محور «الممانعة» يتحدَّث عن مخاطر تتهدد الأردن… فكيف تُقرأ في عمان؟
عمان جو - بسام البدارين - لا يوجد في السجل الأردني المألوف اتصالات ولا مشاورات ولا حتى أي تفاهمات أو بروتوكولات تواصل، أو حتى رسائل متبادلة مع «حزب الله» اللبناني، ولا يوجد ما يوحي بأن عمان تتواصل بين الحين والآخر أو عند الضرورة مع قيادة «حزب الله» إلا عبر القنوات التي يوفرها أحياناً وعند الحاجة الملحة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أو حتى رئيس الوزراء المكلف في بيروت الذي يزور عمان بين الحين والآخر.
الأردن الرسمي لا يرغب ولا يريد إقامة أي اتصال مع «حزب الله».. تلك كانت وبقيت ملاحظة تطرح في عمان كسلبية. ورغم ذلك، بدت ملاحظة نافذة وخارقة للعادة على شكل نصيحة تلك التي سجلها الأمين العام ل«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله، في خطابه الأخير الذي تميز بالاستعراض والتحليل السياسي مساء الثلاثاء، حيث تحدث مباشرة هذه المرة عن المخاطر الحقيقية التي تحيق بالنظام الرسمي العربي المجاور لفلسطين المحتلة إذا ما هزمت المقاومة في قطاع غزة، أو إذا ما هزم محور المقاومة في المواجهات الحالية مع الكيان الإسرائيلي.
كلام مهم ومثير
ما قاله نصر الله مهم ومثير؛ ليس لأن مسألة تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية هاجس أساسي وكبير وصفته القيادة الأردنية عدة مرات بأنه بمثابة إعلان حرب، وليس لأن هذا الهاجس يشغل حقاً نقاشات وحوارات ومخاوف الأردنيين، ولكن لأن القيادة البارزة في الجزء اللبناني من محور المقاومة قررت علناً وبعيداً عن التحفظ، التحدث عنه بصيغة نصيحة حيث يلاحظ الأردنيون عموماً أن غالبية ساحقة من خطابات نصر الله وبيانات «حزب الله» لا تتطرق للأردن لا من قريب ولا من بعيد في مطلق الأحوال.
وهي مسألة ربطها صاحب الشعبية الكبيرة في عمان المحلل اللبناني ناصر قنديل، يوماً، بشريط فيديو شهير بسعي محور المقاومة لعدم المساس بالأردن أو إثارة حساسيته، خلافاً لسعي المحور ـ في رأي قنديل ـ قبل نحو ثلاثة أسابيع لاستقرار المعادلة في الأردن كما هي وعلى اعتبار أن الجبهة الأردنية شعبياً في حالة تضامن بارزة وطليعية مع المقاومة في غزة.
«حزب الله» يحذِّر من «التهجير والوطن البديل»
في كل حال، لم تعرف بعد الأسباب والخلفيات والحيثيات التي تدفع قيادياً من صنف الشيخ حسن نصر الله، لتوجيه نصيحة علنية على شكل تحذير للأردن يلامس الحبل العصبي للمخاوف الشعبية العامة ولمخاوف عدد كبير من أنصار وأركان النخب والصالونات السياسية في عمان… بمعنى آخر: نصر الله هز الغربال.
لكن هذه الخلفيات لا تبدو مهمة؛ لأن نصر الله يقرأ على الأردنيين نصاً يشغلهم في الواقع شعبوياً ونخبوياً، وهو بعنوان أن هزيمة المقاومة -لا سمح الله- التي قال نصر الله إنها لن تهزم في غزة، إنما تعني تصفية القضية الفلسطينية.
لا بل ذهب إلى التفاصيل التي يحذر منها سياسيون أردنيون في مناصب رسمية جداً أو محسوبون على طبقة رجال الدولة عندما قال إن خطة إسرائيل التالية، إذا ما حسمت الأمور في غزة ضد المقاومة، هي تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية في اتجاه الأردن. وزاد نصر الله في تلمس أكبر، مسألة إشكالية تثير وجع الأردنيين ومخاوفهم عندما اعتبر ذلك مقدمة للوطن البديل.
لماذا قرر نصر الله التحدث في هذا الموضوع؟
سؤال طرحته العديد من الشخصيات الأردنية، خصوصاً أن ما قاله عن تهجير الضفة الغربية في اتجاه الأردن عرضه على شكل خطر محقق يستهدف الأردن حكماً وحكومة وشعباً، بالتأكيد خلافاً لأن عمان لديها طبعاً قراءة مغايرة لمسألة التهجير في الضفة الغربية؛ فوزير الداخلية مازن فراية أفاد للتو بعدم وجود «مؤشرات قوية» على التهجير بعد.
انسجام مع الواقع
ما قاله نصر الله هنا ينسجم في الواقع مع ما قالته شخصيات بارزة سابقاً وعلى شكل نصيحة أيضاً في مجالسات مغلقة سواء في الصف الفلسطيني أو حتى في حركة فتح مثل عباس زكي وآخرين.
وما قاله نصر الله تبناه علناً في عمان أعضاء بارزون في الكنيست من القيادات العربية مثل الدكتور أحمد الطيبي، والمحامي أيمن عودة، والدكتور محمد أبو شحادة، وثلاثتهم أعضاء في الكنيست اعتبروا أن التهجير قائم في الضفة الغربية، وحذروا الأردن من مؤامرة إسرائيلية في هذا السياق.
ليس سراً أن شخصيات أردنية بارزة حذرت عبر «القدس العربي» من ذلك أيضاً، بينها الدكتور مروان المعشر والدكتور جواد العناني وآخرون.
أغلب التقدير أن نصيحة نصر الله وابتعاده عن التحفظ في مخاطبة الأردنيين بصورة نادرة وغير مسبوقة في خطاباته لها خلفيات، وأهم تلك الخلفيات أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي استمع مؤخراً فقط للتصور الإيراني لحالة الصدام والتوتر والتأزيم في المنطقة على هامش زيارته الأخيرة المهمة والاختراقية لطهران.
وما قاله نصر الله هنا وقبله قنديل المقرب من «حزب الله» ومحور المقاومة، وما قيل للوزير أيمن الصفدي في طهران… كلها عناصر تثير الاشتباه بأن محور المقاومة عموماً بدأ يبدل ويغير في قراءة حالة التموقع الأردنية، والتأمل في عناصر الجغرافيا الأردنية ودورها في مآلات الصدام والصراع الحالي.
ذلك يحصل بلغة ناعمة حتى الآن وعلى طريقة التنبيه والتحذير، إلا أن دخول الأردن كجغرافيا في أدبيات ونصوص قادت محور المقاومة مؤخراً، أصبح علامة فارقة لا بد من قراءتها بعمق في عمان، والتوثق من أنها تنتج عن خلفية بريئة من باب النصيحة أو بريئة من باب التحليل والتوقع والتكهن. لا يمكن طبعاً الإجابة عن أسئلة مثل هذا البروز للنغمة الأردنية في خطابات محور المقاومة، لكن مهم جداً تسجيل الواقعة؛ بمعنى أن تدخل بعد الآن في حسابات الأردنيين السياسية والإقليمية.
«القدس العربي»
الأردن الرسمي لا يرغب ولا يريد إقامة أي اتصال مع «حزب الله».. تلك كانت وبقيت ملاحظة تطرح في عمان كسلبية. ورغم ذلك، بدت ملاحظة نافذة وخارقة للعادة على شكل نصيحة تلك التي سجلها الأمين العام ل«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله، في خطابه الأخير الذي تميز بالاستعراض والتحليل السياسي مساء الثلاثاء، حيث تحدث مباشرة هذه المرة عن المخاطر الحقيقية التي تحيق بالنظام الرسمي العربي المجاور لفلسطين المحتلة إذا ما هزمت المقاومة في قطاع غزة، أو إذا ما هزم محور المقاومة في المواجهات الحالية مع الكيان الإسرائيلي.
كلام مهم ومثير
ما قاله نصر الله مهم ومثير؛ ليس لأن مسألة تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية هاجس أساسي وكبير وصفته القيادة الأردنية عدة مرات بأنه بمثابة إعلان حرب، وليس لأن هذا الهاجس يشغل حقاً نقاشات وحوارات ومخاوف الأردنيين، ولكن لأن القيادة البارزة في الجزء اللبناني من محور المقاومة قررت علناً وبعيداً عن التحفظ، التحدث عنه بصيغة نصيحة حيث يلاحظ الأردنيون عموماً أن غالبية ساحقة من خطابات نصر الله وبيانات «حزب الله» لا تتطرق للأردن لا من قريب ولا من بعيد في مطلق الأحوال.
وهي مسألة ربطها صاحب الشعبية الكبيرة في عمان المحلل اللبناني ناصر قنديل، يوماً، بشريط فيديو شهير بسعي محور المقاومة لعدم المساس بالأردن أو إثارة حساسيته، خلافاً لسعي المحور ـ في رأي قنديل ـ قبل نحو ثلاثة أسابيع لاستقرار المعادلة في الأردن كما هي وعلى اعتبار أن الجبهة الأردنية شعبياً في حالة تضامن بارزة وطليعية مع المقاومة في غزة.
«حزب الله» يحذِّر من «التهجير والوطن البديل»
في كل حال، لم تعرف بعد الأسباب والخلفيات والحيثيات التي تدفع قيادياً من صنف الشيخ حسن نصر الله، لتوجيه نصيحة علنية على شكل تحذير للأردن يلامس الحبل العصبي للمخاوف الشعبية العامة ولمخاوف عدد كبير من أنصار وأركان النخب والصالونات السياسية في عمان… بمعنى آخر: نصر الله هز الغربال.
لكن هذه الخلفيات لا تبدو مهمة؛ لأن نصر الله يقرأ على الأردنيين نصاً يشغلهم في الواقع شعبوياً ونخبوياً، وهو بعنوان أن هزيمة المقاومة -لا سمح الله- التي قال نصر الله إنها لن تهزم في غزة، إنما تعني تصفية القضية الفلسطينية.
لا بل ذهب إلى التفاصيل التي يحذر منها سياسيون أردنيون في مناصب رسمية جداً أو محسوبون على طبقة رجال الدولة عندما قال إن خطة إسرائيل التالية، إذا ما حسمت الأمور في غزة ضد المقاومة، هي تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية في اتجاه الأردن. وزاد نصر الله في تلمس أكبر، مسألة إشكالية تثير وجع الأردنيين ومخاوفهم عندما اعتبر ذلك مقدمة للوطن البديل.
لماذا قرر نصر الله التحدث في هذا الموضوع؟
سؤال طرحته العديد من الشخصيات الأردنية، خصوصاً أن ما قاله عن تهجير الضفة الغربية في اتجاه الأردن عرضه على شكل خطر محقق يستهدف الأردن حكماً وحكومة وشعباً، بالتأكيد خلافاً لأن عمان لديها طبعاً قراءة مغايرة لمسألة التهجير في الضفة الغربية؛ فوزير الداخلية مازن فراية أفاد للتو بعدم وجود «مؤشرات قوية» على التهجير بعد.
انسجام مع الواقع
ما قاله نصر الله هنا ينسجم في الواقع مع ما قالته شخصيات بارزة سابقاً وعلى شكل نصيحة أيضاً في مجالسات مغلقة سواء في الصف الفلسطيني أو حتى في حركة فتح مثل عباس زكي وآخرين.
وما قاله نصر الله تبناه علناً في عمان أعضاء بارزون في الكنيست من القيادات العربية مثل الدكتور أحمد الطيبي، والمحامي أيمن عودة، والدكتور محمد أبو شحادة، وثلاثتهم أعضاء في الكنيست اعتبروا أن التهجير قائم في الضفة الغربية، وحذروا الأردن من مؤامرة إسرائيلية في هذا السياق.
ليس سراً أن شخصيات أردنية بارزة حذرت عبر «القدس العربي» من ذلك أيضاً، بينها الدكتور مروان المعشر والدكتور جواد العناني وآخرون.
أغلب التقدير أن نصيحة نصر الله وابتعاده عن التحفظ في مخاطبة الأردنيين بصورة نادرة وغير مسبوقة في خطاباته لها خلفيات، وأهم تلك الخلفيات أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي استمع مؤخراً فقط للتصور الإيراني لحالة الصدام والتوتر والتأزيم في المنطقة على هامش زيارته الأخيرة المهمة والاختراقية لطهران.
وما قاله نصر الله هنا وقبله قنديل المقرب من «حزب الله» ومحور المقاومة، وما قيل للوزير أيمن الصفدي في طهران… كلها عناصر تثير الاشتباه بأن محور المقاومة عموماً بدأ يبدل ويغير في قراءة حالة التموقع الأردنية، والتأمل في عناصر الجغرافيا الأردنية ودورها في مآلات الصدام والصراع الحالي.
ذلك يحصل بلغة ناعمة حتى الآن وعلى طريقة التنبيه والتحذير، إلا أن دخول الأردن كجغرافيا في أدبيات ونصوص قادت محور المقاومة مؤخراً، أصبح علامة فارقة لا بد من قراءتها بعمق في عمان، والتوثق من أنها تنتج عن خلفية بريئة من باب النصيحة أو بريئة من باب التحليل والتوقع والتكهن. لا يمكن طبعاً الإجابة عن أسئلة مثل هذا البروز للنغمة الأردنية في خطابات محور المقاومة، لكن مهم جداً تسجيل الواقعة؛ بمعنى أن تدخل بعد الآن في حسابات الأردنيين السياسية والإقليمية.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات