيها» ما دفع الهيئة المستقلة عملياً للتركيز على خطاب «تعبوي» بين الجمهور لا يقف عند التحذير من «شراء الأصوات» بل يحرّض شرائح المجتمع ضد الظاهرة.
المعايطة قال إن «الجهات التي تزعمون أنها تدعمكم ستحاسبكم»
ضمن ترتيبات الهيئة ثمة مساحة للإبلاغ عن «شبهات المتاجرة بالأصوات» وآلية مع متخصصين للتوثق والتحقيق قبل اعتماد أي شكوى وفهم مسبق لعناصر «الكيدية المحتملة» في موسم انتخابي، وأخيراً مكتب نيابة وضابطة عدلية متخصص متفرغ يعمل على متابعة القضايا وتكييفها وإرسالها للقضاء.
الهيئة بهذا المعنى مصرة على «محاصرة» اتجاهات المتاجرة بالأصوات إلى أبعد حد ممكن، وإن كان الخبير الدكتور ممدوح العبادي يعتبر ظاهرة شراء الأصوات قديمة في المجتمع وموجودة، لكن الدولة لديها كل القدرات على مواجهتها والتصدي لها.
يقول العبادي إن ضبط بعض الحالات المثبتة ومحاكمتها كفيل بـ «الردع». وما تقوله الهيئة في غرفة العمليات أنها بصدد تجاوز الردع في اتجاه المنع والوقاية والاحتراز ثم تنفيذ القانون بقسوة.. تلك اعتبارات تشرح حجم إدراك مستويات القرار الرسمي للتشويه الذي سيطال سمعة الانتخابات والبرلمان في حال التساهل مع «مال الرشوة الانتخابية».
يحصل ذلك رغم أن بعض الخبراء يشككون في إنتاجية أي تقنية يمكن أن تستخدم في مواجهة حراك المال الانتخابي، والبعض الآخر يتصور بأن المراقبة التفصيلية للمال الانتخابي ومضايقته أثناء الحملات قد يدفع في اتجاه «العمل المالي السري»؛ بمعنى الحرص على مغافلة القانون وحراسه وابتداع أنماط لا يدينها القانون من شراء الأصوات.
كل ذلك عملياً منوط بتطور التجربة وما تفرزه الممارسات على أرض الواقع، وإن كانت الهيئة تكثف قصداً في رسائلها التحذيرية في اتجاهين مؤخراً: الأول لفت نظر المرشحين إلى أن الأعين مفتوحة وتتابع والمغامرة بشراء الأصوات ستكون مكلفة. والثاني عزل العملية الانتخابية ميدانياً عن الطرح الذي يتمثل بالعادة بوجود مرشحين يكثرون من الادعاء أن بعض الجهات تدعمهم، ما دفع المعايطة لإعلان المعادلة الجديدة القائلة بأن تلك المزاعم ستدفع الجهات نفسها لملاحقة ومساءلة من يدعي.
هدف واضح
الهدف قد يكون في السياق واضحاً هنا، وهو إبلاغ جميع المرشحين مسبقاً بأن «المسطرة» موحدة، وبأن مزاعم الولاء قد لا تخدمهم في حال مخالفة القانون، وقد يكون الأهم هو إظهار الهيئة المستقلة فهماً متقدماً في الإجرائي، فكرته أن «ما كان يحصل بعضه في الماضي» ليس مرشحاً لأن يحصل مع انتخابات أيلول.
الرسالة الأخيرة حصراً مثيرة وعميقة، وفكرتها على الأقل من جهة المعايطة والهيئة أن «ذراع القانون» هذه المرة لن تتقبل فكرة بأن بعض المرشحين المحظوظين أو المخادعين «قد يسمح لهم بدفع المال من أجل الأصوات والفرصة».
ما قاله المعايطة هنا بوضوح أن مثل هؤلاء قد يحاسبون مرتين: الأولى عبر الهيئة والقضاء، والأخرى عبر أي جهات يحاولون الإيحاء بأنها سمحت لهم بتحريك مال انتخابي.
هل وصلت الرسالة لجميع أطراف اللعبة؟
هل ما قاله المعايطة المخضرم مساء الأربعاء مبرمج ومقصود؟
الإجابة عن السؤالين قد تتطلب المزيد من الوقت والاقتراب من التفاصيل أكثر إلى أن يفهم الجميع ما الذي يحصل.
«القدس العربي»
الهيئة وهي السلطة المعنية بمراقبة «الجريمة الانتخابية» دستورياً، تتوعد المتاجرين بالأصوات، لكن لا تعلق على مسار النقاش بعنوان «المتاجرة بالمقاعد».
المعايطة أحد اللاعبين المخضرمين، لديه «ضوء أخضر» سيادياً من جهات القرار يدفعه لتكرار تحذيراته الخاصة بأي «مال أسود» يظهر على عتبات «المسألة الانتخابية» ما يوحي ضمناً بأن قراراً اتخذ بأن يتم تنظيم «انتخابات نظيفة» من الصنف الذي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يراقبه بهدوء وثقة.
«نبأ جيد»
لكن ما كشفه المعايطة خلال تفقده بعض فعاليات الهيئة شمالي البلاء أبعد قليلاً عندما استعمل عبارة منقولة عنه قال فيها «المتورطون في الرشوة الانتخابية أو أي مخالفات أخرى، سيحاسبون من الجهات التي يدعون أنها تدعمهم».
لم تقل مثل تلك العبارة في الماضي الانتخابي، والمؤشر سياسياً مرة أخرى هنا هو التأسيس للانطباع بأن التوافق حصل بين مؤسسات الدولة والقرار على التصدي لتأثير «المال السياسي» والأهم لتلك المزاعم التي يدعي بعض المرشحين أثناء جولاتهم فيها أنهم «مدعومون».
عملياً، صعب على المعايطة طرح مثل هذه الرسالة علناً بدون «ترتيب مسبق» حيث الرهان كبير على طاقمه وهيئته وعليه شخصياً في تحقيق «علامة فارقة» في نسخة «مهمة جداً» من الانتخابات، قيمتها على لسان المعايطة أنها «المحطة الأولى في مسار تحديث المنظومة».
واضح تماماً ـ وقد تلمست «القدس العربي» ذلك سابقاً مباشرة – أن المعايطة لديه رغبة جامحة في «إدارة انتخابات نظيفة جداً أو للغاية» بعدما أظهر زهداً في المواقع الوزارية، خلافاً لأن لديه حافزية لفهم المجال الحيوي الجوهري في البعد المرجعي لمسار التحديث.
لذلك، أقر المعايطة مبكراً بأن انتخابات 2024 مهمة وأقرب إلى صيغة «مهمة ينبغي ألا يفشل الجميع فيها» ما دفع الهيئة المستقلة عملياً للتركيز على خطاب «تعبوي» بين الجمهور لا يقف عند التحذير من «شراء الأصوات» بل يحرّض شرائح المجتمع ضد الظاهرة.
المعايطة قال إن «الجهات التي تزعمون أنها تدعمكم ستحاسبكم»
ضمن ترتيبات الهيئة ثمة مساحة للإبلاغ عن «شبهات المتاجرة بالأصوات» وآلية مع متخصصين للتوثق والتحقيق قبل اعتماد أي شكوى وفهم مسبق لعناصر «الكيدية المحتملة» في موسم انتخابي، وأخيراً مكتب نيابة وضابطة عدلية متخصص متفرغ يعمل على متابعة القضايا وتكييفها وإرسالها للقضاء.
الهيئة بهذا المعنى مصرة على «محاصرة» اتجاهات المتاجرة بالأصوات إلى أبعد حد ممكن، وإن كان الخبير الدكتور ممدوح العبادي يعتبر ظاهرة شراء الأصوات قديمة في المجتمع وموجودة، لكن الدولة لديها كل القدرات على مواجهتها والتصدي لها.
يقول العبادي إن ضبط بعض الحالات المثبتة ومحاكمتها كفيل بـ «الردع». وما تقوله الهيئة في غرفة العمليات أنها بصدد تجاوز الردع في اتجاه المنع والوقاية والاحتراز ثم تنفيذ القانون بقسوة.. تلك اعتبارات تشرح حجم إدراك مستويات القرار الرسمي للتشويه الذي سيطال سمعة الانتخابات والبرلمان في حال التساهل مع «مال الرشوة الانتخابية».
يحصل ذلك رغم أن بعض الخبراء يشككون في إنتاجية أي تقنية يمكن أن تستخدم في مواجهة حراك المال الانتخابي، والبعض الآخر يتصور بأن المراقبة التفصيلية للمال الانتخابي ومضايقته أثناء الحملات قد يدفع في اتجاه «العمل المالي السري»؛ بمعنى الحرص على مغافلة القانون وحراسه وابتداع أنماط لا يدينها القانون من شراء الأصوات.
كل ذلك عملياً منوط بتطور التجربة وما تفرزه الممارسات على أرض الواقع، وإن كانت الهيئة تكثف قصداً في رسائلها التحذيرية في اتجاهين مؤخراً: الأول لفت نظر المرشحين إلى أن الأعين مفتوحة وتتابع والمغامرة بشراء الأصوات ستكون مكلفة. والثاني عزل العملية الانتخابية ميدانياً عن الطرح الذي يتمثل بالعادة بوجود مرشحين يكثرون من الادعاء أن بعض الجهات تدعمهم، ما دفع المعايطة لإعلان المعادلة الجديدة القائلة بأن تلك المزاعم ستدفع الجهات نفسها لملاحقة ومساءلة من يدعي.
هدف واضح
الهدف قد يكون في السياق واضحاً هنا، وهو إبلاغ جميع المرشحين مسبقاً بأن «المسطرة» موحدة، وبأن مزاعم الولاء قد لا تخدمهم في حال مخالفة القانون، وقد يكون الأهم هو إظهار الهيئة المستقلة فهماً متقدماً في الإجرائي، فكرته أن «ما كان يحصل بعضه في الماضي» ليس مرشحاً لأن يحصل مع انتخابات أيلول.
الرسالة الأخيرة حصراً مثيرة وعميقة، وفكرتها على الأقل من جهة المعايطة والهيئة أن «ذراع القانون» هذه المرة لن تتقبل فكرة بأن بعض المرشحين المحظوظين أو المخادعين «قد يسمح لهم بدفع المال من أجل الأصوات والفرصة».
ما قاله المعايطة هنا بوضوح أن مثل هؤلاء قد يحاسبون مرتين: الأولى عبر الهيئة والقضاء، والأخرى عبر أي جهات يحاولون الإيحاء بأنها سمحت لهم بتحريك مال انتخابي.
هل وصلت الرسالة لجميع أطراف اللعبة؟
هل ما قاله المعايطة المخضرم مساء الأربعاء مبرمج ومقصود؟
الإجابة عن السؤالين قد تتطلب المزيد من الوقت والاقتراب من التفاصيل أكثر إلى أن يفهم الجميع ما الذي يحصل.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات