إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • مقالات

  • حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق

حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق


عمان جو- كريستين حنا نصر
بعد مرور عامين وشهرين واسبوعين على الإنسداد السياسي وشغور منصب الرئيس في لبنان ، وعدم نجاح الفرقاء اللبنانيين في إنتخاب رئيساً للدولة اللبنانية ، فأخيراً تمّ النجاح في انتخاب رئيساً جديداً للبلاد بعد تصويت البرلمان في الدورة الثانية وبواقع 99 صوتاً، وبالتزامن مع المئوية الثانية لانشاء الدولة اللبنانية ، ممثلاً بالرئيس ( جوزيف عون) والذي ظهر توافق واجماع دولي عليه أيضاً ، وهنا أريد التركيز بإصرار على التوقيت المناسب للنجاح في تجاوز مشكلة عدم وجود رئيس للدولة ، وهو دون شك توقيت حساس مرتبط بمناخ التطورات الجيوسياسية في المنطقة كلها ، وبشكل خاص بعد الصراع في غزة بين اسرائيل وحماس ، وانشاء وحدة الساحات ، وهو المصطلح الذي أطلقته المقاومة المدعومة من ايران ، كذلك تداعيات الضربات الاسرائيلية على حزب الله في الضاحية جنوب لبنان ودورها في تقليص وتحجيم قدرة حزب الله العسكرية .
كما اتصلت الاوضاع بتغييرات أخرى ممثلة بإسقاط حزب البعث الحاكم في سوريا ممثلاً بآل الاسد طوال 53 عاماً في سوريا ، وللأسف كان هذا الحدث أحد الأسباب الأساسية لنجاح البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للدولة، وبالطبع هذا متعلق بحقيقة أن حزب الله كان مهيمناً على سيادة وارادة الدولة اللبنانية ، وعلى عدة محاور ومنها الجيش والقرارات السيادية ، وأهمها الهيمنة على قرار الدولة المركزي والمصيري في السلم أو الحرب ، وهي هيمنة تشمل أسر حرية الشعب اللبناني نفسه في اتخاذ القرار ، وهنا من الجدير والمهم أن ألفت النظر إلى نقطة مهمة في خطاب الرئيس المنتخب ( جوزيف عون) ، والتي لم يتطرق فيه الى ذكر المعادلة الثلاثية التي كانت مهيمنة على المشهد السياسي في لبنان ، أي معادلة الشعب والجيش والمقاومة ، وهنا نجد أن الرئيس جوزيف عون يتعهد في خطابه باتجاهه نحو اعتماد سياسة الحياد الايجابي في لبنان ، واللافت أيضاً اسقاطه عبارة المقاومة من خطاب القسم الذي ألقاه في البرلمان اللبناني ، والذي يشير أيضاً الى اسقاط حزب الله ، كما أنني أرغب هنا الإشارة أن التوقيت مهم في حلحلة الإنسداد السياسي في لبنان ، خاصة بعد نجاح الثورة في اسقاط نظام البعث الحاكم في سوريا ، وبعد التقليص والحد من قدرة الميليشيات الايرانية في سوريا ولبنان ، والتي وحتى الآن نلمح بشكل واضح أن الساسة الايرانيون يهددون بسعيهم نحو اعادة نفوذهم من جديد في لبنان وسوريا.
ففي الاخيرة أي سوريا نسمع تصريحاتهم أي الايرانيين حول امكانية انشاء قوة من مائة وعشرين الف مقاتل من الشيعة والعلويين في سوريا ، والسعي من خلالهم للانقلاب على قوة هيئة تحرير الشام التي اسقطت الرئيس بشار الأسد ، وبالتالي استعادة سوريا للحضن الايراني من جديد ، الأمر الذي دفع أحمد الشرع الى اتخاذ القرار الأمني والمتمثل باللحاق بالفلول ، ومتابعتها في كامل أرجاء الجغرافية السورية والعمل على اعتقالهم في السجون ، لضمان عدم نجاحهم في تنفيذ أي مخططات خطيرة بما في ذلك عدم تمكنهم من خلق أزمة نشوب مواجهة طائفية بين مكونات الشعب السوري للاستيلاء على حكم سوريا من قبلهم من جديد .
وهنا نلاحظ التطورات الجيوسياسية الجارية في المنطقة، وبشكل خاص في وقت مهم وهو قبل مجيء ترامب الى سدة الحكم وتنصيبه رسمياً رئيساً لامريكا ، وأعتقد شخصياً أن سياسة ترامب الخفية في هذه الفترة التي تشهد تطورات متسارعة تنسجم مع أهدافه ووعده للشعب اللبناني بإنهاء الحرب ، وقد تحقق ذلك قبل وصوله الى البيت الابيض والحكم في 20 من يناير الجاري، وهي خطوات مدروسة على ما يبدو من جانبه حتى لا يكون حكمه مرتبط بحرب في المنطقة ، وهذا يظهر واضحاً في سوريا التي تدخل الآن في مرحلة بناء وتأسيس دولة جديدة مختلفة تماماً عن فترة حكم بشار الأسد ، والاتجاه من الاقتصاد الاشتراكي الى الرأسمالية والاقتصاد الحر ، أي من نظام متأثر بروسيا الاشتراكية الى نظام عالمي مفتوح .
إن تصريحات الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون في خطاب القسم كانت واضحة ، فسمة هذا الخطاب وتركيزه تتمحور على تحرير لبنان من الهيمنة الخارجية والعمل على انشاء لبنان الجديد الحر، تماماً كما هو الحال في الانتقال من سوريا الماضي الى مرحلة انشاء سوريا الجديدة ، أي أن يكون للبلدين جيش قوي سيادي يحمي حدوده وسيادة دولته ، من خلال بناء جيش وطني وليس جيش مهيمن عليه من ميليشيات مدعومة من الخارج ، وهذا ظهر جلياً في خطاب جوزيف عون وعزمه انشاء لبنان قوي ، خاصة بعد تأكيده أنه جاء بعد زلزال قوي كبير في الشرق الأوسط ، تغيرت معه أنظمة وتصدعت فيه تحالفات وقد تتغيير أيضاً بسببه حدود ، كما تعهد جوزيف عون بحماية لبنان من التهديدات الاسرائيلية وأن الجيش اللبناني وحده من سيحتكر السلاح في الدولة اللبنانية ، كذلك وعد باقامة علاقة قوية مع الدول العربية ، اضافة الى انشاء علاقات وشراكات متنوعة استراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي ، والدول الافريقية وتعهد أن يمارس لبنان سياسة الحياد الايجابي وبناء اقتصادات متكاملة ومتعاونة ، وبخصوص الحياد الايجابي الذي اشار له في حديثه فالمقصود به أن المرحلة الجديدة في لبنان تعني تنفيذ اولوياتها والمتمثلة بحصر السلاح بيد الدولة ، وتحقيقها بالبدء بنزع السلاح من حزب الله ، وتحقيق السلام والاستقرار ونزع كافة مظاهر السلاح من جنوب نهر الليطاني وتعزيز وجود جيش الدولة في هذه المنطقة ، ولاحقاً في كامل الاراضي اللبنانية ، وبالطبع ففي سوريا الجديدة يسعى أحمد الشرع أيضاً إلى توحيد كل الفصائل والجيوش الموجودة ومن بينها جيش سوريا الديمقراطية ، وذلك ضمن جيش وطني واحد يقع على عاتقه واجب حماية سيادة سوريا وأمن أراضيها .
وهنا تأتي كل هذه التطورات بالتوازي مع مجيء دونالد ترامب الى سدة الحكم ، وفي فترة وعد فيها الرئيس الامريكي الجديد أثناء حملته الانتخابية بأنه سيعمل على وقف الحرب ، وبالتالي ستكون مرحلة حكم ترامب هي تأسيس لمرحلة جديدة في بلدان المشرق العربي من مرحلة حرب إلى مرحلة سلام وانشاء أنظمة ديمقراطية وانعاش اقتصادي وبناء في الشرق الأوسط الجديد ، والذي سوف يكون خالي من مظاهر الحكم الديكتاتوري وما يتصل به من فساد ، وذلك لأنه لا يمكن أن يحدث أي تقدم بدون اصلاح سياسي واصلاح اقتصادي واصلاح في مؤسسات الدولة التي تعاني من الفساد والترهل الاداري ، فمثلاً على سبيل المثال في لبنان كانت بعض الأحزاب تملك زمام الهيمنة على الدولة ، وتجري التعيينات من أفراد الأحزاب في المناصب وبحسب كوتة الحزب ، ولا تستند الى مبدأ الكفاءة والتميز أو ما اصطلح على تسميته الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهذا ترتب عليه ديون كثيرة على الدولة ، ورافقه أيضاً هدر مبالغ فيه في المال العام ، وعلى حساب المصلحة العامة للدولة اللبنانية ، ناهيك أيضاً عن شبهات سرقة أموال الشعب اللبناني في المصارف التي أعطت قروض لبعض الأحزاب والذين لم يسددوها ، وبالتالي أدت هذه السياسة المالية غير الصحيحة الى عدم قدرة البنوك على اعطاء المودعين أموالهم ، وبهذا الخصوص أكد الرئيس جوزيف عون على موضوع المصارف اللبنانية وضرورة حماية أموال المودعين في لبنان .
أعتقد أننا الآن في الشرق العربي وبشكل خاص منطقتنا أي بلاد الشام قديماً ، اصبحنا على مفترق طريق التحرير من هيمنة ايران ودعمها للمليشيات الايرانية على اراضي المشرق العربي ، كذلك التخلص من دعمها للاحزاب المرتبطة بها مثل حزب الله اللبناني وحزب الله العراقي وحزب الله السوري منذ تسعينات القرن الماضي ، لذا فبعد تحجيم نفوذها العسكري في المنطقة خاصة في لبنان وسوريا ، اعتقد أن العراق هو أيضاً سيكون على هذا المسار من تحريره من سطوة هذه الميليشيات الايرانية والنفوذ الايراني في كامل مفاصل الدولة العراقية ، فهي أيضاً على طريق حلحلة للانسداد السياسي ان شاء الله وبسط سيادة الدولة وجيشها على كامل اراضيها ، حيث نلاحظ للاسف بأن وكلاء وميليشيات ايران والاحزاب المدعومة منها في هذه الدول بالتحديد متورطة في عملية تهريب الاسلحة ، وبالتالي وضع حد أيضاً لخطر تهريب آفة المخدرات التي أصبحت تجارة تُمتهن ، اضافة الى مسألة خطيرة وهي تجنيد شباب العرب وزجهم للاسف في ميليشياتها، كما يلاحظ للاسف أيضاً بان الدولة التركية على سبيل المثال في سوريا لعبت دوراً مهماً في تسليح الشباب السوري وتجنيدهم للمحاربة بدلاً عنها ، وذلك متمثل بالجيش الوطني السوري بهدف احتلال مدن من الشمال السوري مثل مدينة عفرين وجرابلس والباب ، كما أن تركيا تسعى الآن الى وصول الجيش الوطني إلى مدينة كوباني والدخول الى شرق الفرات وأيضا الصراع العسكري الموجود في مدينة منبج ، حيث تشهد المنطقة استمراراً للمعارك المشتعلة حتى اليوم ، وذلك لحين الوصول لتسوية سياسية باعتبار أن المعارك محتدمة دون نجاح الجيش الوطني في السيطرة الكاملة على بعض المدن وبالاخص شرق نهر الفرات ، اضافة الى استمرار قسد في السيطرة على حقول النفط السوري ، ولكن تجدر الاشارة أيضاً الى وجود خطر آخر متمثل باحتمالية انهيار سد تشرين ، الذي يوفر المياه والطاقة للمنطقة ، وهذا بالطبع بسبب المعارك الدائرة هناك .
كل هذه الاشتباكات من شأنها تعطيل اندماج جيش سوريا الديمقراطية مع الجيش السوري الجديد ، بالرغم من حالة التوافق بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع باندماج الجيش وتوحيده ، فهل سيتوحد الجيش السوري للمساهمة في صد أي خطر احتلال خارجي يهدد أمن وسيادة الدولة السورية الجديدة ؟، نحن اليوم أمام مرحلة حساسة انتقالية للبنان الجديد وسوريا الجديدة والتي سوف ترسم خرائط النفوذ الجديدة لشرق عربي جديد مشرق ان شاء الله ، وكل البوادر والتطورات الجيوسياسية الراهنة تدل على هذا الاتجاه النهائي ، خاصة مع قدوم ترامب الى سدة الحكم في امريكا ، والذي يؤمن بحلول اقتصادية بعد وقف اطلاق النار وانهاء الحروب الدائرة والمشتعلة في المنطقة .
اتمنى أن تدخل المنطقة في مرحلة الشرق الاوسط العربي الجديد المشرق بالأمن والسلام والانتعاش الاقتصادي الشامل .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :