ضرب الرشوة الانتخابية والمال السياسي في الأردن: حملة أم «حفلة»؟
عمان جو - بسام البدارين - الإيحاء سياسياً وإعلامياً بأن مشكلة الانتخابات الأردنية الأساسية والمفصلية هي الرشوة والمال السياسي، سلاح ذو حدين يرضي السياق القانوني، لكنه يساهم في الوقت ذاته في توفير أدلة وبراهين لكل الجهات الشعبية التي تمارس العزوف الانتخابي خلافاً لتشويه مبالغ فيه للعملية برمتها.
ذلك الإيحاء أيضاً غير مفيد وغير منتج، فهو يسحب من رصيد الانتخابات عند الناس وإن كان يرضي بعض الشرائح الحزبية ضمن معطيات التنافس والاصطياد المتبادل.
والأهم سياسياً ووطنياً، هو في معطيات نقاشات المال السياسي والانتخابي التي تكاثرت مؤخراً في الحالة الأردنية وبدا أنها تسطو تدريجياً على سمعة الانتخابات، لأن المستفيد الأبرز هو تيارات المعارضة الإسلامية القانونية، علماً بأن الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات حصراً تقوم بواجباتها فقط.
وحدهم الإسلاميون دون غيرهم تماماً مع مرشحيهم خارج نطاق استخدامات أو اتهامات استخدام المال السياسي؛ لا من حيث المرشحين ولا من حيث ناخبيهم أيضاً، لأن كل القضايا التي أثيرت في الماضي وتثار حالياً حول شبهات الرشوة الانتخابية لم يثبت تورط أي حزبي إسلامي أو ناخب فيها.
والمعنى هنا أن الإيحاء بذراع القانون الطويلة يحوله التيار الإسلامي إلى تكييش سياسي لمصداقيته، وما يبدو عليه الأمر أن أجهزة الدولة والمؤسسات الرسمية تطارد المال السياسي في أوساط حزبية أو فردية تدعي الولاء وغير مصنفة على أساس المعارضة. تلك مفارقة يمكن تتبعها اليوم، وإن كان الأهم هو ملاحظة سلسلة تصريحات متأخرة للحكومة وفقاً لمقاربات ركوب الموجة.
وزير التنمية السياسية، حديثة الخريشا، ضم الحكومة إلى جهد “قطع دابر الرشوة الانتخابية” وساند عمل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات علناً.
مقولات كانت معلبة في الماضي ومكررة مثل ” قطع دابر الفساد المالي” عادت إلى الواجهة من جديد بصيغة شعبوية رسمية يمكن إذا ما استرسلت أن تلتهم مصداقية أحزاب المنظومة الجديدة وتؤثر سلباً على الإيقاع الانتخابي العام.
لذلك، الانتباه هنا ضرورة ملحة؛ لأن مشكلات ملف الانتخابات -برأي السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي، وكما سمعته “القدس العربي” مجدداً- تتعدى بالتأكيد تفعيلات تأثير المال فيها. والخشية موجودة من حصول تسلل وتدخل وهندسة مجدداً على أكتاف انشغال الرأي العام بحفلة المال السياسي.
ويحاجج اليوم قلقون على مسار العملية الانتخابية من تلك الضربات المبالغ فيها، التي يقال إن وظيفتها قطع دابر التأثير المالي في العملية الانتخابية بأن المسألة فيما يبدو زادت عن حدها بتوفير ذخيرة للسلبيين والعدميين من مروجي العزوف وسط الجمهور، الأمر الذي ينبغي الحذر بشدة منه في الأيام المقبلة، وإن كان التركيز في الخطاب والإجراء على عزل تأثير المال لهدف نبيل هو الحفاظ على النزاهة والسمعة، مطلوباً بكل حال. الطاقم الوزاري لديه طبعاً مصالح بالانضمام لحفلة ضرب الرشوة الانتخابية والمال السياسي.
وزراء سابقون متعددون، أبرزهم سمير الحباشنة، عادوا للمطالبة بأن تتحرك الجهات الرقابية ضمن إطار الدستور والقانون لمراقبة المالي الذي يدخل إلى الأحزاب السياسية. وفهمت “القدس العربي” من الحباشنة نفسه لاحقاً بأن ما يقال ويثار ليس من الصنف الذي ينبغي السكوت عنه تعزيزاً للشفافية. الواضح الآن أن حزباً وسطياً بارزاً واحداً يدفع ثمن الحملة التي بدأت تتخذ شكل حفلة وتخضع قيادات فيه للتحقيق بعد منشور إلكتروني حمال أوجه، وقد ينطوي على كيدية في ملف بين يدي القضاء المستقل بكل حال، إلا أن الهزات الارتدادية تبدو أكبر من المضمون والمحتوى الذي قصدته الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، ما يدفع باتجاه الحاجة الملحة لوقف التضخيم والمبالغات وإدارة هذا الموضوع الحساس الآن بطريقة مختلفة أو مدروسة لا تؤذي الكل الانتخابي ولا مسار تحديث المنظومة السياسية، وتوقف محاولات التسلل لبعض مراكز القوى المتصارعة.
تلك مهمة ليست سهلة؛ فالانتخابات إجرائياً على الأبواب وأقل من أسبوع يفصل لأردنيين عن عملية التسجيل الرسمية للمرشحين، والسباق سينطلق وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة وإقليمية معقدة أمنياً، فيما حملات الترشح والترشيح تحتاج لنفقات مالية ميدانية لا يمكن السيطرة عليها تماماً.
تكاثرت فجأة المقولات المعلبة التي تغرق في تقديم أوراق عمل بعناوين الذراع القانونية في ملاحقة الرشوة الانتخابية وملحقاتها وعلى شكل موجة أو حفلة قرر كثيرون المشاركة فيها. وتكاثرت في الأثناء أيضاً عمليات التراشق الجزافية بالاتهامات، خصوصاً على مستوى منصات التواصل الاجتماعي التي لا يمكن ضبطها والسيطرة عليها.
وفعالياتها ليست من الصنف الذي يصلح لرغبة بعض مراكز القوى بـ “قرص إذن” شخص هنا أو حزب هناك. الاتهامات قد تتوسع أفقياً بأي لحظة دون أن تطال نزاهة المرشحين الإسلاميين فقط وناخبيهم الذين يتميزون بالانضباط والولاء عموماً.
بكل حال، تمشي إجراءات العمليات الانتخابية بين بعض الألغام الآن. واللغم الأكثر وضوحاً هو صعوبة تقييم أداء تلك الحملة الإعلامية المبالغ فيها بعناوين المال السياسي والرشوة الانتخابية، علماً بأن مشكلات ملف الانتخابات تتجاوز بكثير المسألة المالية واعتبارها الجزئية اليتيمة في الحفاظ على منظومة النزاهة.
في المشهد عزوف واعتقالات وتوقيفات وأجواء حريات منقوصة ومرشحون كبار انسحبوا فجأة. وفي المشهد تأثير غير مفهوم مس بمبدأ الإنصاف، كما وصف مركز “عدالة” المدني في حل مجلس النواب. وفيه أيضاً متطلبات النزاهة الأساسية في سياق عملياتي؛ بمعني أن ضرب التأثير المالي مهمة نبيلة وطنية، لكنها لا تشكل المطلوب فقط، ولا يمكن استعادة ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية برمها فقط عبر حفلة المال السياسي.
«القدس العربي»
ذلك الإيحاء أيضاً غير مفيد وغير منتج، فهو يسحب من رصيد الانتخابات عند الناس وإن كان يرضي بعض الشرائح الحزبية ضمن معطيات التنافس والاصطياد المتبادل.
والأهم سياسياً ووطنياً، هو في معطيات نقاشات المال السياسي والانتخابي التي تكاثرت مؤخراً في الحالة الأردنية وبدا أنها تسطو تدريجياً على سمعة الانتخابات، لأن المستفيد الأبرز هو تيارات المعارضة الإسلامية القانونية، علماً بأن الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات حصراً تقوم بواجباتها فقط.
وحدهم الإسلاميون دون غيرهم تماماً مع مرشحيهم خارج نطاق استخدامات أو اتهامات استخدام المال السياسي؛ لا من حيث المرشحين ولا من حيث ناخبيهم أيضاً، لأن كل القضايا التي أثيرت في الماضي وتثار حالياً حول شبهات الرشوة الانتخابية لم يثبت تورط أي حزبي إسلامي أو ناخب فيها.
والمعنى هنا أن الإيحاء بذراع القانون الطويلة يحوله التيار الإسلامي إلى تكييش سياسي لمصداقيته، وما يبدو عليه الأمر أن أجهزة الدولة والمؤسسات الرسمية تطارد المال السياسي في أوساط حزبية أو فردية تدعي الولاء وغير مصنفة على أساس المعارضة. تلك مفارقة يمكن تتبعها اليوم، وإن كان الأهم هو ملاحظة سلسلة تصريحات متأخرة للحكومة وفقاً لمقاربات ركوب الموجة.
وزير التنمية السياسية، حديثة الخريشا، ضم الحكومة إلى جهد “قطع دابر الرشوة الانتخابية” وساند عمل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات علناً.
مقولات كانت معلبة في الماضي ومكررة مثل ” قطع دابر الفساد المالي” عادت إلى الواجهة من جديد بصيغة شعبوية رسمية يمكن إذا ما استرسلت أن تلتهم مصداقية أحزاب المنظومة الجديدة وتؤثر سلباً على الإيقاع الانتخابي العام.
لذلك، الانتباه هنا ضرورة ملحة؛ لأن مشكلات ملف الانتخابات -برأي السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي، وكما سمعته “القدس العربي” مجدداً- تتعدى بالتأكيد تفعيلات تأثير المال فيها. والخشية موجودة من حصول تسلل وتدخل وهندسة مجدداً على أكتاف انشغال الرأي العام بحفلة المال السياسي.
ويحاجج اليوم قلقون على مسار العملية الانتخابية من تلك الضربات المبالغ فيها، التي يقال إن وظيفتها قطع دابر التأثير المالي في العملية الانتخابية بأن المسألة فيما يبدو زادت عن حدها بتوفير ذخيرة للسلبيين والعدميين من مروجي العزوف وسط الجمهور، الأمر الذي ينبغي الحذر بشدة منه في الأيام المقبلة، وإن كان التركيز في الخطاب والإجراء على عزل تأثير المال لهدف نبيل هو الحفاظ على النزاهة والسمعة، مطلوباً بكل حال. الطاقم الوزاري لديه طبعاً مصالح بالانضمام لحفلة ضرب الرشوة الانتخابية والمال السياسي.
وزراء سابقون متعددون، أبرزهم سمير الحباشنة، عادوا للمطالبة بأن تتحرك الجهات الرقابية ضمن إطار الدستور والقانون لمراقبة المالي الذي يدخل إلى الأحزاب السياسية. وفهمت “القدس العربي” من الحباشنة نفسه لاحقاً بأن ما يقال ويثار ليس من الصنف الذي ينبغي السكوت عنه تعزيزاً للشفافية. الواضح الآن أن حزباً وسطياً بارزاً واحداً يدفع ثمن الحملة التي بدأت تتخذ شكل حفلة وتخضع قيادات فيه للتحقيق بعد منشور إلكتروني حمال أوجه، وقد ينطوي على كيدية في ملف بين يدي القضاء المستقل بكل حال، إلا أن الهزات الارتدادية تبدو أكبر من المضمون والمحتوى الذي قصدته الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، ما يدفع باتجاه الحاجة الملحة لوقف التضخيم والمبالغات وإدارة هذا الموضوع الحساس الآن بطريقة مختلفة أو مدروسة لا تؤذي الكل الانتخابي ولا مسار تحديث المنظومة السياسية، وتوقف محاولات التسلل لبعض مراكز القوى المتصارعة.
تلك مهمة ليست سهلة؛ فالانتخابات إجرائياً على الأبواب وأقل من أسبوع يفصل لأردنيين عن عملية التسجيل الرسمية للمرشحين، والسباق سينطلق وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة وإقليمية معقدة أمنياً، فيما حملات الترشح والترشيح تحتاج لنفقات مالية ميدانية لا يمكن السيطرة عليها تماماً.
تكاثرت فجأة المقولات المعلبة التي تغرق في تقديم أوراق عمل بعناوين الذراع القانونية في ملاحقة الرشوة الانتخابية وملحقاتها وعلى شكل موجة أو حفلة قرر كثيرون المشاركة فيها. وتكاثرت في الأثناء أيضاً عمليات التراشق الجزافية بالاتهامات، خصوصاً على مستوى منصات التواصل الاجتماعي التي لا يمكن ضبطها والسيطرة عليها.
وفعالياتها ليست من الصنف الذي يصلح لرغبة بعض مراكز القوى بـ “قرص إذن” شخص هنا أو حزب هناك. الاتهامات قد تتوسع أفقياً بأي لحظة دون أن تطال نزاهة المرشحين الإسلاميين فقط وناخبيهم الذين يتميزون بالانضباط والولاء عموماً.
بكل حال، تمشي إجراءات العمليات الانتخابية بين بعض الألغام الآن. واللغم الأكثر وضوحاً هو صعوبة تقييم أداء تلك الحملة الإعلامية المبالغ فيها بعناوين المال السياسي والرشوة الانتخابية، علماً بأن مشكلات ملف الانتخابات تتجاوز بكثير المسألة المالية واعتبارها الجزئية اليتيمة في الحفاظ على منظومة النزاهة.
في المشهد عزوف واعتقالات وتوقيفات وأجواء حريات منقوصة ومرشحون كبار انسحبوا فجأة. وفي المشهد تأثير غير مفهوم مس بمبدأ الإنصاف، كما وصف مركز “عدالة” المدني في حل مجلس النواب. وفيه أيضاً متطلبات النزاهة الأساسية في سياق عملياتي؛ بمعني أن ضرب التأثير المالي مهمة نبيلة وطنية، لكنها لا تشكل المطلوب فقط، ولا يمكن استعادة ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية برمها فقط عبر حفلة المال السياسي.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات