إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

روايات الغزيين المحررين عن ويلات الأيام الأربعة الأخيرة في الاعتقال


عمان جو - مرت اللحظات التي كان فيها الأسرى الفلسطينيون في منطقة الحدود الفاصلة عن قطاع غزة ثقيلة على عائلاتهم، وسارت الدقائق في ذلك الوقت وكأنها شهور وسنوات، فالأهل في غزة الذين ذاقوا ويلات الحرب، كانوا يخشون أن تفشل إسرائيل صفقة التبادل، فيما خشي بعض الأبناء بسبب طول مدة الاعتقال والحرمان من الزيارة، من عدم معرفة آبائهم لهم.

ساعات الانتظار

وفي مناطق الانتظار القريبة من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، وعند منازل الأسرى، تواجد أهالي الأسرى وأقاربهم وجيرانهم وأصدقاؤهم في وقت مبكر، يعدون الدقائق والساعات، لاحتضان أحبائهم، غير أن هذه الساعات القليلة كانت مثقلة بالخوف من إفشال إسرائيل الصفقة، وهو ما جعل الأهالي يشعرون بطول مدة الانتظار، وكانوا جميعا يؤكدون أنهم لن يطمئنوا إلا حين يحتضنون أبناءهم العائدين من غياهب السجون إلى الحرية.

عاد الأسرى جميعا سواء أولئك الذين أطلق سراحهم إلى الضفة الغربية، أو الذين أبعدوا إلى مصر أو من خرجوا إلى قطاع غزة، بأجساد هزيلة

وقد عاد الأسرى جميعا سواء أولئك الذين أطلق سراحهم إلى الضفة الغربية، أو الذين أبعدوا إلى مصر أو من خرجوا إلى قطاع غزة، بأجساد هزيلة، ظهر عليها المرض والتعب والتعذيب خاصة في الأيام الأخيرة قبل إطلاق سراحهم، والتي وجه للكثير منهم تهديدات مباشرة من ضباط “الشاباك” الإسرائيلية، بالتصفية لاحقا، في عملية انتقام إسرائيلية أخيرة قبل معانقتهم الحرية من جديد.

إحدى عوائل الأسرى التي انتظرت حرية نجلها الغائب عن أحضانها منذ 21 عاما، كانت عائلة الأسير رائف الفرا، الذي كان قد حكم بالسجن المؤبد سبع مرات، فهناك وحين علمت أسرته دخوله ورفاقه المحررين إلى داخل قطاع غزة، جرت شقيقته في الشارع وهي تردد بلهفة “أخوي أخوي قلبي من جوة”، وقد تحدثت في هذه اللحظات عن والدتها التي ماتت قبل أن ترى نجلها الغائب في السجون.

ولم تكن سوى لحظات قليلة حتى وصل نجلها رائف إلى منزله في مدينة خان يونس محمولا على الأكتاف، وقد ارتدى لباسا عسكريا وحمل في يده بندقية، لكنه كغيره من الأسرى بدت عليه الدهشة من أهوال الحرب التي تعمدت دولة الاحتلال على إحداثها في قطاع غزة، حيث طال التدمير المنطقة المجاورة لمنزله الذي تضرر هو الآخر من الغارات.

“القدس العربي” التقت الأسير رائف الفرا فور وصول منزله في مدينة خان يونس، وقد كان محاطا بعدد كبير من الأقارب والجيران والأصدقاء والمهنئين.

أهوال السجن والعودة

الأسير رائف حين سئل عن أحواله، رد بالحديث عن أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية بشكل عام، وقال إن أوضاعهم اتجهت للأسوأ بشكل كبير منذ يوم السابع من أكتوبر من العام 2023، حيث تمارس إسرائيل بحقهم هناك كل أشكال التعذيب والحرمان.

وقد استذكر آخر أربعة أيام في الاعتقال، قبل أن يطلق سراحه ضمن هذه الصفقة، حيث قامت سلطات السجون بتجميعهم في “سجن عوفر”، وخلال هذه الأيام الأربعة ذاقوا كل أشكال التعذيب، وقال “أربعة أيام تحت الضرب والقهر”، وقد أشار إلى أن الاحتلال جردهم من ملابسهم خلال الأيام الماضية وحرمهم من الطعام، وهي شهادات أكدها أسرى محررون آخرون أيضا تحدثوا فيها عن ويلات الأيام الأربعة الأخيرة من الاعتقال.

وتحدث أيضا عن اعتقاله، فقد كان يخضع لحكم بالسجن الطويل مدته سبعة مؤبدات، أمضى منها 21 عاما في الأسر، وقال “بفضل المقاومة وبفضل صمود غزة جرى الإفراج عنا في الصفقة”.

وخلال حديثه أشاد الأسير الفرا بما حدث يوم السابع من أكتوبر، وقد عبر عن أمله أن يكون حسب وصفه “بروفة للتحرير”.

وقبيل وصول هذا الأسر إلى منزله، التقت “القدس العربي” عددا من أفراد أسرته، الذين تواجدوا هناك لاستقباله، وقالت شقيقته نجوى إن شقيقها رائف كان يمضي مدة الاعتقال في “سجن نفحة”، وإنها حرمت من رؤيته خلال فترة اعتقاله الطويلة، وهذه السيدة كانت تقول إنها تنتظر لحظات وصوله على أحر من الجمر، وأضافت بكلمات عبرت عن توترها الشديد “بدي أشوفه ومشتقا إله، ومش حهدأ (لن أهدأ) إلا لما أحضنه”.

وقالت لـ “القدس العربي” إن شقيقها اعتقل عندما كانت صغيرة، وإنها من طول مدة الاعتقال “نسيت ملامحه”، وخشيت أن تكون سنين الأسر الطويلة أنسته ملامح أسرته، لأفتا إلى أن أطفالها لا يعرفون خالهم، وأنهم فقط كانوا يرونه من خلال صوره.

كشف أسير عن تهديد بالقتل، وجهه له أحد ضباط جهاز “الشاباك” الإسرائيلي في “سجن عوفر”، حين أبلغه أنه من المحكومين بالمؤبد، وأن إسرائيل لن تنساه

وقد غابت مشاهد الاستقبال العائلية عن أسرى الضفة الغربية الذين أبعدوا إلى قطاع غزة، ومنهم الأسير زياد عامر من مدينة نابلس، فهذا الأسير كان يمضي حكما لعدة مؤبدات، أمضى منها 9 سنوات ونصف في الاعتقال، حيث تعرض للإبعاد القسري إلى القطاع، دون أن يطلق سراحه إلى مسقط رأسه.

تهديد “الشاباك”

هذا الأسير تحدث كما الأسير رائف عن الأيام الأربعة الأخيرة في الاعتقال، حيث جرى تجميعهم من عدة سجون في “سجن عوفر”، ويقول إنهم تعرضوا خلال هذه الفترة للضرب المبرح والشديد، علاوة على قيام السجانين بحلق رؤوسهم، وقال “كنا نجبر على السير ورؤوسنا إلى الأسفل، ولم نكن نرى ما أمامنا وقد شدت القيود الحديدية على أيدينا”.

وتابع في شهادته عن الأيام الأخيرة في الأسر “كنا نصطدم في الجدران، وكانوا (السجانون) يلقوننا على برك المياه”، في مشهد ينم عن الحقد.

لكن أخطر ما في شهادة هذا الأسير المبعد، كان كشفه عن تهديد بالقتل، وجهه له أحد ضباط جهاز “الشاباك” الإسرائيلي في “سجن عوفر”، حين أبلغه أنه من المحكومين بالمؤبد، وأن إسرائيل لن تنساه، وأضاف أن ضابط “الشاباك” أبلغه “أنت خارج علشان (لأن هناك) صفقة لكن ستحاسب”.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :