إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

العشيرة الأردنية الواحدة


عمان جو - د محمد العزة

{وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].
(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الشعراء : (214)
الاستدلال بأيات قرانية في افتتاحية مقال سياسي ، هو ليس من باب إثبات صحة رأي شخصي ، أو استخدام الطابع القدسي في مقدمة للانحياز لفكر سياسي ما نؤمن به و نحاور الآخر باستخدام أدواته و منطق فلسفته بل هو تمهيد لم سيتم طرحه و خصوصية المقال و ما يمثله العنوان عند قطاع واسع و عريض داخل مجتمعنا الاردني ذو الأغلبية العشائرية التي أصبحت صفة لسلوك ونمط اجتماعي اصيل و موروث ثقافي داخل المجتمع رغم تأثره سلبا و إيجابا بالمتغيرات السياسية والتطورات في عهد الحداثة و ما بعدها و هذا شيء لا يعيبها و لا يمنعها أو يهدد وجودها إنما هي قدرة التكيف و تكييف الظروف و تطويعها .
العشيرة الأردنية سلوكها و دورها في تاريخ مراحل تأسيس و بناء و تطور الدولة الأردنية المختلفة بحاجة إلى الاحتكام إلى المنهجية في النقاش لاظهار دورها الحقيقي و إعطاؤه حقه و ماله و ما عليه من واجبات و حقوق و وإبراز مساحة الفعالية لها وما يحققه دورها من الإيجابية للمصلحة الوطنية و أنجاز ، و ايضا وضع إشارة ترميز و تنبيه على و إلى المساحة التي لا تصلح له بل قد تضعفها و تغرقها و تهمشها و تجعلها عرضة لنهشها و هجومها لتيارات تتعارض مصالحها مع هذا الدور كما هو العكس.
الاكتفاء بطرح العناوين غير كافي و هي دعوة نكررها لغايات الانتقال من حيز الطرح النظري إلى الحيز الفعل العملي ، وهي دعوة لتثبيتها و ترسيخها في اتخاذ مواقف واضحة وثابتة منها و من أي عنوان يخضع للنقاش.
العشيرة و العشائرية جزء أصيل من المنطقة العربية و تتشابك جذورها و أغصانها عند نهايات أطراف حدودها الجغرافية البينية التي كانت تعيش وحدة واحدة قبل مخططات التقسيم ، التي لاحقا فرقتها حدود الاقاليم ، و الانقلاب على المشروع الهاشمي ، وهذا ما يفسر فسيفساء الحالة الأردنية العشائرية و يفسر تنوعها و تشابهها وتبادل العادات و التقاليد و اسماء و القاب القبائل و العشائر داخل المجتمع الأردني مع دول الجوار و المحيط العربي ، و لعل هذا التنوع أحد أسرار و فرادة المعجزة الأردنية ، معجزة إقامة المملكة الأردنية الهاشمية التي استطاعت صهر كل عناصر ديمغرافيتها و صقل خبراتها و تفاعلها معا و اشراكها في بناء قوام الدولة و مؤسساتها بجميع اشكالها و قطاعاتها ، و ايضا إفساح المجال لتنوع الفكر السياسي فيها ، فأزهر الاردن أرض العزم في حجم بعض الورد إلا إنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصـبا ، هذه الزهرة نمت و استندت على صخرة صلبة هي العشيرة الأردنية التي تكونت من شتى الحصى و المشارب من العشائر التي وجدت و سكنت الأرض الأردنية ، و صارت مصدر الكوادر والكفاءات لجميع القطاعات الحكومية و الخاصة و مصنع الرجال للجيش و الأجهزة الأمنية و خاضت سويا معارك البناء والكرامة .
لم يغفل الاردن يوما ما عن دور العشيرة وأفرادها و الدليل اتاحت مرحلة التحديث السياسي الفرصة لشبابها من الكفاءات المشاركة في الحياة الحزبية السياسية التي ستشكل نواة التحولات الديمقراطية في إدارة السلطات داخل الدولة الأردنية حاضرا و مستقبلا ، لكن من الجدير بالذكر أن هناك تيار داخل العشيرة عارض ويعارض هذه الدعوة بل هومن أضعفها مقابل مكاسب شخصية تعززت ذات يوم في مرحلة زمنية معينة قديما و حديثا و ذات يوم شكل أداة لفكر طاريء كان هدفه توسيع الهوة و الفجوة بين قيادة الدولة و شعبها ، بدلا من تمكينها من استيعاب المواكبة للتطورات و التغيرات لأجل التعامل معها وإثبات دورها و مكانتها عبر تاريخ الدولة الأردنية .
العشائرية و مدنية الدولة و الهوية الوطنية كلها عناوين قابلة الانصهار معا اذا ما تم فهمها و تفصيل و شرح معنى كل منها و ماهو دور كل منها، لكن الإبهام و عدم الرغبة في الإفصاح عنها و إفهامها هنا تحدث الثغرة و الشق الذي يعزز لغة الاتهام المتبادل مابين التيارات المنطوية تحت كل عنوان و تتعصب له بالرغم ان قيادات هذه التيارات في صلب فكرها و وجدانها و ضمير شخصيتها السياسية على معرفة لحقيقة كل عنوان و ضرورة كل منه للآخر للخروج بصورة واضحة المعالم لما نريد له وطننا في القادم و الحفاظ عليه قويا وصلبا يمضي بخطة واثقة في مواجهات التحديات والمخططات دون التفات الى دعاة التكهنات و رواد الاشاعات و الأجندات .
دون الايمان بهذا الوطن و قبل اشهار الحسابات القائمة على ما قدمه لنا وما قدمنا له نعم وجب علينا القلق و قد يحدث الارتباك، وهذا يلقي مسؤولية كبيرة اليوم على عقل الدولة في مراكز القرار و من يرسم خط استراتيجية الدولة الأردنية في مختلف مساراتها ، أن الدولة بحاجة إلى طبقة سياسية تكون بالفعل قابلة للتأهيل و الإدارة و تفعيل دورها بما يحقق أهداف أجندات استراتيجية الدولة الأردنية و سياستها ما يمكنها ضمان مسيرتها ، كما عرف عن الاردن قيادة و وطنا وشعبا بأنهم قادرون على العبور و الاستقرار رغم المعيقات و المثبطات و المحاولات من الداخل و الخارج وهي السيادة و الارادة الأردنية صاحبة القرار في تحديد مصالحها و مصيرها اولا واخيرا.
إلى من يريد أن زرع بذور حالة وبائية مرضية اعراضها الشك والريبة و التفرقة و القلق و التظاهر أنه هو من يمتلك صولجان الحكمة و الرشاد و الاتزان و الحرص على الحمى و الثرى و الوصاية و المحافظة على هيبة الدولة رسالتنا له اليوم وغدا كما في الماضي أننا أبناء العشيرة والدولة الأردنية الواحدة و ان هذا الاردن ليس فندقا للسكن فقط ، الاردن وطن و حياة نسكنه و نسكنها و يسكننا وعند الموت ترابه لنا كفن .
نحن لا نقلق لأجلنا و لأجل جيلنا و حاضرنا و مستقبلنا بل لأجل ابنائنا والأجيال القادمة و مستقبلهم .
يا سادة و يا ساسة في ظل التطورات والمتغيرات والمشاريع و المخططات لم يبقى الا الاردن و مشروعه اذا سقط سقطت كامل الأمة .
لهذا اليوم الاردن ليس دولة اردنية و مملكة هاشمية بل الاردن اليوم هو الأمة و هذا ما أثبتته التحركات الديبلوماسية الأردنية و تنسيقها مع باقي الدول العربية في ```توحيد``` موقفها تجاه القضية الفلسطينية و حل الخلافات بينها و جمع الكلمة العربية على سوية واحدة .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :