إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

مدير المخابرات الخارجية الفرنسية يزور الجزائر في قلب أزمة عاصفة بين البلدين


عمان جو - عكس سير الأحداث بين البلدين، تسرّب خبر عن زيارة خاطفة للمدير العام لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسية، نيكولا ليرنر، إلى الجزائر، يوم الإثنين الماضي، في خطوة تعكس إرادة لإبقاء قنوات التواصل مفتوحة، على الرغم من حالة التصعيد غير المسبوقة بين البلدين.

ووفق ما كشفته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، بشكل حصري، فإن نيكولا ليرنر، المدير العام لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسية (DGSE)، قام بزيارة الجزائر، يوم الإثنين 13 كانون الثاني/يناير، برفقة وفد رفيع المستوى. ويصدّق هذا الخبر، وفق الصحيفة، ما نشره مستخدم في منصة “إكس”، يتتبع مسارات الطائرات، من أن طائرة من طراز Falcon 2000EX تابعة لمجموعة النقل الرئاسي أقلعت من مطار “فيلاكوبليه”، يوم الإثنين، الساعة 6:48 صباحاً، متوجهة إلى الجزائر، حيث غادرت مرة أخرى في الساعة 11:54 صباحاً.

وذكرت “لوفيغارو” أن هذه الزيارة، التي تأتي في ظل توقف التعاون الأمني منذ الصيف، تمثّل إشارة إيجابية، ورغبة في كسر دوامة التوترات بين باريس والجزائر، مع الحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة.

كما تعتبر هذه الزيارة، خاصة أنها تحمل رأس المخابرات الخارجية الفرنسية، لحظةً مهمة في الأزمة الحالية، في ظل اتهام الجزائر لهذا الجهاز بتدبير مؤامرات تستهدف استقرار الجزائر.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أي قبل شهر فقط، كانت مصالح الأمن الوطني في الجزائر قد كشفت عن إحباطها عملية للمخابرات الفرنسية على الأراضي الجزائرية، كانت تستهدف تجنيد شاب نشط في صفوف “داعش” في سوريا، وتكليفه بمهام على علاقة بالتنظيمات الإرهابية. وجاء الكشف عن العملية في وثائقي بثه التلفزيون الجزائري، تم فيه استعراض قصة الشاب المسمى عيساوي محمد أمين، صاحب الـ35 سنة.



لكن، بحسب الوثائقي، كل ما كان يحدث مع أمين كان محل مراقبة، حيث بيّنت الصور الملتقطة للقاء الأول الذي جمعه بمصالح الاستخبارات الفرنسية، تحت غطاء جمعية “أرتميس”، في أبريل 2023، بالجزائر العاصمة، وكان الشخص الذي التقاه إطاراً تابعاً للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية يشغل منصب سكرتير أول على مستوى السفارة الفرنسية بالجزائر. وقال إن العميل الفرنسي اصطحبه مباشرة إلى المركز الثقافي الفرنسي (يقع بالقرب من ساحة الأمير)، حيث جرت بينهما محادثة مطولة قبل أن يكشف له أنه عنصر من المخابرات الفرنسية.

وفي النهاية، أشار الوثائقي إلى أن “العملية أفضت إلى تفكيك خيوط المؤامرة وإفشالها، مع تحقيق انتصار باهر من قبل مصالح الأمن الجزائرية عبر كشفها لهذا المخطط الفرنسي الخبيث”.

وهذه المرة الثانية منذ سنة 2023، التي يتم فيها اتهام المخابرات الفرنسية بمحاولة تنفيذ عمليات تستهدف الجزائر.



وفي شباط/فبراير من العام الماضي، وجهت وكالة الأنباء الرسمية اتهامات للمخابرات الخارجية الفرنسية بالتورط في تهريب الناشطة أميرة بوراوي، التي غادرت الأراضي الجزائرية باتجاه تونس بطريقة غير قانونية، ثم عبرت من هناك نحو فرنسا بمساعدة القنصلية الفرنسية في تونس، علماً أن هذه الناشطة، التي تحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، كانت متابعة أمام القضاء الجزائري، وكانت ممنوعة من السفر.

وذكرت الوكالة الرسمية حينها: “الجميع يعلم أنه يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية-الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين وخبارجية، وبعض المسؤولين على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري لا يخفون ولعهم وتبجيلهم للمخزن”.

وتعيش العلاقات الجزائرية- الفرنسية أسوأ حالاتها في الفترة الحالية، وذلك على خلفية تغير الموقف الفرنسي باتجاه دعم أطروحة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، وهو ما ترفضه الجزائر التي سحبت سفيرها من باريس، وأعلنت تخفيض تمثيلها الدبلوماسي هناك إلى أدنى مستوى.

وازدادت الأزمة حدة في الأسابيع الأخيرة على خلفية اعتقال السلطات الجزائرية للكاتب بوعلام صنصال، بعد تشكيكه في أحقية الحدود الجزائرية، ثم ما تبع ذلك مما عُرف بقضية المؤثرين، وهو ما أثار زوبعة في فرنسا وتهديدات بنقض الاتفاقيات التي تجمع البلدين.

وفي الأيام الأخيرة، أخذ الهجوم على الجزائر طابع الحملة لدى المسؤولين الفرنسيين الذين تداولوا على مختلف الصحف والقنوات تصريحات تحمل مزيداً من التهديد والوعيد، رداً على ما يعتبرونها “إهانة”، بعد رفض الجزائر استقبال مؤثر كان تعرض للطرد من فرنسا، حتى أن الوزير والدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي أطلق وصفاً على هؤلاء المسؤولين بأنهم يعانون من “فوبيا الجزائر”.

ومن أبرز هؤلاء وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، الذي قال إنه يؤيد إلغاء امتياز حاملي الجواز الدبلوماسي الجزائري من التنقل لفرنسا دون تأشيرة. وذكر هذا الوزير خلال تصريحاته لقناة “أل سي إي” أن “هناك اتفاقاً، منذ عام 2013، يتيح لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية، والذين يُقدّر عددهم بالآلاف، التنقل بحرية داخل فرنسا دون الحاجة إلى تأشيرة”، مبرزاً أن “استهداف هذه الفئة من المسؤولين الجزائريين الذين يتخذون قرارات تهدف إلى إهانتنا، كما أشار وزير الداخلية برونو روتايو، يبدو أكثر ذكاءً وفعالية، ويمكن تطبيقه بسرعة”.

من جانبه، هدّد مانويل فالس، وزير الدولة الفرنسي لأقاليم ما وراء البحار، ورئيس الحكومة الفرنسية السابق، بأن الجزائر لديها الكثير لتخسره إذا استمرت في التصعيد مع فرنسا، مشيراً إلى أن هذا النهج يضر بالعلاقات الثنائية، ويؤثر سلباً على الجزائريين في الداخل والخارج، بمن فيهم الفرنسيون من أصول جزائرية.

وبوجه متشدد غير مألوف من حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، ظهر رئيس الحكومة السابق غابريال أتال مطالباً باتخاذ إجراءات عقابية مشددة ضد الجزائر، منها نقض الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لعام 1968، وتقليل عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين، مع الدعوة لاستخدام السلاح التجاري كوسيلة ضغط إضافية، من خلال إجراء مناقشات على المستوى الأوروبي لزيادة التعريفات الجمركية على الجزائر إذا لزم الأمر.

وفي رده على كل ذلك، قال الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي إن النبرة العسكرية، وغالباً المتعجرفة، التي يعتمدها وزراء الخارجية والداخلية الفرنسيون تجاه الجزائر تبدو أقرب إلى “رقصة التافهين” منها إلى أزمة دبلوماسية حقيقية، مشيراً إلى غياب أي أسباب جدية تبرر استنفار كل من يعانون من فوبيا الجزائر.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :