الخميس, 13 مارس, 2025 إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الكبتاجون السياسي و فكر التنظيم المزاجي


عمان جو - د محمد العزة

بداية و للتنويه و حتى لا يقع الالتباس من عنوان المقال ، فأن استخدام اسم العقار المذكور أعلاه في العنوان لا صلة له من الناحية الطبية أو الكيميائية بالموضوع الذي يدور حوله محور الكتابة الذي يناقش أحد الشؤون السياسية ، أنما تم الاستعانة به لإقامة المحاكاة في وصف الأعراض التي تعاني منها الحالة المزاجية الحزبية السياسية الأردنية هذه الأيام بشكل عام و لا تستهدف تنظيما بكيانه الخاص و ما يقابلها من أعراض فرك نشاط عصبية يسببها ذلك العقار .
للتوضيح اكثر جاء الزج بالكبتاجون ذلك العقار المنشط العصبي بشكل مجازي حيث سمح الألمان لجنودهم باستخدمه في الحرب العالمية الثانية لمعرفتهم لاثاره في إثارة الجملة العصبية و منحهم قسطا من الشعور بالشجاعة عند اجتياحهم لروسيا و مواجهة الدب الروسي و برده القارس القاسي ، و بعد الاطلاع و المعرفة بدأت من عند هذه النقطة لاسقط التجربة و الملاحظة و المتابعة لنشاط الحركة السياسية و بعض كوادرها في القوى و التنظيمات الحزبية الأردنية على اختلاف مستوياتها و علو سقف تصريحاتها و شعاراتها ، إلى مراقبة الاضطراب و التخبط تارة او التردد و التمدد تارة أخرى في اختيار المجالات و اي الملفات التي يتم التركيز عليها إعلاميا و تضخيمها أما بتكرار شريط اخبارها رغم المعرفة بتفاصيل حقيقتها أو أحيانا إطلاق و تغذية الاشاعات حولها و هو أحد اسوء الاثار الجانبية للحالة التي يعانوا منها ، لذا فأن المواطن الأردني بثقافته و معرفته و خبرته لاحظ ان خلف هكذا تصرفات من شجاعة و فرط الفعالية و المراوغة في التصريحات من بعضهم ثم المراوحة في ضبط سقف الصوت مابين الحاد و اخر منخفض ثم الاقدام على إثارة عناوين لا تمت للمناسبة أو الحالة بأي صلة من على اي منصة يعتلوها في أي فرصة سانحة يقتنصوها و لا يضيعونها لأن الهدف هو افتعال اي نقاشات و حوارات حول مواضيع تحت عناوين تضمن جذب الإنتباه لهم ، كما سيفعل عنوان هذا المقال فعله في اول لحظة من وقوع عين القارئ عليه ، و بعد التعمق في القراءة فيه سيكتشف أن المستهدف هو توصيف حالة فرط النشاط السياسي البدني و الميكانيكي الحركي و الشفوي لدى بعض كوادر القوى و التنظيمات السياسية و الحزبية الأردنية و ما تعانيه من التشتيت و التشتت في الذهنية و التنقل مابين العناوين و طرحها على منصات التواصل الاجتماعي و صولا إلى الشارع و الحرص على تشكيل رأي عام مجتمعي و الحديث عنه بكل قوة و طلاقة و بلاغة، من باب التأكيد أنهم يتحدثوا بكل ثقة بالنفس و نقلا عن مصدر أكيد ، ليشد انتباه و تركيز المواطن المستمع للوهلة الأولى ، الذي سيجد نفسه بعدها يوزن الموضوع و يخضع العنوان من على موازين الواقعية و الأولوية ليجد أنه لا يساوي الوقت الذي أضاعه عليه ، و كان من الاجدى استثماره في مجال تحسين أوضاعه لغاية الحصول على قوت يومه و رغيف خبزه الذي امتلك هؤلاء الشجاعة بأن يعيشوا ترف الوقت و أشغالهم الشارع كما اشغل اشعال الخريس ، الظاهرة التي اجتاحت حارات شوارعنا هذه الايام ، ثم لتشغل هذه الظاهرة الشارع و الداخلية الأمر الذي استنفرها و جعلها تصدر تعميم عقوبة و ملاحقة هؤلاء لجرمين الاول الإضرار بالمال العام و الثاني هدرهم لجهود الأمن العام ، و هؤلاء هم كذلك امتلكوا البراعة في حرف الأنظار عن أبصار المواطن الأردني عن ملفاته و قضاياه ، و متابعة ما انتظروه من وعود و تعهدات بنقاشها و مراقبتها لاداء الحكومة و المشاركة في تقديم حل من ملفات الفقر و التشغيل و العمالة و خلق فرص العمل و خفض مستوى البطالة و الاستثمار و غيرها من ملفات الصفيح الساخن ، لكن دون امل بأن يرى ذلك المواطن النور أو فرحة تعلو وجهه ، بل لا يمتلك الا الامتعاظ و الاتعاظ بعد أن كشف فراغ جعبة و خلو حقيبة هذه القوى أو الكوادر من اي خطة واضحة تشكل طرح لحل واقعي و عملي للمشاكل أو المطالب الذي ينتظر الشارع الأردني مناقشتها منهم و عرضها على الحكومات و تبني ما يمكن التعامل معه ضمن ما تيسر من ادوات و إمكانيات و السير بخطى تجاه حلها .

للان لايوجد ممارسة حزبية برامجية حقيقية متواجدة على الساحة السياسية الأردنية و يقع الجزء الاكبر من المسؤولية في ذلك على التنظيم السياسي الذي عبر و وصف نفسه أنه صاحب الاكبر ، و أكبر حظوة و رغبة لدى القواعد الشعبية فهل ما يطرحوه اليوم من مواضيع داخل القبة يعبر و يمثل ما وعدوا به الشارع بالأمس ، من جعل تحسين ظروف أحواله المعيشية على رأس الأولوية ، الجواب واضح من العنوان (لا) ، فهم معنيين بملفات لها ارتباطها الخارجي ، و لعل اخر موضوع تم أثارته تحت القبة كانت رسالة ليست بريئة وكأنها محاولة لارسال إشارة للخارج أن الاردن لديه سجون سرية ، في حين أنهم هم أنفسهم يعلموا كل ما يحيط بهذا الملف بالذات .
الاردن يعتبر في مقدمة دول الجوار العربية و الإقليمية تقدما في مجال التشريعات الديمقراطية و الاكثر التزاما بحقوق الإنسان و احترام الحريات العامة و تم توقيع كافة المعاهدات الدولية الخاصة بها .
الاردن مملكة هاشمية لم تلجأ يوما من الايام الى نهج الأنظمة الشمولية الدموية أو التصفية الجسدية لمعارضيها حتى لأعداءها و من ثبت عليهم الخيانة و التخابر الخارجي ، حيث كانت سيادة القانون و عدالة القضاء هي الفصل .
الكبتاجون العقار الكيميائي يستخدمه مختلف الفئات العمرية من طبقة العمال الفقيرة ظنا منهم أنها تزيد من انتاجيتهم ، لكن تعاطيه في ظل تخيم شبح البطالة فأن هذا العقار يدفع أبناء هذه الطبقة الاجتماعية نحو مزيد من التوتر و العصبية و تغذية مشاعر الممارسة العدوانية و العنف و ارتكاب الجرائم الجنائية ، ولهذا نجد أن الدولة لا تتهاون في مكافحة تلك المادة التي تستهدف شبابنا و تسنفذ قواهم .
على غرار ذلك العقار الكيميائي هناك من ابتكر وصفة سياسية لكبتاجون سياسي يشحن عزيمة من يتعاطاه و يعمل توجيه فكره نحو التعصب والتطرف و التشدد و تحفيزه بكل شجاعة على القيام بنشاطات و إطلاق إشارات و تصريحات متفق عليها و افتعال أزمات ليست في محلها و لا مكانها و لا زمانها لأنهم يعانوا من بطالة سياسية ، فقط الغاية منها تجييش أنصار ذلك الفكر أو التنظيم و التشويش على بصرهم و بصيرتهم و التعتيم على نظرهم لحجب الواقع و الحق ليلتبس بالباطل ، لكنه قوله تعالي " (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)" سورة الإسراء صدق الله العظيم.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :