السجن 13 سنة «شاقة» لسماحة وتجريده من حقوقه المدنية
عمان جو -
في حكم فاق كل التوقعات، فسخت محكمة التمييز العسكرية في لبنان برئاسة القاضي طاني لطوف، حكم المحكمة العسكرية الدائمة بحبس الوزير السابق ميشال سماحة في جريمة نقل متفجرات من سورية إلى لبنان لتفجيرها في عدد من المناطق، ومنها عكار في منطقة الشمال، 4 سنوات ونصف السنة، ورفعت العقوبة إلى 13 سنة أشغالاً شاقة وتجريده من حقوقه المدنية. ورأت المحكمة في مطالعتها أن ما قام به سماحة خرج عن طور المحاولة وأصبح مكتملاً، ولم تأخذ بأقواله مدعومة من وكلاء الدفاع عنه بأن المخبر ميلاد كفوري الذي لم يُستدعى للمثول أمامها، استدرجه وورطه للقيام بهذا العمل، وذلك لأنه اعترف خلال التحقيق معه بكل ما نسب إليه من تهم إضافة إلى أنه أحضر شخصياً المتفجرات ونقلها بسيارته من سورية إلى لبنان.
وصدر الحكم على سماحة من أعلى هيئة قضائية عسكرية وحكمها نهائي ومبرم، وقال رئيسها القاضي لطوف، إن «محكمة التمييز العسكرية ضمانة لجميع اللبنانيين». وشدد على أنه وهيئة المحكمة قاموا بما يمليه عليهم ضميرهم وقناعتهم بالوصول إلى النتيجة التي اقترن بها الحكم. وأكد: «أنا ضميري مرتاح».
وكان سماحة أُحضر إلى قفص الاتهام قبيل انعقاد جلسة النطق بالحكم فيما منع أفراد عائلته من حضورها. ولدى نطق الحكم طلب سماحة سيجارة واحمر وجهه، ثم سرعان ما أصيب باصفرار، وطلبت سيارة الإسعاف التابعة للجيش اللبناني لنقله إلى سجن الشرطة العسكرية في الريحانية تمهيداً لنقله إلى سجن رومية لاحقاً، وسمح لعائلته برؤيته وهو داخل القفص وأخرج الصحافيون من القاعة.
يذكر أن وكيل سماحة المحامي صخر الهاشم خرج من قاعة المحكمة قبل لحظات من دخول الهيئة إليها لتلاوة الحكم ولم يسمعه. واكتفى بالتعليق على الحكم بعد صدوره: «الحكم معلب وجاء نتيجة صفقة ما».
وشكل الحكم على سماحة مفارقة غير مسبوقة في تاريخ القضاء اللبناني، مدنياً كان أو عسكرياً، وجاء نقيضاً للحكم الأولي الذي قضى بحبسه 4 سنوات ونصف السنة، وأيضاً لمحكمة التمييز قبل أن يعاد تشكيلها، بقرارها إخلاء سبيله في كانون الثاني (يناير) الماضي في انتظار إعادة محاكمته وإلى حين صدور الحكم عنها.
وعزا مرجع قضائي لـ «الحياة» السبب في تسجيل هذه المفارقة في إصدار الأحكام، إلى أنه جرت العادة بأن يخلى سبيل أي محكوم إلى حين صدور الحكم عليه، انطلاقاً من أنه اقترب من تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية، وأن إخلاء سبيله يشير الى أن الحكم الذي سيصدر عن التمييز العسكرية قد يأتي مصادقاً للمدة التي قضاها في السجن أو أنها سترفع العقوبة إلى أشهر عدة. ولفت إلى أن الحكم الذي صدر على سماحة قارب ثلاثة أضعاف حكم المحكمة العسكرية الدائمة عليه. وقال إن هذا الحكم في حد ذاته أعاد تصويب المنطق السليم للمسار القضائي، لأن إخلاء سبيله لم يكن مبرراً، بذريعة أن الحكم المتوقع جاء مخالفاً لهذا التدبير الذي قضى بإخلائه إلى حين صدور الحكم عليه.
وقوبل الحكم على سماحة بترحيب سياسي واسع، خصوصاً من القيادات التي كانت احتجت على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية وعلى قرار محكمة التمييز إخلاء سبيله إلى حين صدور الحكم النهائي عليه، وطالبت في حينه بإلغاء المحكمة العسكرية وحصر مهمتها في قضايا العسكريين، ورعت لهذه الغاية ندوات عدة أجمع من تحدث فيها على الضرورة الملحة لإعادة النظر فيها، وصولاً إلى نزع صلاحياتها في النظر بالجرائم ذات الطابع الأمني التي يرتكبها المدنيون.
ولم تتضمن المواقف أي هجوم مباشر على ما حصل في المراحل السابقة من محاكمة سماحة، واعتبر زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، أن «هذا الحكم يصحح الحكم السابق المخفف الذي رفضناه وأعلنا أننا لن نسكت عنه»، وقال إن: «الإرهابي سماحة سيعود إلى مكانه الطبيعي في السجن».
ورأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط، ان القضاء اللبناني بدأ يتحرك. وسأل: «هل يكمل في ملفات الفساد؟».
وفي المقابل، دعا الرئيس ميشال سليمان إلى إعادة النظر بالمواقف الحادة التي كانت تنادي بإلغاء المحكمة العسكرية»، واستذكر وزير الداخلية نهاد المشنوق «دور الشهيد رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن في كشف جريمة سماحة»، وقال: «هذا الحكم يؤكد ثقتنا برئيس المحكمة والأعضاء»، بينما اعتبر وزير الصحة وائل أبو فاعور أن «صدور هذا الحكم العادل يعيد للقضاء الثقة به وللدولة احترام المواطن ويوجه صفعة لإرهاب نظام الإجرام في دمشق».
ووجه وزير العدل المستقيل أشرف ريفي رسالة إلى اللبنانيين قال فيها: «حق لكم أن تفرحوا بالحكم على المجرم سماحة، لأن عميل بشار الأسد وعلي المملوك عاد إلى السجن».
وفي ضوء ردود الفعل على الحكم، توقعت مصادر وزارية لـ «الحياة»، أن يعود الوزير ريفي الموجود حالياً في المملكة العربية السعودية ويشارك في مؤتمر يعقد فيها عن استقالته، وقالت إنه لا يزال يوقع البريد العائد لوزارة العدل وسيلتحق حتماً بمجلس الوزراء، لأنه ربط استقالته بالحكم المخفف الذي صدر عن المحكمة العسكرية ومن ثم إخلاء سماحة من محكمة التمييز العسكرية قبل أن يعاد تشكيلها إلى حين صدور الحكم، وبالتالي فإن الأسباب الدافعة لها زالت.
عمان جو -
في حكم فاق كل التوقعات، فسخت محكمة التمييز العسكرية في لبنان برئاسة القاضي طاني لطوف، حكم المحكمة العسكرية الدائمة بحبس الوزير السابق ميشال سماحة في جريمة نقل متفجرات من سورية إلى لبنان لتفجيرها في عدد من المناطق، ومنها عكار في منطقة الشمال، 4 سنوات ونصف السنة، ورفعت العقوبة إلى 13 سنة أشغالاً شاقة وتجريده من حقوقه المدنية. ورأت المحكمة في مطالعتها أن ما قام به سماحة خرج عن طور المحاولة وأصبح مكتملاً، ولم تأخذ بأقواله مدعومة من وكلاء الدفاع عنه بأن المخبر ميلاد كفوري الذي لم يُستدعى للمثول أمامها، استدرجه وورطه للقيام بهذا العمل، وذلك لأنه اعترف خلال التحقيق معه بكل ما نسب إليه من تهم إضافة إلى أنه أحضر شخصياً المتفجرات ونقلها بسيارته من سورية إلى لبنان.
وصدر الحكم على سماحة من أعلى هيئة قضائية عسكرية وحكمها نهائي ومبرم، وقال رئيسها القاضي لطوف، إن «محكمة التمييز العسكرية ضمانة لجميع اللبنانيين». وشدد على أنه وهيئة المحكمة قاموا بما يمليه عليهم ضميرهم وقناعتهم بالوصول إلى النتيجة التي اقترن بها الحكم. وأكد: «أنا ضميري مرتاح».
وكان سماحة أُحضر إلى قفص الاتهام قبيل انعقاد جلسة النطق بالحكم فيما منع أفراد عائلته من حضورها. ولدى نطق الحكم طلب سماحة سيجارة واحمر وجهه، ثم سرعان ما أصيب باصفرار، وطلبت سيارة الإسعاف التابعة للجيش اللبناني لنقله إلى سجن الشرطة العسكرية في الريحانية تمهيداً لنقله إلى سجن رومية لاحقاً، وسمح لعائلته برؤيته وهو داخل القفص وأخرج الصحافيون من القاعة.
يذكر أن وكيل سماحة المحامي صخر الهاشم خرج من قاعة المحكمة قبل لحظات من دخول الهيئة إليها لتلاوة الحكم ولم يسمعه. واكتفى بالتعليق على الحكم بعد صدوره: «الحكم معلب وجاء نتيجة صفقة ما».
وشكل الحكم على سماحة مفارقة غير مسبوقة في تاريخ القضاء اللبناني، مدنياً كان أو عسكرياً، وجاء نقيضاً للحكم الأولي الذي قضى بحبسه 4 سنوات ونصف السنة، وأيضاً لمحكمة التمييز قبل أن يعاد تشكيلها، بقرارها إخلاء سبيله في كانون الثاني (يناير) الماضي في انتظار إعادة محاكمته وإلى حين صدور الحكم عنها.
وعزا مرجع قضائي لـ «الحياة» السبب في تسجيل هذه المفارقة في إصدار الأحكام، إلى أنه جرت العادة بأن يخلى سبيل أي محكوم إلى حين صدور الحكم عليه، انطلاقاً من أنه اقترب من تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية، وأن إخلاء سبيله يشير الى أن الحكم الذي سيصدر عن التمييز العسكرية قد يأتي مصادقاً للمدة التي قضاها في السجن أو أنها سترفع العقوبة إلى أشهر عدة. ولفت إلى أن الحكم الذي صدر على سماحة قارب ثلاثة أضعاف حكم المحكمة العسكرية الدائمة عليه. وقال إن هذا الحكم في حد ذاته أعاد تصويب المنطق السليم للمسار القضائي، لأن إخلاء سبيله لم يكن مبرراً، بذريعة أن الحكم المتوقع جاء مخالفاً لهذا التدبير الذي قضى بإخلائه إلى حين صدور الحكم عليه.
وقوبل الحكم على سماحة بترحيب سياسي واسع، خصوصاً من القيادات التي كانت احتجت على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية وعلى قرار محكمة التمييز إخلاء سبيله إلى حين صدور الحكم النهائي عليه، وطالبت في حينه بإلغاء المحكمة العسكرية وحصر مهمتها في قضايا العسكريين، ورعت لهذه الغاية ندوات عدة أجمع من تحدث فيها على الضرورة الملحة لإعادة النظر فيها، وصولاً إلى نزع صلاحياتها في النظر بالجرائم ذات الطابع الأمني التي يرتكبها المدنيون.
ولم تتضمن المواقف أي هجوم مباشر على ما حصل في المراحل السابقة من محاكمة سماحة، واعتبر زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، أن «هذا الحكم يصحح الحكم السابق المخفف الذي رفضناه وأعلنا أننا لن نسكت عنه»، وقال إن: «الإرهابي سماحة سيعود إلى مكانه الطبيعي في السجن».
ورأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط، ان القضاء اللبناني بدأ يتحرك. وسأل: «هل يكمل في ملفات الفساد؟».
وفي المقابل، دعا الرئيس ميشال سليمان إلى إعادة النظر بالمواقف الحادة التي كانت تنادي بإلغاء المحكمة العسكرية»، واستذكر وزير الداخلية نهاد المشنوق «دور الشهيد رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن في كشف جريمة سماحة»، وقال: «هذا الحكم يؤكد ثقتنا برئيس المحكمة والأعضاء»، بينما اعتبر وزير الصحة وائل أبو فاعور أن «صدور هذا الحكم العادل يعيد للقضاء الثقة به وللدولة احترام المواطن ويوجه صفعة لإرهاب نظام الإجرام في دمشق».
ووجه وزير العدل المستقيل أشرف ريفي رسالة إلى اللبنانيين قال فيها: «حق لكم أن تفرحوا بالحكم على المجرم سماحة، لأن عميل بشار الأسد وعلي المملوك عاد إلى السجن».
وفي ضوء ردود الفعل على الحكم، توقعت مصادر وزارية لـ «الحياة»، أن يعود الوزير ريفي الموجود حالياً في المملكة العربية السعودية ويشارك في مؤتمر يعقد فيها عن استقالته، وقالت إنه لا يزال يوقع البريد العائد لوزارة العدل وسيلتحق حتماً بمجلس الوزراء، لأنه ربط استقالته بالحكم المخفف الذي صدر عن المحكمة العسكرية ومن ثم إخلاء سماحة من محكمة التمييز العسكرية قبل أن يعاد تشكيلها إلى حين صدور الحكم، وبالتالي فإن الأسباب الدافعة لها زالت.