إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

المال والسياسة بين عمان ودمشق


الكاتب : ماهر ابو طير

عمان جو - في الأردن مئات رجال الأعمال السوريين، ممن انتقلوا إلى الأردن بعد 2011، وجميعهم لهم مشاريع اقتصادية، واستثمارات مختلفة، وبعضهم أصبح أردنيا بفعل القانون الذي يسمح بهذا.


أغلب هؤلاء لن يعودوا إلى سورية حاليا، وجميعهم يترقب الوضع، في الوقت الذي تحاول فيه تركيا تحديدا السيطرة الاقتصادية على سورية، توطئة لمرحلة إعادة الإعمار إذا استقرت سورية، وتوافق العالم على الكلف، والتمويل، والمشاريع المفترضة، وتلك المنتظرة، وهذا يعني أن التسلل التركي الاقتصادي إلى سوريا وهو مشروع بكل الأحوال لأي دولة، سيؤدي إلى تغييرات واسعة في بنية الاقتصاد السوري، مع وجود مخاوف من جانب أطراف ثانية، من شراء الأتراك لأصول اقتصادية، أو إنتاج الخصخصة والدخول إليها بوسائل متعددة.

رجال الأعمال السوريون في الأردن، جزء من تركيبة كبرى لرجال الأعمال السوريين المنتشرين داخل سورية، وفي العالم العربي والمهاجر، ولديهم رؤوس أموال ضخمة جدا، وأغلبهم لم يكن على صلة بسورية في زمن الرئيس الراحل، ولا الذي سبقه، لاعتبارات معروفة، وإن كان رابطهم العاطفي مع سورية ما يزال قائما ومستمرا بطبيعة الحال.
أغلب رجال الأعمال السوريين في الأردن، لن يعودوا حاليا، حتى تتضح الصورة، ونحن أمام سلوك متوقع من جانب هؤلاء، إذ على ما يبدو أن أغلبهم لن ينقل أي استثمار إلى سورية حاليا، وقد يؤسس استثمارا ثانيا في بلاده إذا استقرت الأمور، فيما سيبقي استثماره هنا في الأردن ما دام رابحا، ومفيدا، كما أن عددا كبيرا من هؤلاء يقول إن الوضع يحتاج إلى فترة ليست قصيرة من أجل اتخاذ قرار حول أموالهم أو استثماراتهم، وسط مخاوف من تشظي سورية داخليا، وذهابها إلى نزاعات قومية ودينية ومذهبية، بتوليد من قوى خارجية وداخلية.
ما دمنا نتحدث عن الجانب المالي والاقتصادي والتجاري في سورية، فإن الأردن عليه التحرك اقتصاديا، بشكل أسرع من الجانب السياسي، وإن كنا نعرف أن المظلة السياسية هي التي تحدد حركة الاقتصاد، وذلك على مسربين أولهما تنشيط التجارة بين البلدين في الوقت الحالي بأعلى درجة ممكنة، وإرسال وفود أردنية اقتصادية إلى دمشق، واستقبال وفود، وتطوير العلاقات على مستوى التبادل، وما له علاقة بكل الرسوم والضرائب والممكنات والحوافز وغير ذلك، وتجاوز الشكل التقليدي للتجارة، فالقصة ليست مرور شاحنة محملة بالتفاح من الأردن إلى سورية، أو من سورية إلى الأردن أو دول عربية ثانية، خصوصا، مع احتياجات سورية اليوم على مستوى التجارة، وإعادة البناء، والخدمات، والسلع بكل أنواعها، والقدرة على تنفيذ مشاريع مشتركة في قطاعات متعددة، مثل المياه، والسياحة، والعلاج، والكل يدرك طبعا وجود مصاعب في الخزينة السورية، على صعيد المال، والقدرة على الدفع، لكن العلاقات المباشرة بين القطاعين الاقتصاديين في البلدين، ستجد الحلول لكل وضع قائم أو طارئ.
يقال هذا الكلام في الوقت الذي تتدفق فيه السلع من تركيا الى سورية، حتى وصل الإسمنت التركي إلى درعا، وإذا كان الاقتصاد الأردني أصغر من التركي بكثير، إلا أن الجوار الأردني السوري يوفر مزايا أيضا، يتوجب التحرك أمامها وعدم تعطيلها، على مستوى الشركات والمؤسسات، خصوصا، أن احتمال استقرار سورية يأخذنا إلى إعادة الإعمار، ومشاريعه، وهي مرحلة لاحقة في هذا المشهد داخل سورية، بعد كل هذه الظروف.
التوتر من استبدال النفوذ الإيراني بالنفوذ التركي، توتر مبالغ به، وسيزيد تعقيدات الاقتصاد الأردني، لأننا إذا بقينا متفرجين فإن هذا الاستبدال لن يكون سياسيا وحسب، بل سنراه اقتصاديا بشكل واضح، بما يجعلنا نفترض أن الجهات الرسمية في الأردن عليها واجب المبادرة والإعلان عن خطوات كثيرة، فنحن أقرب إلى السوريين لاعتبارات كثيرة، مع حاجة الأردن إلى ترقية العلاقة مع تركيا أيضا، حتى لا تكون مانعا في وجوهنا، كما فعل غيرها.
ثنائية المال والسياسة بين الأردن وسورية، حساسة جدا هذه الأيام، ولا بد من وصفة مبتكرة لتجاوز كل الحسابات التي قد تؤدي إلى خسارتنا كما في تجارب سابقة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :