الخميس, 20 فبراير, 2025 إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

القيادة الفلسطينية مستاءة من خطة إماراتية إسرائيلية أمريكية لإدارة غزة


عمان جو - تشعر القيادةُ الفلسطينية بضيقٍ كبير في هذا الوقت الحسّاس، بسبب استمرار الضغط الخاص بالمخطط الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي، لتمرير خطةٍ جديدة لإدارة قطاع غزة، تُعطي دوراً شرفياً للسلطة الفلسطينية، مقابل فصل مهمة إدارة القطاع عن جسم فلسطيني موحّد يتّبع القيادة الفلسطينية، وإيكالها لجهة محلية أخرى.

ويقول مسؤولون في السلطة الفلسطينية، إن المخطط الذي تضغط الإمارات من أجل تمريره لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة، يتضمّن إصدارَ طلبٍ فلسطيني رسمي، موجّهاً إلى المجتمع الدولي، يطلب المساعدة في إدارة القطاع في المرحلة المقبلة، بما في ذلك الشكل الأمني، ليُصار بعد ذلك إلى الدفع بقوة أمنية غير فلسطينية (متعددة الجنسيات)، للإشراف على مفاصل إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب، تكون على صلة أيضاً بمجلس إداري مُشكّل من شخصيات تلاقي قبولاً من أطراف الخطة، تُوكل له مهمة إدارة الحياة اليومية في قطاع غزة، بما في ذلك ملف مساعدة السكان بعد الحرب، وخطط الإغاثة والصحة والإعمار.

ولغاية اللحظة، تواصل القيادة الفلسطينية رفضَ هذه الخطة، التي قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، بوضعها بعد اجتماعات “سرّية وعلنية”، مع مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، دون أي تنسيق مع القيادة الفلسطينية، ما يعكس وجود نوايا “الاستبدال”.

وفي مجالس السياسة في مدينة رام الله، مركز حكم السلطة الفلسطينية، جرى أخيراً العديد من المناقشات لمنع تطبيق الخطة الإماراتية كاملة، والتي حاولت الإمارات تمريرها قبل أكثر من شهر تقريباً في اجتماع الجامعة العربية على مستوى المندوبين، ووقتها لم تنجح خطة التمرير، التي تتضمن تشكيل إدارة منفصلة لقطاع غزة، تحت مُسمّى لجنة أو هيئة خاصة، بعد رفض الجانب الفلسطيني لها، بمساندة دول عربية مهمّة، رأت أن الأفضل في المرحلة المقبلة، أن توكل مهمة إدارة القطاع إلى الحكومة الفلسطينية.

ورغم رفض تمرير القرار، إلا أن محاولات الإمارات لم تتوقف طوال الفترة الماضية، بهدف تمرير المخطط، وهو ما دفع القيادة الفلسطينية لإجراء عدة اتصالات بهذا الشأن مع دول عربية وازنة، كان من بينها مصر والسعودية والأردن، عبرت خلالها عن رفض المخطط.

وذهبت القيادة أبعدَ من ذلك، من خلال إرسال رسائل غير مباشرة إلى الإمارات، طالبتها بعدم التدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، وذلك بعد تصاعد الخلافات منذ اجتماع وزراء عدد من الدول العربية في السعودية مع وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوتي بلينكن، وما لحقه من تأجيج للخلاف، على هامش القمة العربية الأخيرة.

مخاوف

وزادت مخاوف السلطة الفلسطينية من الخطة الإمارتية، بعد اللقاء الأخير الذي جمع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، بوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في أبو ظبي، والذي جرى قبل التوصل لقرار وقف إطلاق النار الأخير، وبخاصة أن الامارات استقبلت وزيراً إسرائيلياً للحديث عن مستقبل غزة السياسي، في ظل المجازر المتواصلة، ولم يكن وقتها اللقاء مخصصاً لبحث وقف الحرب.

وسبق اللقاء هذا وتحديداً في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أن كشف عن قيام الإمارات بمناقشة الخطة خلف الأبواب المغلقة، مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لتشكيل إدارة مؤقتة لقطاع غزة بعد الحرب، بعيداً عن السلطة الفلسطينية.

وتشمل الخطة إشراف الإمارات والولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى بشكلٍ مؤقّت على الحكم والأمن، وإعادة الإعمار في غزة، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي. ووقتها تردّد أن الخطة تشمل تشكيل قوة أفرادها من دول عربية، بما في ذلك متعاقدون عسكريون، دون أن يكون للفلسطينيين دور مباشر في الأمن في البداية.

وتستند الخطة الإماراتية، حسب ما يؤكد مسؤولون فلسطينيون، إلى تشكيل هيئةٍ تدير قطاع غزة، تكون مرتبطة “اسمياً” بالسلطة الفلسطينية والحكومة، التي لن يكون لها أي دور رقابي أو فعلي على هذه اللجنة، التي ستتولى بالكامل إدارة القطاع.

وقال أحد مصادر لـ “القدس العربي”، إن هذه الخطة في خفاياها تؤسّس لفكرة تشكيل حكومة في غزة بعيدة عن حكومة الضفة، وإن كانت لا تحمل اسم حكومة.

كذلك تشمل الطلب من السلطة الفلسطينية، للتوجه إلى الجامعة العربية والمجتمع الدولي، لطلب قوة شرطية أو أمنية، تُوكَل لها مهمة الأمن في قطاع غزة في المرحلة ما بعد الحرب.

والحديث يعود إلى مسؤول فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه، حيث قال إن التصريح الصحافي الصادر عن الرئاسة الفلسطينية، بعد التوصل إلى قرار بوقف إطلاق النار في غزة، والذي أكد جاهزية الحكومة وأجهزتها المدنية والأمنية واستلام المعابر، وتولي مسؤولياتها كاملةً في قطاع غزة، راجعة إلى الخشية من المخططات التي تحاك في “أجواء مظلمة” كما وصفها.

وأصدرت الرئاسة بياناً شديد اللهجة، هاجمت فيه أمريكا وأطرافاً إقليمية وحركة “حماس”، حيث عبرت عن غضبها من الأفكار التي تُطرح لإقامة دولة فلسطينية مصغّرة، وحذرت “الأطراف المتورطة” في مثل هذه المشاريع التي وصفتها بـ “المشبوهة”، من التمادي في التعاطي مع هذه المخططات التي قالت إنها “تشكل خيانةً لدماء وتضحيات الشعب الفلسطيني”، وطلبت من “حماس” والمشاركين في “المؤامرة” إلى مراجعة حساباتهم، مؤكدةً أن “دولة مصغّرة ومشاريع التهجير ومحاولة إحياء مشاريع التوطين المرفوضة سيكون مصيرها الفشل”.

ولم تفصح الرئاسة إن كان الأمر متعلقاً باتهامها لـ “حماس” بقبول المقترح الإماراتي أم لا.

وقد ردّت حركة “حماس” ببيان استهجنت فيه ما ورد على لسان الرئاسة، ونفته بشكل قاطع.

المقترح المصري

وبهدف فرض حلولٍ وسط، خاصة مع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عودةَ السلطة الفلسطينية لإدارة غزة، لإدراكه أن هذا الأمر سيكون له ثمن سياسي، سيدفع بالفلسطينيين للمطالبة بدولة مستقلة عاصمتها القدس على حدود 1967، جرى أخيراً طرح اقتراح مصري يشمل تشكيل لجنة إدارية تشرف على غزة، تصدر بمرسوم رئاسي وتكون بمهام محددة، وتخضع لقوانين السلطة الفلسطينية وتلتزم ببرنامجها السياسي.

مقترح مصري للجنة إدارية والسلطة تطلب أن يرأسها عضو في “التنفيذية”

وعقب جولات من التفاوض استضافتها العاصمة القاهرة، جمعت وفوداً من حركي “فتح” و”حماس”، وافقت الأخيرة على الطرح، فيما ردت حركة “فتح” على هذه الخطة بطلب إضافات، على شكل يضمن بقاء التبعية السياسية لهذه اللجنة لمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى لا تحدث لاحقاً أي مفاجآت تفصل ما بين غزة والضفة الغربية سياسياً، وهو مخطط سياسي تريد إسرائيل بقاءه للأبد.

وبهدف التوصل إلى رؤية مشتركة، أرسلت القيادة الفلسطينية وحركة “فتح” أخيراً وفداً رفيعاً إلى القاهرة ضمّ روحي فتوح رئيس المجلس الوطني وعضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، وعزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لـ”فتح”، وأحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية، عقد اجتماعات مع العديد من المسؤولين، كان من بينهم وزير الخارجية بدر عبد العاطي.

وخلال اللقاءات، عرض الوفد الفلسطيني الموفد من الرئاسة، تعديلاً على مقترح اللجنة الإدارية الذي عرضته مصر لاحقاً، اشتمل على أن يجري تعيين عضوٍ في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائباً لرئيس الحكومة الفلسطينية، وأن تُوكل له مهمة رئاسة اللجنة.

وظلت منذ ذلك الوقت خطوط الاتصال بين رام الله والقاهرة مفتوحة، للتوصل إلى حلّ، بعدما جرى إبلاغ السلطة الفلسطينية، بوجود رفض إسرائيلي لأي دور للقيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة في غزة، وهو أمرٌ يعزز مخاوف القيادة من مخطط الفصل، وما سيتبعه من خطط التهجير، التي أعلن عنها مؤخراً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وطلبت مصر من الوفد الفلسطيني الذي زار القاهرة أخيراً، القبول بالمقترح المقدم سابقاً، وتعهدت بعدم القبول بأي فصل سياسي ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما لا تزال الاتصالات جارية، لإيجاد حل وسطي، يساهم في تجاوز الأزمة، ويضمن تبعية قطاع غزة للسلطة الفلسطينية.

لقاءات القاهرة

وفي هذا السياق، طلبت مصر بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، من السلطة الفلسطينية، إرسالَ وفد للمشاركة في الترتيبات الفنية الخاصة بالإشراف على إدارة القطاع في المرحلة الأولى من التهدئة، والخاصة بإدارة المعابر، لا سيما معبر رفح، وبالفعل وصل وفد من كبار المسؤولين ضم مسؤول المعابر نظمي مهنا ووكيل الشؤون المدنية أيمن قنديل، إلى جانب ضابط كبير في جهاز المخابرات الفلسطينية.

وفي إطار تواصل الاتصالات المصرية الفلسطينية، وصل إلى القاهرة ليل الثلاثاء أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ.

وحسب المعلومات التي وصلت “القدس العربي”، فإن جوهر الزيارة ينصبّ على بحث خطط مشتركة تضمن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، إلى جانب الموضوع المهم، والخاص بالتصدي لخطة ترامب للتهجير.

وبحث الشيخ، الأربعاء، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، سبل تثبيت وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وفق ما قاله في منشور على منصة “إكس”.

وأضاف: “جرى خلال اللقاء بحث سبل تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية، كما جرى التأكيد على دعم بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه والرفض القاطع لتهجيره”، دون تحديد مكان الاجتماع حتى ساعة نشر الخبر.

وكانت معلومات ذكرت لـ “القدس العربي” ، أن الشيخ سيعقد سلسلةَ اجتماعات وصفها مسؤول فلسطيني بـ “المهمة”، ستبحث بالتفصيل إدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة، والتوافق على خطة مصرية فلسطينية للتصدي لمخطط ترامب، إلى جانب عناوين فرعية أخرى.

وسيجري العمل قريبا على إيجاد صيغة توافقية على إدارة قطاع غزة، بخاصة مع اقتراب المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والذي يبدأ بعد 42 يوماً، وهي المدة الزمنية للمرحلة الأولى، ومن المفترض أن تكون انتهت خلاله كافة الترتيبات الخاصة بإدارة قطاع غزة، في ظل تشدّد حكومة الاحتلال، برفض أي دور لحركة “حماس”، على غرار ما كان سابقاً في قطاع غزة، قبل بدء الحرب.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :