أطفال العرب في القمة!
عمان جو - حنان كامل الشيخ .
ماذا لو فقدت القمة العربية قليلا من عقل بروتوكولاتها، وقررت أن تستضيف في الكراسي الخلفية مثلا أطفالا من سورية والعراق واليمن وفلسطين وليبيا والصومال، في مشهد فانتازي يصلح أن يكون جزءا من مسرحيات نهاية العام المدرسية؟ ووزعت بعض الأوراق والأقلام على البنات والأولاد، المغتسلين من غبار الدمار الذي علق على رؤوسهم، ومن دمار الغبار الذي تعلق في نفوسهم، لاستصدار صورة نهائية سعيدة تكون خلفية لامعة للبيان الختامي، يوزع على صحفيي التغطيات مجانا وبكثرة، لضمان انتشاره عبر المواقع كلها، وتأكيد نجاح المهمة الجليلة!
لا يمكن أن يحدث هذا طبعا، في مجتمع يعلل غياب وعي الأطفال بترديد مثل شعبي يحترم عقولهم “قاضي الولاد شنق حاله!”، ويعتبرهم ليسوا أكثر من مجموعة ملوحين فرحين أشقياء إن اقتضت الضرورة، قمة سعادتهم تكون بتعطيلهم عن المدارس ليوم واحد!
لكن لو فعلتها القمة فعلا، بعد أن تفقد قليلا من عقل بروتوكولها، أظن أنها ستسجل في تاريخ العرب كأشجع وأصدق التفاف سياسي عربي، قرر أن ينتحر أمام كاميرات وميكروفونات الإعلام، ويسلم الدفة للأطفال حتى يقولوا الحقيقة!
المشكلة في الواقع ليست في ملابس الصغيرات والصغار، وأشكالهم المعفرة من الطين والتراب والدماء، أو حتى جراء عمليات البتر والتقطيب، كل ما سبق مقدور عليه بالترميم والتحميم. إنما الإشكال الحقيقي الذي سيواجه وقت القمة الثمين، لو أتيح لممثليهم أن يتكلموا، هو اللغة غير المفهومة وتأتآت الحروف المتداخلة بفعل الخوف أولا، ولأنهم من جيل قضى سبع سنوات من عمره خارج أسوار المدرسة. فالرسالة التي كان عليهم أن يوصلوها لأصحاب القرار؛ قرار إبقائهم على الحياة أو القضاء على المتبقين منهم، لن تحدث مفعولها عليهم للأسف الشديد، بسبب مشكلة بسيطة وتافهة في اللغة والترجمة، من حروف ترتجف من الهلع المتأصل في أجسادهم وأعضائهم امتد إلى الوظائف الحيوية.
المشكلة الأخرى التي يمكن أن تواجه جلسة القمة المخصصة للأطفال، من المناطق المنكوبة، هي في المطالب التي يمكن أن تخرج على النص الموزع عليهم من قبل اللجنة المختصة بشؤون الطفولة العربية، التابعة للجامعة العربية. فلربما يتجرأ طفل من سورية مثلا على مطالبة الزعماء بحقه في سماع أصوات العصافير من جديد على شباك منزلهم، الذي يتذكر أنه كان مطليا بالأزرق، ثم وبعد أن تضطر القاعة إلى التصفيق وذرف الدموع تلاشيا للحرج، يتبجح الولد أكثر فيخرج ورقة دست في جيبه ويقرأ رسالة من صديقه اللاجئ يطالب الكبار بحقه الشرعي في سترة نجاة سليمة وغير مثقوبة.
أو أن يهبط مستوى طلبات الممثل عن أطفال اليمن والمكتوبة بعناية فائقة استجمعت كل أدعية الخلود والتمجيد والبقاء، يليها طلب صغير لا يتعدى بعض الكلمات أن أنقذوا بلادي من الحرب الأهلية، فيترك الخطاب وراءه ويبدأ بجمع كل الموز والتفاح المرمي بدون أن يلاحظه أحد، على أطراف الطاولات، وتوزيعه على أصحابه وأقربائه في بلده حتى يظل سعيدا!
أو مثلا، أن تفتضح جلسة الأطفال المرتبة بعناية، أمام الإعلام أيضا، لأنها بالتأكيد جلسة مفتوحة، بتسلل صغيرة من فلسطين إلى أحد الزعماء والاقتراب منه ومحاولة لمس ثيابه ووجهه، لتتأكد أنه “عن حق وحقيق”.
لو حصل ذلك فعلا، ولو بالتصور البعيد، فأعتقد والله أعلم أن قاضي الأولاد سيشنقهم أولا، قبل أن يشنق حاله!
ماذا لو فقدت القمة العربية قليلا من عقل بروتوكولاتها، وقررت أن تستضيف في الكراسي الخلفية مثلا أطفالا من سورية والعراق واليمن وفلسطين وليبيا والصومال، في مشهد فانتازي يصلح أن يكون جزءا من مسرحيات نهاية العام المدرسية؟ ووزعت بعض الأوراق والأقلام على البنات والأولاد، المغتسلين من غبار الدمار الذي علق على رؤوسهم، ومن دمار الغبار الذي تعلق في نفوسهم، لاستصدار صورة نهائية سعيدة تكون خلفية لامعة للبيان الختامي، يوزع على صحفيي التغطيات مجانا وبكثرة، لضمان انتشاره عبر المواقع كلها، وتأكيد نجاح المهمة الجليلة!
لا يمكن أن يحدث هذا طبعا، في مجتمع يعلل غياب وعي الأطفال بترديد مثل شعبي يحترم عقولهم “قاضي الولاد شنق حاله!”، ويعتبرهم ليسوا أكثر من مجموعة ملوحين فرحين أشقياء إن اقتضت الضرورة، قمة سعادتهم تكون بتعطيلهم عن المدارس ليوم واحد!
لكن لو فعلتها القمة فعلا، بعد أن تفقد قليلا من عقل بروتوكولها، أظن أنها ستسجل في تاريخ العرب كأشجع وأصدق التفاف سياسي عربي، قرر أن ينتحر أمام كاميرات وميكروفونات الإعلام، ويسلم الدفة للأطفال حتى يقولوا الحقيقة!
المشكلة في الواقع ليست في ملابس الصغيرات والصغار، وأشكالهم المعفرة من الطين والتراب والدماء، أو حتى جراء عمليات البتر والتقطيب، كل ما سبق مقدور عليه بالترميم والتحميم. إنما الإشكال الحقيقي الذي سيواجه وقت القمة الثمين، لو أتيح لممثليهم أن يتكلموا، هو اللغة غير المفهومة وتأتآت الحروف المتداخلة بفعل الخوف أولا، ولأنهم من جيل قضى سبع سنوات من عمره خارج أسوار المدرسة. فالرسالة التي كان عليهم أن يوصلوها لأصحاب القرار؛ قرار إبقائهم على الحياة أو القضاء على المتبقين منهم، لن تحدث مفعولها عليهم للأسف الشديد، بسبب مشكلة بسيطة وتافهة في اللغة والترجمة، من حروف ترتجف من الهلع المتأصل في أجسادهم وأعضائهم امتد إلى الوظائف الحيوية.
المشكلة الأخرى التي يمكن أن تواجه جلسة القمة المخصصة للأطفال، من المناطق المنكوبة، هي في المطالب التي يمكن أن تخرج على النص الموزع عليهم من قبل اللجنة المختصة بشؤون الطفولة العربية، التابعة للجامعة العربية. فلربما يتجرأ طفل من سورية مثلا على مطالبة الزعماء بحقه في سماع أصوات العصافير من جديد على شباك منزلهم، الذي يتذكر أنه كان مطليا بالأزرق، ثم وبعد أن تضطر القاعة إلى التصفيق وذرف الدموع تلاشيا للحرج، يتبجح الولد أكثر فيخرج ورقة دست في جيبه ويقرأ رسالة من صديقه اللاجئ يطالب الكبار بحقه الشرعي في سترة نجاة سليمة وغير مثقوبة.
أو أن يهبط مستوى طلبات الممثل عن أطفال اليمن والمكتوبة بعناية فائقة استجمعت كل أدعية الخلود والتمجيد والبقاء، يليها طلب صغير لا يتعدى بعض الكلمات أن أنقذوا بلادي من الحرب الأهلية، فيترك الخطاب وراءه ويبدأ بجمع كل الموز والتفاح المرمي بدون أن يلاحظه أحد، على أطراف الطاولات، وتوزيعه على أصحابه وأقربائه في بلده حتى يظل سعيدا!
أو مثلا، أن تفتضح جلسة الأطفال المرتبة بعناية، أمام الإعلام أيضا، لأنها بالتأكيد جلسة مفتوحة، بتسلل صغيرة من فلسطين إلى أحد الزعماء والاقتراب منه ومحاولة لمس ثيابه ووجهه، لتتأكد أنه “عن حق وحقيق”.
لو حصل ذلك فعلا، ولو بالتصور البعيد، فأعتقد والله أعلم أن قاضي الأولاد سيشنقهم أولا، قبل أن يشنق حاله!
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات