سدّ أبواب الإشاعات
عمان جو - جمانة غنيمات
لأول مرة، يتمكّن المتابعون والخبراء من فهم آلية تسعير المحروقات محلياً، وصولاً إلى معرفة المبالغ المتحققة للخزينة من هذا البند. وقد تمّ ذلك بعد سنوات طويلة ظلت فيها هذه الآلية لغزاً يصعب شرحه وتفسيره؛ من المتخصصين قبل المواطنين العاديين.
الفكرة هي أن الفهم كان يستعصي بسبب غياب المعلومة، وبما خلق بيئة مؤاتية للتحليلات الخاطئة والتقديرات غير السليمة بشأن حجم الإيرادات المتأتية فعلياً من ذلك. وعلى مدى سنوات أيضاً، كتبتُ في هذه الزاوية مطالبةً الحكومات بالتوضيح، لكن في كل مرة كانت الإجابة هي ذاتها: معادلة صمّاء معقدة، كما منقوصة البيانات.
وقد زادت كلف الإشاعات والتحليلات المغلوطة خلال السنوات الماضية، في ظل أجواء غياب الثقة بين المجتمع والحكومات، إلى أن قامت الحكومة الحالية بنشر معلومات تَظهر للرأي العام لأول مرة، تُبيّن حجم استهلاك المملكة من المشتقات النفطية، ومتوسط الأسعار لكل صنف منها.
وعلى الرغم من أن المعلومات التي قدمتها الحكومة ما تزال غير شاملة ولا وافية، فإنها على الأقل مكّنت المحللين من البناء عليها، وليكون في مقدورهم وضع تصوراتهم وقراءتهم لنسب الاستهلاك والإيرادات التي تحققها الخزينة. فيما يبقى على الحكومة الإعلان بشفافية عن حجم الإيرادات المتأتية فعلاً من بند المحروقات على اختلاف أنواعها للخزينة.
اليوم، نعلم كم نستهلك من البنزين مثلاً، ونعرف تالياً حجم الضرائب المقطوعة والخاصة وكذلك ضريبة المبيعات التي تجنيها الخزينة من ذلك. وهو ما ينطبق على باقي أشكال المشتقات النفطية. وليس سراً أن المحروقات على اختلاف أنواعها تعدّ مصدرا مهما للإيراد، الأمر الذي يفسّر زيادة الأسعار محليا رغم تراجع أسعار الخام خلال السنوات الماضية.
على سبيل المثال، تتقاضى الحكومة على لتر بنزين "أوكتان95" 16 % ضريبة مبيعات، و24 % ضريبة خاصة، إضافة إلى مبلغ مقطوع مقداره 9.5 قرش لدعم الخزينة. كما تتقاضى ضريبة مبيعات بنسبة 4 % على بنزين "أوكتان90"، وضريبة خاصة مقدارها 18 %، ومبلغا مقطوعا يبلغ 5.5 قرش لكل لتر.
وبالمناسبة، لم يعد صعبا، مع قليل من البحث والحسابات، التوصل إلى حجم العائد للخزينة. فقياسا على أن المملكة تستهلك 4.984 مليون طن من المحروقات، وكل طن يعادل 7 براميل نفط، بسعر متوسط للبرميل خلال العام 2016 يبلغ 50 دولارا (سعر الصرف 0.71)، تكون تكلفة إجمالي استهلاك البلد من المحروقات حوالي 1.238 مليار دينار.
واعتمادا على ما سبق، وبطرح التكلفة (بما في ذلك الرسوم والعمولات الأخرى وكلف التكرير أيضا) من الإيراد الذي أعلنته الحكومة والبالغ 2.6 مليار دينار، يمكن التوصل إلى قيمة تقريبية لصافي إيراد الخزينة.
القصد ليس تعقيد المسألة للقارئ، بل القول للحكومة إن مزيدا من المعلومات، ومزيداً من الشفافية والتواصل، كفيلان بنسف كل الإشاعات، والقضاء على البيئة المؤاتية لتصديقها. فالرد بالمعلومة والمنطق والحقيقة يقوي الحكومات وصدقيتها، ويجعل حجتها أقوى.
ومع استمرار هذا النهج؛ بتوفير المعلومات وإيصالها للإعلام، وبالتالي شرحها للرأي العام، يتم سدّ الأبواب وإغلاق الطريق في وجه التحليل غير السليم. إن الحقيقة يا سادة هي أقرب الطرق للوصول إلى وجدان الناس واختراق عقولهم، فيما غيابها لن يضيف إلا مزيدا من الجفاء وفقدان الثقة مع الناس.
بعد اليوم، لم يعد تسعير المحروقات مجرد معادلة صمّاء ليست لها قيمة إلا زرع مزيد من الشكوك ونشر مزيد من الإشاعات. لقد سدّت الحكومة الباب بالمعلومة والحقيقة، وعليها مواصلة السير على الطريق ذاتها.
لأول مرة، يتمكّن المتابعون والخبراء من فهم آلية تسعير المحروقات محلياً، وصولاً إلى معرفة المبالغ المتحققة للخزينة من هذا البند. وقد تمّ ذلك بعد سنوات طويلة ظلت فيها هذه الآلية لغزاً يصعب شرحه وتفسيره؛ من المتخصصين قبل المواطنين العاديين.
الفكرة هي أن الفهم كان يستعصي بسبب غياب المعلومة، وبما خلق بيئة مؤاتية للتحليلات الخاطئة والتقديرات غير السليمة بشأن حجم الإيرادات المتأتية فعلياً من ذلك. وعلى مدى سنوات أيضاً، كتبتُ في هذه الزاوية مطالبةً الحكومات بالتوضيح، لكن في كل مرة كانت الإجابة هي ذاتها: معادلة صمّاء معقدة، كما منقوصة البيانات.
وقد زادت كلف الإشاعات والتحليلات المغلوطة خلال السنوات الماضية، في ظل أجواء غياب الثقة بين المجتمع والحكومات، إلى أن قامت الحكومة الحالية بنشر معلومات تَظهر للرأي العام لأول مرة، تُبيّن حجم استهلاك المملكة من المشتقات النفطية، ومتوسط الأسعار لكل صنف منها.
وعلى الرغم من أن المعلومات التي قدمتها الحكومة ما تزال غير شاملة ولا وافية، فإنها على الأقل مكّنت المحللين من البناء عليها، وليكون في مقدورهم وضع تصوراتهم وقراءتهم لنسب الاستهلاك والإيرادات التي تحققها الخزينة. فيما يبقى على الحكومة الإعلان بشفافية عن حجم الإيرادات المتأتية فعلاً من بند المحروقات على اختلاف أنواعها للخزينة.
اليوم، نعلم كم نستهلك من البنزين مثلاً، ونعرف تالياً حجم الضرائب المقطوعة والخاصة وكذلك ضريبة المبيعات التي تجنيها الخزينة من ذلك. وهو ما ينطبق على باقي أشكال المشتقات النفطية. وليس سراً أن المحروقات على اختلاف أنواعها تعدّ مصدرا مهما للإيراد، الأمر الذي يفسّر زيادة الأسعار محليا رغم تراجع أسعار الخام خلال السنوات الماضية.
على سبيل المثال، تتقاضى الحكومة على لتر بنزين "أوكتان95" 16 % ضريبة مبيعات، و24 % ضريبة خاصة، إضافة إلى مبلغ مقطوع مقداره 9.5 قرش لدعم الخزينة. كما تتقاضى ضريبة مبيعات بنسبة 4 % على بنزين "أوكتان90"، وضريبة خاصة مقدارها 18 %، ومبلغا مقطوعا يبلغ 5.5 قرش لكل لتر.
وبالمناسبة، لم يعد صعبا، مع قليل من البحث والحسابات، التوصل إلى حجم العائد للخزينة. فقياسا على أن المملكة تستهلك 4.984 مليون طن من المحروقات، وكل طن يعادل 7 براميل نفط، بسعر متوسط للبرميل خلال العام 2016 يبلغ 50 دولارا (سعر الصرف 0.71)، تكون تكلفة إجمالي استهلاك البلد من المحروقات حوالي 1.238 مليار دينار.
واعتمادا على ما سبق، وبطرح التكلفة (بما في ذلك الرسوم والعمولات الأخرى وكلف التكرير أيضا) من الإيراد الذي أعلنته الحكومة والبالغ 2.6 مليار دينار، يمكن التوصل إلى قيمة تقريبية لصافي إيراد الخزينة.
القصد ليس تعقيد المسألة للقارئ، بل القول للحكومة إن مزيدا من المعلومات، ومزيداً من الشفافية والتواصل، كفيلان بنسف كل الإشاعات، والقضاء على البيئة المؤاتية لتصديقها. فالرد بالمعلومة والمنطق والحقيقة يقوي الحكومات وصدقيتها، ويجعل حجتها أقوى.
ومع استمرار هذا النهج؛ بتوفير المعلومات وإيصالها للإعلام، وبالتالي شرحها للرأي العام، يتم سدّ الأبواب وإغلاق الطريق في وجه التحليل غير السليم. إن الحقيقة يا سادة هي أقرب الطرق للوصول إلى وجدان الناس واختراق عقولهم، فيما غيابها لن يضيف إلا مزيدا من الجفاء وفقدان الثقة مع الناس.
بعد اليوم، لم يعد تسعير المحروقات مجرد معادلة صمّاء ليست لها قيمة إلا زرع مزيد من الشكوك ونشر مزيد من الإشاعات. لقد سدّت الحكومة الباب بالمعلومة والحقيقة، وعليها مواصلة السير على الطريق ذاتها.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات