المحسيري توجه رسالة لوزير التعليم العالي
عمان جو- قدمت النائبة بين المحسيري اليوم ثلاث ركائز أساسية تؤدي إلى تعافي الاقتصاد الأردني.
وشملت الركائز أن المواطن يدفع الضرائب لكنه لا يحصل على خدمات مرضية ولا الاستفادة بسبب ضعف مستوى الخدمات العامة الأساسية بالقطاع الحكومي مما يجعله يلجئ للقطاع الخاص.
وجهت المحسيري سؤالًا نيابيًا لوزير التعليم العالي حول مشكلة المواصلات لطلبة جامعة البلقاء التطبيقية.
وتساءلت المحسيري عن علم الوزارة بوجود مشاكل وصعوبات بخطوط النقل من وإلى جامعة البلقاء التطبيقية "المركز".
كما تساءلت عن علم الوزارة أن مبنى كلية الطب التابع لجامعة البلقاء التطبيقية المحاذي لمستشفى لسلط الجديد الذي افتتحه رئيس الوزراء هل تم حل مشكلة المواصلات لنقلهم من وإلى المبنى رغم البدء بتشغيله منذ ثلاث سنوات تقريباً.
واستفسرت عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمعالجة المشكلات المذكورة في البندين السابقين وأين وصلت الوزارة بتنفيذ تلك الإجراءات إن وجدت.
واستعلمت عن قيام الوزارة بدراسة إمكانية توفير حافلات نقل مخصصة للطلبة من وإلى الجامعة المركز بالإضافة إلى كلية الطب على غرار الجامعة الهاشمية وجامعة العلوم والتكنولوجيا.
و تالياً نص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الرئيس الزملاء الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
في بداية حديثي وباسم لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية ندين الاجرام الوحشي الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الأطفال والنساء والرجال من المرضى والكوادر الطبية والإعلامية في مستشفى كمال عدوان وكافة المرافق المدنية، ونطالب الحكومة من خلال الرئاسة باتخاذ كافة الإجراءات الرادعة للعدو عن المزيد من التمادي في غزة وسائر دول المنطقة.
وأقدم بين يدي مجلسكم الكريم ثلاث ركائز حتمية لتعافي الاقتصاد الأردني؛ بعد تراكم أسباب التعثر والتعقيد جعلت الاقتصاد سبب رئيسي يعيق عمليات التحديث الشامل. والركائز الثلاث وهي:
أولاً: يستند الاقتصاد الأردني في موارده على الضرائب بشتى أنواعها كحال غالبية الدول في العالم؛ إلا أن الخلل يكمن في أن المواطن الأردني الذي يصنف كأعلى دافع ضرائب في المنطقة لا يحصل على مستوى مرضي من الخدمات في القطاع العام تجعله يشعر بالاستفادة من العائد الخدمي لهذه الضرائب، وذلك بسبب ضعف مستوى الخدمات العامة الأساسية خاصة في قطاع التعليم والصحة والنقل وغيرها. مما يدفعه للجوء لخدمات القطاع الخاص مخلفاً القطاع العام للمضطر الذي لا يجد عنه بديلاً، ولو تمكن دافع الضرائب الأردني من الاستفادة من الخدمات الحكومية الأساسية، ولمس أثراً ايجابياُ للضرائب في تحسين الخدمات العامة لمستوى يستغني فيه عن القطاع الخاص ولو نسبياً، لاعتبرها بمثابة استثمار ضريبي وسعى لتسديدها دون التحايل لممارسة "التهرب الضريبي" الذي أضر ويضر بالموازنة العامة لارتفاع معدلاته. ولأصبحت العوائد الضريبية المخصصة لتغطية النفقات الجارية والرواتب في الموازنة شكل من أشكال الشراكة بين المواطن والدولة لرفع سوية القطاع العام وتحسين نوعية الحياة.
ثانياً: القروض الربوية التي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني، وما تستتبعه من فوائد تسمى خدمة الدين الذي تفاقم ليصبح أعلى بند إنفاق في الموازنة، وتَراكمَ لمستويات جعلت الاقتصاد عاجزاً عن التعافي؛ مما يجعل البحث عن مصادر تمويل وخيارات بديلة عن القروض الربوية مساراً حتمياً لتحقيق تعافي الاقتصاد لا بديل عنه. وذكر دولة الرئيس في خطاب الثقة توجه الحكومة لإيجاد مصادر تمويل عربية وصديقة ووطنية بديلة عن صندوق النقد الدولي، لتخفيف استنزاف أموال الخزينة بخدمة الدين، ونضيف على هذا التوجه تحويل تدريجي للقروض الربوية لأشكال استثمار ربحية، تجعل الجهات المُقرِضة والمانحة شريكة في الاستثمار، للخروج من فخ خدمة الدين، والعمل على أساس نظام القرض الحسن والمضاربة بدل الربا الذي يمحق المال العام. وتحقيق عائد استثماري اجتماعي للقروض بتوفير فرص عمل، وتقليل نسب البطالة المتفاقمة.
ثالثاً: مكافحة الفساد المالي والإداري في القطاع العام؛ بتطوير عمل ديوان المحاسبة باعتباره أهم الاستثمارات الحكومية التي ستُفضي لرفع مستوى ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين بالاقتصاد الأردني وجذبهم، وتوقيف الهدر بالمال العام، وذلك من خلال:
تطوير عمليات الرقابة والرصد لديوان المحاسبة بجعلها قبلية وليست بعدية؛ بما يفضي لمنع حدوث تجاوزات مالية وإدارية في القطاع العام، بدلاً من استنزاف الوقت والجهد لاستعادة الأموال المنهوبة، وتصويب القرارات الجائرة، بحيث يتم رصد احتمالية حدوث الفساد وتصويبه لمنعه قبل وقوعه.
رفع إنتاجية موظفي القطاع العام؛ بالضبط الإداري لساعات الدوام الفعلية ومستوى الإنجاز فيها.
تحديد سقف أعلى للأجور الحكومية والامتيازات والمخصصات المالية؛ بما يضمن ضبط سقوف الفساد في حال فشل إيقافه.
تشجيع المواطنين على المساهمة في عمليات المراقبة ورصد حالات الفساد المالي والاداري والابلاغ عنها؛ من خلال التوجيه الإعلامي والمعنوي والوعظي لتفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واشراكهم بالاستفادة المادية والمعنوية المتحققة من مكافحة الفساد.
تنفيذ وتغليظ العقوبة المترتبة على حالات الفساد الاداري وسرقة المال العام التي ثبت وقوعها بما يضمن تحقيق حالة الردع للمعتدين؛ فلو قطعت يد سارق واحد للمال العام لكففنا أيدي جميع الفاسدين واللصوص والسارقين عنه، ولو عوقب أحدهم عقوبة رادعة لما تجرأ غيره على التفكير بتكرار المحاولة. فالعقوبة غير المنفذة وغير الرادعة هي سبب ضعف الأثر الفعلي لديوان المحاسبة في الحد من الفساد المالي والإداري وحفظ المال العام. فكم من سارق وفاسد ومتعدي نُشر أسمه وتناقلت وسائل الاعلام وثائق أفعاله بتفاصيلها، وما زال المواطن يجده في مختلف المواقع دون عقوبة ولا خجل، وتولي بعضهم للمواقع والوظائف العامة ومكافأته بدل عقابه بعد أن علم الناس بفساده، مما خلق حالة من الاستهتار واستمراء السرقة والفساد إن لم نقل التشجيع عليه. فكيف يمكن الحصول على ثقة المواطنين قبل المستثمرين بعد ذلك.
سيدي الرئيس زملائي الكرام...
رأس مال الأردن الرئيسي هو الانسان؛ والانسان بالفعل هو أغلى ما يملكه الأردن، والاستثمار في "الفرصة السكانية" القادمة على الأردن بحلول عام 2040 ومقدماتها الحالية يتطلب بناء السياسات الاقتصادية للحكومة على أساس نتائج تحليل الخصائص السكانية؛ حيث بلغ العمر الوسيط للسكان في الأردن حالياً 22.4 سنة، 54% منهم أعمارهم أقل من 24 سنة؛ مما يجعل قطاع رياض الاطفال والتعليم المدرسي والجامعي بكافة أبعاده القطاع الأهم الذي يمس حياة غالبية المواطنين، وبالتالي يستوجب الاستثمار في ادارته وتوجيهه لتحقيق تحسين في نوعية الحياة.
أما معدل الاعالة الديمغرافي لعام 2024 بلغ 61.4%؛ ما يعكس حجم الأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق الأسرة بصفتها أكبر مؤسسة ضمان اجتماعي خاصة للأطفال وكبار السن والمعاقين، مما يستوجب الاستثمار في تمكين الأسرة اقتصادياً لأداء أدوارها وتحمل مسؤولياتها الاقتصادية تجاه أفرادها، وتخفيف نسب التفكك الأسري باعتبارها مصلحة وطنية عليا لمساندة الحكومة في توفير متطلبات العيش لفئة المُعالين. من خلال رفع المخصصات المالية لأعضاء مكاتب الإصلاح الأسري في المحاكم الشرعية.
ومن الطبيعي أن تتجه أولويات الحكومة للتشغيل وتوفير فرص عمل لائق لفئة الشباب الذين يمثلون الغالبية العظمى من سكان الأردن حالياً، بما نسبته 33.4% ممن أعمارهم تتراوح بين 19-40 سنة، ويشكل الذكور ما نسبته 53% من السكان، ونسبة من هم في سن العمل 15 سنة فأكثر بلغت 65.7% من السكان. ومن المفترض أن تصل هذه النسبة الى الذروة بحلول الفرصة السكانية عام 2040. مما يشي بتفاقم نسب البطالة ما لم تبادر الحكومة بمعالجة أسبابها. ويفرض على الحكومة ضرورة اعتماد سياسات مالية غير تقليدية لتحقيق نسب تشغيل لمن هم في عمر العمل، وذلك بتبني السياسات الاقتصادية الاجتماعية المقترحة الآتية:
رفع كفاءة مخرجات التعليم المدرسي والجامعي لاستقطاب الطلبة العرب والأجانب، واجراء مراجعة شاملة للسياسات التعليمية لمواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل الفعلية، وتوجيه الطلبة للتعليم المهني وتشجيعهم عليه بتحسين ظروف الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع المهني؛ وبما يضمن منح الخريجين قدرة تنافسية في السوق المحلي والعالمي، وبما يمكِّن أصحاب العمل من تعبئة الشواغر وتغطية حاجات السوق من الكفاءات المحلية، والاستغناء عن العمالة الوافدة في مختلف القطاعات والمناطق الصناعية والتنموية.
الاستثمار في الكفاءات العلمية والعملية ومعالجة هجرة العقول وإيقاف الهدر بالطاقات الأردنية التي اثبتت تميزها خارج الأردن بمختلف القطاعات؛ فتعقيدات الحالة الاقتصادية في الاردن تستدعي الاستثمار بالطاقات والمحافظة عليها والتمسك بها بدلاً من التفريط فيها لصالح الواسطة والمحسوبية والمعايير غير الموضوعية كالتنفيعات والمخاوف الأمنية وتصنيفها غير المبرر للمواطنين، والذي حرم القطاع الحكومي العام من توظيف الكثير من الكفاءات والمخلصين.
تأسيس صناديق لاستثمار أموال المغتربين وتحويلاتهم وتشجيعهم على الاستثمار بالأردن؛ من خلال تحسين ظروف البيئة الاستثمارية وتسهيلها، واستقرار التشريعات بما يحقق مصلحة أطراف الاستثمار، وإزالة المعيقات التي تحول دون عودة المغتربين للأردن لاستثمار مدخراتهم فيها.
تصميم سياسات عمل صديقة للمرأة لتعزيز مشاركتها الاقتصادية الإيجابية؛ بحيث تراعي وتلتزم الضوابط الشرعية، والثقافة المجتمعية، وخصائص المرأة ونقاط تفوقها ومتطلباتها، بدلاً من معاكستها والتناقض معها. وإعطاء الأولوية في التشغيل للنساء العزباوات والأرامل والمطلقات خاصة في المجالات التي تفضل فيها عمل النساء، وتوفير ظروف عمل ملائمة للزوجات والامهات الراغبات بالعمل تمكنهم من العمل ومساعدة أسرهن مع أداء الواجبات الأسرية الأكثر حيوية وأهمية بالنسبة للأسرة والمجتمع.
تحقيق التكامل في تطبيق السياسات المالية في عمل القطاعات المختلفة؛ من خلال التشبيك والربط بين الوزارات لتنفيذ المشاريع والخطط والبرامج الاقتصادية المشتركة، بما يحقق تخفيض الانفاق العام، ويخدم تحقيق الأهداف والغايات الاقتصادية؛ منها التشبيك بين وزارة العمل وصندوق المعونة الوطنية لتشغيل الأسر المستفيدة من الصندوق لغايات تعافيها، والتشبيك بين وزارة الأوقاف وصندوق الزكاة ووزارة الاستثمار ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية للاستفادة من الوقفيات واستثمارها لصالح توفير فرص عمل للشباب، وتطوير المشاريع الاستثمارية لخدمة تقليل نسب البطالة، والحل الجذري لمشكلة الفقر والفاقة على قاعدة عبد الرحمن بن عوف "دلني على السوق وبارك الله لك في أهلك ومالك".
استئناف الاستثمار بالسياحة العلاجية التي ثبت فعاليتها عندما تم تفعيلها سابقاً في القطاع الصحي.
التركيز على الاستثمار في السياحة الداخلية والتسويق لها، خاصة بعد الكشف عن نسب الإنفاق العالية للأردنيين في السياحة الخارجية؛ فلو علم منتسبي الضمان الاجتماعي على سبيل المثال أن حجزهم بالفنادق المملوكة لمؤسسة الضمان ستعود بالمنفعة عليهم لما استبدلوها بفنادق أخرى، ولساهموا في إنجاح هذه الاستثمارات.
إنشاء الشركات المساهمة العامة لتفعيل مشاركة المواطنين في تمويل الاستثمارات الوطنية الكبيرة والاستفادة من عوائدها؛ حيث كان انشاء آخر شركة من هذا النوع في عام 1987م، ولم يتم إنشاء أي منها بعد ذلك.
رفع مخصصات البلديات في النفقات الرأسمالية وتحسين ظروف التعليم والتشغيل لأبنائهم؛ بما يحقق معالجة الخلل في التوزيع السكاني بين المحافظات، وبما يمكن أبناء المحافظات والبلديات من الاستفادة من عوائد المشاريع الاستثمارية الموجودة في مناطقهم.
حمى الله الأردن من كل مكروه، وحفظه من كل سوء، وأعاننا جميعاً على تحمل مسؤولياتنا، وأداء الأمانة التي حمَّلنا إياها الشعب الأردني بعد الله عز وجل، عندما منحنا جميعاً شرف تمثيله ورفع صوته تحت القبة، ومكننا من التحدث باسم الشعب الذي هو مصدر السلطات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وشملت الركائز أن المواطن يدفع الضرائب لكنه لا يحصل على خدمات مرضية ولا الاستفادة بسبب ضعف مستوى الخدمات العامة الأساسية بالقطاع الحكومي مما يجعله يلجئ للقطاع الخاص.
وجهت المحسيري سؤالًا نيابيًا لوزير التعليم العالي حول مشكلة المواصلات لطلبة جامعة البلقاء التطبيقية.
وتساءلت المحسيري عن علم الوزارة بوجود مشاكل وصعوبات بخطوط النقل من وإلى جامعة البلقاء التطبيقية "المركز".
كما تساءلت عن علم الوزارة أن مبنى كلية الطب التابع لجامعة البلقاء التطبيقية المحاذي لمستشفى لسلط الجديد الذي افتتحه رئيس الوزراء هل تم حل مشكلة المواصلات لنقلهم من وإلى المبنى رغم البدء بتشغيله منذ ثلاث سنوات تقريباً.
واستفسرت عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لمعالجة المشكلات المذكورة في البندين السابقين وأين وصلت الوزارة بتنفيذ تلك الإجراءات إن وجدت.
واستعلمت عن قيام الوزارة بدراسة إمكانية توفير حافلات نقل مخصصة للطلبة من وإلى الجامعة المركز بالإضافة إلى كلية الطب على غرار الجامعة الهاشمية وجامعة العلوم والتكنولوجيا.
و تالياً نص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الرئيس الزملاء الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
في بداية حديثي وباسم لجنة المرأة وشؤون الأسرة النيابية ندين الاجرام الوحشي الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الأطفال والنساء والرجال من المرضى والكوادر الطبية والإعلامية في مستشفى كمال عدوان وكافة المرافق المدنية، ونطالب الحكومة من خلال الرئاسة باتخاذ كافة الإجراءات الرادعة للعدو عن المزيد من التمادي في غزة وسائر دول المنطقة.
وأقدم بين يدي مجلسكم الكريم ثلاث ركائز حتمية لتعافي الاقتصاد الأردني؛ بعد تراكم أسباب التعثر والتعقيد جعلت الاقتصاد سبب رئيسي يعيق عمليات التحديث الشامل. والركائز الثلاث وهي:
أولاً: يستند الاقتصاد الأردني في موارده على الضرائب بشتى أنواعها كحال غالبية الدول في العالم؛ إلا أن الخلل يكمن في أن المواطن الأردني الذي يصنف كأعلى دافع ضرائب في المنطقة لا يحصل على مستوى مرضي من الخدمات في القطاع العام تجعله يشعر بالاستفادة من العائد الخدمي لهذه الضرائب، وذلك بسبب ضعف مستوى الخدمات العامة الأساسية خاصة في قطاع التعليم والصحة والنقل وغيرها. مما يدفعه للجوء لخدمات القطاع الخاص مخلفاً القطاع العام للمضطر الذي لا يجد عنه بديلاً، ولو تمكن دافع الضرائب الأردني من الاستفادة من الخدمات الحكومية الأساسية، ولمس أثراً ايجابياُ للضرائب في تحسين الخدمات العامة لمستوى يستغني فيه عن القطاع الخاص ولو نسبياً، لاعتبرها بمثابة استثمار ضريبي وسعى لتسديدها دون التحايل لممارسة "التهرب الضريبي" الذي أضر ويضر بالموازنة العامة لارتفاع معدلاته. ولأصبحت العوائد الضريبية المخصصة لتغطية النفقات الجارية والرواتب في الموازنة شكل من أشكال الشراكة بين المواطن والدولة لرفع سوية القطاع العام وتحسين نوعية الحياة.
ثانياً: القروض الربوية التي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني، وما تستتبعه من فوائد تسمى خدمة الدين الذي تفاقم ليصبح أعلى بند إنفاق في الموازنة، وتَراكمَ لمستويات جعلت الاقتصاد عاجزاً عن التعافي؛ مما يجعل البحث عن مصادر تمويل وخيارات بديلة عن القروض الربوية مساراً حتمياً لتحقيق تعافي الاقتصاد لا بديل عنه. وذكر دولة الرئيس في خطاب الثقة توجه الحكومة لإيجاد مصادر تمويل عربية وصديقة ووطنية بديلة عن صندوق النقد الدولي، لتخفيف استنزاف أموال الخزينة بخدمة الدين، ونضيف على هذا التوجه تحويل تدريجي للقروض الربوية لأشكال استثمار ربحية، تجعل الجهات المُقرِضة والمانحة شريكة في الاستثمار، للخروج من فخ خدمة الدين، والعمل على أساس نظام القرض الحسن والمضاربة بدل الربا الذي يمحق المال العام. وتحقيق عائد استثماري اجتماعي للقروض بتوفير فرص عمل، وتقليل نسب البطالة المتفاقمة.
ثالثاً: مكافحة الفساد المالي والإداري في القطاع العام؛ بتطوير عمل ديوان المحاسبة باعتباره أهم الاستثمارات الحكومية التي ستُفضي لرفع مستوى ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين بالاقتصاد الأردني وجذبهم، وتوقيف الهدر بالمال العام، وذلك من خلال:
تطوير عمليات الرقابة والرصد لديوان المحاسبة بجعلها قبلية وليست بعدية؛ بما يفضي لمنع حدوث تجاوزات مالية وإدارية في القطاع العام، بدلاً من استنزاف الوقت والجهد لاستعادة الأموال المنهوبة، وتصويب القرارات الجائرة، بحيث يتم رصد احتمالية حدوث الفساد وتصويبه لمنعه قبل وقوعه.
رفع إنتاجية موظفي القطاع العام؛ بالضبط الإداري لساعات الدوام الفعلية ومستوى الإنجاز فيها.
تحديد سقف أعلى للأجور الحكومية والامتيازات والمخصصات المالية؛ بما يضمن ضبط سقوف الفساد في حال فشل إيقافه.
تشجيع المواطنين على المساهمة في عمليات المراقبة ورصد حالات الفساد المالي والاداري والابلاغ عنها؛ من خلال التوجيه الإعلامي والمعنوي والوعظي لتفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واشراكهم بالاستفادة المادية والمعنوية المتحققة من مكافحة الفساد.
تنفيذ وتغليظ العقوبة المترتبة على حالات الفساد الاداري وسرقة المال العام التي ثبت وقوعها بما يضمن تحقيق حالة الردع للمعتدين؛ فلو قطعت يد سارق واحد للمال العام لكففنا أيدي جميع الفاسدين واللصوص والسارقين عنه، ولو عوقب أحدهم عقوبة رادعة لما تجرأ غيره على التفكير بتكرار المحاولة. فالعقوبة غير المنفذة وغير الرادعة هي سبب ضعف الأثر الفعلي لديوان المحاسبة في الحد من الفساد المالي والإداري وحفظ المال العام. فكم من سارق وفاسد ومتعدي نُشر أسمه وتناقلت وسائل الاعلام وثائق أفعاله بتفاصيلها، وما زال المواطن يجده في مختلف المواقع دون عقوبة ولا خجل، وتولي بعضهم للمواقع والوظائف العامة ومكافأته بدل عقابه بعد أن علم الناس بفساده، مما خلق حالة من الاستهتار واستمراء السرقة والفساد إن لم نقل التشجيع عليه. فكيف يمكن الحصول على ثقة المواطنين قبل المستثمرين بعد ذلك.
سيدي الرئيس زملائي الكرام...
رأس مال الأردن الرئيسي هو الانسان؛ والانسان بالفعل هو أغلى ما يملكه الأردن، والاستثمار في "الفرصة السكانية" القادمة على الأردن بحلول عام 2040 ومقدماتها الحالية يتطلب بناء السياسات الاقتصادية للحكومة على أساس نتائج تحليل الخصائص السكانية؛ حيث بلغ العمر الوسيط للسكان في الأردن حالياً 22.4 سنة، 54% منهم أعمارهم أقل من 24 سنة؛ مما يجعل قطاع رياض الاطفال والتعليم المدرسي والجامعي بكافة أبعاده القطاع الأهم الذي يمس حياة غالبية المواطنين، وبالتالي يستوجب الاستثمار في ادارته وتوجيهه لتحقيق تحسين في نوعية الحياة.
أما معدل الاعالة الديمغرافي لعام 2024 بلغ 61.4%؛ ما يعكس حجم الأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق الأسرة بصفتها أكبر مؤسسة ضمان اجتماعي خاصة للأطفال وكبار السن والمعاقين، مما يستوجب الاستثمار في تمكين الأسرة اقتصادياً لأداء أدوارها وتحمل مسؤولياتها الاقتصادية تجاه أفرادها، وتخفيف نسب التفكك الأسري باعتبارها مصلحة وطنية عليا لمساندة الحكومة في توفير متطلبات العيش لفئة المُعالين. من خلال رفع المخصصات المالية لأعضاء مكاتب الإصلاح الأسري في المحاكم الشرعية.
ومن الطبيعي أن تتجه أولويات الحكومة للتشغيل وتوفير فرص عمل لائق لفئة الشباب الذين يمثلون الغالبية العظمى من سكان الأردن حالياً، بما نسبته 33.4% ممن أعمارهم تتراوح بين 19-40 سنة، ويشكل الذكور ما نسبته 53% من السكان، ونسبة من هم في سن العمل 15 سنة فأكثر بلغت 65.7% من السكان. ومن المفترض أن تصل هذه النسبة الى الذروة بحلول الفرصة السكانية عام 2040. مما يشي بتفاقم نسب البطالة ما لم تبادر الحكومة بمعالجة أسبابها. ويفرض على الحكومة ضرورة اعتماد سياسات مالية غير تقليدية لتحقيق نسب تشغيل لمن هم في عمر العمل، وذلك بتبني السياسات الاقتصادية الاجتماعية المقترحة الآتية:
رفع كفاءة مخرجات التعليم المدرسي والجامعي لاستقطاب الطلبة العرب والأجانب، واجراء مراجعة شاملة للسياسات التعليمية لمواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل الفعلية، وتوجيه الطلبة للتعليم المهني وتشجيعهم عليه بتحسين ظروف الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع المهني؛ وبما يضمن منح الخريجين قدرة تنافسية في السوق المحلي والعالمي، وبما يمكِّن أصحاب العمل من تعبئة الشواغر وتغطية حاجات السوق من الكفاءات المحلية، والاستغناء عن العمالة الوافدة في مختلف القطاعات والمناطق الصناعية والتنموية.
الاستثمار في الكفاءات العلمية والعملية ومعالجة هجرة العقول وإيقاف الهدر بالطاقات الأردنية التي اثبتت تميزها خارج الأردن بمختلف القطاعات؛ فتعقيدات الحالة الاقتصادية في الاردن تستدعي الاستثمار بالطاقات والمحافظة عليها والتمسك بها بدلاً من التفريط فيها لصالح الواسطة والمحسوبية والمعايير غير الموضوعية كالتنفيعات والمخاوف الأمنية وتصنيفها غير المبرر للمواطنين، والذي حرم القطاع الحكومي العام من توظيف الكثير من الكفاءات والمخلصين.
تأسيس صناديق لاستثمار أموال المغتربين وتحويلاتهم وتشجيعهم على الاستثمار بالأردن؛ من خلال تحسين ظروف البيئة الاستثمارية وتسهيلها، واستقرار التشريعات بما يحقق مصلحة أطراف الاستثمار، وإزالة المعيقات التي تحول دون عودة المغتربين للأردن لاستثمار مدخراتهم فيها.
تصميم سياسات عمل صديقة للمرأة لتعزيز مشاركتها الاقتصادية الإيجابية؛ بحيث تراعي وتلتزم الضوابط الشرعية، والثقافة المجتمعية، وخصائص المرأة ونقاط تفوقها ومتطلباتها، بدلاً من معاكستها والتناقض معها. وإعطاء الأولوية في التشغيل للنساء العزباوات والأرامل والمطلقات خاصة في المجالات التي تفضل فيها عمل النساء، وتوفير ظروف عمل ملائمة للزوجات والامهات الراغبات بالعمل تمكنهم من العمل ومساعدة أسرهن مع أداء الواجبات الأسرية الأكثر حيوية وأهمية بالنسبة للأسرة والمجتمع.
تحقيق التكامل في تطبيق السياسات المالية في عمل القطاعات المختلفة؛ من خلال التشبيك والربط بين الوزارات لتنفيذ المشاريع والخطط والبرامج الاقتصادية المشتركة، بما يحقق تخفيض الانفاق العام، ويخدم تحقيق الأهداف والغايات الاقتصادية؛ منها التشبيك بين وزارة العمل وصندوق المعونة الوطنية لتشغيل الأسر المستفيدة من الصندوق لغايات تعافيها، والتشبيك بين وزارة الأوقاف وصندوق الزكاة ووزارة الاستثمار ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية للاستفادة من الوقفيات واستثمارها لصالح توفير فرص عمل للشباب، وتطوير المشاريع الاستثمارية لخدمة تقليل نسب البطالة، والحل الجذري لمشكلة الفقر والفاقة على قاعدة عبد الرحمن بن عوف "دلني على السوق وبارك الله لك في أهلك ومالك".
استئناف الاستثمار بالسياحة العلاجية التي ثبت فعاليتها عندما تم تفعيلها سابقاً في القطاع الصحي.
التركيز على الاستثمار في السياحة الداخلية والتسويق لها، خاصة بعد الكشف عن نسب الإنفاق العالية للأردنيين في السياحة الخارجية؛ فلو علم منتسبي الضمان الاجتماعي على سبيل المثال أن حجزهم بالفنادق المملوكة لمؤسسة الضمان ستعود بالمنفعة عليهم لما استبدلوها بفنادق أخرى، ولساهموا في إنجاح هذه الاستثمارات.
إنشاء الشركات المساهمة العامة لتفعيل مشاركة المواطنين في تمويل الاستثمارات الوطنية الكبيرة والاستفادة من عوائدها؛ حيث كان انشاء آخر شركة من هذا النوع في عام 1987م، ولم يتم إنشاء أي منها بعد ذلك.
رفع مخصصات البلديات في النفقات الرأسمالية وتحسين ظروف التعليم والتشغيل لأبنائهم؛ بما يحقق معالجة الخلل في التوزيع السكاني بين المحافظات، وبما يمكن أبناء المحافظات والبلديات من الاستفادة من عوائد المشاريع الاستثمارية الموجودة في مناطقهم.
حمى الله الأردن من كل مكروه، وحفظه من كل سوء، وأعاننا جميعاً على تحمل مسؤولياتنا، وأداء الأمانة التي حمَّلنا إياها الشعب الأردني بعد الله عز وجل، عندما منحنا جميعاً شرف تمثيله ورفع صوته تحت القبة، ومكننا من التحدث باسم الشعب الذي هو مصدر السلطات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات