«مصالح الأردن… عاشراً»… ولكن: مجموعة «أنا ما دخلني… ويصطفلوا» بدأت تثير النقاش وتلفت الأنظار
عمان جو - بسام البدارين - الأردن «أولاً وعاشراً».. وما بينهما. هذا شعار أقرب إلى صيغة هتاف سياسي وطني يحسم الأولويات، ويمكن بكل بساطة إضافة عبارة «الأردن دوماً» إليه، وإن كان النقاش في التفاصيل بدأ بوضوح يشغل ذهن النخب والصالونات السياسية خصوصاً في جزئية كيفية إدارة المصلحة الوطنية في ضوء الشعار نفسه، لكن في مواجهة ما يصفه أولاً المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة بـ «الأطماع الصهيونية في المملكة».
وثانياً، في ظل ما يعتبره كثير من الساسة والخبراء تدحرجات في العدوان على قطاع غزة تحديداً من الصنف الذي لا يمكن إغفاله على مصالح الدولة والناس في البلاد.
يمكن ببساطة في المقابل، رصد الملاحظة التالية: مقولة «الأردن أولاً وعاشراً» تنمو وسط بعض المثقفين وتنتقل إلى بعض أروقة البيروقراطيين، وبدأ يتبناها أحياناً في المشاورات والاجتماعات العميقة والسطحية كل من يفترض ضرورة توفير إجابة على السؤال التالي: «ماذا نفعل إذا فاز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
«إنكار مخاطر التهجير»
تزحف المقولة نفسها بعدما استبدلها رواد ورموز التكيف وإنكار مخاطر التهجير في الضفة الغربية بما كانوا يقولونه سابقاً وسط شيوع نغمة بين بعض كبار الموظفين تحاول تقليص مساحة مخاوف التهجير في الضفة الغربية تحديداً وفي غزة لاحقاً قبل اندفاعها نحو معادلة تنميطية وطنية تقول إن مصالح الأردن أولاً وعاشراً.
في كل حال، ليس مطروحا التشكيك في أصحاب هذا الشعار، وإن كان المطلوب ـ في رأي سياسيين كثر من بينهم الدكتور ممدوح العبادي ـ تخليصه من الشوائب المعيبة التي لا تناسب لا الجغرافيا ولا التاريخ وصولاً إلى «صيغة وطنية» تستعد لما هو جوهري في «حماية الوطن» وتطبيق المقولة.
يبرز الاجتهاد هنا وسط «تغافل غير محمود» عن المخاطر الناتجة عن أطماع اليمين الإسرائيلي وبالأردن، وهي أطماع يصر العبادي -كما فعل في ندوة إضافية مؤخراً ـ على أن حزب الليكود الذي يعتبر اليوم معتدلاً قياساً بغيره في ائتلاف حكام تل أبيب، انتخب أصلاً على أساسها ويمارسها.
في كل حال، أثارت نزعة القلق في أوساط محددة من الأردنيين تساؤلات سياسية الطابع، وبرز بأن دعوات اتخاذ مواقف تنسجم حصراً مع مصالح الأردن بعيداً عن القضية الفلسطينية وتداعياتها موجة تثير نقاشاً أو تستحقه.
وزاد معدل النقاش مؤخراً فقط بعدما رصد الخبراء، بينهم التربوي والسياسي البارز الدكتور ذوقان عبيدات، حالة تبدو فريدة وغريبة، حيث يافطات المرشحين في القوائم الحزبية والمحلية لانتخابات 10 أيلول المقبل لا تخلو من البرامج فقط، كما وصف الوزير المعني بملف الانتخابات موسى المعايطة، بل تخلو أيضاً من أي عبارات لها علاقة بالعدوان على غزة أو بالقضية الفلسطينية.
الانطباع يتكثف بمجرد العبور بين يافطات المرشحين الأردنيين، والفكرة التي يفترض العبادي وغيره أنها واهمة هي أن المرشح افترض مسبقاً بأنه سيدير معركته الانتخابية بدون شعارات عن القضية الفلسطينية؛ حتى لا يغضب السلطات أو الحكومة.
كتب عبيدات مقالاً مؤثراً ومثيراً عن المرشحين بعنوان «أنا ما دخلني». ووزير الداخلية الأردني الأسبق الذي يشتبك أكثر من غيره في القضايا الوطنية العامة سمير الحباشنة، وجه ملحوظة لـ «القدس العربي» في إطار التفاعل مع تقرير منشور يتحدث عن يافطات المرشحين.
رسالة سياسية عميقة
همسة الحباشنة هنا سياسية بامتياز ومختصرة، وفكرتها أن من يرى القادم في ظل المعركة الطاحنة الجارية إقليمياً، يواجه تشكيكاً من أعضاء حزب قديم ارتبط أو ظهر في إحدى دول الجوار باسم جماعة «يصطفلوا» والمقصود الإسرائيليون والفلسطينيون.
تلك رسالة سياسية عميقة من وطني خبير يحذر فيها ضمناً من عدم جواز السماح باستهداف أو التشكيك بمن يحذر ناصحاً ومن باب الولاء والانتماء من كلفة الانغلاق على الذات، وترك تداعيات القضية الفلسطينية تتفاعل كما يريدها الغربي أو الأمريكي أو الإسرائيلي المتطرف، وبدون وصفة وطنية.
المقاربة نفسها في التحذير، أعلنها وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر وهو يعتبر أن فوز ترامب في الانتخابات يعني عودة صفقة القرن التي ستعني بدورها الوطن البديل، فيما ذهب حتى الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في خطابه الأخير، إلى التحدث علناً عن مخاطر هزيمة غزة والمقاومة الفلسطينية على الأردن حصراً.
تصريح نصر الله مجدداً نظر له بارتياب في عمان، وقرئ باعتباره تدخلاً من المحور لإقلاق الأردنيين. لكن مجموعة الانغلاق على الذات والحرص على الأردن بدون الاشتباك مع العدوان الإسرائيلي محلياً تنشطت أكثر مؤخراً وهي تحاول قراءة مضمون ومنطوق ونتائج الزيارة المهمة التي قام بها إلى طهران وزير الخارجية أيمن الصفدي.
وهي زيارة أعقبتها بوضوح سلسلة بيانات وتصريحات رسمية أردنية سيادية الطابع، وتركز على إبلاغ الإسرائيليين والإيرانيين معاً بموقف الأردن الأمني والسيادي إذا ما اندلعت حرب جديدة.
في الخلاصة، يمكن القول إن طرح شعارات مثل الأردن أولاً وثانياً حتى عاشراً، ينبغي ألا يقابل بالتشكيك مع قراءته باعتباره رسالة إنذار مبكر عموماً على تنامي شعور الأردنيين بالمخاطر.
الأفضل مناقشة القلقين الخائفين، في إطار جهد وطني عام لا يزال غائباً ويطرح الأسئلة الجريئة ويجيب عليها بما يحافظ دوماً على «الهوية الوطنية الأردنية» بإشراف سياسي خبير وجريء تحدث عنه يوماً الدكتور جواد العناني واقترحه في عمان ورام الله معاً.
لا أحد يعترض على مقولة الأردن عاشراً.
لكنها تحتاج لتفاصيل ولفهم أساس المعادلة والإجابة بصراحة عن سؤال مرجعي يطرحه الجميع الآن: أيهما أفضل حقاً لمصالح الأردن… سحق المقاومة في غزة وانتصار اليمين الإسرائيلي المتطرف، أم صمود المقاومة والشعب الفلسطيني؟
«القدس العربي»
وثانياً، في ظل ما يعتبره كثير من الساسة والخبراء تدحرجات في العدوان على قطاع غزة تحديداً من الصنف الذي لا يمكن إغفاله على مصالح الدولة والناس في البلاد.
يمكن ببساطة في المقابل، رصد الملاحظة التالية: مقولة «الأردن أولاً وعاشراً» تنمو وسط بعض المثقفين وتنتقل إلى بعض أروقة البيروقراطيين، وبدأ يتبناها أحياناً في المشاورات والاجتماعات العميقة والسطحية كل من يفترض ضرورة توفير إجابة على السؤال التالي: «ماذا نفعل إذا فاز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
«إنكار مخاطر التهجير»
تزحف المقولة نفسها بعدما استبدلها رواد ورموز التكيف وإنكار مخاطر التهجير في الضفة الغربية بما كانوا يقولونه سابقاً وسط شيوع نغمة بين بعض كبار الموظفين تحاول تقليص مساحة مخاوف التهجير في الضفة الغربية تحديداً وفي غزة لاحقاً قبل اندفاعها نحو معادلة تنميطية وطنية تقول إن مصالح الأردن أولاً وعاشراً.
في كل حال، ليس مطروحا التشكيك في أصحاب هذا الشعار، وإن كان المطلوب ـ في رأي سياسيين كثر من بينهم الدكتور ممدوح العبادي ـ تخليصه من الشوائب المعيبة التي لا تناسب لا الجغرافيا ولا التاريخ وصولاً إلى «صيغة وطنية» تستعد لما هو جوهري في «حماية الوطن» وتطبيق المقولة.
يبرز الاجتهاد هنا وسط «تغافل غير محمود» عن المخاطر الناتجة عن أطماع اليمين الإسرائيلي وبالأردن، وهي أطماع يصر العبادي -كما فعل في ندوة إضافية مؤخراً ـ على أن حزب الليكود الذي يعتبر اليوم معتدلاً قياساً بغيره في ائتلاف حكام تل أبيب، انتخب أصلاً على أساسها ويمارسها.
في كل حال، أثارت نزعة القلق في أوساط محددة من الأردنيين تساؤلات سياسية الطابع، وبرز بأن دعوات اتخاذ مواقف تنسجم حصراً مع مصالح الأردن بعيداً عن القضية الفلسطينية وتداعياتها موجة تثير نقاشاً أو تستحقه.
وزاد معدل النقاش مؤخراً فقط بعدما رصد الخبراء، بينهم التربوي والسياسي البارز الدكتور ذوقان عبيدات، حالة تبدو فريدة وغريبة، حيث يافطات المرشحين في القوائم الحزبية والمحلية لانتخابات 10 أيلول المقبل لا تخلو من البرامج فقط، كما وصف الوزير المعني بملف الانتخابات موسى المعايطة، بل تخلو أيضاً من أي عبارات لها علاقة بالعدوان على غزة أو بالقضية الفلسطينية.
الانطباع يتكثف بمجرد العبور بين يافطات المرشحين الأردنيين، والفكرة التي يفترض العبادي وغيره أنها واهمة هي أن المرشح افترض مسبقاً بأنه سيدير معركته الانتخابية بدون شعارات عن القضية الفلسطينية؛ حتى لا يغضب السلطات أو الحكومة.
كتب عبيدات مقالاً مؤثراً ومثيراً عن المرشحين بعنوان «أنا ما دخلني». ووزير الداخلية الأردني الأسبق الذي يشتبك أكثر من غيره في القضايا الوطنية العامة سمير الحباشنة، وجه ملحوظة لـ «القدس العربي» في إطار التفاعل مع تقرير منشور يتحدث عن يافطات المرشحين.
رسالة سياسية عميقة
همسة الحباشنة هنا سياسية بامتياز ومختصرة، وفكرتها أن من يرى القادم في ظل المعركة الطاحنة الجارية إقليمياً، يواجه تشكيكاً من أعضاء حزب قديم ارتبط أو ظهر في إحدى دول الجوار باسم جماعة «يصطفلوا» والمقصود الإسرائيليون والفلسطينيون.
تلك رسالة سياسية عميقة من وطني خبير يحذر فيها ضمناً من عدم جواز السماح باستهداف أو التشكيك بمن يحذر ناصحاً ومن باب الولاء والانتماء من كلفة الانغلاق على الذات، وترك تداعيات القضية الفلسطينية تتفاعل كما يريدها الغربي أو الأمريكي أو الإسرائيلي المتطرف، وبدون وصفة وطنية.
المقاربة نفسها في التحذير، أعلنها وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر وهو يعتبر أن فوز ترامب في الانتخابات يعني عودة صفقة القرن التي ستعني بدورها الوطن البديل، فيما ذهب حتى الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في خطابه الأخير، إلى التحدث علناً عن مخاطر هزيمة غزة والمقاومة الفلسطينية على الأردن حصراً.
تصريح نصر الله مجدداً نظر له بارتياب في عمان، وقرئ باعتباره تدخلاً من المحور لإقلاق الأردنيين. لكن مجموعة الانغلاق على الذات والحرص على الأردن بدون الاشتباك مع العدوان الإسرائيلي محلياً تنشطت أكثر مؤخراً وهي تحاول قراءة مضمون ومنطوق ونتائج الزيارة المهمة التي قام بها إلى طهران وزير الخارجية أيمن الصفدي.
وهي زيارة أعقبتها بوضوح سلسلة بيانات وتصريحات رسمية أردنية سيادية الطابع، وتركز على إبلاغ الإسرائيليين والإيرانيين معاً بموقف الأردن الأمني والسيادي إذا ما اندلعت حرب جديدة.
في الخلاصة، يمكن القول إن طرح شعارات مثل الأردن أولاً وثانياً حتى عاشراً، ينبغي ألا يقابل بالتشكيك مع قراءته باعتباره رسالة إنذار مبكر عموماً على تنامي شعور الأردنيين بالمخاطر.
الأفضل مناقشة القلقين الخائفين، في إطار جهد وطني عام لا يزال غائباً ويطرح الأسئلة الجريئة ويجيب عليها بما يحافظ دوماً على «الهوية الوطنية الأردنية» بإشراف سياسي خبير وجريء تحدث عنه يوماً الدكتور جواد العناني واقترحه في عمان ورام الله معاً.
لا أحد يعترض على مقولة الأردن عاشراً.
لكنها تحتاج لتفاصيل ولفهم أساس المعادلة والإجابة بصراحة عن سؤال مرجعي يطرحه الجميع الآن: أيهما أفضل حقاً لمصالح الأردن… سحق المقاومة في غزة وانتصار اليمين الإسرائيلي المتطرف، أم صمود المقاومة والشعب الفلسطيني؟
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات