إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • عربي و دولي

  • جرد حساب وتساؤلات عن تفويت فرصة تاريخية .. “ميزان الرعب المتبادل” يضبط التراشق بين تل أبيب وطهران

جرد حساب وتساؤلات عن تفويت فرصة تاريخية .. “ميزان الرعب المتبادل” يضبط التراشق بين تل أبيب وطهران


عمان جو - فيما تحيي إسرائيل الذكرى السنوية للسابع من أكتوبر، وفق التقويم العبري، اليوم، المعلن كيوم حداد قومي، تشهد جدلاً حول هجمتها في إيران، أمس، (“أيام الحساب”)، ومدى قوتها، وما ينبغي أن يكون بعدها.

منذ الدقيقة الأولى لضربة إسرائيل في إيران، تتواصل بينهما معركة على الرواية وعلى الوعي، فالأولى تحاول تضخيمها، والثانية تسعى لتقزيمها والاستخفاف بها، ما يعني أنهما غير معنيتين، في هذه المرحلة على الأقل، بالمزيد من تبادل اللكمات، كلٌ لأسبابه. والواضح أن هناك ميزان رعبٍ متبادل يلعب دوراً بحذرهما في الرد، في الفعل والقول.

بن كاسبيت: نتنياهو وقف مقابل مرمى فارغ، والتاريخ لن يغفر له تفويت الفرصة لتسديد هدف

هذا الرعب المتبادل من تبعات خطيرة لحرب كبرى، لجانب ضغوط الولايات المتحدة (على الطرفين)، التي لم تكن هذه الضربة تتم دون دعمها، أدى لهذا التصعيد المحسوب، ولضربة أقل مما كانت تهدد وتتوعد به إسرائيل من ردّ ساحق ماحق يدهش العالم، حيث كان وزير أمنها غالانت يقول، قبل أيام، إن إيران ستؤخذ على حين غرة، ولن تعرف من أين جاءتها الضربات، فيما تحدثَ نتنياهو عن مواصلة صياغة شرق أوسط جديد.

يبدو أن إسرائيل، كما إيران، تفعل أقل مما تقوله عندما تكون غير معنية في مرحلة معينة بنار أوسع، فالكلام العالي لاحتياجات داخلية بالأساس يأتي تعويضاً عن نقص في الفعل.

بعد ليلة الصواريخ الباليستية، أدركت إسرائيل أن بمقدور إيران توجيه ضربات خطيرة لها، فأخذت ذلك بالحسبان عند القرار بقصر الضربة المرتدة على أهداف عسكرية في إيران، خاصة أنها تحارب على جبهات استنزاف في لبنان، مثلما أخذت بالحسبان “العصا والجزرة” الأمريكية.

في المقابل، إيران أيضاً تتجه للحفاظ على كرامتها وماء وجهها، وليس المشاركة في حرب مباشرة مكلفة مع إسرائيل، فعينها على أوضاعها الداخلية، وعلى لبنان، وترغب بتضميد جراح “حزب الله”، وبالحفاظ على درّة التاج بالنسبة لها، مشروعها النووي، وعدم المغامرة به، ولذا فهي تواصل التقليل من خطورة الهجمة الإسرائيلية، ومن التهديدات القاطعة العلنية.

قُبيل الضربة الجوية، كان المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) في إسرائيل قد صادق بالإجماع على خطة الهجوم على أهداف عسكرية فقط، دون المساس بمنشآت اقتصادية ونووية، وفق ما كانت تريده الولايات المتحدة الرافضة لتصعيد أكبر من شأنه التسبّب بحرب إقليمية الآن تهدّد مصالحها في المنطقة، وتصبّ الماء على طاحونة ترامب، وربما ترجح كفّته في الانتخابات الرئاسية المحتدمة كما تبدو.

بعدما أشاد الناطق العسكري هغاري بالضربة في إيران، ينضم السواد الأعظم من الإعلام العبري اليوم للاحتفال بـ “النصر” و”المكسب”، مشيداً بقوة اليد الطولى لسلاح الجو، متساوقاً مع الرواية الرسمية بهذا الخصوص، مع طرح بعضها سؤالين: هل فوّتت إسرائيل فرصة بعدم ضرب المشروع النووي بسبب خوفها؟ وماذا بعد الضربة؟

نجاح للجيش فشل للحكومة
الكابينت قرر بالإجماع أهداف الضربة، لكن وزراء فيه غير راضين عن حجمها، طبقاً لتسريبات، وهم يكتفون بها بعدما فرض نتنياهو حظراً على المقابلات الصحفية، وهذا يدلل على رغبة إسرائيل بوقف تبادل اللكمات الآن، وربما ينتظر رئيس حكومتها عودة حليفه، ترامب، للبيت الأبيض، لاستكمال المهمة، والقيام بضربة أكبر، ضمن مساعي استدراج أمريكا نحو “الارتطام العظيم” مع إيران.

جدعون ليفي: للمرة الأولى، بعد عام من الحرب، تبدو إسرائيل في لحظة نادرة من المنطق وضبط النفس!

وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، الذي استخف بالضربة الإسرائيلية في إيران بعد “ليلة المسيّرات”، في الرابع عشر من أبريل/نيسان، ونعتها بنعت مستخف بـ “الضربة الدردلة”، قال، أمس، إنها فقط مجرد بداية لضربة إستراتيجية.

أما رئيس المعارضة يائير لبيد، فاعتبرها ضربة أقل قوة مما تحاول جهات رسمية تصويرها، بقوله إنها تدلل على قدرات مدهشة لسلاح الجو، وعلى قصور المستوى السياسي، لافتاً إلى أن ضرب منشآت عسكرية لا يكفي. وقبل ذلك، دعا لضرب منشآت اقتصادية، حتى لو كان ذلك محط خلاف مع الولايات المتحدة، التي ينبغي إدارة العلاقات التحالفية معها بطريقة مختلفة عما تقوم به حكومة نتنياهو التي تستخف بالبيت الأبيض وسط نكرانٍ للجميل الأمريكي.

وكعادته، جاء انتقاد رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” المعارض أفيغدور ليبرمان، وزير أمن سابق، أكثر حدة ووضوحاً، بقوله، في بيان رسمي: “بدلاً من جباية ثمن حقيقي من إيران، تكتفي إسرائيل مجدداً بعملية استعراضية، وعلاقات عامة، وباقتناء هدوء بدلاً من حسم واضح. إلى جانب القدرات الكبيرة للجيش، لا يمكن تجاهل الواقع الصعب أن إيران لا تتوقف، وتواصل المساعي لحيازة سلاح نووي ومنح أموال النفط لشركاء محور المقاومة”.

“أيام الحساب”
وتنشغل أوساط إسرائيلية غير رسمية، اليوم، أيضاً بعملية جرد حساب لـ “أيام الحساب”، ويشيد عددٌ كبير من المراقبين والمحللين الصحفيين بقدرات سلاح الجو، وسط اعتماد للرواية الرسمية حول نجاحات الضربة، مقابل تشكيك بعضهم بقوتها وباحتمالات استثمارها من قبل حكومة الاحتلال للقيام بخطوات سياسية.

هذه الضربة غير الواسعة التي شنتها إسرائيل دفعت حتى الصحفي الداعي للسلام، المناهض للصهيونية جدعون ليفي للقول، في مقاله في “هآرتس” اليوم، إنه “للمرة الأولى، بعد عام من الحرب، تبدو إسرائيل في لحظة نادرة من المنطق وضبط النفس”.

ويرى المحلل السياسي نداف أيال، في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن ضربة نيسان كانت صغيرة ودقيقة، وضربة تشرين كانت دقيقة وواسعة وقوية. كما يقول، استناداً لمصادر أجنبية، إنه قد تم تدمير نصف المنظومات الدفاعية الجوية، وضرب مصانع الصواريخ والمسيّرات في إيران، وكذلك منشأة نفطية واحدة كتلميح أو رسالة لها. معتبراً أن رسالة إسرائيل عبر الضربة واضحة بالنسبة لطهران أيضاً: “بحال هاجمت إيران في كل مكان وزمان، ستُضرب في كل مكان وزمان”.

ويرى أيال أن امتحان الحكومة الآن يكمن في إنتاج انتصار جوهري لها ولتحالف المعتدلين، وهذا يستدعي ليس فقط قدرات عسكرية، بل سياسية.

ويتابع: “على خلفية الضغوط الداخلية على خامنئي للتقدم نحو سلاح نووي، ورغبة نتنياهو بفتح نافذة فرص لمهاجمة منشآت إيران النووية، فإن أهمية القدرات السياسية المطلوبة تزداد أكثر فأكثر”.

ويتفق معه محلل الشؤون العسكرية في “هآرتس” عاموس هارئيل بقوله إن إسرائيل أرسلت لإيران تلميحاً، لكن تهديدها ما زال على حاله، وإن سلاح الجو أثبت قدراته الهجومية للمدى البعيد، وإيران ستستصعب تصليح منظوماتها الدفاعية الجوية بعدما تضرّرت بشكل كبير. موضحاً أن لامبالاة حكومة نتنياهو (هناك 15 ضحية جديدة للحرب في نهاية الأسبوع الأخير) تجسّد الثمن الدموي المروع المرافق للحرب اللانهائية.

ومضى محذراً: “بايدن، بعد قليل، سيدخل فترة البطة العرجاء (بعد الانتخابات)، لكن من الممكن بالذات أن يتحرك ضد نتنياهو”.

في افتتاحيتها، تعتبر “هآرتس” أنه قد تم سدّ الحساب مع إيران، والآن الوقت للتوقف. وتضيف: “نأمل أن ترى إيران أيضاً بذلك نهاية التراشق، نعم لوقف الحرب نعم لصفقة تبادل”.

كيف نحوّل المكسب إلى انتصار
ويكشف محلل الشؤون الاستخباراتية في “يديعوت أحرونوت” و”نيويورك تايمز”، رونين بيرغمان، تفاصيل الضربة: استهداف منظومات جوية في سوريا والعراق لشق الطريق لإيران، حيث طال نحو 100 طائرة 20 هدفاً فيها، في ثلاث موجات متتالية:

– أولاً: منظومات جوية في إيران، وهذا تلميح جديد للإيرانيين بعدما لم يفهموا رسالة الضربة في أبريل.

– ثانياً: ضرب مصانع الصواريخ الباليستية.

– ثالثاً: ضرب مصانع تنتج قطعاً تحتاجها عملية صنع سلاح نوويز

ويقول بيرغمان هو الآخر إن المهمة الآن هي تحويل “المكاسب العظيمة” إلى انتصار ثابت، منوهاً لحاجة ذلك لمجهود يدفع إيران للموافقة على وقف تزويد السلاح لمنظمات المقاومة، وللسؤال كيف ندفع “حزب الله” لاتفاق يلبي احتياجات إسرائيل الأمنية، وكيف نتمم صفقة تبادل، وكيف نقفل الحرب.

محلل إسرائيلي: على خلفية الضغوط الداخلية على خامنئي للتقدم نحو سلاح نووي، ورغبة نتنياهو بفتح نافذة فرص لمهاجمة منشآت إيران النووية، تزداد أهمية القدرات السياسية المطلوبة أكثر فأكثر

نتنياهو فوّت الفرصة لتصفية التهديد النووي الإيراني
ومن جملة المشكّكين بقوة الضربة الإسرائيلية في إيران المحلل السياسي في “يديعوت أحرونوت” بن درور يميني، الذي يقول إنه بدون ضربة ماحقة سترمم إيران محور المقاومة، وستصبح دولة عظمى نووية.

وتابع: “التهديد الإيراني ما زال موجوداً وخطيراً، ونحن لم نمس به”.

ويتقاطع معه المحلل السياسي البارز في القناة 12 العبرية بن كاسبيت، الذي يستعين بمجاز من عالم كرة القدم بقوله إن نتنياهو قد وقف مقابل مرمى فارغ، والتاريخ لن يغفر له تفويت الفرصة لتسديد هدف.

في المقابل؛ يوضح بن كاسبيت أن هناك إمكانية أن هجمة الأمس كانت معركة أولى في سلسلة هجمات مخططة، “وبحال كان هذا هو الوضع، فسأقوم بسحب انتقاداتي هذه”.

انهيار سور النار
وهناك من يرى بها ضربة مظفرة، أمثال العميد في الاحتياط، المحامي المختص في الشؤون الأمنية آفي خالو، الذي يقول، في مقال تنشره “يديعوت أحرونوت” اليوم، إنه بعد عام تجد إيران نفسها تسدّد ثمن “التحام الساحات”.. والآن يبقى الأمل أن تعيد واشنطن النظر بسياسات الاحتواء.

ويضيف: “حتى لو نجت وبقيت منظمات الإرهاب، فإن رؤية قاسم سليماني الطموحة في حالة تفكّك، بعد عقدين من الاستثمار الكبير بها”.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :