رعاية كبار السن حق علينا
عمان جو - غزال النزالي
لقد حرص الإسلام أشد الحرص على العناية بالفرد داخل المجتمع ، منذ كونه جنيناً فطفلا ، فشابا ً، فرجلا ً، بعد أن أعطاه قيمته الإنسانية فقال تعالى :
( ولقد كرمنا بني آدم ) الإسراء : 70 ، فالإنسان في جميع مراحله محترم ومكرم ، لقيمته الإنسانية الذاتية ، ويزداد ذلك التكريم والاحترام بقدر ما يكتسب من محامد وصفات وبقدر ما يعمل من أعمال البر والخير .
إن الإسلام حفظ للإنسان كرامته ، ووفى بحقه ، فأمر بإكرامه عند شيبته وحث على القيام بشؤونه ، وهو النموذج الذي جسدته ابنتا شعيب عليه السلام اللتان قالتا : ( لا نسقى حتى يُصْدِر الرّعاء وأبونا شيخ كبير ) (القصص: 23) .
ولما كان حال الكبر هو مظنة الإهمال والضجر والغضب خصه سبحانه بالذكر وبمزيد من العناية من بين سائر الحالات التي يمر بها الإنسان في حياته ، قال سبحانه (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما : أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيراً). (الإسراء: 23 - 24) .
وكذلك كانت الشيخوخة محل عناية ووصاية من النبي صل الله عليه وسلم الذي قال: [ رغم أنفُ ثم رغم أنف ُ، ثم رغم أنفُ ] ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: [من أدرك أبويه عند الكبر - أحدهما أو كليهما - فلم يدخل الجنة ] . وقال لرجل استأذنه في الجهاد: [ أحَيٌّ والداك ] فقال: نعم، قال: [ ففيهما فجاهد ] .
والأمر لا يقف عند الوالدين إذا بلغا سن الشيخوخة بل يتعدى ذلك إلى كل كبير مُسّن ، فيوجب له الاحترام ويجعل ذلك من الإسلام ، يقول صل الله عليه وسلم: [ ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقَّر كبيرنا، ويأمر بالمعروف ، وينْهَ عن المنكر ] (رواه الترمذي وأحمد) .
كما يوجب له الرعاية الاجتماعية والخلقية ، يقول صل الله عليه وسلم:
[ إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ] (رواه أبو داود) .
ويعد الشاب البار الذي استجاب لأمر ربه يعده بالجزاء الأوفى فيقول صل الله عليه وسلم: [ ما أكرم شاب شيخاً لسنه - أي في شيخوخته - إلا قيض الله له من يكرمه عند سنّه ] (رواه الترمذي) .
وهذا كله يندرج تحت الأصل العام الذي قرره رسول الله صل الله عليه وسلم:
[ من لا يرحم لا يُرحم ] (رواه البخاري) .
ومن سماحة الإسلام : أنه راعى حق المسن في العبادات أيضا ، وأمر من يؤم الناس أن يراعي حال المسنين . قال صل الله عليه وسلم : [ إذا صل أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صل لنفسه فليطول ما شاء ] (رواه أبو داود) .:
إن من مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير ورفع الحرج ، لذلك شُرع قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين للمسافر ، وغير ذلك .
وجعل الإسلام للمرضى المسنين وغيرهم تشريعات خاصة بهم ، وحطّ عنهم الإثم في ترك ما لا يقدرون عليه ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) (البقرة:286) .
من تلك التشريعات : إباحة الفطر في رمضان للمسن ، والمريض الذي لا يقوى على الصوم ، وإذا صام أضر ذلك بصحته قال سبحانه: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) (البقرة: 184) . قال بعض العلماء : أي وعلى الذين لا يطيقونه فدية . والفدية تكون إطعام مسكين عن كل يوم يفطر فيه من رمضان .
قال ابن عباس : لا يُرخص في هذا إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يُشفى. (رواه النسائي) .
ورخص الإسلام للمسن المريض التخلف عن صلاة الجماعة ، قال صل الله عليه وسلم : [ من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ] - قالوا: وما العذر؟ قال : [ خوف أو مرض - لم تُقبل - منه الصلاة التي صل ] (رواه أبو داود) .
بل رخّص للمريض - والمسن غالباً ما يصيبه المرض - أن يصلي بالكيفية التي يستطيعها - إن تعذر عليه أو شق القيام ، وأداء الصلاة بالشكل الطبيعي - فإن لم يستطع أن يصلي قائماً قعد فإن لم يستطع قاعداً فعلى جنبه ، قال صل الله عليه وسلم لمريض به بواسير: [صلِّ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً . فإن لم تستطع فعلى جنب] (رواه البخاري) .
وإنما شرع الإسلام الحج وأوجبه على المستطيع ، فإن بلغت بالرجل السن فشاخ وهَرِم فلم يستطع الحج لم يجب عليه الحج ، لكنه مقصر لأنه أخره إلى وقت لا يستطيعه فيه ، ما لم يكن أخَّره لعذر ، وحين زال العذر بلغ الهرم وخارت قواه ولم يملك مالاً ليُنيب عنه غيره فعندها فقط يسقط عنه الحج
عمان جو - غزال النزالي
لقد حرص الإسلام أشد الحرص على العناية بالفرد داخل المجتمع ، منذ كونه جنيناً فطفلا ، فشابا ً، فرجلا ً، بعد أن أعطاه قيمته الإنسانية فقال تعالى :
( ولقد كرمنا بني آدم ) الإسراء : 70 ، فالإنسان في جميع مراحله محترم ومكرم ، لقيمته الإنسانية الذاتية ، ويزداد ذلك التكريم والاحترام بقدر ما يكتسب من محامد وصفات وبقدر ما يعمل من أعمال البر والخير .
إن الإسلام حفظ للإنسان كرامته ، ووفى بحقه ، فأمر بإكرامه عند شيبته وحث على القيام بشؤونه ، وهو النموذج الذي جسدته ابنتا شعيب عليه السلام اللتان قالتا : ( لا نسقى حتى يُصْدِر الرّعاء وأبونا شيخ كبير ) (القصص: 23) .
ولما كان حال الكبر هو مظنة الإهمال والضجر والغضب خصه سبحانه بالذكر وبمزيد من العناية من بين سائر الحالات التي يمر بها الإنسان في حياته ، قال سبحانه (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما : أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيراً). (الإسراء: 23 - 24) .
وكذلك كانت الشيخوخة محل عناية ووصاية من النبي صل الله عليه وسلم الذي قال: [ رغم أنفُ ثم رغم أنف ُ، ثم رغم أنفُ ] ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: [من أدرك أبويه عند الكبر - أحدهما أو كليهما - فلم يدخل الجنة ] . وقال لرجل استأذنه في الجهاد: [ أحَيٌّ والداك ] فقال: نعم، قال: [ ففيهما فجاهد ] .
والأمر لا يقف عند الوالدين إذا بلغا سن الشيخوخة بل يتعدى ذلك إلى كل كبير مُسّن ، فيوجب له الاحترام ويجعل ذلك من الإسلام ، يقول صل الله عليه وسلم: [ ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقَّر كبيرنا، ويأمر بالمعروف ، وينْهَ عن المنكر ] (رواه الترمذي وأحمد) .
كما يوجب له الرعاية الاجتماعية والخلقية ، يقول صل الله عليه وسلم:
[ إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ] (رواه أبو داود) .
ويعد الشاب البار الذي استجاب لأمر ربه يعده بالجزاء الأوفى فيقول صل الله عليه وسلم: [ ما أكرم شاب شيخاً لسنه - أي في شيخوخته - إلا قيض الله له من يكرمه عند سنّه ] (رواه الترمذي) .
وهذا كله يندرج تحت الأصل العام الذي قرره رسول الله صل الله عليه وسلم:
[ من لا يرحم لا يُرحم ] (رواه البخاري) .
ومن سماحة الإسلام : أنه راعى حق المسن في العبادات أيضا ، وأمر من يؤم الناس أن يراعي حال المسنين . قال صل الله عليه وسلم : [ إذا صل أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صل لنفسه فليطول ما شاء ] (رواه أبو داود) .:
إن من مقاصد الشريعة الإسلامية التيسير ورفع الحرج ، لذلك شُرع قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين للمسافر ، وغير ذلك .
وجعل الإسلام للمرضى المسنين وغيرهم تشريعات خاصة بهم ، وحطّ عنهم الإثم في ترك ما لا يقدرون عليه ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) (البقرة:286) .
من تلك التشريعات : إباحة الفطر في رمضان للمسن ، والمريض الذي لا يقوى على الصوم ، وإذا صام أضر ذلك بصحته قال سبحانه: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) (البقرة: 184) . قال بعض العلماء : أي وعلى الذين لا يطيقونه فدية . والفدية تكون إطعام مسكين عن كل يوم يفطر فيه من رمضان .
قال ابن عباس : لا يُرخص في هذا إلا للذي لا يطيق الصيام أو مريض لا يُشفى. (رواه النسائي) .
ورخص الإسلام للمسن المريض التخلف عن صلاة الجماعة ، قال صل الله عليه وسلم : [ من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ] - قالوا: وما العذر؟ قال : [ خوف أو مرض - لم تُقبل - منه الصلاة التي صل ] (رواه أبو داود) .
بل رخّص للمريض - والمسن غالباً ما يصيبه المرض - أن يصلي بالكيفية التي يستطيعها - إن تعذر عليه أو شق القيام ، وأداء الصلاة بالشكل الطبيعي - فإن لم يستطع أن يصلي قائماً قعد فإن لم يستطع قاعداً فعلى جنبه ، قال صل الله عليه وسلم لمريض به بواسير: [صلِّ قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً . فإن لم تستطع فعلى جنب] (رواه البخاري) .
وإنما شرع الإسلام الحج وأوجبه على المستطيع ، فإن بلغت بالرجل السن فشاخ وهَرِم فلم يستطع الحج لم يجب عليه الحج ، لكنه مقصر لأنه أخره إلى وقت لا يستطيعه فيه ، ما لم يكن أخَّره لعذر ، وحين زال العذر بلغ الهرم وخارت قواه ولم يملك مالاً ليُنيب عنه غيره فعندها فقط يسقط عنه الحج