الاربعاء, 09 أبريل, 2025 إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

«الأردن صديق وشقيق لإيران»… بعد «اتصال العيد» لماذا «صوبت» عمان رواية طهران؟


عمان جو - بسام البدارين - النشاط الذي أظهرته بعض المنابر والمقالات والتقارير الإعلامية الأردنية خلال يومين ماضيين لتصويب الرواية الرسمية المتعلقة بمضمون اتصال هاتفي بين الملك عبد الله الثاني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، له ما يبرره سياسياً ومهنياً، في كل حال.
ذلك النشاط يظهر مجدداً بأن الجزء الذي انتظم على سكته في ملف العلاقة الإيرانية الأردنية حصراً هو ذلك الجزء المتعلق بالمجاملات فقط مع الرئيس الإيراني الجديد بعد زيارة فريدة وشهيرة منذ أشهر، قام بها إلى طهرن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
الإشارة هنا واضحة وحادة الملامح إلى أن المختلف عليه بين البلدين لا يزال أكثر وأكبر وأعمق من المتفق عليه، مادامت القضايا الأساسية عالقة ومادام نمط التحالفات والاصطفافات الأردنية لا يناسبه في كل حال للتوسع في إجراء اتصالات مع الإيرانيين.
برزت تلك الوقائع مع البيان المقتضب الذي صدر عن الديوان الملكي الأردني متحدثاً عن اتصال مجاملة هاتفي لأغراض تبادل التهنئة في العيد، فيما البيان الرسمي الإيراني توسع بطريقة ملحوظة ومرصودة، وتحدث عن تضامن إيراني مفترض مع المواقف والمصالح الأردنية، وعن بحث العديد من الملفات والقضايا في المستوى الإقليمي.
لا يعرف الأردنيون بعد خلفيات التوسع في سردية الرواية الإيرانية عن اتصال العيد الهاتفي بين الملك والرئيس مسعود بزشكيان، وإن كانت صحيفة «مدار الساعة» الإلكترونية النشطة التقطت المفارقة والفارق بين تصريحين عندما نقلت عن مصدر مأذون -كما وصفته- أن الاتصال الهاتفي بين الزعيمين لم يخرج عن سياق المجاملة بالعيد، ولم يبحث قضايا معمقة أو أية مواقف مستجدة.
في المقابل، توسع البيان الإيراني في الحديث عن مناقشات مع عاهل الأردن يبدو أنها لم تحصل، له علاقة بجرائم إسرائيل وما يحصل في غزة ومستقبلها والتهجير القسري.
وذكر البيان الإيراني أن الجمهورية الإسلامية لن تدخر جهداً في تعزيز العلاقات مع الأردن «الصديق والشقيق»، ونقل تصريحاً ملكياً عن الرغبة في التوسع في العلاقات بين البلدين، وما ذكر أنه امتنان لمواقف إيران تجاه التحديات الإقليمية، وأن عاهل الأردن يشعر بالقلق إزاء التطورات والأحداث.
عبارة «الأردن الصديق والشقيق» يبدو أنها قرعت كل أجراس الإنذار السياسي في عمان، خصوصاً أن جميع الخبراء يدركون مسبقاً بأنها قد لا تكون العبارة المناسبة لوصف طبيعة علاقات بين بلدين اقتصرت مؤخراً على قدر من المجاملة وفيها مساحة واسعة من الخلافات حول مختلف القضايا، لا بل -برأي الدوائر الرسمية الأردنية- إن زيارة الوزير الصفدي الشهيرة لإيران ولقاء المجاملة مع الرئيس الإيراني المنتخب القصير لاحقاً في نيويورك، إنما ارتبط عملياً برسائل الأردن في الدفاع عن سيادته خلال الاشتباك الصاروخي عن بعد بين إيران وإسرائيل؛ لأن الأردن -كما سمعت «القدس العربي» من السياسي الأردني المخضرم الدكتور جواد العناني- لا يقبل ولن يقبل تحول المملكة إلى ساحة صراع، لا من جهة إسرائيل ضد إسرائيل ولا العكس.
هاجمت بعض المقالات في منابر أردنية ما سمته «الابتزاز الإيراني الاعلامي»، لا بل اتجه الكاتب الدكتور خلف طاهات في مقال نشرته الخميس صحيفة «عمون» الإلكترونية، إلى مقاربة الابتزاز الإعلامي الإيراني للأردن بعد العيد بمحاولة مماثلة شهيرة كان بطلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لقاء واشنطن المعروف.
في الحالتين، حافظ الأردن على ثوابته وخطابه ورؤيته للصراع في المنطقة.
لكن الأهم سياسياً، أن عمان بذلت جهداً في رسالة خاصة مستجدة في عطلة عيد الفطر لكي تعيد ترسيم وتوصيف مستوى الاتصالات مع القصر الرئاسي الإيراني ضن منظومة واقعية ودبلوماسية وليست استراتيجية، وعلى أساس قناعة مسبقة بأن وصف العلاقات الثنائية أنها علاقات بين أصدقاء وأشقاء ينطوي على مبالغة وتهويل، لأنه قد يؤدي الى إيذاء المصالح الأردنية ولا يعكس واقع الحال.
أغلب التقدير أن الأردن وبذكاء مهني ملموس، أعاد إنتاج الانطباع عن مضمون الاتصال الهاتفي خلال العيد مع الرئيس الإيراني.
وفي المقابل، اجتهدت عمان حتى تتجنب مزالق إصدار بيان رسمي يندد بالرواية الإيرانية عن اتصال هاتفي. تلك بحد ذاتها رسالة تقول فيها المؤسسة الأردنية إنها راغبة في بقاء العلاقات والاتصالات ضمن مستواها الدبلوماسي حتى الآن، وبأنها لا ترغب عملياً في مناقشة القضايا العميقة، كما وصف المصدر المأذون مع الإيرانيين، خصوصاً أن التوقيت الحالي سيء للغاية، وكلف التواصل مع طهران استراتيجياً قبل انتهاء النقاشات الحادة بين طهران وواشنطن كبيرة جداً على بلد مثل الأردن.
وهو الأمر الذي اقتضى التنويه بدبلوماسية ونعومة، وعبر روايات ومقالات ليست رسمية بصورة مباشرة ومحددة.
ما حصل ثالث أيام العيد يثبت مجدداً أن العلاقات والاتصالات مع طهران تحتاج إلى فترة طويلة من استعادة الثقة، وأن تحالفات عمان الطبيعية هي في الاتجاه المضاد والمعاكس لطهران، سواء على صعيد إسرائيل والأمريكيين، أو حتى على صعيد دول الخليج التي يعتبر الأردن أن إيران تتدخل فيها بدون وجه حق.
وجد الإيرانيون على نحو أو آخر في مجاملة تلقي هاتف رئيسهم أردنياً فرصة لأن يقول الرئيس بزشكيان بقدرته على التسلل لبعض الزعامات العربية بعيداً عن مؤسسة الحرس الثوري والمرشد العام، وبالمقابل وجد الأردنيون في المبالغة الإيرانية فرصة لإعادة ضبط الإعدادات في ملف «العلاقة مع الجمهورية الإسلامية».

«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :