إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • عربي و دولي

  • نيويورك تايمز: إسرائيل غيّرت قواعد الحرب في غزة بطريقة عرضت حياة المدنيين للخطر

نيويورك تايمز: إسرائيل غيّرت قواعد الحرب في غزة بطريقة عرضت حياة المدنيين للخطر


عمان جو - نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً لمجموعة من مراسليها قالت فيه إن إسرائيل تساهلت في القواعد لملاحقة مقاتلي “حماس”، بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما أدى إلى مقتل المزيد من المدنيين في غزة.

وقالوا إن الجيش الإسرائيلي أصدر، في الساعة الواحدة مساءً تماماً من يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، أمراً أطلق العنان فيه لواحدة من أكثر حملات القصف كثافة في الحروب المعاصرة.

واعتباراً من ذلك الوقت، صار لدى الضباط الإسرائيليين من ذوي الرتب المتوسطة سلطة ضرب آلاف المسلحين والمواقع العسكرية التي لم تكن أبداً أولوية في الحروب السابقة في غزة.

في عدد من المناسبات، وافق المسؤولون البارزون على هجمات ضد قادة “حماس” كانوا يعرفون أنها تعرض حياة 100 من المدنيين أو غير المقاتلين لخطر الموت

وبموجب الأمر، أصبح للضباط الآن فرصة ملاحقة ليس فقط كبار قادة “حماس” ومستودعات الأسلحة وقاذفات الصواريخ التي كانت محور الحملات السابقة، ولكن أيضاً المقاتلين من ذوي الرتب الدنيا. وسمح الأمر للضباط في كل ضربة بالمخاطرة بقتل ما يصل إلى 20 مدنياً. ولم يحدث أن صدر هذا الأمر، الذي ليس له مثيل في تاريخ إسرائيل العسكري. وقد منح ضباط الوسط صلاحية لضرب أكبر عدد من الأهداف ذات الأهمية العسكرية، وبثمن كبير على المدنيين. وكان هذا يعني، على سبيل المثال، ضرب الجيش المسلحين العاديين وهم في منازلهم ووسط أقاربهم وجيرانهم، بدلاً من استهدافهم فقط عندما يكونون بمفردهم في الخارج.

ففي الصراعات السابقة مع “حماس”، لم تتم الموافقة على العديد من الضربات الإسرائيلية إلا بعد أن خلص الضباط إلى عدم تعرض أي مدني للخطر.

وفي بعض الأحيان، كان الضباط يخاطرون بقتل ما يصل إلى خمسة مدنيين، ونادراً ما ارتفع الحد إلى 10 أو أكثر، على الرغم من أن عدد القتلى الفعلي كان أعلى من ذلك بكثير في بعض المرات.

لكن القيادة العسكرية غيرت، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قواعد الاشتباك، لأنها اعتقدت أن إسرائيل تواجه تهديداً وجودياً، بحسب مسؤول عسكري وضّح الأمر بشرط عدم الكشف عن هويته.

وقال المسؤول إنه، وبعد ساعات من دخول مقاتلي “حماس” إسرائيل وسيطرتهم على بلدات وقواعد عسكرية، وقتل 1,200 شخص واحتجاز 250 أسيراً، خشيت إسرائيل من غزو يأتي من الشمال تنفذه الجماعات الموالية لإيران، مثل “حزب الله” اللبناني.

وفي خطاب ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قال: “كل الأماكن التي انتشرت فيها حماس بمدينة الشر هذه، وكل الأماكن التي اختبأت فيها حماس وتعمل منها ستتحول إلى أنقاض”.

وقد توصل تحقيق أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن إسرائيل أضعفت بشدة نظام الضمانات الذي كان يهدف إلى حماية المدنيين، واعتمدت أساليب تعاني من القصور للعثور على الأهداف وتقييم خطر وقوع إصابات بين المدنيين. كما فشلت بشكل روتيني في إجراء مراجعات ما بعد الضربة وتقييم الأذى الذي لحق بالمدنيين أو معاقبة الضباط على المخالفات وتجاهلت التحذيرات من داخل صفوفها ومن كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشأن هذه الإخفاقات.

وراجعت الصحيفة عشرات السجلات العسكرية، وأجرت مقابلات مع أكثر من 100 جندي ومسؤول، بمن فيهم أكثر من 25 شخصاً ساعدوا في فحص الأهداف أو الموافقة عليها أو ضربها. وتوفر رواياتهم مجتمعة صورة لا مثيل لها لكيفية شن إسرائيل لواحدة من أعنف الحروب الجوية في هذا القرن.

ونقلت الصحيفة شهادات الجنود الإسرائيليين شريطة عدم الكشف عن هوياتهم. وقامت “نيويورك تايمز” بالتثبت من الأوامر العسكرية مع ضباط على معرفة بمحتواها.

ووجد التحقيق الذي قامت به “نيويورك تايمز” الآتي:

أولاً: وسعت إسرائيل بشكل كبير نطاق الأهداف العسكرية التي تسعى إلى ضربها في الغارات الجوية الاستباقية، وزادت في الوقت نفسه عدد المدنيين الذين قد تعرضهم أوامر الضباط للخطر في كل هجوم. وقد دفع هذا إسرائيل إلى إسقاط ما يقرب من 30,000 قذيفة على غزة في أول 7 أسابيع من الحرب، وهو ما يزيد عن عددها في الأشهر الثمانية التالية مجتمعة. كما أزالت القيادة العسكرية الحد على العدد التراكمي للمدنيين الذين قد تعرضهم ضرباتها للخطر كل يوم.

ثانياً: في عدد من المناسبات، وافق المسؤولون البارزون على هجمات ضد قادة “حماس” كانوا يعرفون أنها تعرض حياة 100 من المدنيين أو غير المقاتلين لخطر الموت.

ثالثاً: ضرب الجيش بوتيرة سريعة، كان من الصعب التأكد فيها إن كان يضرب أهدافاً شرعية. واستنفدت الغارات كل الأهداف العسكرية التي تم التأكد منها في قاعدة بيانات ما قبل الحرب خلال عدة أيام. وتبنى الجيش نظاماً لم تتم الموافقة عليه للبحث عن أهداف جديدة واستخدم الذكاء الاصطناعي على قاعدة واسعة.

رابعاً: اعتمد الجيش على نموذج إحصائي بدائي لتقييم خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، وفي بعض الأحيان شن غارات على أهداف بعد عدة ساعات من تحديد موقعها، الأمر الذي زاد من نسبة الخطأ. واعتمد النموذج بشكل أساسي على تقديرات استخدام الهاتف المحمول في الأحياء، بدلاً من المراقبة المكثفة لمبنى محدد، كما كان شائعاً في الحملات الإسرائيلية السابقة.

خامساً: منذ اليوم الأول للحرب، قلل الجيش الإسرائيلي ما يطلق عليه الطَرْق على الأسطح أو الطلقات التحذيرية التي منحت المدنيين فرص الهروب من هجوم محتوم. وعندما كان بوسع الجيش استخدام ذخائر أصغر حجماً وأكثر دقة لتحقيق نفس الهدف العسكري، كانت الضربات تتسبب أحياناً بأضرار أكبر من خلال إسقاط “القنابل الغبية”، فضلاً عن القنابل التي تزن 2,000 رطل.

وتعلق الصحيفة أن الحملة العسكرية ضد غزة كانت في أعلى مستويات كثافتها خلال الأشهر الأولى الخمسة من الحرب. وقتل أكثر من 15,000 فلسطيني، أو ثلث الحصيلة الكاملة للقتلى، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 فصاعداً، بدأت إسرائيل بالتقليل من الهجمات وتشديد قواعد الاشتباك، وخفض عدد المدنيين الذين قد يتعرضون للخطر عند ضرب المسلحين من ذوي الرتب المنخفضة الذين لا يشكلون أي تهديد وشيك، إلى النصف. لكن القواعد ظلت أكثر تساهلاً عما كانت عليه قبل الحرب.

ففي الأسابيع الأولى من الحرب، قُتل أكثر من 30,000 فلسطيني. وفي الوقت الذي شككت فيه إسرائيل بالأرقام، إلا أن أعداد القتلى استمرت بالارتفاع.

وعندما قدمت الصحيفة نتائج تحقيقها للجيش الإسرائيلي، رد ببيان مكتوب من 700 كلمة، اعترف فيه بأن قواعد الاشتباك تغيرت بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولكنه أكد أن قواته استخدمت وبشكل متناسق الوسائل والأساليب الملتزمة بقواعد القانون.

وأضاف البيان أن التغييرات جاءت في سياق صراع “غير مسبوق ولا يمكن مقارنته بمسارح أخرى للأعمال العدائية في جميع أنحاء العالم”، مستشهداً بحجم هجوم “حماس” وجهود المسلحين للاختباء بين المدنيين في غزة وشبكة الأنفاق الواسعة لـ “حماس”.

وكان أقارب شلدان النجار، أحد القادة في حركة مرتبطة بـ “حماس”، أول ضحايا تغير قواعد الاشتباك الإسرائيلية. فعندما ضرب الطيران الإسرائيلي بيته قبل 9 أعوام لم يصب أحد من أفراد عائلته بمن فيهم هو نفسه. ولكن عندما استُهدف البيت في الحرب الجديدة لم يُقتل النجار فحسب، بل و20 فرداً من عائلته، وذلك حسب شقيقه سليمان الذي عاش في البيت الذي ضُرب وشاهد آثار ما بعد الضربة مباشرة.

وتقول إسرائيل، المتهمة بارتكاب إبادة جماعية أمام “محكمة العدل الدولية”، إنها تتخذ الإجراءات قبل الضربات، من ناحية إفراغ مدن بكاملها وإسقاط الملصقات. وتتهم “حماس” بأنها المسؤولة عن سفك الدماء. ومع ذلك تقول الصحيفة إن قواعد التأكد من التزام الجيش الإسرائيلي بالقانون الدولي، والذي يشترك فيه الضباط ومحامون، لم يتم الالتزام به بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويتذكر عشرات المسؤولين الإسرائيليين أن بعض الضباط الذين شاركوا في الهجوم المضاد أصبحوا أقل صرامة في الالتزام بالبروتوكول العسكري. وفي حين حاول بعض القادة جاهدين الحفاظ على المعايير، استخدم خمسة ضباط كبار نفس العبارة لوصف المزاج السائد داخل المؤسسة العسكرية: “حربو ضربو”. وهي عبارة مشتقة من اللغة العربية، وتستخدم على نطاق واسع في العبرية لتعني مهاجمة العدو دون قيود.

وبحسب البروتوكول العسكري الإسرائيلي، فهناك أربع فئات لتجنّب تعريض المدنيين للخطر: مستوى صفر، الذي يمنع الجنود من تعريض المدنيين للخطر؛ مستوى واحد، ويسمح بقتل خمسة مدنيين؛ مستوى اثنين، ويسمح بقتل ما يصل إلى 10 مدنيين؛ مستوى ثلاثة، ويسمح بقتل 20 مدنياً على الأقل. وقد أصبح الأخير هو المعيار المعمول به بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.

شمل تعريف الهدف العسكري أبراج المراقبة والصرافين المشتبه في تعاملهم مع أموال “حماس”، ومداخل الأنفاق التي تديرها الحركة، والتي كانت غالباً ما تُخفى في المنازل

وفجأة، أصبح بإمكان الضباط أن يقرروا إسقاط قنابل تزن طناً واحداً على قطاع من البنية التحتية العسكرية، بما في ذلك مخازن الذخيرة الصغيرة ومصانع الصواريخ، علاوة على قتل جميع مقاتلي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

وكان تعريف الهدف العسكري يشمل أبراج المراقبة والصرافين المشتبه في تعاملهم مع أموال “حماس”، وكذلك مداخل شبكة الأنفاق تحت الأرض التي تديرها الحركة، والتي كانت غالباً ما تُخفى في المنازل.

ولم يكن الحصول على إذن من كبار القادة مطلوباً، إلا إذا كان الهدف قريباً للغاية من موقع حساس، مثل مدرسة أو منشأة صحية، رغم أن مثل هذه الضربات كانت تتم الموافقة عليها بانتظام أيضاً.

وكان الأثر حاسماً، فقد وثّقت إيروورز، التي ترصد النزاعات من مقرها في لندن، 136 هجوماً قُتل فيه على الأقل 15 مدنياً في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023. وتقول المنظمة إن الرقم هو خمسة أضعاف ما وثقته في أي نزاع آخر منذ بداية عملها قبل عقد من الزمان. وبحسب أربعة ضباط إسرائيليين شاركوا في اختيار الأهداف، سُمح أحياناً باستهداف حفنة من قادة “حماس”، طالما وافق كبار الجنرالات أو القيادة السياسية في بعض الأحيان.

وقال ثلاثة منهم إن واحداً من المستهدفين كان إبراهيم بياري، وهو قائد كبير في “حماس” قُتل في شمال غزة، في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، في هجوم قدرت منظمة إيروورز أنه أسفر عن مقتل 125 آخرين على الأقل. أمر آخر، أصدرته القيادة العسكرية العليا في الساعة 10:50 مساءً يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر ويعطي صورة عن حجم الخسائر المدنية التي تُعتبر مقبولة. وقالت إن الضربات على الأهداف العسكرية في غزة سُمح لها بتعريض ما يصل إلى 500 مدني للخطر كل يوم.

ووصف المسؤولون العسكريون الأمر بأنه إجراء احترازي يهدف إلى الحد من عدد الضربات التي يمكن أن تحدث كل يوم. وقال البروفيسور مايكل شميدت، الباحث في الأكاديمية العسكرية ويست بوينت لصحيفة نيويورك تايمز، إن الأمر قد يُفهم من قبل الضباط من ذوي الرتب المتوسطة على أنه حصة يجب عليهم الوصول إليها.

كما زاد الخطر على المدنيين بسبب الاستخدام واسع النطاق للجيش الإسرائيلي للقنابل التي يبلغ وزنها 1,000 و2,000 رطل، وكثير منها من صنع الولايات المتحدة، والتي شكلت 90% من الذخائر التي أسقطتها إسرائيل في الأسبوعين الأولين من الحرب.

وبحلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر، قال ضابطان إن القوات الجوية ألقت عدداً كبيراً من القنابل التي يبلغ وزنها طناً واحداً حتى أنها بدأت تعاني من نقص في مجموعات التوجيه التي تحول الأسلحة غير الموجهة، أو “القنابل الغبية”، إلى ذخائر موجهة بدقة. وهو ما أجبر الطيارين على الاعتماد على قنابل أقل دقة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :