لماذا «تخويف الأردنيين» على هويتهم الوطنية في وقت «المقاومة و7 أكتوبر»؟
عمان جو - بسام البدارين - يعلم برلماني وإعلامي أردني طموح مثل عمر العياصرة، بأن “اللهجة” التي استخدمها مؤخراً وهو يرد أو يعلق على “اقتراح مسيس” تقدم به السياسي والاقتصادي المخضرم جواد العناني، لن توصله إلى “أي مكان محدد” لا في قلوب الأردنيين ولا في “عقل الدولة”.
رغم ذلك، جازف عياصرة، وهو سياسي شاب كان نائباً وعلى الأرجح لن يترشح للانتخابات مجدداً، باستعمال “عبارات قاسية” في مناقضة أو “مناقشة” العناني، أحد مؤسسي الفكر الاقتصادي الذي أنشأ القطاع العام في المملكة.
وفي مسألة من الطراز الذي يفهم عياصرة بحكم خبراته الإعلامية المهنية بأنها “جالبة للشعبويات”، وفكرتها مجدداً “تخويف الأردنيين”، على هويتهم الوطنية في وقت “المقاومة و7 أكتوبر”.
حاولت بعض الأقلام سابقاً الحد من “تضامن” الشعب الأردني مع المقاومة الفلسطينية عبر “تشويه وشيطنة” المقاومة وحركة حماس، ومعهما الإخوان المسلمون، وكانت النتائج عكسية تماماً، بل “خائبة” ولم تسجل أهدافاً إلا عكسية.
لذلك أصبح “استدعاء” جدل الهويات -وهذا ما لاحظه عموماً العناني وآخرون عندما ناقشتهم “القدس العربي” مؤخراً- يبرز كلما شعر البعض في عمان بأن “المد الشعبي” العابر للمكونات المساند للمقاومة في معركة الإبادة بغزة، بدأ يشكل خطراً على الموروثات والكلاسيكيات.
بكل حال، نشر العياصرة عبارات “خارج سياق” الشخص والمقال، تعليقاً على محتوى طرحه العناني.
وفي الواقع، لفت نظر الجميع بأن البرلماني الشاب الذي خرج للتو من تجربة أقر علناً بأنها “مريرة” تحدث بقسوة وغلاظة، مقترحاً على العناني أن “يسند ربابته”، وهي مقولة شعبية تراثية تظهر قدراً من “التهكم” على القائل وتطالبه بالصمت.
ما لفت الأنظار أكثر هو ميل العياصرة للاستعراض باختيار عجوز الإدارة والسياسة، العناني، هدفاً لقصف خارج السياق وبآمال شعبوية وفي الوقت الضائع، حيث الانتخابات على الأبواب، والكيان الإسرائيلي “يقصف ويغتال الجميع” بدون استثناء في المنطقة.
لم يعرف بعد ما إذا كان تناول العياصرة للعناني علناً بالشكل الذي قرأه الأردنيون قبل أيام عرضياً أم شخصياً، أم يعكس “توجهات” لدى بعض مراكز القوى تستهدف كل من يحذر مسبقاً البلاد والعباد معاً من “مشاريع الأيام القادمة” ويطالب بالجاهزية، كما فعل العناني تماماً في المقال الذي انتهى بتذكير برلماني شاب بوجود “ربابة ما”.
في الأثناء، لم يعترض أي مجتهد أو ملاحظ متهور على تحذير أشد تبناه المفكر الإسلامي إرحيل الغرايبة، وهو أحد أساتذة العياصرة بالمناسبة، عندما نشر يقول: “الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة، والعلمانيون والمتدينون في الكيان المحتل، ومعهم الكثيرون في الشرق والغرب، يرون أن الحل أو الجزء الأكبر والأسهل من الحل هو على حساب الأردن. وأعتقد أن هذه الرؤية ليست سراً ولا أمراً جديداً، لكن الجديد في المسألة يتمثل في شيئين:
الأول، والحديث للغرايبة، أن هناك أطرافاً عربية دخلت في الطبخة، وهي متوافقة ومتواطئة مع رؤية الاحتلال، وتحاول زيادة نفوذها عندنا بكل الوجوه المعروفة وغير المعروفة.
والثاني، أن ترامب أصبح قريباً من الفوز، وترامب هو صاحب مشروع الصفقة.
تحذيرات الغرايبة وطنياً مفهومة هنا، لكن عندما تقترح شخصية معروفة بخبراتها مثل العناني، يصبح التلاعب بالعبارات ممكناً، لا بل غير مكلف ما دامت “علبة الاتهامات” لا تزال كما هي، وتستعمل الآن لإظهار “وصاية فكرية وسلطوية” على المثقفين الأردنيين الذين يتميزون بالصراحة، مثل الغرايبة والعناني.
في الأثناء، ما اقترحه العناني في مقاله الذي اعترض عليه العياصرة وآخرون هو محتوى يعيد نصاب المشهد بعد قرار محكمة العدل العليا الأخير إلى سياقها القانوني المرتبط بقرارات القمة العربية التي عارضت “وحدة الضفتين”.
وما قاله العناني كالآتي: “حتى لا تتعقد الأمور أكثر، يتطلّب الأمر أن يتّخذ مؤتمر القمّة العربية الذي عارض يوماً وحدة الضفتين، قراراً يغير ذلك الموقف (1974)، وأن يؤكد بأن الضفة الغربية جزء من المملكة الأردنية الهاشمية وهي دولة ذات سيادة، ولا يجوز أن تبقى أراضيها تحت الاحتلال. ”
ولذلك -يتابع العناني- يطالب العرب صفّاً واحداً بعودة الأرض إلى الأردن. وبعد ذلك يتفقا، الأردن وفلسطين، على أن تكون المملكة الأردنية الهاشمية دولة كونفدرالية مؤسّسة من الأردن وفلسطين، وأن لكل جزء منهما إدارة محلية وإدارة دولية، ويعودان إلى اتفاق عام 1950 في تقسيم المناصب الفيدرالية، بحيث يبقى الأردن مملكة.
طبعاً، الفكرة التي اقترحها رئيس الديوان الملكي الأسبق، العناني، بصفة “رأي خاص” لباحث مطلع، لا تتميز بأي شعبية خصوصاً الآن، ولم تكتمل، لكنها مجرد فكرة أو نصيحة تقرأ الواقع القانوني الدولي الآن يقدمها خبير في مقال على شكل دراسة.
الرد المناسب هو النقاش أو الاعتراض، وليس التهكم.
وعملياً، لا يمكن الاعتراض على رأي العياصرة عندما يقول: “لا عودة لوحدة الضفتين، ولا قيمة لمصطلح الكونفدرالية والفدرالية، فهويتنا حسمت، ووطنيتنا أنجزت، وعصبياتنا واضحة، وجيشنا حاسم، وقيادتنا واضحة عارفة، واندماجنا الاجتماعي نضج”.
لكن المناقشة تصبح ممكنة في اختبار الواقع والإمكانات، خصوصاً أن الدولة الأردنية لم تحدد بعد ولم تبلغ عن خياراتها الاستراتيجية في مسألة تطور نقاش “الدولة الفلسطينية” بعد، ولا يوجد حتى اللحظة ناطقون باسمها بمنتهى الحرفية والحذر، إلا وزير الخارجية أيمن الصفدي.
العناني نفسه كان قد طالب عبر “القدس العربي” بأن تستعد البلاد لما يحاك بالخارج، مقترحاً “حوارات وطنية معمقة” مع جميع خبراء المطابخ وفي الضفتين حتى يتمكن الشعبان معاً من مواجهة أي سيناريوهات معادية حتماً ستطرح لاحقاً أو قريباً.
رأي مثل ذلك لا تتم مناقشته بالإساءة والتجريح، والوقائع تؤشر إلى أن على كبار القادة والساسة والمؤسسات الإصغاء عندما يتحدث خبير مثل العناني.
السؤال في المشهد الختامي: بعد تدحرج أحداث الإقليم، أيهما “أميل للنجاة”، تحييد الربابة تماماً أم الادعاء بأنها موجودة والعزف العكسي عليها؟
«القدس العربي»
رغم ذلك، جازف عياصرة، وهو سياسي شاب كان نائباً وعلى الأرجح لن يترشح للانتخابات مجدداً، باستعمال “عبارات قاسية” في مناقضة أو “مناقشة” العناني، أحد مؤسسي الفكر الاقتصادي الذي أنشأ القطاع العام في المملكة.
وفي مسألة من الطراز الذي يفهم عياصرة بحكم خبراته الإعلامية المهنية بأنها “جالبة للشعبويات”، وفكرتها مجدداً “تخويف الأردنيين”، على هويتهم الوطنية في وقت “المقاومة و7 أكتوبر”.
حاولت بعض الأقلام سابقاً الحد من “تضامن” الشعب الأردني مع المقاومة الفلسطينية عبر “تشويه وشيطنة” المقاومة وحركة حماس، ومعهما الإخوان المسلمون، وكانت النتائج عكسية تماماً، بل “خائبة” ولم تسجل أهدافاً إلا عكسية.
لذلك أصبح “استدعاء” جدل الهويات -وهذا ما لاحظه عموماً العناني وآخرون عندما ناقشتهم “القدس العربي” مؤخراً- يبرز كلما شعر البعض في عمان بأن “المد الشعبي” العابر للمكونات المساند للمقاومة في معركة الإبادة بغزة، بدأ يشكل خطراً على الموروثات والكلاسيكيات.
بكل حال، نشر العياصرة عبارات “خارج سياق” الشخص والمقال، تعليقاً على محتوى طرحه العناني.
وفي الواقع، لفت نظر الجميع بأن البرلماني الشاب الذي خرج للتو من تجربة أقر علناً بأنها “مريرة” تحدث بقسوة وغلاظة، مقترحاً على العناني أن “يسند ربابته”، وهي مقولة شعبية تراثية تظهر قدراً من “التهكم” على القائل وتطالبه بالصمت.
ما لفت الأنظار أكثر هو ميل العياصرة للاستعراض باختيار عجوز الإدارة والسياسة، العناني، هدفاً لقصف خارج السياق وبآمال شعبوية وفي الوقت الضائع، حيث الانتخابات على الأبواب، والكيان الإسرائيلي “يقصف ويغتال الجميع” بدون استثناء في المنطقة.
لم يعرف بعد ما إذا كان تناول العياصرة للعناني علناً بالشكل الذي قرأه الأردنيون قبل أيام عرضياً أم شخصياً، أم يعكس “توجهات” لدى بعض مراكز القوى تستهدف كل من يحذر مسبقاً البلاد والعباد معاً من “مشاريع الأيام القادمة” ويطالب بالجاهزية، كما فعل العناني تماماً في المقال الذي انتهى بتذكير برلماني شاب بوجود “ربابة ما”.
في الأثناء، لم يعترض أي مجتهد أو ملاحظ متهور على تحذير أشد تبناه المفكر الإسلامي إرحيل الغرايبة، وهو أحد أساتذة العياصرة بالمناسبة، عندما نشر يقول: “الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة، والعلمانيون والمتدينون في الكيان المحتل، ومعهم الكثيرون في الشرق والغرب، يرون أن الحل أو الجزء الأكبر والأسهل من الحل هو على حساب الأردن. وأعتقد أن هذه الرؤية ليست سراً ولا أمراً جديداً، لكن الجديد في المسألة يتمثل في شيئين:
الأول، والحديث للغرايبة، أن هناك أطرافاً عربية دخلت في الطبخة، وهي متوافقة ومتواطئة مع رؤية الاحتلال، وتحاول زيادة نفوذها عندنا بكل الوجوه المعروفة وغير المعروفة.
والثاني، أن ترامب أصبح قريباً من الفوز، وترامب هو صاحب مشروع الصفقة.
تحذيرات الغرايبة وطنياً مفهومة هنا، لكن عندما تقترح شخصية معروفة بخبراتها مثل العناني، يصبح التلاعب بالعبارات ممكناً، لا بل غير مكلف ما دامت “علبة الاتهامات” لا تزال كما هي، وتستعمل الآن لإظهار “وصاية فكرية وسلطوية” على المثقفين الأردنيين الذين يتميزون بالصراحة، مثل الغرايبة والعناني.
في الأثناء، ما اقترحه العناني في مقاله الذي اعترض عليه العياصرة وآخرون هو محتوى يعيد نصاب المشهد بعد قرار محكمة العدل العليا الأخير إلى سياقها القانوني المرتبط بقرارات القمة العربية التي عارضت “وحدة الضفتين”.
وما قاله العناني كالآتي: “حتى لا تتعقد الأمور أكثر، يتطلّب الأمر أن يتّخذ مؤتمر القمّة العربية الذي عارض يوماً وحدة الضفتين، قراراً يغير ذلك الموقف (1974)، وأن يؤكد بأن الضفة الغربية جزء من المملكة الأردنية الهاشمية وهي دولة ذات سيادة، ولا يجوز أن تبقى أراضيها تحت الاحتلال. ”
ولذلك -يتابع العناني- يطالب العرب صفّاً واحداً بعودة الأرض إلى الأردن. وبعد ذلك يتفقا، الأردن وفلسطين، على أن تكون المملكة الأردنية الهاشمية دولة كونفدرالية مؤسّسة من الأردن وفلسطين، وأن لكل جزء منهما إدارة محلية وإدارة دولية، ويعودان إلى اتفاق عام 1950 في تقسيم المناصب الفيدرالية، بحيث يبقى الأردن مملكة.
طبعاً، الفكرة التي اقترحها رئيس الديوان الملكي الأسبق، العناني، بصفة “رأي خاص” لباحث مطلع، لا تتميز بأي شعبية خصوصاً الآن، ولم تكتمل، لكنها مجرد فكرة أو نصيحة تقرأ الواقع القانوني الدولي الآن يقدمها خبير في مقال على شكل دراسة.
الرد المناسب هو النقاش أو الاعتراض، وليس التهكم.
وعملياً، لا يمكن الاعتراض على رأي العياصرة عندما يقول: “لا عودة لوحدة الضفتين، ولا قيمة لمصطلح الكونفدرالية والفدرالية، فهويتنا حسمت، ووطنيتنا أنجزت، وعصبياتنا واضحة، وجيشنا حاسم، وقيادتنا واضحة عارفة، واندماجنا الاجتماعي نضج”.
لكن المناقشة تصبح ممكنة في اختبار الواقع والإمكانات، خصوصاً أن الدولة الأردنية لم تحدد بعد ولم تبلغ عن خياراتها الاستراتيجية في مسألة تطور نقاش “الدولة الفلسطينية” بعد، ولا يوجد حتى اللحظة ناطقون باسمها بمنتهى الحرفية والحذر، إلا وزير الخارجية أيمن الصفدي.
العناني نفسه كان قد طالب عبر “القدس العربي” بأن تستعد البلاد لما يحاك بالخارج، مقترحاً “حوارات وطنية معمقة” مع جميع خبراء المطابخ وفي الضفتين حتى يتمكن الشعبان معاً من مواجهة أي سيناريوهات معادية حتماً ستطرح لاحقاً أو قريباً.
رأي مثل ذلك لا تتم مناقشته بالإساءة والتجريح، والوقائع تؤشر إلى أن على كبار القادة والساسة والمؤسسات الإصغاء عندما يتحدث خبير مثل العناني.
السؤال في المشهد الختامي: بعد تدحرج أحداث الإقليم، أيهما “أميل للنجاة”، تحييد الربابة تماماً أم الادعاء بأنها موجودة والعزف العكسي عليها؟
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات