الاحد, 30 مارس, 2025 إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • عربي و دولي

  • الكنيست يُخضِع المحكمة العليا لسلطة السياسيين .. دعوات متصاعدة في إسرائيل لتحاشي أزمة دستورية تدفعها إلى حافة الفوضى

الكنيست يُخضِع المحكمة العليا لسلطة السياسيين .. دعوات متصاعدة في إسرائيل لتحاشي أزمة دستورية تدفعها إلى حافة الفوضى


عمان جو - رغم الاحتجاجات والتحذيرات من قطع الحبل الأخير بين المعسكرين المتصارعين في إسرائيل، صادق برلمانها (الكنيست)، صباح اليوم، الخميس، على مشروع قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة، وبذلك تأمين سيطرة المستوى السياسي عليها وتحقيق الهدف الأهم لـ”الإصلاحات القضائية”، التي تعتبرها المعارضة “انقلاباً على النظام السياسي”.

بعدما أقدمت حكومة الاحتلال على اتخاذ قرار بإقالة رئيس الشاباك رونين بار، وإقالة مستشارتها القضائية غالي بهراب ميارا، تقدمت نحو احتلال المحكمة العليا، وسط استغلال حالة الإرهاق في الشارع الإسرائيلي، جراء الاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة من قبل الحرب على غزة، إضافة إلى استغلال انقسام الإسرائيليين حيال القضايا الملحة الداخلية والخارجية.

قبيل الحرب، نجح الشارع الإسرائيلي بفرملة حكومة الاحتلال، واضطرارها لوقف تشريعات “الإصلاح القضائي”، بعدما خرج مئات الآلاف منهم، لكن نتنياهو سارع للانقضاض من جديد، حال استشعر حالة التعب، وربما اليأس لديهم، من أجل استكمال الانقلاب الذي يحوّل إسرائيل لدولة ظاهرها ديمقراطي وجوهرها استبداد وفساد، على غرار بولندا وهنغاريا وغيرهما، كما يؤكد عددٌ من المراقبين الإسرائيليين يوميًا.

عريضة: نقلق من الآتي وندعو الوزراء لاحترام مبادئ الديمقراطية والامتناع عن كل خطوة من شأنها تمزيق المجتمع الإسرائيلي وإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه

نتنياهو، المتهم بالفساد، ويخضع لمحاكمة مربكة حولها، يحقق اليوم وائتلافه غاية طالما طمعوا بها، وهي الاستيلاء على هوية المحكمة العليا، التي يعتبرها مراقبون إسرائيليون كثر الحصن الأخير أمام السلطة التنفيذية، التي بادرت في مطلع 2023 إلى خطوات متتالية واسعة وعميقة لمحاصرة صلاحيات مؤسسات بقية السلطات والمؤسسات الكابحة وحراس الديمقراطية، كالإعلام، القضاء، أجهزة الأمن، الشرطة، والنيابة العامة وغيرها.

مضى ائتلاف نتنياهو نحو استكمال “الانقلاب على النظام” وسط مخاوف واسعة من تسبّب ذلك في أزمة دستورية وحالة احتراب، بل ذهب رئيس سابق للمحكمة العليا، أهارون براك، للقول إن إسرائيل تقترب اليوم من حرب أهلية، وتبدو كالقطار على حافة منحدر. فسارع نتنياهو للرد عليه بنفي وجود حرب أهلية محتملة، متهماً مجدداً “الدولة العميقة” بالسعي لممارسة الحكم فعلياً وإبقاء الحكومة المنتخبة مجرد “أصيص ورد” صامت وتابع. وقال: “إسرائيل ستبقى دولة ديمقراطية، ولن تكون حرب أهلية”.

عودة السجالات الداخلية
ويتساءل مراقبون عن هذا التقدّم الفعلي في تغيير النظام السياسي في إسرائيل تزامنًا مع إعلان وزراء نيتهم بعدم احترام قرارات المحكمة العليا وتزامنًا مع الحرب على غزة، هل يؤدي للعودة للسادس من أكتوبر للعام 2023 لفترة السجالات الداخلية الساخنة؟ هل يؤدي هذا التحوّل غير المسبوق بـإخضاع المحكمة العليا للسياسيين لـصبّ الزيت على الاحتجاجات فيفاقمها ويجعلها أشد وأكبر حتى إجبار الائتلاف الحاكم للتوقف؟

على خلفية ذلك وقّع اليوم عشرات من رؤساء وقادة الشرطة السابقين عريضة من أجل حماية الشرطة والديمقراطية يعربون فيها عن قلقهم من إجراءات إقالة بار وبهراب ميارة، ومن مواصلة الهجوم على سلطة القانون، والمساس بـ “حراس العتبة”، الذي يعني المس بـاستقلالية جهاز القضاء وبالأمن.

ويؤكد هؤلاء أن التصريحات عن نية الحكومة عدم الانصياع لقرارات المحكمة العليا تزعزع أسس الحياة المشتركة، وتضرب المناعة الوطنية، وتثير قلقًا كبيرًا بأن هناك تغييرًا لـطابع وروح النظام الديمقراطي.

وتضيف العريضة المنشورة في وسائل الإعلام العبرية اليوم: “نقلق من الآتي، وندعو الوزراء لاحترام مبادئ الديمقراطية والامتناع عن كل خطوة من شأنها تمزيق المجتمع الإسرائيلي وإلحاق ضرر به لا يمكن تصليحه. نشد على أيدي قادة الشرطة ونتوقع سماع صوت المفتش الحالي بوضوح حول الواجب بالعمل وفق القانون وأحكام العليا”.

هذا الوقت للفرملة
وفي عريضة ثانية ستنشر غدًا الجمعة، موقعة من قبل 180 شخصية إسرائيلية، بمشاركة آباء جنود ثواكل، وأكاديميين وحاخامات ورؤساء مرافق اقتصادية ستدعو طرفي الخلاف للكفّ عن التصعيد. وحسب ما تكشف عنه اليوم صحيفة “يديعوت أحرونوت” يدعو الموقّعون في عريضتهم بعنوان “هذا وقت للفرملة” الحكومة لوقف التغييرات السلطوية، ويدعو المعارضة والإعلام لتحاشي التحريض والتصعيد قبل تورّط إسرائيل بـأزمة دستورية خطيرة.

إسرائيل في صراع مع نفسها
ويشير المحاضر في القانون بروفيسور يديديا شطيرن إلى أن الإستراتيجية الحكومية الحالية تعتمد على هجوم سياسي شامل: تُطرح على الساحة الوطنية مجموعة كبيرة من القضايا دفعة واحدة، وهو ما يؤدي إلى إنهاك الجمهور، ويفتح المجال أمام تمرير أهدافٍ لم يكن في الإمكان تمريرها في ظروف طبيعية. ويقول إنه في بعض الحالات، يكون هذا الهجوم رمزيًا فقط، مثلما هي الحال بشأن قرار الحكومة الذي يعبّر عن انعدام الثقة بالمستشارة القانونية، هذا التحرك الذي لا يُتوقع أن يسفر عن نتائج عملية، نظرًا إلى وجود عقبات قانونية أمامه يصعب تجاوُزها.

ويضيف: “في حالات أُخرى، يكون الهدف إحداث تغيير فعلي في الواقع، مثل مشروع القانون الخاص بتعديل تركيبة اللجنة المسؤولة عن اختيار القضاة، والذي يمر من دون احتجاج شعبي واسع رغم أهميته البالغة، وذلك تحت غطاء هذا الهجوم السياسي الواسع النطاق”.

كما يقول إن قرارات الحكومة تُشعل الجبهة الثامنة الداخلية بقوة: إسرائيل ضد إسرائيل. إنها تدفعنا جميعًا إلى حافة الهاوية، وإلى خلاف عميق بشأن أكثر القضايا مركزية في حياتنا الوطنية. إنها تمزق النسيج الاجتماعي في وقت الحرب، وعشية تعبئة واسعة للاحتياط، كما تثير تبعاتها قلقًا هائلًا، وشعورًا واضحًا بحالة الطوارئ في أوساط أغلبية الشعب، بمن فيها مؤيدو الحكومة.

ويستعرض شطيرن نقاط الخلاف الذي يتغذى من اختلافات عميقة ترتبط بانقسام الإسرائيليين لشرقيين وغربيين، علمانيين ومتدينين، فيقول إن كل واحد من المواضيع الخمسة التالية هو موضوع جوهري، وليس ثانويًا، لكن من المهم التمييز بينها، وتحديد الموقف منها بدقة، لا بشكل أوتوماتيكي، بل بشكل موضوعي وملموس، مع الحكومة، أو ضدها.

استعادة الأسرى
ويرى شطيرن أن المعضلة المتعلقة بإعادة الأسرى في مقابل استئناف الحرب تثير تساؤلات مهمة ووجودية وأخلاقية وأمنية، لكن اختيار القتال هو قرار مشروع لحكومة منتخَبة، ولا يجوز كسر القواعد بسببه، مثل رفض الخدمة. إن خلط احتجاجات ذوي الأسرى مع الاحتجاجات ضد بقية خطوات الحكومة هو خلط بين أمور غير متجانسة، ومن الناحية العملية، يضع العصي في دواليب الاحتجاج ضد خطوات الحكومة الإشكالية. ويرى أيضًا أن محاكمة نتنياهو كان يجب أن تنتهي منذ وقت طويل من باب الحفاظ على الدولة وتحملًا للمسؤولية. ويعلل موقفه بالقول: “هدم شمشون الأعمى في غزة المعبد الفلسطيني على نفسه، وعلى أعدائه. لا يجوز لنا السير على خطاه. إن إنشاء لجنة تحقيق رسمية بالحرب أمر ضروري للمناعة الوطنية. لو أُخذت نصيحتي بعين الاعتبار، لتمّ الاتفاق مسبقًا على تفويض اللجنة التحقيق في العمليات والمؤسسات، وليس إيجاد المذنبين. الجوهر ليس في توجيه إصبع الاتهام نحو فرد، بل فحص الإخفاقات الهيكلية في عمليات التفكير والتشغيل في المنظومة المسؤولة عن أمننا. وهدف اللجنة هو: الإصلاح”، وليس “العدالة”.

شطيرن: الجوهر ليس في توجيه إصبع الاتهام نحو فرد، بل فحص الإخفاقات الهيكلية في عمليات التفكير والتشغيل في المنظومة المسؤولة عن أمننا

الخطر على المستقبل
ويرى شطيرن أن الطعن في الديمقراطية الإسرائيلية هو الخطر الأكبر على مستقبلنا، والذي أصبح ممكنًا، بعد أن نجحت خطوات الحكومة في زرع انعدام الثقة لدى كثيرين تجاه شخصيات ومؤسسات مسؤولة عن سيادة القانون. ويقول إنه يجب الاعتراف، بصدق، بأن قرارات وسلوك بعض أجزاء الجهاز القضائي ساهمت أيضًا في هذه النتيجة الكارثية. ويرى أن الخطر الكبير والفوري هو أن تقرر المحكمة العليا أن إقالة رئيس الشاباك غير قانونية بسبب إجراء غير سليم، أو لأن المعايير القانونية المنصوص عليها في القانون الإداري، والتي تُعد شرطًا لشرعية الإقالة، لم تتحقق. سيدّعي رئيس الحكومة أن المحكمة تجاوزت صلاحياتها، ولا ينبغي الامتثال لقرارها. ويمضي في توقع أزمة دستورية غير مسبوقة: “أمّا رئيس الشاباك، الذي سبق أن قال إنه سيطيع القانون فقط، فقد يصرّ على البقاء في منصبه. مَن سيحسم الأمر؟ هل ستتحول إسرائيل إلى “جمهورية موز”، حيث مَن يملك القوة الجسدية هو الذي يقرر مَن يُمسك بدفة الحكم؟ لا يجوز الوصول إلى مواجهة مباشرة ومصيرية كهذه. يصعب عليّ أن أصدق أن نتنياهو يريد الوصول إلى ذلك. وإن حدث، بغض النظر عن النتيجة، فسيذكره التاريخ بالخزي والعار إلى الأبد”.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :