الديمقراطية مابين الجمهورية و الملكية
عمان جو - د محمد العزة
لاحقا بعد استقلال الدول العربية حدثت تغيرات على خارطة القوى السياسية و تغيرت قائمة مراكز الدولة المهيمنة على المنطقة العربية و تمركزها ما بين الشرق ( الاتحاد السوفياتي و أوروبا الشرقية و حلف وارسو ) و الغرب ( الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا الغربية و حلف الناتو ) بما سمي ثنائية القطبية و اندلاع الحرب الباردة بينهما ، تأثير هذه القطبية الثنائية والحرب الباردة ، أدى إلى تحولات سياسية في بعض الأنظمة العربية و خاصة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي بأن تحولت من الملكية إلى الجمهورية .
نجح المعسكر الغربي في حربه الباردة و أسقط المعسكر الشرقي في عقر داره في تسعينات القرن الماضي ، و استمر مخطط تفتيت حلفائه في و سقوط اغلب الدول العربية التابع له و آخرها الدولة السورية ( و للتاريخ كانت هذه الدول محاور التصدي للمشروع الصهيوني في المنطقة ) ، لاحقا دخولهم في حقبة جديدة من التحولات السياسية الديمقراطية .
نتاج أحادية القطبية و نظام الاتوقراط الأمريكي ، وقع الفراغ على مستوى تحديد هوية نمط النظام السياسي في تلك الدول العربية مما اتاح الفرصة لصعود ما يسمى تيار الاسلام السياسي بجميع تياراته واهمها الاخوان المسلمين ، ولعل هذا ما يفسر تصدر الأحزاب الإسلامية مشهد الوصول إلى السلطة بعد انهيار كل الأنظمة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي وفشلها ، ثم ليفشل هذا التيار أيضا ، لغياب المشروع السياسي المتجدد و استيعاب مخطط القوى المهيمنة بل انخرط في مشروعها حسب ما هو مرسوم بقصد ( التابعين له) أو غير قصد ( المؤمنين بالنمط التقليدي في إيجاد نظام إسلامي مبني على الشريعة ) ، لاحقا تم الانقلاب عليه ، و تم صناعة مصطلح ما سمي الاسلام فوبيا ، مما ادخل الوطن العربي في حالة فراغ سياسي تم تعبئته بما يوائم الحالة السياسية العامة.
حصيلة فشل قيادة هذه الأنظمة و تياراتها السياسية بشقيها القومي و الديني ، هي جملة من صراع الهويات الدينية و الاثنية حول السلطة لإثبات الأحقية و هو ما أدى إلى تفتيت المفتت مما أضعف وحدة الجغرافيا و الموقف السياسي العربي ولاحقا التراجع أمام المشروع الصهيوني .
إذا ما أردنا أن نخضع الانظمة الجمهورية إلى معايير الديمقراطية ، سنجد أنها جميعها شمولية و هذا ما امتاز به الفكر السياسى اليساري و القومي و فكر الاسلام السياسي ، وكلها ديمقراطيات شكلية لهذا سنجد أن ملف حقوق الإنسان والحريات عليها الكثير من الاسئلة و الانتقاد .
الأنظمة العربية الملكية إجمالا كانت أكثر استقرارا من الأنظمة العربية الجمهورية رغم أن حالة الديمقراطية فيها ليس تلك المثالية ، لكن بعيدا عن المجاملات و شهادات أبناء الوطن الاردني المجروحه ، يجمع القاصي والداني في الداخل والخارج أن الاردن يمثل نموذجا ديمقراطيا متقدما على بقية الأنظمة الملكية العربية سواء بما يخص الحريات و حقوق الإنسان أو ممارسة الحياة الديمقراطية و مواقفه تجاه القضية الفلسطينية.
الاردن صنع نموذجا لحكم ملكي معتدل ، ادمج وأشرك فيه جميع عناصر و أركان و قوى الحياة السياسية الأردنية و صهرها في فسيفساء فريدة متعددة عكست تنوع الألوان فيه ، الأمر الذي شكل نموذجا من القيادة التشاركية مابين سلطة الملك و صلاحياته و إشراك الشعب في أحقية التعبير عن توجهاته السياسية و حقوقه الخدماتية بطريقة ديمقراطية حضارية و ايضا المساهمة في تكوين نهج فكر و نهج مسار الأداء الحكومي ، بوجود رقابة برلمانات منتخبة وهذا كله جاء بفضل دستور يعتبر من أفضل الدساتير العربية وهو دستور ١٩٥٢ وتعديلاته لاحقا التي كانت استجابة لمتطلبات الظروف السياسية الداخلية و الخارجية .
بالنسبة لملف الحريات وحقوق الإنسان ، الأنظمة الجمهورية كان تحكم بالقبضة الأمنية المحكمة وذلك بسبب طبيعة نشأة هذه الأنظمة و حالة عدم الاستقرار الناشئة عن صراعات أقطاب السلطة والأحزاب المسيطرة فيها والفكر الشمولي .
في الأنظمة الملكية ملف الحريات وحقوق الإنسان فيه تفاوت واحيانا فجوات وذلك لأسباب عدة منها الثقافة السياسية والبيئة المجتمعية ومدى الانفتاح أو الانغلاق على العالم و المحيط الخارجي ومحاكاة التجارب والنماذج الديمقراطية للوصول إلى النموذج الأمثل في ترجمة و رسم هيكل السلطة الديمقراطية التشريعية و إعطاء انطباع إيجابي عن انسجام العلاقة مع باقي مؤسسات و هيئات السلطة التنفيذية ، أيضا مساهمة طبيعة القوانين و التشريعات التي يستند عليها القضاء في تلك الدول ، والتي أيضا استطاع الاردن تقديم نموذجا عالي المستوى في محاكاة الدول التي تمتلك سمعة محترمة في ملف الحريات وحقوق الإنسان و القضاء وسيادة القانون ، فالدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية امتازت بأنها ليست دولة دموية في علاج الملفات الأمنية ولطالما كان العفو و الصفح والمصالحة عرفا من أعراف إدراة سياستها و خلقا أصيلا من اخلاق قيادتها الحكيمة بالرغم أن الاردن شهد في مراحل عمره بعض الاحداث التي استوجبت فرض النظام و استخدام ما هو مناسب من الأدوات و التشريعات لغايات الوقاية و الحماية وضمان استقرار الدولة كما حدث في أحداث السبعين التي توجه بعدها مباشرة الراحل الملك حسين بن طلال رحمه الله بخطاب الوحدة لشعبه الاردني بجميع مكوناته و اطيافه ، وشرح ملابساتها وظروفها و تجاوزها ، و في أحداث معان ٨٩ تجاوزتها الدولة الأردنية بحكمة القيادة واستيعاب الحالة الشعبية و تدخله ميدانيا وبشكل شخصي رغم الضغوطات الاقتصادية وتأثيرها على المملكة و أطلق العملية الديمقراطية و عودة الحياة النيابية و الحريات الصحفية و الحياة الحزبية و ها هي المسيرة تستمر ، حتى في الربيع العربي وخبث مخططه في عهد الملكية الرابعة بقيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، الدولة الأردنية واجهته بالأمن الناعم و صدرت الأجندة الوطنية و الاوراق النقاشية الملكية تمهيدا لبناء بنية تحتية و طريق نحو الديمقراطية المتجددة و ماهيتها و نموذجها الاردني الذي نريد وأدواتها وكيفية ترجمتها حتى نصل إلى الملكية الدستورية الأردنية الخاصة بالدولة الاردنية بعيدا عن التجاذبات و المقارنات والتدخلات الخارجية أو محاولات البعض بفرض نموذجه الخاص هو الذي يناسبه.
في الاردن نرفع شعار المصلحة العامة غاية الحكم ، لهذا نشهد اليوم مرحلة التحديث السياسي التي جاءت بعد رؤية ملكية سامية هي ضرورة وطنية نحو دولة اردنية في مئوية ثانية لا تغفل الماضي و موروثه و أصوله ، لكن تتطلع إلى مواكبة الحداثة والتطور والمدنية ، و ربط الأجيال بعضها ببعض في ما يسمى انصهار الخبرات ، وهذا كله جعل الاردن قادر على معالجة اي أخطاء سواء أكانت حالة فردية صدرت عن شخص مسؤول أو مجموعة أو تيار سياسي ، داخل او خارج السلطة والسبب هو العقد الاجتماعي مابين السلطة والشعب و المرجعية الشرعية والقانونية للقيادة الهاشمية و اتباع الحاكمية الرشيدة المؤسسية في مؤسسات صنع القرار و متابعتها لشؤون الدولة و ملفاتها و مراجعتها و تقديم الحلول و أي تعديل اذا تطلب الامر لمعالجة اي خلل أو اشكال يمكن أن يؤثر على نهج و مسيرة السيرة الديمقراطية التي عهدناها و عرفناها و تعودنا عليها و نستشعر اي خطر اذا ما تم المحاولة المساس بها لأنها أصبحت لدينا كأردنيين من المسلمات.
لاحقا بعد استقلال الدول العربية حدثت تغيرات على خارطة القوى السياسية و تغيرت قائمة مراكز الدولة المهيمنة على المنطقة العربية و تمركزها ما بين الشرق ( الاتحاد السوفياتي و أوروبا الشرقية و حلف وارسو ) و الغرب ( الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا الغربية و حلف الناتو ) بما سمي ثنائية القطبية و اندلاع الحرب الباردة بينهما ، تأثير هذه القطبية الثنائية والحرب الباردة ، أدى إلى تحولات سياسية في بعض الأنظمة العربية و خاصة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي بأن تحولت من الملكية إلى الجمهورية .
نجح المعسكر الغربي في حربه الباردة و أسقط المعسكر الشرقي في عقر داره في تسعينات القرن الماضي ، و استمر مخطط تفتيت حلفائه في و سقوط اغلب الدول العربية التابع له و آخرها الدولة السورية ( و للتاريخ كانت هذه الدول محاور التصدي للمشروع الصهيوني في المنطقة ) ، لاحقا دخولهم في حقبة جديدة من التحولات السياسية الديمقراطية .
نتاج أحادية القطبية و نظام الاتوقراط الأمريكي ، وقع الفراغ على مستوى تحديد هوية نمط النظام السياسي في تلك الدول العربية مما اتاح الفرصة لصعود ما يسمى تيار الاسلام السياسي بجميع تياراته واهمها الاخوان المسلمين ، ولعل هذا ما يفسر تصدر الأحزاب الإسلامية مشهد الوصول إلى السلطة بعد انهيار كل الأنظمة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي وفشلها ، ثم ليفشل هذا التيار أيضا ، لغياب المشروع السياسي المتجدد و استيعاب مخطط القوى المهيمنة بل انخرط في مشروعها حسب ما هو مرسوم بقصد ( التابعين له) أو غير قصد ( المؤمنين بالنمط التقليدي في إيجاد نظام إسلامي مبني على الشريعة ) ، لاحقا تم الانقلاب عليه ، و تم صناعة مصطلح ما سمي الاسلام فوبيا ، مما ادخل الوطن العربي في حالة فراغ سياسي تم تعبئته بما يوائم الحالة السياسية العامة.
حصيلة فشل قيادة هذه الأنظمة و تياراتها السياسية بشقيها القومي و الديني ، هي جملة من صراع الهويات الدينية و الاثنية حول السلطة لإثبات الأحقية و هو ما أدى إلى تفتيت المفتت مما أضعف وحدة الجغرافيا و الموقف السياسي العربي ولاحقا التراجع أمام المشروع الصهيوني .
إذا ما أردنا أن نخضع الانظمة الجمهورية إلى معايير الديمقراطية ، سنجد أنها جميعها شمولية و هذا ما امتاز به الفكر السياسى اليساري و القومي و فكر الاسلام السياسي ، وكلها ديمقراطيات شكلية لهذا سنجد أن ملف حقوق الإنسان والحريات عليها الكثير من الاسئلة و الانتقاد .
الأنظمة العربية الملكية إجمالا كانت أكثر استقرارا من الأنظمة العربية الجمهورية رغم أن حالة الديمقراطية فيها ليس تلك المثالية ، لكن بعيدا عن المجاملات و شهادات أبناء الوطن الاردني المجروحه ، يجمع القاصي والداني في الداخل والخارج أن الاردن يمثل نموذجا ديمقراطيا متقدما على بقية الأنظمة الملكية العربية سواء بما يخص الحريات و حقوق الإنسان أو ممارسة الحياة الديمقراطية و مواقفه تجاه القضية الفلسطينية.
الاردن صنع نموذجا لحكم ملكي معتدل ، ادمج وأشرك فيه جميع عناصر و أركان و قوى الحياة السياسية الأردنية و صهرها في فسيفساء فريدة متعددة عكست تنوع الألوان فيه ، الأمر الذي شكل نموذجا من القيادة التشاركية مابين سلطة الملك و صلاحياته و إشراك الشعب في أحقية التعبير عن توجهاته السياسية و حقوقه الخدماتية بطريقة ديمقراطية حضارية و ايضا المساهمة في تكوين نهج فكر و نهج مسار الأداء الحكومي ، بوجود رقابة برلمانات منتخبة وهذا كله جاء بفضل دستور يعتبر من أفضل الدساتير العربية وهو دستور ١٩٥٢ وتعديلاته لاحقا التي كانت استجابة لمتطلبات الظروف السياسية الداخلية و الخارجية .
بالنسبة لملف الحريات وحقوق الإنسان ، الأنظمة الجمهورية كان تحكم بالقبضة الأمنية المحكمة وذلك بسبب طبيعة نشأة هذه الأنظمة و حالة عدم الاستقرار الناشئة عن صراعات أقطاب السلطة والأحزاب المسيطرة فيها والفكر الشمولي .
في الأنظمة الملكية ملف الحريات وحقوق الإنسان فيه تفاوت واحيانا فجوات وذلك لأسباب عدة منها الثقافة السياسية والبيئة المجتمعية ومدى الانفتاح أو الانغلاق على العالم و المحيط الخارجي ومحاكاة التجارب والنماذج الديمقراطية للوصول إلى النموذج الأمثل في ترجمة و رسم هيكل السلطة الديمقراطية التشريعية و إعطاء انطباع إيجابي عن انسجام العلاقة مع باقي مؤسسات و هيئات السلطة التنفيذية ، أيضا مساهمة طبيعة القوانين و التشريعات التي يستند عليها القضاء في تلك الدول ، والتي أيضا استطاع الاردن تقديم نموذجا عالي المستوى في محاكاة الدول التي تمتلك سمعة محترمة في ملف الحريات وحقوق الإنسان و القضاء وسيادة القانون ، فالدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية امتازت بأنها ليست دولة دموية في علاج الملفات الأمنية ولطالما كان العفو و الصفح والمصالحة عرفا من أعراف إدراة سياستها و خلقا أصيلا من اخلاق قيادتها الحكيمة بالرغم أن الاردن شهد في مراحل عمره بعض الاحداث التي استوجبت فرض النظام و استخدام ما هو مناسب من الأدوات و التشريعات لغايات الوقاية و الحماية وضمان استقرار الدولة كما حدث في أحداث السبعين التي توجه بعدها مباشرة الراحل الملك حسين بن طلال رحمه الله بخطاب الوحدة لشعبه الاردني بجميع مكوناته و اطيافه ، وشرح ملابساتها وظروفها و تجاوزها ، و في أحداث معان ٨٩ تجاوزتها الدولة الأردنية بحكمة القيادة واستيعاب الحالة الشعبية و تدخله ميدانيا وبشكل شخصي رغم الضغوطات الاقتصادية وتأثيرها على المملكة و أطلق العملية الديمقراطية و عودة الحياة النيابية و الحريات الصحفية و الحياة الحزبية و ها هي المسيرة تستمر ، حتى في الربيع العربي وخبث مخططه في عهد الملكية الرابعة بقيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، الدولة الأردنية واجهته بالأمن الناعم و صدرت الأجندة الوطنية و الاوراق النقاشية الملكية تمهيدا لبناء بنية تحتية و طريق نحو الديمقراطية المتجددة و ماهيتها و نموذجها الاردني الذي نريد وأدواتها وكيفية ترجمتها حتى نصل إلى الملكية الدستورية الأردنية الخاصة بالدولة الاردنية بعيدا عن التجاذبات و المقارنات والتدخلات الخارجية أو محاولات البعض بفرض نموذجه الخاص هو الذي يناسبه.
في الاردن نرفع شعار المصلحة العامة غاية الحكم ، لهذا نشهد اليوم مرحلة التحديث السياسي التي جاءت بعد رؤية ملكية سامية هي ضرورة وطنية نحو دولة اردنية في مئوية ثانية لا تغفل الماضي و موروثه و أصوله ، لكن تتطلع إلى مواكبة الحداثة والتطور والمدنية ، و ربط الأجيال بعضها ببعض في ما يسمى انصهار الخبرات ، وهذا كله جعل الاردن قادر على معالجة اي أخطاء سواء أكانت حالة فردية صدرت عن شخص مسؤول أو مجموعة أو تيار سياسي ، داخل او خارج السلطة والسبب هو العقد الاجتماعي مابين السلطة والشعب و المرجعية الشرعية والقانونية للقيادة الهاشمية و اتباع الحاكمية الرشيدة المؤسسية في مؤسسات صنع القرار و متابعتها لشؤون الدولة و ملفاتها و مراجعتها و تقديم الحلول و أي تعديل اذا تطلب الامر لمعالجة اي خلل أو اشكال يمكن أن يؤثر على نهج و مسيرة السيرة الديمقراطية التي عهدناها و عرفناها و تعودنا عليها و نستشعر اي خطر اذا ما تم المحاولة المساس بها لأنها أصبحت لدينا كأردنيين من المسلمات.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات