«مهمتي التحديثية»… الأردن في عهد حسان: «زحام حقائب»… وزراء «ملفات» وغياب لـ «الرشاقة»
عمان جو - بسام البدارين - “مهمة حكومتي التحديثية”، تلك العبارة التي يمكن تصنيفها بأنها تشكل التحدي الأساسي أمام مصداقية الخطاب في معادلة الرؤية والإنجاز الذي تبناه علناً رئيس الوزراء الأردني الجديد مباشرة بعد أداء طاقمه الوزاري العريض لليمين الدستورية.
في رده على خطاب التكليف الملكي، كرر الدكتور جعفر حسان تلك العبارة مرات لا تحصى.
وبحكم خروجه للتو من بيت ومركز القرار بعد سنوات بقي فيها مديراً لمكتب الملك، يمكن القول إن حسان يعرف مسبقاً ما هو المطلوب ويعلم حجم الجدية في التقييم عند القرار المرجعي في وثائق مسارات التحديث.
لذلك، وفي رده على الخطاب الملكي التكليفي، كرر حسان التزامه بالمسار التحديثي، لا بل تحدث عن سعي حكومته للعمل تحت ظل التحديث بإخلاص وتفان وعزم لا يكل، والأهم بخطوات إجرائية تنفيذية قابلة للقياس.
مهمة صعبة ومعقدة وكبيرة تنتظر، وفقاً للالتزام العلني، أول رئيس وزراء بعد انتخابات أولى في عهد التحديث السياسي في الأردن، يصفه أحد المقربين منه أمام “القدس العربي” بـ 6 كلمات “رجل تفاصيل.. لا ينام.. قليل الكلام”.
تلك الأوصاف لا تكفي لا لإنجاز ما تعهد به رئيس الحكومة في الرد على خطاب التكليف الملكي، ولا لضمان عبور آمن للحكومة عند الانحناء لجلسات مناقشة الثقة البرلمانية فيها مع مجلس نواب الكتلة الأهم فيه بتوقيع الإخوان المسلمين وبقية تياراته تمثل أحزاباً وسطية استقطب حسان بعض قادتها ورموزها للحكومة مشترطاً، بصيغة غير مفهومة، أن يختار هو وليس الأحزاب.
المواصفات الذاتية والشخصية في رئيس الوزراء يعلمها كل من عمل معه خلف الستائر.
لكن السؤال يصبح اضطرارياً عند التعمق والقراءة سياسياً: كيف سينجز الدكتور جعفر حسان مهمته التحديثية الصعبة بواسطة طاقم وزاري لا يتميز بالرشافة بعد، وعليه ملاحظات مبكرة منهجياً، خصوصاً في مرحلة صعبة سياسياً وإقليمياً واقتصادياً، من بين أبرز عناوينها خطة اليمين الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية؟
السؤال عريض وينافس بحجمه وتلغيزاته مجلس الوزراء العريض الذي وصل إلى 32 حقيبة وزارية في بلد انشغل فيه رئيس الوزراء الحالي لأكثر من عامين بالرشاقة الإدارية والتخطيط الاقتصادي.
لا أحد يعلم طبعاً الخلفيات التي دفعت حسان لحكومة ثقيلة الوزن وبدون دمج وزارات، وفيها تزاحم وزاري يماثل الحكومات الكلاسيكية بالعادة.
لكن الزحام هنا مع التركيز على المهام التحديثية قد يعيق الحركة، فجسم الحكومة الجديدة فيه فائض غير مفهوم من وزراء الدولة، وفيه عدد من ممثلي الأحزاب بحقائب وزارية دون أدنى تواصل مع مكاتب وهيئات أحزابهم.
تلك ملاحظات انطباعية مبكرة التقطها الصحافي النشط والنابه أحمد الطيب، عندما نشر تغريده سريعة يقول فيها إن ما حصل هو تعديل على الحكومة السابقة شمل هذه المرة شخص رئيس الوزراء.
قد تبدو ملاحظة الطيب متسرعة قليلاً، لكن الحكومة الأولى في عهد التحديث السياسي استعانت بـ 15 وزيراً على الأقل دفعة واحدة من وزراء الحكومة التي سبقتها، حسب الطيب، حتى بات الأمر أشبه بقراءة التشكيلة الطازجة وكأنها توحي بأن المشكلة التي تطلبت التغيير في شخص رئيس الوزراء السابق ومعه شخص وزير المالية المغادر الدكتور محمد العسعس رغم أن الشارع حمل الرجلين -نقصد الخصاونة والعسعس- مسؤولية قرار يمكن تأجيله في آخر 48 ساعة من عمر الحكومة السابقة برفع أسعار السيارات الكهربائية والسجائر.
في كل حال، الزحام الوزاري مضاد أو معاكس للتوصيفات، ونصوص الرشاقة الإدارية التي أشرف رئيس الحكومة الحالي شخصياً على إنتاج معظمها والتزام الرجل بعقد ما سماه ورش عمل بين الوزراء والأمناء العامين لاحقاً لوضع أوصاف وظيفية وأخرى تنفيذية، هي خطوة غير مبررة للنص عليها؛ للرد على خطاب التكليف، وإن كانت توحي بأن أطقم وزراء “الديجتال” -كما يطلق عليهم شعبياً- حظوا بمكانة رفيعة في التشكيلة الجديدة.
ما لجأ إليه التركيب الوزاري النخبوي هو تكليف بعض الوزراء بملفات وليس بحقائب.
والمعنى هنا أن وزراء مثل التربية والتعليم والنقل والبيئة، لديهم مهام محددة بعد الآن، فيما الاستعانة بنكهات حزبية أو محسوبة على الشارع وحراكات الماضي مثل وزيري الثقافة والاستثمار، مصطفى الرواشدة ومثنى الغرايبة، هي محاولة متأخرة يقول فيها الرئيس المكلف إن حكومته تمثل الجميع.
فائض واضح في من يحملون لقب وزير الدولة، والكيمياء قد لا تتوفر بدرجة كبيرة لتحقيق التناغم في الطاقم الاقتصادي تحديداً بين مدرستين تمثلان الوزيرين: يعرب القضاة ومهند الشحادة، فيما لم يعرف الرأي العام بعد لماذا قذف بالوزير المختص الذي تابع سنوات ملف الاستثمار الدكتور خير أبو صعليك، إلى وزارة تطوير القطاع العام.
غالبية وزراء السيادة والخدمات الأساسية العامة ورثهم حسان عن حكومة الخصاونة، وظلوا في مواقعهم نفسها، وتم تعيين الحزبيين بدون أحزابهم، و9 وجوه جديدة دخلت لأول مرة، وملف البرلمان برمته أصبح في حضن وزير الدولة الجديد لشؤون البرلمان عبد المنعم العودات، فيما لم يعرف الأردنيون بصورة عامة لماذا غادر وليد المصري قبل سنوات قليلة موقعه في وزارة الحكم المحلي ولماذا عاد فجأة وعلى أي أساس؟
والسؤال الأخير ينطبق على عودة وزير العدل بسام التلهوني، الذي خوصم في عهد الخصاونة وأقيل من منصبه، لكنه عاد إلى المنصب نفسه الذي غادره.
وما بات واضحاً للمراقبين أن رئيس الوزراء اختار من الذين يعرفهم أو عمل معهم في الملفات والمحاور وورش العمل وعروض “البرزينتيشن” وخطط التطوير.
وباستثناء دلالة سياسية تتمثل بتمكنه من استقطاب الدكتور محمد المومني وزيراً للاتصال، وخالد البكار وزيراً للعمل، بمعية توزير العودات ومصطفى الرواشدة، فلا مفاجآت حقيقية.
ثمة ظروف واعتبارات بالتأكيد دفعت حسان للمغامرة بحكومة فيها زحام وزاري.
هل سيعين ذلك مسار التحديث السياسي أو ما سماه رئيس الحكومة نفسه بـ”المهمة التحديثية”؟
سؤال لا يمكن الإجابة عليه ولا يؤثر على الوقائع الدستورية التي تقول إن وزارة حسان عليها اعتماد وإعلان بيان وزاري، ثم التقدم لنيل ثقة مجلس النواب بناء عليه.
«القدس العربي»
في رده على خطاب التكليف الملكي، كرر الدكتور جعفر حسان تلك العبارة مرات لا تحصى.
وبحكم خروجه للتو من بيت ومركز القرار بعد سنوات بقي فيها مديراً لمكتب الملك، يمكن القول إن حسان يعرف مسبقاً ما هو المطلوب ويعلم حجم الجدية في التقييم عند القرار المرجعي في وثائق مسارات التحديث.
لذلك، وفي رده على الخطاب الملكي التكليفي، كرر حسان التزامه بالمسار التحديثي، لا بل تحدث عن سعي حكومته للعمل تحت ظل التحديث بإخلاص وتفان وعزم لا يكل، والأهم بخطوات إجرائية تنفيذية قابلة للقياس.
مهمة صعبة ومعقدة وكبيرة تنتظر، وفقاً للالتزام العلني، أول رئيس وزراء بعد انتخابات أولى في عهد التحديث السياسي في الأردن، يصفه أحد المقربين منه أمام “القدس العربي” بـ 6 كلمات “رجل تفاصيل.. لا ينام.. قليل الكلام”.
تلك الأوصاف لا تكفي لا لإنجاز ما تعهد به رئيس الحكومة في الرد على خطاب التكليف الملكي، ولا لضمان عبور آمن للحكومة عند الانحناء لجلسات مناقشة الثقة البرلمانية فيها مع مجلس نواب الكتلة الأهم فيه بتوقيع الإخوان المسلمين وبقية تياراته تمثل أحزاباً وسطية استقطب حسان بعض قادتها ورموزها للحكومة مشترطاً، بصيغة غير مفهومة، أن يختار هو وليس الأحزاب.
المواصفات الذاتية والشخصية في رئيس الوزراء يعلمها كل من عمل معه خلف الستائر.
لكن السؤال يصبح اضطرارياً عند التعمق والقراءة سياسياً: كيف سينجز الدكتور جعفر حسان مهمته التحديثية الصعبة بواسطة طاقم وزاري لا يتميز بالرشافة بعد، وعليه ملاحظات مبكرة منهجياً، خصوصاً في مرحلة صعبة سياسياً وإقليمياً واقتصادياً، من بين أبرز عناوينها خطة اليمين الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية؟
السؤال عريض وينافس بحجمه وتلغيزاته مجلس الوزراء العريض الذي وصل إلى 32 حقيبة وزارية في بلد انشغل فيه رئيس الوزراء الحالي لأكثر من عامين بالرشاقة الإدارية والتخطيط الاقتصادي.
لا أحد يعلم طبعاً الخلفيات التي دفعت حسان لحكومة ثقيلة الوزن وبدون دمج وزارات، وفيها تزاحم وزاري يماثل الحكومات الكلاسيكية بالعادة.
لكن الزحام هنا مع التركيز على المهام التحديثية قد يعيق الحركة، فجسم الحكومة الجديدة فيه فائض غير مفهوم من وزراء الدولة، وفيه عدد من ممثلي الأحزاب بحقائب وزارية دون أدنى تواصل مع مكاتب وهيئات أحزابهم.
تلك ملاحظات انطباعية مبكرة التقطها الصحافي النشط والنابه أحمد الطيب، عندما نشر تغريده سريعة يقول فيها إن ما حصل هو تعديل على الحكومة السابقة شمل هذه المرة شخص رئيس الوزراء.
قد تبدو ملاحظة الطيب متسرعة قليلاً، لكن الحكومة الأولى في عهد التحديث السياسي استعانت بـ 15 وزيراً على الأقل دفعة واحدة من وزراء الحكومة التي سبقتها، حسب الطيب، حتى بات الأمر أشبه بقراءة التشكيلة الطازجة وكأنها توحي بأن المشكلة التي تطلبت التغيير في شخص رئيس الوزراء السابق ومعه شخص وزير المالية المغادر الدكتور محمد العسعس رغم أن الشارع حمل الرجلين -نقصد الخصاونة والعسعس- مسؤولية قرار يمكن تأجيله في آخر 48 ساعة من عمر الحكومة السابقة برفع أسعار السيارات الكهربائية والسجائر.
في كل حال، الزحام الوزاري مضاد أو معاكس للتوصيفات، ونصوص الرشاقة الإدارية التي أشرف رئيس الحكومة الحالي شخصياً على إنتاج معظمها والتزام الرجل بعقد ما سماه ورش عمل بين الوزراء والأمناء العامين لاحقاً لوضع أوصاف وظيفية وأخرى تنفيذية، هي خطوة غير مبررة للنص عليها؛ للرد على خطاب التكليف، وإن كانت توحي بأن أطقم وزراء “الديجتال” -كما يطلق عليهم شعبياً- حظوا بمكانة رفيعة في التشكيلة الجديدة.
ما لجأ إليه التركيب الوزاري النخبوي هو تكليف بعض الوزراء بملفات وليس بحقائب.
والمعنى هنا أن وزراء مثل التربية والتعليم والنقل والبيئة، لديهم مهام محددة بعد الآن، فيما الاستعانة بنكهات حزبية أو محسوبة على الشارع وحراكات الماضي مثل وزيري الثقافة والاستثمار، مصطفى الرواشدة ومثنى الغرايبة، هي محاولة متأخرة يقول فيها الرئيس المكلف إن حكومته تمثل الجميع.
فائض واضح في من يحملون لقب وزير الدولة، والكيمياء قد لا تتوفر بدرجة كبيرة لتحقيق التناغم في الطاقم الاقتصادي تحديداً بين مدرستين تمثلان الوزيرين: يعرب القضاة ومهند الشحادة، فيما لم يعرف الرأي العام بعد لماذا قذف بالوزير المختص الذي تابع سنوات ملف الاستثمار الدكتور خير أبو صعليك، إلى وزارة تطوير القطاع العام.
غالبية وزراء السيادة والخدمات الأساسية العامة ورثهم حسان عن حكومة الخصاونة، وظلوا في مواقعهم نفسها، وتم تعيين الحزبيين بدون أحزابهم، و9 وجوه جديدة دخلت لأول مرة، وملف البرلمان برمته أصبح في حضن وزير الدولة الجديد لشؤون البرلمان عبد المنعم العودات، فيما لم يعرف الأردنيون بصورة عامة لماذا غادر وليد المصري قبل سنوات قليلة موقعه في وزارة الحكم المحلي ولماذا عاد فجأة وعلى أي أساس؟
والسؤال الأخير ينطبق على عودة وزير العدل بسام التلهوني، الذي خوصم في عهد الخصاونة وأقيل من منصبه، لكنه عاد إلى المنصب نفسه الذي غادره.
وما بات واضحاً للمراقبين أن رئيس الوزراء اختار من الذين يعرفهم أو عمل معهم في الملفات والمحاور وورش العمل وعروض “البرزينتيشن” وخطط التطوير.
وباستثناء دلالة سياسية تتمثل بتمكنه من استقطاب الدكتور محمد المومني وزيراً للاتصال، وخالد البكار وزيراً للعمل، بمعية توزير العودات ومصطفى الرواشدة، فلا مفاجآت حقيقية.
ثمة ظروف واعتبارات بالتأكيد دفعت حسان للمغامرة بحكومة فيها زحام وزاري.
هل سيعين ذلك مسار التحديث السياسي أو ما سماه رئيس الحكومة نفسه بـ”المهمة التحديثية”؟
سؤال لا يمكن الإجابة عليه ولا يؤثر على الوقائع الدستورية التي تقول إن وزارة حسان عليها اعتماد وإعلان بيان وزاري، ثم التقدم لنيل ثقة مجلس النواب بناء عليه.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات