إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

النموذج الحزبي و نقد سمير الرفاعي السياسي الذاتي


عمان جو - د محمد العزة


"إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية ، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية "
لعل هذه المقولة من الأدب السياسي هي أول ما راودت فكر سمير الرفاعي رئيس الوزراء الاردني الأسبق و جالت في خاطره ، و استحضرها في ذهنه لحظة اصدار تصريحه ناقدا ، (نقدا موضوعيا) و مشيرا إلى ملاحظات غاية في الأهمية حول التجربة الحزبية التي جاءت بها نتائج الانتخابات النيابية ، و إطلاق مرحلة التحديث السياسية وتوصيات لجنتها الملكية التي هو رئيسها ، حيث ماجاء في تصريحاته إعادة لصياغة هذه العبارة كما يلي '" اذا لم نفهم الحزبية السياسية البرامجية كحزبين فهذا لا يعني أن نلغي الحزبية بل علينا أن نغير القائمين عليها " ، حيث أن الرفاعي لم يدافع عن المخرجات أو يهاجم الحزبية ، إنما كشف عن بعض العورات التي اوجدت فجوة مابين توصيات اللجنة و غايتها في تحقيق و ايجاد النموذج البرامجي الحزبي الاردني كهدف لهذه التجربة وما بين واقع الأداء في بناء و نهج الأحزاب أثناء فترة التصويب لاوضاعها و تأسيسها و الاستعداد لخوض غمار هذه التجربة .
الرفاعي كان ناقدا للادوات التي استخدمها المشاركين في هذه التجربة ، التي تعددت انواعها و أساليبها ، حيث هناك من اعتمد على الملاءة المالية و استغلال أوضاع المواطن المعيشية الصعبة في الترويج للحزبية و استقطابهم لها ، و ابتداع نظام المزادات لأجل الحصول على مقاعد متقدمة داخل القائمة الانتخابية ، و هناك من اشتغل و استغل الصبغة القدسية و راود الناس في عواطفهم الدينية و الوطنية ، و ظهر ابطال القضية الذين قسموا و خيروا الشارع مابين فريق الانتصار و فريق الانكسار .
هذا النقد أمر لا يعيب سمير الرفاعي كما حاول البعض الإشارة له والذهاب إلى ما هو ابعد منه و تحميله مسؤولية هذه النتائج كونه (رئيسا للجنة التي أوصت بها و اقترحتها ) و إظهاره أنه مهندس هذا المشروع الحزبي و عرابه ، و هذا غير دقيق إذ أن مشروع التحديث السياسي جاء وفق رؤية ملكية و ضرورة وطنية لمواكبة التحولات الديمقراطية التي تحتاجها الدولة الأردنية اليوم و مستقبلا ، و جهود جماعية و بدلالة مؤشرات أن الحزبية ستكون عنوان الحياة الأردنية السياسية ، و أنها ستكون الوصفة الوطنية المستقبلية وفيها المصدات للتحديات و الصعوبات القادمة ، و هي ذاتها الحزبية ستنهي تشوهات نتائج القرارات المزاجية لعقلية الفردية مستقبلا داخل السلطتين التنفيذية و التشريعية .
تصريحات الرفاعي اعتبرها الكثير على أنه أمر إيجابي من باب النقد الذاتي ، وهي رسالة استند فيها إلى تصريحات الملك " أن لا تراجع عن الحزبية " وهذا يعني ، وجوب عدم الوقوف عند المحطة الأولى و نتائجها بل يجب الاستعداد و الانطلاقة تجاه مرحلة لا تراجع فيها للوراء بل نحو مزيد من الخطوات للامام و الاجتهاد بشكل أكبر و الالمام بصورة أفضل بنقاط و مواضع الضعف و معالجتها و مفاصل القوة و دعمها ، للوصول إلى نماذج أكثر نضجا و عكسا لصلب حقيقية الحزبية السياسية البرامجية و نشاطها على الساحة الأردنية ، و معرفة ماهو المطلوب لدى المواطن لترسيخ فكرتها في ذهنه و ما تقدمه من حل و بالارقام.
الحل الذي ينتظره المواطن الأردني للتعامل مع فاتورة الكهرباء ، و ربطة رغيف الخبر ، و حملة الكاز والكساء في الشتاء ، و فاتورة العلاج و الشفاء ، و رسوم و جودة التعليم العالي و الاساسي و مساقات التعليم المهنية و الأكاديمية بما يتناسب مع فرص العمل و إنهاء ملف البطالة و جذب الاستثمارات و غيره من الملفات.

هذا و بعيدا عن مصطلحات المخالفات و العراقيل و الاتهامات لمن صنعها داخل الأحزاب التي أوجبت هذا النقد ، وجب على هؤلاء تغير الادوات ، و التخلص من سمات الذهنية و العقلية التقليدية ، حيث لن تغادر الأحزاب محاورها مادامت تستخدم ذات النمطية ، والوصول بقناعة إلى حاجة الاتجاه نحو البرامجية و البناء عليها كأساس في ممارسة الحزبية مولاة و معارضة للمشاريع و إخراجها من إطار التنظير الورقي إلى الاشتباك الفعلي مع الواقع الشعبي و مطالبه .
لن تغادر الأحزاب نمطيتها و مطيتها لهياكلها التنظيمية و أفكارها الايديولوجية و العقائدية ما لم تفك الحصار الذي فرضته على نفسها جراء بقاء فكر أسير الماضي و حضور هيكل في الحاضر ، و عدم الانسجام ما بين ما تقدمه من جوهر و ما ترسمه من مظهر ، و ظهر الأمر جليا واضحا في شكل قصور الأداء و ضعف الطرح و عدم القدرة على الإقناع و كسب التأييد للبرنامج أو فكر الحزب و العزوف عن المشاركة .
الحياة السياسية الحزبية مشروع يشكل مستقبل الاردن السياسي القادم و قالها الرفاعي ( أن الاردن اختار المستقبل بأدوات المستقبل) لكن بحاجة إلى إعادة النظر في نخبه وليس المطالبة في تغيره أو إسقاطه. الموضوع اليوم توضيح الحد الفاصل بين الفكر السياسي الحزبي البرامجي و الفكر الجهوي السلطوي الفردي و الفصل بينهما ، و هو أيضا قدرتك في بناء القيادة التشاركية و ملء مساحتك و توفير المناخ حيث ينمو فيها فكرك و يظهر و يسطع لونك الحزبي البرامجي فوق المسطرة الحزبية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، مع مراعاة اننا في زمن و مرحلة التحديث التي اذابت بياض جمود اليسار رغم حمرة رموزه ، و منحته من السيولة والمرونة بأن يتجه نحو الوسط ليظهر أكثر واقعية بعيدا عن الخطابات الحماسية و العدمية و الانفصال عن الواقعية ، لكن لم يستطع البعض الخروج من إطاره و مازال يظن أنه قلب الاسد الفرد الصمد يطوف حول فلك شخصيته الرمزية زمرة تبحث عن بعض المكاسب الشخصية و السيطرة المركزية و تبادل الأدوار في لعبة الاحجار .
بالانتقال إلى اليمين هذه المرحلة بعثت رسالة تطالبه خفض لهيب جمرة خطابه الديني السياسي الذي أوشكت أن تنطفأ ، بعدما أصبح الكل على دراية بأن هذا الخطاب هو اداته و وسيلته الوحيدة في كسب الشارع وتأييده له للحفاظ على مساحته و شعبيته و عدد مقاعده التي تتراوح بين الصعود و الهبوط حسب بورصة الأحداث و حجم استثماره فيها و حساب عوائدها عليه و خاصة في صناعة الوعي و السيطرة بحيث لا مكان لقبول الرأي الآخر أو الحوار معه ، و تحت طائلة الاتهام .
الوسط المحافظ أضاع كل الثوابت التي كانت تمثلها رمزية و هيبة الدولة الأردنية ، اضاعها عندما أركن و استكان و شعر بأن حوزته شهادة الائتمان الرابحة لكسب الرهان في السباق الانتخابي النيابي ، و مارس كل المخالفات (التي حذرت منها المؤسسات الرقابية المعنية و تأثيرها على العملية الانتخابية و رصدتها) بالاعتماد على أنه صاحب الحظ الأوفر في الارث و الحصة الأكبر في الورث ، و كان تركيزه كله على مظاهر الجاه و كشرة الجباه ، و جذور سلطته و ثقته بحظوته ، و أن الوصاية على عناصر الموالاة و الوطنية و مكاسبها منحصرة داخل صفاته و مواصفاته فقط ، ومن يشاركه المظاهر إياها ، و جاءت النتائج بأن كان صاحب النصيب الأوفر في حصاد الانتقاد .

الانتخابات النيابية حصدت شهادة الجودة الايزو 9001 للدولة الأردنية في النزاهة والشفافية.
و ما نراه من تبادل اللوم و ابتكار الأعذار لن يجدي ، و خاصة أن الأرقام عكست أداء الأحزاب و تأثيرها و مدى نضجها و قدرتها في تطويع مطالبين الناس لأرقام تحل المعادلة المستعصية لمشاكلهم ، اليوم المجال متاح لمن يريد أن ينخرط بشكل حقيقي في الحياة السياسية و تشكيل الأحزاب الأردنية و فق شروط و تعليمات ليس صعبة ، الاهم الابتعاد عن الإقصاء و الانتهازية و الأحادية و الأنانية و التأكبد على تكريس القيادة التشاركية و التعبير و البوح عن المسكوت عنه لدى المواطن الأردني بشكل فعلي و منطقي من مطالب حياتية تتعلق بحقوقه المعيشية ، عبر صياغة منظومة متكاملة من الخطوات هي برنامج يؤدي إلى حل المشكلات ، دون الاكتفاء بدور اصدار البيانات و إقامة الندوات داخل غرف الاجتماعات .
نمتلك من الكفاءات القادرة على صناعة نماذج حزبية عملية برامجية بإمكانها أن تحقق حالة سياسية اردنية تؤكد على قدرة التجديد للديمقراطية الأردنية في ملكيتها الرابعة الحالية و الخامسة مستقبلا تحت راية القيادة الهاشمية الحكيمة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :